الحليمي يكشفُ لأوّل مرّة الأسبابَ المنغّصة لجودة حياة المغاربة
هسبريس - محمد الراجي (صور منير امحيمدات)
الأربعاء 22 أبريل 2015 - 23:55
لا يُعاني المواطنون المغاربة في سبيلِ الحصول على مسْكن، بلْ إنّ المعاناة تُطاردهم حتّى بعْد امتلاك "قبْر الحياة"، ولا تجدُ نسبة كبيرةٌ منهم راحتها، سواء من حيثُ مساحة المسكن وجودته، أوْ حتّى في العلاقات مع الجيران.
ففي بحْثٍ جديد أنجزتْه المندوبية السامية للتخطيط، حوْل المحددات الرئيسية لتصورات المواطنين بخصوص جودة الحياة في الواقع المعيش، فإنّ نسبة 64 في المائة من المغاربة تنغّصُ عليهم مساحة بيوتهم وجودتها والمرافق العمومية التابعة لها، جوْدة حياتهم.
ويظهرُ أنّ التغيّرات التي طالت المجتمع المغربي خلال السنوات الأخيرة قدْ أثرت بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية، بلْ إنّ العلاقات بيْن الجيران صارت تشكّل مصدر إزعاج، وكشف بحث مندوبية الحليمي أنّ 26 في المائة من المغاربة تنغّص عليهم مضايقات الجوار حياتهم.
وأوضح المندوب السامي للتخطيط أنّ التواصل بين أفراد العائلة الذي كان الناس يعتبرونه مصدرا من مصادر راحة الإنسان أصبح يقلّ، مضيفا أنّ عزلة الأفراد في المجتمع المغربي تتنامى، ولم يعد يعد هناك شوق إلى العلاقات الاجتماعية، "وأصبح المسجد والصلاة هي المتنفس الوحيد للمواطنين"ن يقول الحليمي.
الأرقام التي تضمّنها البحث الذي قدّم الحليمي نتائجه اليوم بالرباط، كشفتْ أنَّ نسبة رضا المغاربة حُيال السكن ضعيفة إلى حدّ كبير، إذْ لا لا يتجاوز المستوى المتوسّط للرضا 4،7 على 10، فيما يرى 10 في المائة أنّ راحةَ السكن من الأسباب التي تنغّص عليهم جودة حياتهم.
ولا يبدو مجالُ الصحّة أحسن حالا من مجال السكن، ويدلّ على ذلك الرقمُ المثير حول تصورات المواطنين المغاربة في مجال الصحة، إذْ أنّ 19 في المائة من المغاربة لايشكّل لهم وضعهم الصحيّ هاجسا، وإنما الهاجس هو الولوج إلى الخدمات الصحية وجودتها، والتي تساهم في 81 في المائة من الإحساسات السلبية إزاءَ الصحة لدى المغاربة.
ولا يبعد مستوى رضا المغاربة عن الخدمات الصحية عن مستوى الرضا إزاء الخدمات الصحية، إذْ لا يتعدّى المستوى المتوسّط 3،4 نقطة على عشرة، أمّا بخصوص بنْية التوزيع حسب وسط الإقامة فلا تختلفُ بيْن الوسط الحضري والقروي.
أما المجالُ الحسّاس الثالث، إلى جانب الصحة والسكن، وهو التعليم، فهوَ بدوْره من العوامل المنغصّة لحياة المغاربة، ففيما يتعلق بالجودة، فإنها تمثل 33 في المائة من مجموع الإحساسات السلبية إزاء التعليم، فيما تمثل جودة التجهيزات 15،3 في المائة، وكفاءة المدرّسين 11،8 في المائة، ولا يتعدّى المستوى المتوسط للرضا إزاء التعليم 4،3 على 10.
وفيما يتعلّق بالتشغيل، يأتي ضعف الدخل وضعف جودة أنظمة التقاعد على رأس الإحساسات السلبية للمغاربة تجاه التشغيل، وتمثل 63 في المائة من هذه الإحساسات، بيْنما لا تُساهم ظروف العمل في الإحساسات السلبية للمغاربة في هذا المجال سوى بمعدّل 37 في المائة، أمّا الرضا عن العمل فيقدّر مستواه المتوسط بـ4،7 على 10.
ويظهرُ من خلال نتائج البحث الذي أنجزتْه المندوبية السامية للتخطيط أنّه كلما تدنّى المستوى الاجتماعي للفرد تزداد منغّصات جودة حياته، وتشير أرقام البحث إلى أنّ الذين لهم تصورات سلبية حول جودة الحياة مستواهم الدراسي ضعيف، و 70 في المائة منهم يقلّ دخلهم الشهري عن 5000 درهم.
أمّا الذين لا يُعانون من مشاكل كبيرة، فنسبة 80 في المائة منهم يعيشون في المدن، 60 في المائة منهم لهم مستوى تعليمي فوق الثانوي، و 44 في المائة هم أطر متوسطة وعليا، بيْنما دخْلهم الشهريّ أكثر ارتفاعا، مقارنة مع الفئة الأولى، وعلّق المندوب السامي للتخطيط على هذه الأرقام بالقول "كلما ازدادت المنغصّات، فإنّ الرضا والاطمئنان على الحياة يضمحلّ".