** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 مقدمة في تاريخ الجنون السوري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هشام مزيان
المشرف العام
المشرف العام
هشام مزيان


التوقيع : مقدمة في تاريخ الجنون السوري Democracy

عدد الرسائل : 1749

الموقع : في قلب كل الاحبة
تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش
تاريخ التسجيل : 09/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25

مقدمة في تاريخ الجنون السوري Empty
05082014
مُساهمةمقدمة في تاريخ الجنون السوري

مقدمة في تاريخ الجنون السوري
مقدمة في تاريخ الجنون السوري Ds-charbell18
نبيل صالح











ظننت أني كنت أعمل ضمن قطاع التنوير الوطني وإصلاح أحوال الناس طوال ربع قرن، لأكتشف أني إنما دونت بعضا من تاريخ الجنون الوطني، وأني كنت أشتغل في الجانب المظلم من دماغ الأمة حتى توغلت بعيداً في الجانب المعطوب منه، فأخذت كتابتي سمة السخرية مع أنها كانت توصّف الواقع، واقع الجنون الاجتماعي الذي لم يتقن أغلب الولاة فهمه على غرار الأسطورة التي تحكي عن عرّاف تنبأ بهطول مطر على البلاد، كل من يشرب من مائه سوف يصاب بالجنون، فأشار على سلطانه تخزين مياه للقصر حتى لا يصاب الحكام بجنون الشعب، ولما تحققت النبوءة، بات الشعب المجنون يشير إلى السلطان وحاشيته متأسفين: لقد جنّ حكامنا.. وهكذا لم يكن بدٌ للسلطان وحاشيته من شرب ماء الجنون كيما يتمكنوا من الاستمرار في حكم الشعب ..
بدوري أهدرت عمري في الكتابة عن مجتمع المجانين في المدينة التي أحلم أن تكون فاضلة ولم يسمعني سوى العقلاء من قومي، فصببت جهدي في دائرة لزوم مالا يلزم .. حبّرت آلاف الصفحات، ومزقت أكثر مما نشرت وقرأت أضعاف ماكتبت بهدف علاج أسباب الجنون التي أوصلتنا إلى حالة متفاقمة بحيث تحول الوطن من حولنا إلى مصح عقلي كبير كما في قصتي [url=https://aljaml.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%AD 0]«تصحيح العالم»[/url] حيث يرى أحد نزلاء مشفى ابن سينا للأمراض العقلية (يقع على حدود دوما ـ حرستا، حيث انتشرت ثورة المجانين قبل ثلاثة سنين) أن العالم المجنون يقع خارج أسوار المشفى لا داخله.. لذلك يعود إلى المشفى بإرادته بعد هروبه منه، ويقوم بحركة تصحيح بسيطة إذ يعكس آرمة المشفى المعلقة فوق بابه الحزين ثم يقول لنفسه: الآن أعدت تصحيح العالم ..
فإذا اعتبرنا الشعب كائنا واحداً موزعاً في أفراده وأن عمره يمتد لبضعة آلاف من السنين، وأن كل سنة زمنية تختزل بيوم معرفي، وإذا وافقنا على أن الأمة تمرض كما يمرض الفرد، فلا مناص من البدء بعلاج الجانب المعطوب فيه بعد تحليل بنية الخطاب السوري تحليلا لغويا، وتنظير روحي، وسبر عصبي لنفسية الأمة السورية التي شُبِّه للمعلم أنطون سعادة بأنها أمة تامة !؟
***
تقدم اللغة العربية مدلولات متضادة المعنى متعددة الإيحاءات في الكثير من تركيباتها، يؤكده ماجاء في القرآن الكريم: ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)،وقال الإمام علي أيضا: "القرآن حمّال أوجه" .. وبما أن لغتنا إيحائية أكثر مما هي تقريرية فقد أنتجنا كتابا وشعراء دون العلماء، «شعراء يتبعهم الغاوون يقولون مالا يفعلون» في السياسة والصحافة والفقه والاقتصاد قبل الأدب !؟
وفي قراءة تاريخ الجنون المشرقي لابد من العودة إلى المسألة القديمة التي قُطعت بسببها آلاف رؤوس المسلمين زمن العباسين: هل القرآن الكريم قديم أم مُحدَث، مخلوق أم غير مخلوق!؟ فقد شكل شطر السؤال برنامج عمل الأمين السياسي والشطر الآخر برنامج عمل المأمون، ولدا هارون الرشيد المذكور اسمه في نشيدنا الوطني، حيث انقسم المسلمون حولهما (قبلما يكونوا سنيين و شيعيين) بين محافظين يعتمدون النقل ومجددين يؤمنون بالعقل، كما هو الحال بين الحزبين الأمريكيين الديمقراطي والجمهوري، المستمران أيضاً في قطع رؤوس المسلمين!؟
وجواباً على بعض ما تقدم نقول طالما أن "الكتاب" الذي يريدون حكمنا به وضع بلغة العرب وليس لغة الرب، لأن الرب لم يكن عبرياً ولا آرامياً ولا عربياً حتى يصدر كتبه بلغات البشر المتعددة، وطالما أن جبريلاً لم يكن كائناً أو مرسالاً بأجنحة كما يتصوره المؤمنون، نظن أن عملية الوحي قد تم إرسالها إلى الرسول رقمياً، كما هو الأمر في برمجة الحاسوب، حيث ترجمها الرسل إلى لغة القرآن ولغة الإنجيل والتوراة (العربية والآرامية والعبرية). وهذا يبرر ويفسر سبب التناقضات والاختلافات بين الكتب السماوية المقدسة وأسفارها وآياتها وإصحاحاتها اللانهائية.. تنزه الله تعالى عن الخطأ البشري، لأن «الكلمات لا تقول الأشياء» بمعناها الدقيق كما هو الحال في الرياضيات لغة الرب مهندس هاذا الكون الأعظم ورياضييه الأبرع، لهذا نقول بخلق القرآن الكريم وسائر الكتب السماوية، وطالما أنها مخلوقة فهي، كما الإنسان، محكومة بشرطها الزمني والجغرافي. ولأننا الآن نعتمد لغة قريش التي صدر بها القرآن كما كانت قبل خمسة عشر قرناً، فإننا كما قريش، مجمدون في الزمن، مثل حال داعش ومشمش وطالبان وبوكوحرام وصولاً إلى المتحف السلفي الذي دُفعنا إليه رغما عنا، وقد استيقظت كائناته المتحجرة كما في الفيلم الهوليودي الشهير «ليلة في المتحف» بطولة بن ستيلر.. غير أن الفيلم الذي يعرض علينا الآن اسمه «داعش» التي هي ابنة «النصرة» بنت القاعدة من سلالة طالبان والقاعدة السلفية التي خرجت من السعودية مملكة الجنون الوهابي الذي غزا الجسد الإسلامي الرسمي بتمويل خمسة مليارات دولار سنوياً تدفع لفقهاء الظلام المنتشرين في العالم بقوة تكاد تضاهي انتشار جنون السلفية الصهيونية التي ماتزال تعمل بهدي الخرافات التلمودية.. فما زال السلفيون يرغبون بدوران الكرة الأرضية إلى الجهة المعاكسة لما قرره الخالق العظيم، وهاذا بحد ذاته يعتبر جنوناً فيزيائياً مخالفاً للمنطق العقلي السليم.. إذاً هناك خطأ لغوي بنينا عليه، يمتد تاريخه إلى قريش، وهاذا الخطأ مازال بحراسة «مجمع اللغة العربية» المحافظ الذي عرقل مسيرة الحداثة الوطنية وساهم باستمرار ربط لهجة مجتمع الشمال الشامي إلى عجلة مجتمع الجنوب السعودي الذي غير معنى الرسالة المحمدية لينتج إسلاماً وهابيا عدوانيا أقرب إلى الثقافة التوراتية منه إلى وحي الرب المتجدد في عقول عباده السوريين.. وهاذا لا يعني رفضنا للهجة القرشية بعدما تمكنت من ابتلاعنا كحوت يونس، وإنما نسجل احتجاجنا ضد استبدادها وأصوليتها الموغلة في صحراء العطش والبوادي، ويظهر الأمر جلياً عندما يستعير فنانو السخرية جملها المقعرة ضمن حواراتهم الكوميدية (عادل إمام ودريد لحام نموذجاً)..فنحن نعاني من ازدواجية اللغة: بين اللهجة الشامية التي وسمت ب (العامية) احتقارا، ولهجة قريش (الفصحى) التي فقدنا 50 % من ألفاظها بعدما خرجت من حيز التداول والإستعمال اليومي وتسمى (المفردات الوحشية) و بقيت حبيسة المعاجم اللغوية. فقد كانت لهجة قريش ومازالت صوت النخبة لسلطات القمع الدينية والسياسية وسائر نخب الأرستقراط الثقافي، بينما تطورت اللهجات الشامية (العامية) والتي هي لغة الشعب القديمة لتناسب ضرورات حياتنا اليومية وحميميتها الإجتماعية، الأمر الذي سبب لنا فصاماً في التفكير والتعبير في مجتمع عاصمة الثقافة السورية التي كانت تتكلم اليونانية زمن السلوقيين إلى جانب الآرامية لغة عامة الشعب السوري القديم، ثم صارت تتكلم النبطية العربية إلى جانب الفصحى اليونانية ـ لغة النخبة آنذاك ـ ثم باتت تتكلم باللاتينية بعد الإحتلال البيزنطي إلى جانب العربية النبطية، وأخيرا باتت تتكلم الفصحى القرشية إلى جانب العامية لهجة عامة الشعب بعد الإحتلال القرشي الذي حرر العاصمة العتيقة وسائر سورية من لغة الرومان ليفرض سلطانه منذ أيام الأمويين وصولا إلى زمن البعثيين.. هاكذا أتخيل الأمر باختزال شديد، وقد أكون مخطئا في بعضه فسامحوني أو اشكروني على مااجتهدت في فهمه من حالة الفصام اللغوي التي عاشها المجتمع السوري على امتداد تاريخ الغزوات الأممية لهاذي الواحة التجارية الشاطرة التي يعلم فيها التجار أبناءهم لغات الزبائن المحتملين لبضاعتهم، حتى باتت دمشق كمثل بابل التي تبلبل شعبها من تعدد لغاتها وتشعب لهجاتها وكانت سببا في انقسامها وانفصامها وانهيارها كما تقول الأساطير الشعبية..
وإذا انتقلنا إلى عملية التنظير الروحي للتوسع في كشف الجانب المعطوب في نفس الفرد السوري، فسوف نرى أن روحاً أخرى سكنت جسد السوريين وتمكنت منهم منذ أن استلم محتلو سوريا الرومان راية المسيحية حيث حولوها من حالة روحية وممارسة بوذية إلى أداة سياسية وعقيدة قتالية لقيادة جموع المتدينين نحو طموحات الإمبراطورية، ذلك أن روما كانت تتصف بأنها إمبراطورية متخمة بالملذات الحسية وتفتقر إلى الثقافة الروحية الرفيعة التي كانت لليونانيين الذين ورثت الحكم عنهم في دمشق وسائر المدن السورية، ثم جاء بعد الرومان بدو الإسلام ولم يكونوا بأقل جلافة منهم، خصوصاً أن البيت الأموي لا النبوي هو من وسم بلاد الشام بميسمه،إلا قليلاً من الصحابة الذين أمّو دمشق وسائر مدن الشام ولاحقهم عسس أمية بالعسف كما لاحق عسس بيزنطة قديسي المسيحيين الأوائل من قبل بهدف محوهم عن الخريطة السياسية والدينية للتفرغ والهناء في حكم البلاد..
غير أن مياه الثقافة الشامية العريقة تغلبت على عطش بدو الصحراء، مثلما ليّنت جلافة الرومان من قبل، وحافظت على جمرها تحت سطح الرماد، وذلك عبر إطلاق الإسلام الأشعري والمذاهب الصوفية التي حاربتها مملكة الوهابية السعودية منذ نشوئها إلى اليوم [url=https://aljaml.com/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9 %D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85 %D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%8A 1](انظر سلسلتنا عن الوهابية السعودية والإسلام الشامي)[/url].
فمعرفة دمشق ولغتها كانت آرامية ثم تزاوجت مع اليونانية، وقد تنامت شجرة الغنوصية اليونانية (المعرفة القديمة لهيرمس) في أغصان المسيحية السورية وأثمرت في الزمان ربيع التصوف الشامي حتى صارت دمشق قبلة متصوفي المغاربة المسلمين من عفيف الدين التلمساني الذي وسم باسمه حي العفيف العريق بدمشق وصولاً إلى محي الدين بن عربي الذي يجاور حيه حي العفيف في شعاب جبل قاسيون..غير أن التصوف انحدر تدريجيا بعد الإحتلال العثماني للشام ليشكل حالة سلبية على يد الدراويش والتنابل في التكايا السلطانية، الأمر الذي مهد لظهور التيارات الإسلامية المتشددة المناهضة للتصوف الذي بدا وكأنه يحرف المسلمين عن جادة الإسلام القويم ويبعث فيهم روح الإستسلام للخرافات، وهاكذا تمددت الوهابية في الديار الشامية خلال قرن مضى حتى استعادت وحشية ابن تيمية ضد (الزنادقة المهرطقين) أي نحن عامة المسلمين من غير الوهابيين على نحو ماجرى للمسيحية الأوربية في العصور الوسطى..
فالروح الصوفية المستمدة من المعرفة القديمة راكمت تجربتها بعد مجيء الإسلام، هي التي عمت القطاع الأوسع في المجتمع السوري  وشكلت الجزء الأكبر من الهوبة الروحية السورية حيث نرى تشابكاً بين الثقافة العلوية ـ الإسماعيلية ـ الدرزية من جهة وبين الطرق الصوفية السنية، وكلهم تمتد جذورهم باتجاه عمق التربة المسيحية في الأرض السومرية السورية، وشخصية الخضر (مارجرجس) المقدسة هي النموذج المشترك لدى الجميع حيث نرى مقاماته موزعة ومكرمة بين كل الطوائف السورية ..
***
بعد التحليل اللغوي والتنظير الروحي نصل إلى السبر العصبي لشخصية الأمة، حيث تتجلى الحالة العصبية للفرد في نبرة صوته وطريقة كلامه، وإذا استخدمنا تحليل البنية الصوتية لمجتمع الحارة  فيما سمي "مسلسلات البيئة" نرى أن الحالة العصبية للشخصية السورية تتراوح بين الشدة التي تمثلها نبرة صوت (أبو عنتر) وبين الرخاوة الأمومية التي تمثلها (فطوم حيص بيص) ، وما بين الشدة والرخاوة تميس بقية النبرات الصوتية لنماذج أهل الحارة: نبرة المراوغة في صوت (غوار الطوشة) أما (حسني البورظان) فتتجلى الطيبة والإستسلام في نبرته، بينما تبدو نبرة الغباء واضحة في صوت (ياسينو) أما تسلط النظام فيتجلى في نبرة صوت (بدري بك أبو كلبشة)، وهذا بعض من لغز انتشار كوميديا دريد ونهاد منذ نصف قرن من عمر الدراما السورية ومازال السوريون يشاهدونها بمتعة دون أن يدركوا السر.. فكما استعان علماء الإجتماع بالخرافات اليونانية في التحليل النفسي يمكننا استخدام الدراما السورية لفهم بنية المجتمع العصبية التي أنتجت كل هذا الجنون الذي نحن فيه: فنرى فتوة الحارة معصب ومتشنج في نبرة صوته مع ابنه وامرأته وأجيره، وهادئ ومراوغ مع من هم أعلى مرتبة ونفوذاً، إنه مجتمع شرقي تراتبي تحكمه فوضى القوة الظالمة بدلاً من نظام القوة العادلة، بسبب ازدحام العدوان التاريخي المتدفق أبدا على أبواب مدنه وحاراته وبيوته من أربعة أنحاء الأرض، فهو في النهاية كائن محكوم بالمراوغة للحفاظ على رأسه، ولطالما انشق عن دائرته وتحالف مع فريق الأعداء لمواجهة الإخوة الألداء للحفاظ على مكتسباته ومصالحه، بل وطوّع معاني قرآنه لتبرير أعماله غير الصالحة.. إنها شيفرة الخوف التي تعطل منطق العقل وتفتت الولاء الوطني لتدفع بكل هذا الجنون في لحظة استرخاء القوة الناظمة للمجتمع .. وقد كان جند الشام على مر الزمان هم القوة الناظمة التي تحافظ على تماسك البنية العصبية في الجسد السوري زمن السلم والحرب.. ولطالما كان جيش الشام عقائدياً منذ أن فتح مصر بقيادة الداهية عمرو بن العاص مرورا بمواجهته لجحافل الغزاة الوهابيين على أسوار دمشق عام 1803 م وصولاً إلى الحرب الكونية الحالية التي تدور رحاها على الأرض السورية.. الحرب التي تم إخراجها في استوديوهات خارجية بخبرات غربية لعلماء النفس والاجتماع وخبراء العصبيات الشرقية، بتمويل وإنتاج خليجي وهابي وتنفيذ سوري والمسلسلات السورية تشهد (باب الحارة نموذجاً) ..
فسورية التاريخية لم تشكل وحدة متماسكة بين مجتمعاتها المتعددة، وإنما كانت ممالك مدن متناثرة ومتصارعة مع بعضها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وسور دمشق القديمة يختزل في بنيانه سلسلة العنصريات المتراكمة في الشيفرة الوراثية السورية والتي يُفترض أن تأسيس الجمهورية بعد الاستقلال كان يستدعي إعلان القطيعة مع كل أنواع العنصريات السورية وهدم أسوارها ليبني أساسات جديدة تقوم على فهم مبدأ المواطنة والإندماج والشراكة وصولا للمساواة حتى نكون جمهورية فعلاً لاقولاً، غير أن الآباء المؤسسيين للإستقلال ـ على الرغم من تلقيهم التعليم الفرنسي والثقافة القرانكوفونية لربع قرن مضى من عمر الإستعمار الفرنسي للبلاد ـ لم يحسنوا نقل مفهوم مبدأ المواطنة الذي أنتجته الثورة الفرنسية، ليس لنقص في ثقافتهم وإنما لانحرافهم بدورهم نحو عصبياتهم الشرقية المتوارثة في عائلاتهم السياسية ونفاقهم لمراكز النفوذ والقوة القومية والقبلية والطائفية والمناطقية .. فقد كانو ثعالب يستغلون مجتمع الغابة أكثر من كونهم أسودا يديرون شؤونها بحيث تتسع للجميع، وأقصد غابة الوطن ومجانينها الذين يظن بعضهم بأن القرع على الطناجر يصنع الحرية .. ونكمل..



تنويه للسادة القراء: هاذي مقدمة لبحث مطول أعمل عليه وأرغب بمساهمتكم في النقاش لإغناء الفكرة أولا ولإضافة مداخلاتكم في الكتاب الذي سيضم البحث لاحقا..إنها محاولة لفهم مانحن فيه من بلاء كيما يتمكن أبناءنا في القادم من الأيام من تجنب إعادة إنتاج الخراااب .. ودمتم سالمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مقدمة في تاريخ الجنون السوري :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مقدمة في تاريخ الجنون السوري

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
انتقل الى: