سجال في الكونغرس: "فخورون" بتسليم المعارضة شاحنات فيما الروس يسلمون النظام شحنات الأسلحة
انترنت
"النهار"
واشنطن- هشام ملحم31 تشرين الأول 2013 الساعة 22:38
وجه بعض اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي انتقادات قاسية لسياسة الرئيس باراك اوباما حيال النزاع في سوريا، واتهموها بانها تفتقر الى استراتيجية واضحة لسوريا وللمنطقة، وقت رسم مسؤولون اميركيون وخبراء اكاديميون صورة قاتمة جداً للمأساة الانسانية التي يعاني منها الشعب السوري، واخطار تفكيك سوريا.
ومن جهتهم دافع المسؤولون الاميركيون، وفي طليعتهم السفير روبرت فورد منسق الجهود الاميركية في شأن سوريا عن الدعم الاميركي للمعارضة السورية، وجهود واشنطن بالتعاون مع روسيا لعقد مؤتمر جنيف- 2، مع انه اعرب ايضا عن انتقادات ضمنية للمعارضة المعتدلة التي تتعامل معها واشنطن. جاء ذلك في سياق شهادات ادلى بها فورد، ومساعد وزير الخارجية لشؤون الحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل توماس كانتريمان، والمسؤولة عن المساعدات الانسانية في وكالة التنمية الدولية الحكومية نانسي ليندبورغ ، وشهود وخبراء بينهم المسؤول السابق فريدريك هوف.
ووضع السفير فورد عبء البدء بعملية انتقالية لمرحلة ما بعد نظام الرئيس السوري الاسد على المعارضة السورية، قائلا: "لن تكون هناك عملية انتقالية تحت الاشراف الا بعد ان تقوم المعارضة بطرح مقترحات كي يقوم الروس والمجتمع الدولي، والاهم من ذلك سوريون آخرون ليقوموا بدراستها وكي يعرفوا ما هو البديل". وبعد ان اشار الى ان هناك اتصالات دائمة بين وزير الخارجية جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف حول مستقبل سوريا، قال ان الروس قلقون من ان يؤدي رحيل الاسد الى بروز العناصر المتطرفة وان يؤدي استمرار القتال الى تحول سوريا دولة فاشلة. واضاف : " اذا رحل الاسد من سيخلفه كرئيس وما هي صلاحياته، تحدثنا بشكل مكثف مع الروس حول ما يعنيه ذلك، ووافقنا معهم على ان الهيئة الانتقالية الجديدة الحاكمة سوف تتمتع بكامل الصلاحيات لادارة اجهزة الاستخبارات والمؤسسة العسكرية والبنية المالية للبلاد. والان نريد من المعارضة ان تقول لنا ما هو تصورها لتطبيق ذلك".
واضاف في انتقاد ضمني للمعارضة: "بصراحة كانوا يدفعوننا الى التدخل العسكري، لدرجة انهم وضعوا جانبا التحدث بمثل هذا البديل، الذي يجب ان يبرز عائجلا ام آجلا". ومع انه قال انه لا يتوقع ان توافق سوريا على كل طروحات المعارضة، لكنه قال ان ذلك سيساعد على بدء العملية الانتقالية و" هذه هي استراتيجيتنا. عملية سياسية تسمح لنا جميعنا : المعارضة المعتدلة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بمن فيهم الروس لوضع الضغط على النظام وعلى المعارضة كي يتوصلوا الى حل نهائي".
وحين سؤاله عن وضع المعارضة، قال: "المعارضة تشعر بخيبة عميقة لاننا لم نلجأ الى القوة العسكرية". ميدانيا، قال فورد ان وضع المعارضة لم يتغير كثيرا، مشيرا الى ان نظام الاسد حسّن وضعه العسكري حول حلب، ولكن المعارضة حسنت وضعها الميداني في الجنوب في محيط درعا. و اضاف: "هناك خلافات مرّة بين فئات المعارضة المسلحة. وخلال الشهر الماضي بدأ تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام بمحاربة الفئات التي ندعمها (بقيادة اللواء سليم ادريس) الذي يجد نفسه وجماعته الان يحاربون على جبهتين، وهذا أمر اضر بعملياتهم ضد النظام وزاد من صعوبة وضعهم".
وجرى سجال حاد بين فورد والسناتور الجمهوري بوب كوركر (جمهوري من ولاية تينيسي) بعد ان قال فورد انه تم تسليم اللواء ادريس شاحنات لتحسين قدراته اللوجستية، حيث قاطعه كوركر قائلا انه كان يفترض ان تقدم هذه الشاحنات في آب الماضي، واضاف ان ادارة اوباما تفتقر الى استراتيجية حيال سوريا، واتهمها بخذلان المعارضة، وانتقد فورد بشكل مباشر قائلا انه يستغرب ان فورد لا يشعر بالخجل عندما يدافع عن مثل هذه السياسة "المحرجة". ورد فورد قائلا انه "هذه مشكلة مأسوية... في نهاية المطاف على السوريين ان يحلوا مشاكلهم بانفسهم، وهذا يتطلب ان يجلسوا الى طاولة المفاوضات".
من جهته كان السناتور الجمهوري جون ماكين (ولاية اريزونا) اقسى حين انتقد وصف فورد للنزاع السوري على انه حرب اهلية، مشددا على ان ما يحدث هو "حرب اقليمية انتشرت الى العراق حيث استعاد تنظيم القاعدة قدراته، والحرب تخلق الاضطرابات في الاردن، وايران متورطة كليا، ولدى حزب الله 5 الاف مقاتل هناك". وحين قال فورد انه لا الاسد ولا المعارضة قادرين على تحقيق انتصار عسكري، قال ماكين: "الواقع هو انه (الاسد) كان يقترب من السقوط قبل سنة او اكثر، ولكن حزب الله تدخل، وكثف الروس من مساعداتهم، ثم تدخل الحرس الثوري الايراني... وتغيرت المعادلة، وهو لا يزال في منصبه ويواصل ذبح المدنيين السوريين، وانت لا تزال تعتمد على مؤتمر جنيف، اليس كذلك؟"
ولكن فورد عاد ليتحدث عن ضرورة الحل السياسي، قائلاً ان نظام الاسد يعتمد على "حزب الله" وايران. وأضاف: "هدفنا هو جلب الفئات السورية التي تخاف من بعضها البعض للتوصل الى حل سياسي". واضاف: "الى ان تشعر الطائفة العلوية التي تدعم الاسد انها لن تتعرض للذبح، ولا يهم اذا كان حزب الله هناك، لانهم سيواصلون القتال، ولهذا اقول انه خلال دعمنا للمعارضة المعتدلة، على المعارضة نفسها ان تضع المقترحات السياسية". ورد ماكين ساخرا : نحن فخورون باننا نسلمهم الشاحنات بينما الروس والايرانيون يسلمونها شحنات الاسلحة بحرا وجوا وبشكل مستمر.
وشدد فورد على ان مؤتمر ما يسمى "لندن 11 " اي الدول التي تدعم المعارضة حاولت طمأنة المعارضة من ان " الاسد او مساعديه المقربين والملخطة ايديهم بالدماء لن يكون لهم أي دور في سوريا". واعترف بان المعارضة السورية "قلقة من احتمال توصل الاطراف الخارجية الى اتفاق على حساب المعارضة"
من جهته قال توماس كانتريمان انه "مع ان الاسد يرى نفسه ضروريا للتخلص من الاسلحة الكيميائية، فاننا لا نرى ذلك. سوريا قبلت بتعهدات ملزمة لهذه الحكومة وللحكومة المقبلة التي نأمل في ان تشكل قريبا، وهذا ما يزيد من الالحاح بضرورة تدمير او نقل الاسلحة الكيميائية (خارج سوريا) باسرع وقت ممكن كي لا يبقى النظام متعلقا بالوهم بانه جزء جوهري من هذه العملية".
وقالت نانسي ليندبورغ ان سوريا خسرت 35 سنة من التنمية الانسانية بسبب الحرب، وانها خسرت جيلا من الاطفال السوريين المشردين خارج مدارسهم.
وقال السفير السابق والباحث في المعهد الاطلسي فريدريك هوف ان النظام يخسر اسلحته الكيميائية ولكنه يواصل القتل الجماعي، الذي يهدد بتقويض كل المحاولات الرامية الى وقف انزلاق سوريا الى ان تصير دولة فاشلة مثل الصومال، وشدد على ان سوريا ليست فقط مسألة ضبط السلاح الكيميائي لانها تشكل تهديدا حقيقيا للامن الاقليمي والدولي.
واشار هوف الذي انضم بعد استقالته من الحكومة في اليسنة الماضية الى مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط في المجلس الاطلسي ان هناك تقسيماً غير رسمي الان في سوريا حيث يسيطر الاسد على جزء من غرب سوريا، (المنطقة العلوية) والاكراد يسيطرون على شمال شرق البلاد، بينما معظم الجزء الشرقي من البلاد هو في حالة فوضى بفعل سيطرة تنظيم "القاعدة" والجهاديين عليه.
وعلى صعيد اخر، اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان كيري سيبدأ في الثالث من تشرين الثاني جولة شرق اوسطية واوروبية تشمل التوقف في الرياض وفرصوفيا والقدس وبيت لحم وعماّن وابو ظبي والجزائر والرباط، وستنتهي جولته في الحادي عشر من تشرين الثاني. وجاء في بيان الخارجية ان كيري سيؤكد للسعودية ثبات العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وسيناقش مع الفلسطينيين والاسرائيليين عملية المفاوضات "والقضايا الاقليمية" الاخرى، وسيناقش مع الاماراتيين الدور الاقليمي للامارات في تعزيز الاستقرار في المنطقة.