يشير
المصطلح "تماهي" في أعمال فرويد، الى تلك العملية التي تقوم من خلالها ذات
ما بتبني صفة أو أكثر، من صفاتِ تعود لذات أخرى. لاحقاً، ومع تطور فكرة
فرويد عن أن الأنا والأنا العليا يُبنيان على أساس سلاسل من التماهيات
يغدو مفهوم التماهي موازياً " للعملية نفسها التي فيها تُشيّد الذات
البشرية" (Laplanche and Pontalis ، 1967:206 ). أننا أذاً، أمام مفهوم ذي
أهمية مركزية في نظرية التحليل النفسي، ألا أنه مفهوم يطرح أشكاليات نظرية
مهمة. واحدة من أهم تلك الأشكاليات، والتي تعامل معها فرويد، هي صعوبة
تحديد علاقات واضحة ما بين التماهي وحب الموضوع (Object-love).
يحتل هذا المفهوم موقعاً موازي الأهمية في أعمال لاكان أيضاً. يعلق
لاكان أهمية خاصة على وظيفة الصورة في التماهي، معرفاً أياه على أنه "
التحول الحاصل في الذات عندما تتلبس صورة ما"(E، 2). "تلبس" صورة ما يعني،
أن تجد نفسك في الصورة، وأن تتخذ الصورة وكأنها لك.
منذ بواكير أعماله، يقوم لاكان بالتميز ما بين التماهي الخيالي والتماهي الرمزي.
التماهي الخيالي هو الآلية التي تنشأ من خلالها الأنا في طور المرآة
وتخص النظام الخيالي بالكامل. عندما يشخص الرضيع صورته المنعكسة في المرآة
فأنه يتماهى مع هذه الصورة.تأسيس الأنا بالتماهي مع ما هو خارج (وحتى ضد)
الذات هو ما " يبني الذات كخصم لنفسها" (E، 22) فيشبكها بالعدائية
والأستلاب.يؤسس طور المرآة "التماهي الأولي" ويولد الأنا المثالي.
التماهي الرمزي هو التماهي مع الأب في المرحلة النهائية من عقدة أوديب
والمُولد لتشكل مثال الأنا . تتعالى الذات بواسطة هذا التماهي عن العدائية
المطبوعة فيها بالتماهي الأولي(E، 23) ولهذا فأنه من الممكن القول أنه
يمثل قدراً من " تطبيع للبيدو"(E، 22) ويتخذ شكله من التماهي الأولي ولهذا
فأنه ككل تماهي يشترك مع الخيالي ويدعى ب-"الرمزي" فقط لأنه يمثل أكتمال
عبور الذات الى داخل النظام الرمزي.
تمر أفكار لاكان حول طبيعة التماهي الرمزي بتحولات معقدة في مسيرة
أعماله. في العام 1948 ينظر اليه من خلال مفاهيم " أجتياف (Introjection)
الأيماجو للوالد من نفس الجنس " (E، 22)، بينما ينتقل في العام 1958 لينظر
اليه من خلال التماهي مع الأب الواقعي في المرحلة الثالثة من عقدة أوديب.
يواصل لاكان في العام 1961 قدماً ليصف التماهي الرمزي على أنه تماهي
مع الدَّال. ويجد دعماً له في فكرته هذه في التصنيف الذي يضعه فرويد
لثلاثة أصناف من التماهي وذلك في الفصل السابع من علم نفس الجمهور وتحليل
الأنا (Freud، 1921c).في الصنفين الأولين للتماهي (مع الموضوع ومع الخصم)
تعبر الذات عن تماهيها أحياناً بعوارض مماثلة لهذه العوارض التي يشكو منها
الشخص المتماهى معه. في هذه الحالات يكون "التماهي جزئياً ومختزلاً الى حد
كبير فلا تستعار من المتماهى معه الا سمة واحدة وحيدة[nur einen einzigen
Zug] "(Freud، 1921c: SE XVIII، 107).هذه "السمة الواحدة الوحيدة"
(بالفرنسية trait unaire وتترجم الى الأنجليزية ك ‘unbroken line’
والى‘single-stroke’ أو‘unitary trait’)هي من وجهة نظر لاكان مفهوم رمزي
ضارب القِدم والذي يتم أجتيافه فيولد مثال الأنا. ومع ان هذه السمة قد
تبدء كرمز ألا أنها سريعاً ما تتحول الى دال عندما تُدمج في منظومة
الدلالة (S8، 413–14). يقوم لاكان في العام 1964 بربط السمة الواحدة
الوحيدة مع الدال الأول (S1) ويقارنها بالخدش الذي يخطه الأنسان البدائي
على عصاته ليشير الى أنه قد قتل حيواناً واحداً (S11، 141، 256).
يعارض لاكان بشدة هؤلاء الكتاب (بالينط مثلاً Balint) الذين يدعون بأن
التماهي مع المحلل هو نهاية التحليل بل بالعكس من هذا فأنه يصر ليس فقط
على انه " من الممكن أجتياز حاجز التماهي " (S11، 273) بل أن هذا ما هو
ألا شرط ضروري لتحليل نفسي حقيقي ولهذا فأن نهاية التحليل تُدرك من وجهة
نظر لاكان كحالة أملاق للذات؛كلحظة يتم فيها وضع تماهيات الذات موضع الشك
العميق حيث لا يعود من الممكن الأحتفاظ بها كسابق عهدها. ومع أنه لا يمكن
أطلاقاً ربط نهاية التحليل بالتماهي مع المحلل ألا أن لاكان يدعي انه من
الممكن الحديث هنا عن تماهي بمعنى مختلف : التماهي مع العارض (أنظر سينثوم
Sinthome).
المادة
مترجمة عن الأنجليزية، وذلك من المعجم : An Introductory Dictionary of
Lacanian Psychoanalysis تأليف Dylan Evans
مصطلحات
: الحرف S بين قوسين يرمز الى "سمينار" (أي سمينارات لاكان)، أما الرقم
المباشر بعد الحرف، فيشير الى رقم السمينار، والرقم بعد الفاصلة الى رقم
الصفحة كما تمت طباعته بالفرنسية. أما الرمز Ec فيرمز الى "كتابات" Ecrits
للاكان كذلك بالفرنسية.