كلهم يحبون مصر! فمن تحب مصر؟
حسناء أبوزيد
الأربعاء 17 يوليوز 2013 - 13:30
وقفت مصر حائرة النظرة ؛ ساهمة الأفق ؛حزينة المبسم خافقة الفؤاد ؛أمام حشود الميادين ؛ تنظر إلىأبنائها شاحبين ؛ غاضبين ؛ مختلفين ؛ تسترق السمع إلى قلوبهم في أحشائها وتذرف الدمع صامتاً على الفرص الضائعة والدفوعات المائعة والإرادات التابعة ؛ فماذا تصنع مصر ،
وقد خلت ديارها وانطفات نارها ونضب نيلها ؛ من توقظ من فرسانها ؛ أيهم ؛ اليساري الحالم أم الإسلامي الحاكم ؛ أم العقيد ذو النياشين والأوسمة والألف حكاية عن وهم المجد المر....لا تعرف مصر أي المهور تقبل وأي الهوادج تمتطي؛ وأي الصكوك تختم ؛ لم تحسم مصر في رسل الشارع المصري ؛ ولا تعرف لماذا يريدها مرسي محجبة الرأس ؛ كثيفة الحواجب ؛كسيرة الخاطر ؛ لماذا يكسر قلمها؛ ويبعثر ورقها ويحطم شاشاتها ويشرد إبداعها ويخنق طربها ،ويجز ظفائرها ؛ ولا تعرف لماذا تريدها المعارضة ؛ مارقة ؛ غاضبة ؛ فوضوية ؛بوهيمية ؛ انقلابية ؛ تملأ أكواب الحداثة والتقدمية دون أن تروي ظمأها ؛ وتكسر جوع ساحات التمرد دون أن تسد رمق أوضاعها ؛ وتطلق سراح الحريات دون أن تفك قيدها ؛ لاتعرف لماذا يريدها الفريق أسير أغنية النصر الحلم؛ بلهاء ؛ خاشعة في نشيد الثورة القديم ؛ مطيعة في قانون الانضباط العسكري ؛ تستيقظ في الصباح لتلمع مدرعات لم تحمي تخوم مصر ؛ وبنادق لم تفرغ في صدورأعداء مصر.
و يطلق صافرة النوم قبل أن تروي لها الأزمنة فساد آل الجيش ونتوء بطونهم وترهل أوداجهم ؛ ثلاثتهم أوفدوالمصر مراسيل حب جارفة ؛ فبعث الإسلامي ؛ صناديق الإقتراع ؛ تشهد على امتداد قبيلته وانتشار مريديه وقوة جواره ؛ وعزة وفادته ؛ فتح الصناديق بين يدي الفاتنة الفرعونية ؛ فاشرأبت ملايين الأصوات المخنوقة تلعن ماضيها وتبكي ميادينها وتندب حظها ؛ وترثي كرامتها وتكتب مرسي فقط كي لا تكتب شفيق ؛ ترسم رمز الجماعة نكاية بالنظام المخلوع وفلوله وحوارييه ؛ لا تستهويها تقاسيم مرسي إلا أنها تحقد على رموز ماضيها ؛ لم تبتسم مصر لمرسي ؛ واعتبرته وصولي الأهداف رغم عراقة المسار ؛ غريب الدار و الأجندة ؛شاحب المطالب والرؤى؛ استحواذي التوجه ؛ أقل من ذات الأخذان سليلة السبعة آلاف سنة والنيل العظيم ؛ فردت عليه صناديق الاقتراع ؛ وقررت أن تعيد تعريف الشرعية في الزمن والمكان ..وفي صحائف الديمقراطية.
استرجعت أنفاسها قليلا ثم ؛ طلبت دخول المعارضة ؛ فدخلت متفرقة ؛ شعوبا وقبائل وفرقاً تعارفت ذات ثورة ؛ لا يجمعها زمن ولا تاريخ ولا مرجعية ؛ تقدم صورها أمام حائط برلين حيناً وفي بورصة وول ستريت أحياناً؛ وفي البرامج النيوامبريالية في الوكالة الدولية للطاقة النووية أحياناً أخرى ؛تمسح عن بذلاتها زيت موائد النظام المخلوع ؛ وعطايا الدول العظمى وترثي أياماً صعبة من أجل عيون مصر ؛ تستشهد ببطولات معزولة وبرفاق متشرذمين ؛ وبمشروع منهك القسمات ؛ترفع كلها لواء لا لأخونة مصر ؛ وتفرد تحت شرفة مصر صحائف هفوات مرسي وأخطاء مرسي ؛ وبرامج الجماعة ؛ ومعارك الحداثة ؛ونكبات الإعلان الدستوري ؛ وامتدادات النخبة المنتفضة على نغمات قصائد اليسار المكلوم ؛ والتقدمية الثكلى ؛ .... فما عساها تقول مصر.... ؛دمعت مصر على نخبتها ؛ مثقفيها وإعلامييهاوأكادمييها وصناع رأيها وفنها وشعرها وأحلامها ؛ بكت فيهم الصمت والتواطؤ والتسلل إلى حدائق النظام الظالم وتلت على مسامعهم قصائد مدح النظام وتقديس الحكام والركون تحت ظلال المواقع والمناصب والحقائب ؛ ربتت على أكتاف قلة منهم ؛ ودعت الاخرين إلى الانصراف من مستقبل مصر.
ابتسم العقيد كاشفاً عن أسنان غارقة في البطالة ؛ بعد أن انصرف الغريمان خائبين ؛ نظم طابوراً طويلاً يصدح بربابة عرابي ومعزوفة الضباط الأحرار حقاً واستقدم صور شهداء العدوان الثلاثي على مصر وملاحم استرجاع قناة السويس وأغاني السد العالي فوق الدبابات والمدرعات وبقايا الصفقات السياسية وعلق نياشين السلام الصغير ؛ وارتقى درج الوصول إلى مصر ؛ دق بابها طويلاً وأعاد الكرة كثيراً؛لم تستجب مصر....فاصدر بياناته العنجهية ؛ استشاط غيظه ؛ غيظ العسكر ؛ فقلب الصناديق على رئيس صناديق مصر ؛ وأطلق رصاصات الاستيلاء على ثورة مصر ؛ دخل إليها على ظهر دبابته المهترئة ؛ يقدم رأس مرسي وتسرع المعارضة وموت الأمل في السياسة ؛ على طبق أمريكي الصنع خليجي الدعم صهيوني المرجعية ؛ يطلب ود مصر.... ؛ ولكن هيهات فمصر لن تقبل بعد الثورة إلا بالشرعية ...ولن تكون أبداً...أبداً شرعية العسكر....!!!