** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الاشهار والتمثلات الثقافية I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الاشهار والتمثلات الثقافية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عبد الله
مراقب
مراقب
avatar


التوقيع : الاشهار والتمثلات الثقافية Image001

عدد الرسائل : 1537

الموقع : في قلب الامة
تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

الاشهار والتمثلات الثقافية Empty
26122012
مُساهمةالاشهار والتمثلات الثقافية

أحمد راضي

تنطلق هذه الورقة من الفكرة القائلة بأن الإشهار جزء لا
يتجزأ من الثقافة. لذا لايمكن الإحاطة به إحاطة فعلية من منطلقات أحادية
الجانب كتلك التي ترتكز فقط على الجانب الفني أو الجمالي أو التقني دون
ربطه بالإطار السوسيو-حضاري الذي ينتج فيه. سنحاول من هذا المنطلق تسليط
بعض الأضواء على علاقة الإرسالية الإشهارية بالنظام الأبيسي، وخصوصا
بإفرازه لمفاهيم >الذكورة< و>الانوثة<. إذا كانت مفاهيم الرجل
والمرأة مرتبطة بالجسد كاختلاف وكمعطى بيولوجي، فإن مفاهيم
>الذكورة< و>الأنوثة< مرتبطة بالثقافة، أساسا بالمجتمع
والتاريخ، إذ إن مجتمعا معينا يعطي لهذه المفاهيم بعدا خاصا مقرونا بنوعية
علاقة الأفراد والجماعات التي تكونه، وبتاريخ معين لأن الثقافة تتميز
بالديناميكية على المستوى الزمني. لهذا السبب وجب التأكيد على نسبية
وتاريخية هذه المفاهيم وعلى أبعادها الثقافية.
إن الإرسالية الإشهارية معطى تواصلي مرتبطة بالحداثة والمعاصرة، إذ إنها
لم تعرف تطورا هائلا إلا في العقود الأخيرة، ولم تظهر إلى الوجود إلا في
نهاية القرن التاسع عشر. غير أن الثقافة التي تحيط بها وتخترقها وتحتويها
موجودة في كل الفضاءات ومتجذرة في التاريخ. لذا فهي تترك بصماتها على هذا
الخطاب الكتابي والسمعي-بصري الذي يــــــــوحي بأنه ينفلت منها.
هناك تناقض جوهري بين كل المظاهر الخارجية للإشهار التي تدعي أنها تعيش
عصرها وتستكشف المستقبل والبنيات الحضارية العميقة والأنظمة الذهنية
اللاشعورية التي تقولب هذا الخطاب في أنماط تقليدية. فعلى مستوى الشكل،
هناك طفرة في التمكن من الأدوات التقنية بما في ذلك استغلال الموسيقى
وديناميكية الصورة وتشابك أنواع مختلفة من الخطابات والاعتماد على آخر
المستجدات في التصوير الفوتوغرافي والفيلمي واختيار الألوان، وإيجاد نماذج
جمالية في الكالغرافيا والطباعة وطبوغرافية الحروف، والانحياز نحو التركيب
والتركيز والتناسق الكلي. إن هذه الطفرة أضفت على الإشهار لا أقول طابع
الفن ولكن نوعا من الفنية.
لكن المفارقة تتجلى في أنه على مستوى المفاهيم الفلسفية العامة المؤطرة له
و التصورات الحضارية التي ينطلق منها يبقى الإشهار قوة محافظة تحاول إبقاء
الأشياء على ما هي عليه. لإبراز هذا الجانب التقليدي ستركز هذه الورقة على
تمثلات >الذكورة<و>'الأنوثة< في الإرساليات الإشهارية لبعض
الصحف والمجلات.
قبل هذه العملية لا بد من الانعراج قليلا لوضع وفهم الإطار العام الذي
يؤطر العملية الإشهارية؛ هذا الإطار يتجلى في النظام الرأسمالي الذي بدونه
لا يمكن أن نتكلم من منظور ثقافي >شامل< عن الإشهار. إن مصطلح
>النظام الرأسمالي< أصبح من المحرمات نظرا لتاريخه المرتبط بجدال
وسجال طويل عرفته أوروبا على الخصوص والعالم أجمع على العموم إلى حدود
سقوط جدار برلين الرمزي.

دون الدخول مرة ثانية في هذا السجال يمكن رغم ذلك الإقرار بأن هوية وسبب
وجود الإشهار مرتبطان بهوية النظام الرأسمالي وحركيته. لا ندهش إذن إذا
كانت الأشكال الإشهارية الأكثر شراسة توجد في الأنظمة الرأسمالية الأكثر
تقدما، وأعني على الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، ومؤخرا اليابان وبعض
دول آسيا. لا بأس إذا ذكرنا أن هذه الرأسمالية تعتمد على نظام اقتصادي
واجتماعي درويني يعترف فيه ليس بالقوي ولكن بالأقوى والأصلح يعني على
مجموعة محدودة من الأشخاص القادرين على المنافسة. إن هذا التنافس الذي
يؤدي أحيانا إلى أشكال من العنف الرمزي لشدة ضراوته، ويؤدي كذلك إلى تكون
>تكتلات اقتصادية قوية< Cartels وإلى شركات يساوي رأسمالها ميزانيات
مجموعة من دول الجنوب، وبالتالي إلى إفلاس أو على الأقل إضعاف تلك
التجمعات الصغيرة والمتوسطة التي لا تقدر على التنافس، وبقدر ما يزداد
رأسمال هذه الشركات تزداد كذلك وسائل التهميش والإلغاء. أما الميزة
الثانية فهي الإنتاجية وارتباطها بالاستهلاك. إن أي ممارسة سواء كانت
اقتصادية اجتماعية أو ثقافية، لا تعتبر مقبولة إلا إذا تحولت إلى سلع
للبيع توفر أكبر قدر من الربح لصاحبها. إن هذا الاتجاه البراغماتي
الاقتصادي أدى تدريجيا إلى تسليع كل أوجه المجتمع. فكل نشاط يقاس بقدرته
على التمكن من اختراق شبكة معقدة من البيع والشراء، من العرض والطلب.
بعد وضع هذا الإطارالعام الأولي لا بد من ربطه بإطار أعم لا يقل أهمية وهو
الإطار الأبيسي. وإنه لمن الخطأ اعتبار هذين النظامين منفصلين ومستقلين.
على العكس من ذلك يجب الانتباه إلى تداخلهما. في الحقيقة إن النظام
الأبيسي وجد قبل وجود الرأسمالية بمعناها المعاصر، إن هذا النظام مرتبط
بتاريخ الإنسانية ولهذا السبب فالرأسمالية تولدت من النظام البترياركي
الذي هو أكثر توسعا جغرافيا وأكثر قدما تاريخيا.
هناك تداخل والتقاء مصالح بين النظامين يتجليان على الخصوص في تملك السلطة
المادية والرمزية. فإذا كان النظام الأبيسي يعتمد على هيمنة الرجل على
مصادر القرار على مستويات متعددة وفي أنشطة مختلفة، فإن نفس الهيمنة تتجلى
في النظام الرأسمالي إذ إن الاقتصاد بما فيه من ثروة مادية ووسائل للإنتاج
والتوزيع يقع تحت رحمة الرجال. أفلا نقول في اللغة >رجل أعمال<
homme d'affaires و businessman دون أن نأخذ بعين الاعتبار أنه من الممكن
أن تكون >امرأة أعمال<. فحتى في المجتمعات الأكثر تقدما لا زالت
>امرأة أعمال< حالة استثنائية. فإذا كان خروج النساء بصفة لافتة
للنظر لم يظهر جليا في أوروبا إلا بعد الحرب العالمية الأولى فإن اكتساح
الرجال للمجالات الاقتصادية لا يمكن تأريخه لأنه جزء من التاريخ، فتقسيم
العمل إلى >ذكوري< و>أنثوي< أدى بالنساء إلى عزلهن عن العالم
الخارجي وربطهن بالبيت والأمومة والاهتمام بالرجل حتى يكون أكثر قدرة على
الإنتاجية والتنافس. فالعمل خارج البيت والاهتمام بالقضايا العامة
والتنافس من أجل المكتسبات المهنية والطموح للوصول إلى أعلى مستويات
التسيير والإدارة يعتبر ثقافيا من هوية الرجل وخصوصيته وسبب وجوده في هذا
العالم.
إن للسلطة الاقتصادية انعكاسات مهمة على السلطة السياسية، إذ إن أصحاب
القرار السياسي يأخذون بعين الاعتبار مصالح الشركات الكبرى ورجالات
الأعمال الذين يكونون نوعا من السلطة داخل السلطة. أما عن عداء رجال
السياسة لاقتحام النساء لعالمهم فشيء واضح أكدته تصريحات بعض النساء
اللواتي تمكن من ولوج برلمانات دولهن والتعرف عن كثب على آليات خلق القرار
السياسي، وبالمقابل فأصحاب القرار الاقتصادي يغازلون أصحاب الفعل السياسي.
فحتى في الدول الأكثر ديموقراطية وتشبثا بالقانون توجد حالات عديدة عن
رشوة أصحاب الشركات الكبرى للسياسيين كي يحصلوا على امتيازات على خصومهم،
إذن هناك اختراق شبه كلي للنظام البترياركي للمجتمع خصوصا في نواحيه
الاقتصادية والسياسية التي هي مصدر القرارات الحاسمة ومصدر تكون مختلف
السلط.
إن إثارة هذه الإشكاليات النظرية العامة كانت ضرورية لفهم أن الإشهار
تتحكم فيه آليات مستترة وعميقة، تؤثر في فلسفته ومنتوجاته. وسأحاول هنا
الانتقال من المستوى العام إلى المستوى الخاص لكي أحلل بنوع من التفصيل
بعض النماذج الإشهارية في الصحف والمجلات. أوضح منذ البداية أن الصور
والخطابات التي تنتج يسيطر عليها ذلك اللاشعور الجمعي الأبيسي. فرغم تلك
الحداثة على السطح فإن الإشهار في العمق يعيد إنتاج تمثلات تقليدية
اختزالية للرجل والمرأة وذلك بربط الأول بمواصفات >الذكورة<
والثانية بنعوت >الأنوثة<. وهذه الثنائية تعتمد على الفصل بين القوة
والضعف، بين العمل العمومي والممارسة الحميمية، بين امتلاك العقلانية
والتقنية وامتلاك الجسد والعواطف. فهذه التمثلات الثقافية العامة تتجذر في
الأسرة والمدرسة والجامعة والمعمل والمحكمة والبرلمان وفضاءات الرياضة
والثقافة الخ. وبالتالي تتحكم في أقوالنا وخطاباتنا وأفعالنا، بل وحتى في
لا وعينا.
في جل الإرساليات التي لها علاقة بالتقنية هناك إشارة إلى الإبداع والخلق.
ونعلم أن هناك في الثقافة العامة فكرة مسبقة تعتبر أن هذا المجال هو من حق
الرجل. فمثلا في مجال العلوم الاقتصادية والطب، جل الحائزين على جائزة
نوبل هم ذكور؛ واحتكار هذه الجائزة يشير إلى هيمنة الرجال على البحث
المتطور ومصادر التقنية العالية وذلك في مختلف المجالات. وحسب الرأي
السائد، إن اسم المرأة لم يرتبط في أي يوم من الأيام بالتقنية العالية
نظرا لتكوينه البيولوجي والعقلي والنفسي، وهذا من مخلفات الرواسب الفكرية
التي لا تسمح لها بــتلك العمليات المعقدة وذلك الصبر الطويل الذي تتطلبه
التكنولوجيا المتقدمة في اعتمادها على الرياضيات المجردة والفيزياء وعلم
الحاسوب. في إشهار لشركة تسمى M 3 في مجلة Time هناك تركيز على صورة مكبرة
تكتسح نصف الصفحة الإشهارية وهي تمثل رجل أعمال في حوار عن طريق الهاتف
وصورة مصغرة لثلاثة رجال أثناء ممارستهم للعمل الحاسوبي، وصورة الرجل
الرئىسية تجد كركيزة لها مجموعة من الأسلاك التي توحي بجوانبها الكهربائية
والتلفونية والتلغرافية والحاسوبية. والعنوان البارز المعالم لهذا الإشهار
هو >التجديد عند 3M< أما على مستوى الخطاب فهناك التأكيد على الخلق
والسرعة : >نبتكر منتوجات جديدة بوثيرة لا مثيل لها في تاريخ 3M ،
ونبيع هذه المنتوجات بطرق جديدة إلى زبناء جدد في العالم أجمع<.

We re creating new products at a pace unprecedented in 3M's history,
and we're selling our products in new ways to new customers all around
the wrold
فميزة هذا الخطاب هي خلق جو ملحمي معاصر تلتحم فيه الأدمغة وآخر المستجدات
في الإبداع والتسيير، لكي لا يسمح الإشهار بأي شك في جنس المبدعين. ختم
بالإشارة الواضحة لإسم رئيس الشركة ومهمته السامية : Chairman of Boord
and Chief Executive Officer .
في إشهار آخر لمجلة Le Nouvel Observateur هناك نفس الربط بين الإبداع
التقني وجنس المبدعين. فقبل قراءة الخطاب تبهر العين صورة لموسيقار عبقري،
بيتوفن، وهو في وقفة تأملية جد مركزة. بعد مشاهدة هذه الصورة لا يبقى
للقارئ والقارئة إلا الانتقال إلى عبقرية أخرى ولدتها الحضارة المعاصرة
وتتجلى في أنواع جديدة للهاتف Siemens. فهذه العبقرية المزدوجة، على مستوى
الموسيقى ومستوى الاتصال الهاتفي، تجد تأكيدا مجددا في القاموس اللغوي
للخطاب الذي يشير إلى "une qualité d'écoute inégalée" و "un petit
miracle" . فوق الخطاب الأساسي وتحته هناك إشارات واضحة وبلون مختلف إلى
spéalistes du son" 'une lon geur d'avance" وكلها توحي بصور الامتياز
والتقدم التقني : إننا هنا، في الحقيقة، نتعامل مع خطاب مصاب بنوع من جنون
العظمة، والذي هو جزء من عقلية رأسمالية تطمح إلى الريادة والسيطرة
المطلقة على الأسواق والقضاء على الخصوم وكسب التغطية الإعلامية
والإشهارية العالمية، وهذه الصور تجد تلخيصا لها في لفظة "imposer" فرض.
أخيرا يجب الإشارة إلى كلمتي "nous" و"interessé" . فالكلمة الأولى رغم
غموضها الظاهري وعموميتها، توحي بذلك العالم الذكوري المنغلق على نفسه
وعلى جنسه الوحيد والواحد، وهو هنا عالم التقنين العالي الجودة. أما
الكلمة الثانية فهي لا تأخذ بعين الاعتبار أن المتلقي امرأة، لأنه كما
قلنا سالفا ففي اللاشعور الاجتماعي تتنافى التقنية مع المرأة، ولو
كمتلقية.
للتأكيد على أن الاشهار رغم تنوعه وتنقله في فضاءات حضارية مختلفة لا زال
يحمل طابعا مندمجا ومنمطا، سننتقل إلى تحليل إشهار في الصحيفة الأسبوعية
المغربية La Nouvelle Tribune لآلة طبع حديثة مرتبطة بالحاسوب. فالصورة
التي تأخذ نصف مساحة الصفحة تعبر بكل وضوح عن ذكورية الإنتاج التقني وذلك
بوضع مواجهة/مجابهة بين رجل أعمال وتقنية وثور من النوع الاسباني. والخطاب
بدوره يزكي هذه الذكورية باستعمال القوة والصلابةLa solidité à toute
épreuve وكلمة الضبط "maîtrise" و "outils de contrôle" : أما عبارة
"responsables informatiques" فهي توحي بأن هذه المسؤولية هي من نصيب
الرجال إذا أخذنا بعين الاعتبار الصورة والخطاب في انسجامهما وتكاملهما.
والمعجم اللغوي بصفة عامة يؤكد على صفات الذكورة : وun modèle de
simplicité Des innovation matérielles et logicielles" ومن المفارقات
اللغوية أن الطابعة une imprimante ، التي هي في صيغة المؤنث، أصبحت، نظرا
لوجودها في فضاء أبيسي يحتكر فيه الرجال مفهوم التقنية، تحمل كل مواصفات
الذكورة من إنتاجها إلى تسويقها وتلقيها، ومن خلال الأوصاف والوظائف
المرتبطة بها.
هناك مجال آخر تتجلى فيه التمثلات >الذكورية< بصفة واضحة وهو مجال
الإشهار المرتبط بالأبناك وشركات التأمين. إن هوية المرأة تجد وحدتها في
تدبير شؤون البيت وحسن استعمال المال المخصص للتسيير المنزلي. بعبارة أخرى
إن وظيفتها تتجسد في المجال العائلي الصغير أما المجال الأرحب الذي يتم
فيه انتقال أموال هائلة فهو من اختصاص الرجل. فالاستقرار الذهني والتوازن
والعقلانية والتعامل المتبصر مع الإشكاليات المعقدة هي صفات يوحي إشهار
الأبناك وشركات التأمين بأنها من طبيعة الرجل. فالمرأة، نظرا لأنها ضحية
نزواتها وتقلبات أهوائها وعواطفها، غير قادرة على أن >تؤمن<نفسها
وبالأحرى أموال الناس الآخرين. إن مجموعة كبيرة من النساء تعمل في هذه
المؤسسات المالية وتساهم في تطورها، ولكن على المستويات الدنيوية
كسكرتيرات ومساعدات. فدور الرئاسة والريادة والتسيير هو في جل الحالات، إن
لم أقل في كلها، من نصيب الرجال. فالإشهار لا يظهر البنية التحتية والعمل
الدنيوي ولكن يركز فقط على الجانب الريادي. فهذه المؤسسات تريد أن تبيع
صورتها، وهذه الصورة لن تباع إلا بربطها بقدرات >ذكورية< تجذب ثقة
الزبناء المحتملين. بالإضافة إلى هذا فهذه المؤسسات تنتعش في فضاء
>ذكوري< مؤسس على أحقية وأسبقية الرجل في العمل وفي احتكار المناصب
الكبرى وبالتالي في تملك، أو على الأقل التصرف بأكثر حرية، في ميزانية
العائلة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الكبرى كالسكن واقتناء سيارة
الخ. وهذا الفضاء يزكي فكرة >رب العائلة< و>مول الدار<
وبالتالي مشروعية هذه الأحقية والأسبقية.
إذا أخذنا بعين الاعتبار هذه الملاحظات فإن إشهار >الشركة العامة
المغربية للأبناك<، الذي يبدو لأول وهلة بريئا، يمكن قراءته من زاوية
السخرية، إذ في نفس الوقت الذي يمدح صفات الابتكار يضع ثلاث صور لرجل في
مواقف مختلفة : الأولى مع عائلته، والثانية لوحده في حالة استراحة،
والثالثة في قفزة رياضية. إن هذا التجديد التقني يعكر صفوه تمثلات ثقافية
تقليدية تتجلى منذ البداية في هيمنة الرجل على الصور وفي كلية وجوده في
المجتمع، خصوصا في المرافق التي لها علاقة بالأبناك. فإذا كان الإشهار،
كما توحي بذلك الصور، موجها بالأساس إلى الرجال، خصوصا رجال الأعمال، فإن
الجملة التالية تقوي من جو السخرية : Cest Vrai, nous les connaissons
bien Nos clients. وفي نفس الخطاب اللغوي هناك إشارة إلى ''actif'' وإلى
la gestion de leur entreprise" " وهذه الصفات لها في المجتمع جنس معين.
فرغم أن كلمة >نشيط< مرتبطة بالمال، فإنها، وبطريقة غير مباشرة،
توحي بعالم >الذكورة< الذي يتجلى في عالم الأعمال والصفقات.
أما في إشهار >مصرف المغرب< فالصورة واضحة : قوة بدنية تشع من يدي
رجل وضعهما فوق مكتب. وتظهر نفس الصورة وهي منعكسة على المكتب الزجاجي.
رغم أن الصورة معبرة عن نفسها، فهناك عنوان بارز المعالم يؤكد على الرجولة
الواثقة من نفسها وعلى صفة الأمانة : "Votre placement SICAV est entre de
bonnes mains" إن ادراك هذا الخطاب يتم في إطار ثقافي مؤسس على التضاد بين
الرجل والمرأة، وبالتالي فصفات انعدام وقلة الثقة هي مرتبطة بطريقة غير
مباشرة وإيحائية بالمرأة، فمن الممكن أن نتكلم عن الأيادي الجميلة (de
belles mains) بالنسبة للمرأة، ولكن صفة الأيادي التي لها علاقة بسلامة
المال وحسن تدبيره (de bonnes mains) لن تجد صداها في المخيلة الاجتماعية
والثقافية وفي الخطاب التفسيري. فهذا الإشهار يؤكد على صفة الثقة من خلال
ألفاظ (sécurité) و(en vous garantissant) ومن خلال إعادة العبارة التي
يراد ترسيخها في الذاكرة والمخيلة(Bonnes mains) .
في جل الإرساليات الإشهارية حول الأبناك ومؤسسات التأمين هناك إشارة واضحة
إلى>خبير< >خبراء< و>خبرة< l'expertise de nos gérants
Investissez dans la valeur la plus cotée de la bourse : celle de nos
experts (Notre) Banque réunit les experts les plus cotés du monde de
finances
إن ضمان الأموال والتجارة وتدفق الأرباح والاستثمارات لن يتم إلا من خلال
معرفة موثوق بها ومتخصصة. وكرمز لهذه المعرفة المالية والتقنية أليس هناك
من صورة أكثر تعبيرا من قائد أو ربان الباخرة. إن هذه الصورة هي التي
اختارت >تدبير الوفاء<، إن ما ترمز له الصورة يجد صدى له في إشهار
آخر في ثقافة أخرى، وبالضبط في مجلة Newsweek الأمريكية. فخطاب الإشهار
حول National Bank Republic يلح على أن هذا البنك قادر على الخروج بسلام
من الزوابع الأكثر عنفا : "capable of weathring the roughest storms" هذا
البنك بالذات اختار استراتيجية أخرى، رغم أنها في العمق لا تختلف عن
الاستراتيجيات السالفة الذكر، إذ يشير دائما في صور اشهاراته إلى رجال
أعمال أو تجار في حالة تصافح وحوار وتبادل آراء ومنتوجات. لكن خصوصية هذه
الصورة أنها مأخوذة، أو على الأصح تعطى الانطباع بأنها مأخوذة من وثائق
تاريخية قديمة. وهذا القدم والإرث الثقافي المتجذر في التاريخ هو الذي
تركز عليه في خطابها، إنه ليس بنكا حديثا فقط ولكن بنك حافظ على
استمراريته عبر التاريخ :
-Our Philosophy of bunking goes Back 4000 years وفي إشهار آخر لنفس البنك :

During the Renaissance, trusted advisors helped administer the finances
and protect the interests of private individuals... Today clients find
the same personal service at Republic National Bank
(في عصر النهضة كان مرشدون موثوق بهم يساعدون على تدبير المال والمحافظة
على مصالح الخواص... واليوم يجد الزبناء نفس المعاملة الشخصية في بنكنا]).

ولكن كدراسة نقدية لهذا الإشهار يمكن الانتباه إلى العلاقة التاريخية بين
الأبيسية والمعاملات التجارية والمبادلات المالية. وهذه كلها ممارسات
اعتبرت تاريخيا حسب الأعراف والعادات الثقافية أنها مرتبطة بالرجال
وبمفهوم >الذكورة<.
إن التعامل اللامتكافئ والتمييزي الذي يطبع الإشهار يتجلى كذلك في طرق
عرضه وتمريره لصورالساعات والخطابات المرافقة لها. يجب التنبيه هنا إلى أن
هذا الإشهار يوحي بهيمنة شركتين أساسيتين Rolex و Omega هذه الهيمنة التي
تعكس علاقة الإشهار بسيطرة رأس المال وبعض التمركزات التجارية في تسويق
المواد المادية والرمزية. إن قو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الاشهار والتمثلات الثقافية :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الاشهار والتمثلات الثقافية

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الأصالة الثقافية والهوية الوطني
» الاشهار والاستحمار
» الاشهار أو سلاح الاغراء الشامل
» الهوية الثقافية هل في خطر؟
» الملائكة الأنثروبولوجيون …والتضاريس الثقافية

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: