** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
إشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديد  I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 إشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هذا الكتاب
فريق العمـــــل *****
هذا الكتاب


عدد الرسائل : 1296

الموقع : لب الكلمة
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

إشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديد  Empty
15102012
مُساهمةإشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديد

إشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديدإشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديد  Bou3leba

د. محمد ولد بوعليبه بن الغراب

أستاذ الأدب المقارن


بأقسام الآداب بجامعة انواكشوط




إن اهتمامنا هنا بدراسة الخطاب النقدي العربي يرجع إلى قلة البحوث حول
هذا الموضوع سواء عندنا في المنطقة العربية أو في العالم الغربي فلقد ذكر
إيف شفرل سنة 1989 أن دراسة الخطاب النقدي عندهم قليلة التطور : «إن لدينا
[يقول شفرل] أعمالا حول تاريخ النقد - نذكر منها خاصة كتاب Wellek- History
of Modern Griticism والتى هي أعمال حول النقاد في أغلب الأحيان
(إديولوجياتهم، وطرائقهم) [...] وليست لدينا حتى الآن على ما يبدو أعمال
شاملة تتجاوز الحالات الفردية لتهتم بالخطاب النقدي نفسه، ببنيته، وخصائصه :
وليس كتاب نقد النقد[1] لتودورف 1984 إلا حكاية لمسيرة شخصية [...]
والسبب في نقص من هذا النوع عائد - لا محالة إلى تسليط الاتجاه في دراسة
الأدب على دراسة النقد، اتجاه طبع الدراسة الأدبية لفترة طويلة من الزمن :
ألا وهو أولوية الكاتب الكبير أو ببساطة الكاتب»[2].






أما عندنا فكانت البحوث في هذا المجال قليلة كذلك أو نادرة باستثناء
كتاب محمد برادة حول مندور محمد مندور وتنظير النقد العربي وكتاب نقد النقد
لنبيل سليمان وكتاب إدريس بلمليح الرؤية البيانية عند الجاحظ[3]. إلا أن
هذه الكتب لا تتناول المرحلة التي نبتغي البحث فيها، مع أنها أيضا متأثرة
بالاتجاه الذي يغلب البحث فيه حول المؤلف بدل النص وهي في ذلك متأثرة،
بالمدرسة الوضعية، وتاريخ الأدب عند الغربيين.



إن المرحلة التي تهمنا هي المرحلة التي بدأ التأثر فيها بتيارات أحدث
ألا وهي مرحلة الثمانينات والتسعينات، وهي المرحلة التي شهدت البلدان
العربية خلالها موجة من الترجمات عن النقد البنيوي خاصة. كما شهدت محاولات
عديدة لتوظيفه في ممارسة النقاد، وتوظيف غيره من مناهج النقد المتأثرة
بالعلوم الإنسانية.



لقد أنتجت هذه المرحلة اتجاها نقديا في دراسة الأدب، وهذا الاتجاه عرف
بالنقد الجديد وأحيانا الجديد جدا، كما عرف زميله في الغرب بهذا الاسم New
Criticism أو Nouvelle Critique [4]. ولا أحد اليوم يماري في أن هذا النقد
كخطاب يطرح إشكالا لمن يريد التعرف على ما يبتغى هذا الخطاب إجلاءه من
خصائص ومعاني موضوعه الذي هو الأدب.



فهو إشكال متصل بالأساس بمستوى إبانة هذا الخطاب عن فحواه فهو إذا مشكل
معني، ولهذا فقد قمنا بالبحث بغية فهم أسباب هذا الإشكال.لا أحد يناقش
مسلمة مفادها أن النقد البنيوي مأخوذ عن الغرب، وشهادات النقاد العرب،
وإحالاتهم إلى هذا الأخذ موجودة، وهذا الأخذ عن الغرب في مجال النقد أصبح
يشكل تقليدا معتبرا، فقبل مطلع الثمانينات ومند العشرينات من القرن الماضي
اتجهت أنظار النقاد العرب إلى الغرب وخاصة فى مصر وتأثر النقاد العرب
بلانسون Lanson . وبرونتيير Brunetiere ، سينت بيفS.Beuve ., WordsWorth
ووردزورث وغيرهم.



والتأثر بهؤلاء معروف[5]. أما التأثر بالمناهج الجديدة فقد حصل هو
الآخر يقول ابراهيم الخطيب عن نقاد المغرب : "لقد تأثرنا في بداية تكويننا
النقدي بنقاد المشرق [...] وبتأثير الجامعة بوجه خاص حصل تحول عام في
الكتابة النقدية في المغرب حيث تأثرنا بالمناهج النقدية السائدة في فرنسا
بخاصة"[6].



وقد كان هذا التأثر بدافع الحداثة، ولن تتحقق تلك الحداثة في نظر النقاد
العرب إلا باستحداث أنظمة مفهومية، يقول عبد السلام المسدي :



"إن النقد لا يتجدد إلا إذا جدد نظامه ألمفهومي أو قل إنه لا يتحول إلى
حداثة نقدية إلا عندما يستحدث جهازا معرفيا يباشر به النص الأدبي كما لم
يباشره به السابقون"[7].



إن هذا الانفتاح من جديد على الغرب هو الذي أسهم في تشكل الخطاب النقدي
البنيوي العربي الجديد. وعلينا أن نبحث في المرجعية التي أسست الخطاب
النقدي الغربي.

1 - تشكل الخطاب النقدي البنيوي، ومرجعيته

ما حدث هو أنه في أوروبا قامت محاولات عديدة خلال القرن التاسع عشر
لإدخال مناهج العلوم الحقة في دراسة الأدب وقد تمثل ذلك فى محاولات الوضعية
التي تجلت من خلال المنهج الطبيعي فى دراسة الأدب المعروف عند سنت بيف
Beuve وأضرابه، وتعتبر تلك الخطوة هي أولى المحاولات لإدخال المعايير اللا
أدبية في دراسة الأدب. لكن القرن العشرين مع إعلانه طلاقا مع هذه المناهج
خلال الخمسينات عاد من جديد ليستخدم المناهج اللا أدبية فى قياس الأدب، لقد
أحس الناقد خلال الخمسينات بنوع من التخلف إزاء قرائنه من محللين نفسيين
واجتماعيين وألسنيين كما أحس أن موضوع عمله الذي هو الأدب (النص الأدبي)
ربما كان مجالا حيويا لتجريب بعض افتراضاته، افتراضات اقتبسها من الألسنية
خاصة وبعض العلوم الحقة. وعاد الموقف العملي scientisme من جديد كمنهج
يتقدم معظم المناهج فى دراسة الأدب. وتختلف المقاربة العملية خلال القرن
التاسع عشر عن مقاربة القرن العشرين باختلاف المنطلقات النظرية لكل منهما،
فبدلا من أن كان الإنسان هو الذي يقول العالم بواسطة اللغة أصبحت اللغة
هي التي تقول العالم لتوصف فى استقلالها عن منتجها (Sujet) ونجم عن هذه
الرؤية علم لغوي جديد يدعى الألسنية.

وخلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي تشكل تيار باسم التحديث
والطبيعة العلمية scientificité ويضم هذا التيار انتروبولوجيا كلود لفي
ستراوس Strauss وعلم نفس لاكانLacan، وإبستمولوجيا فوكو Foucault، وشعرية
أو بنيوية Barthes بارت. وبدافع التحديث راحوا يسخدمون الألسنية فى
مقارباتهم.



وذهب بعض الألسنيين إلى القول إن هؤلاء شوهوا الألسنية ومنهم B.
Malmberg و G. Mounin وغيرهم. وجرج مونان يقول : "يجب أن تكون لدينا الجرأة
لنقول إن هذه الموضة، وهذا الإدعاء يشكلان عدم حظ الألسنية الثالث فى
فرنسا [...] لقد اكتفت وسائل الإعلام فى مجال الألسنية بهذه المعلومات
الصحفية المأخوذة عن الفلاسفة [... ] إن استخدام المصطلحات الألسنية من طرف
مجموعات تدعى معرفتها كان استخداما مشكوكا فيه وفى أحيان كثيرة يكون
خاطئا"[8].



ويمضي جورج مونان فى تحذيره دارس الألسنية قائلا:



"يجب أن نبدأ - وياللمفارقة - عند تعلمنا لهذا الحقل باللائحة السوداء
للذين لا تجب قراءتهم عند البداية إذ لا تجب قراءة لفي ستراوس C.L.Strauss
لأن استخدامه للفونولوجياPhonologie يستند إلى استعمال تقريبي لها رغم
القوة والنشاط الذي استخدمت به فى مجال الانتروبولوجيا"[9].



ويمضى قائلا "إن لفي ستراوس فى إحدى أطروحاته الأساسية هو الذي يقول إن
الفونولوجيا Phonologie تدرس الظواهر الألسنية الواعية منتقلة إلى بنيتها
الفوقية اللاواعية. [....]".[10]



ويتناول مونان معظم مستخدمي الألسنية لاكان Lacan، و فوكو Foucault و
بارت Barthes فى مجال النقد الأدبي مظهرا الأخطاء التي وقعوا فيها، فمثلا
بارت قد استخدم مصطلحات لا تدل إلا على ضدها في كتابه مبادئ علم الأدلة
Eléments de Sémiologie حيث يقول : ج III2-1 "الأكيد أن المركب قريب جدا
من الكلام"[11] وقد عكس المعنى تماما.



ونراه في موضع آخر وفى كتابه مقدمة السميولوجيا Intoduction à la
Sémiologie يظهر بعض الأخطاء الألسنية التي وقع فيها بارت في كتابه مبادئ
في علم الأدلة الآنف الذكر، وفى كتابه الآخر Mythologies من مثل مصطلحات
كالدلالة الحافة connotation الذي أخذه عن Hjelmslev/. هذه المصطلحات هي
التي أوقعت Barthes في الضياع، ويقول مونان بصراحة: "إن بارت لم يفهم
مصطلحات نظرية سوسير فى العلامة ولا يعرف استخدام الوسائل المصطلحية التي
يلجأ إلى استخدامها".



وقد درس مونان كتاب بارت S./Z. وأظهر أن استخدامه لمفهومات
communication إيصال و système نظام، signe علامة و symbole إشارة غير مرض
وغير مقنع».[12]



وقد أكد توما بافلPavel فى كتابه السراب البنيوي ما ذهب إليه مونان،
وتوقف عند مصطلحات كالدلالة الاصطلاحية dénotation والدلالة الحافة
connotation مظهرا سوء استخدامها عند بارت Barthes وجماعة Tel Quel. فلقد
كان هؤلاء يضاربون بهذه المصطلحات موظفين إياها لصالح الايديولوجيا وقد
سخر بافل Pavel من بارت قائلا : "إن وراء الموضوعات العلمية يمكن نفيها
الساخر، ويظهر ذلك من خلال معالجة بارت لنص S /Z سنة 1970".[13]



إن محاولة تأسيس نقد أدبي بنيوي قد لاقت نجاحات كبيرة رغم المآخذ التي
أخذت على هذا الاتجاه والتي تمس هذا النقد في الصميم أي الأسس العلمية
التي أنبنى عليها، لكن هذه الأسس تبدو واهية وغير صحيحة فى نظر الكثيرين
ممن درسوا المنطلقات العلمية والفكرية لهذه الحركة، كما رأينا، وقد انتبه
إلى هذا الخلل نقاد كثر ممن حاولوا تقصي هذا التيار منذ نشأته لننظر مثلا
التناقض المتمثل في الأوصاف المتعارضة التي يصف بها كولار Culler هذا
الاتجاه في كتابه، فهو يقول : "علم ولا منطق جمود أو دينامكية ، تهدم للنقد
أو تضخمه - إن إمكانية تلك التهم المتناقضة توحي لنا بالخصوصية الأساسية
للبنيوية كقوة خفية راديكالية غير محددة".[14]



وتزايدت الانتقادات والقراءات لهذا المنعطف. ففي الثمانينات ظهرت دراسات
من مثل كتاب BRIVERESSE (بريفرس) Le philosophe chez les autophages 1984.
وكتابهRationnalité et Cynisme, 1984 وكتاب A.COMPAGNON المعنون : La
troisième république des lettres, 1983 ، وكتاب تودوروف الآنف الذكر
Critique de la Critique, 1984.



وهذه الكتب ركزت على المنطلقات الفكرية للحركة، وعلى التصالحات التعسفية
التي أقامها رواد التيار البنيوي بين إديولوجيتهم، والاتجاهات الفلسفية
والعلمية الأخرى.



وحسب Pavel الآنف الذكر فقد حاولت إحدى هذه الحركات - بعدما أعلنت قطيعة
مع الفيلولوجيا، والدراسات التاريخية والنقد الجمالي، والانطباعي -
الاستناد على النحو التقليدي وحـــــتى على الحدس إذا دعت الحاجة إليه، وقد
تجلى ذلك في دراسات زمتور P. ZIMTOR و RICHARD و GENETTE G. وغيرهم.



ويظهر من خلال الحوار الذي أجرته مجلة Débat فى عددها 29 من سنة 1984
بين GENETTE وFUMAROLI أن المسافة بين شعرية GENETTE وتاريخ الأدب قليلة.
ففيمارولي FUMAROLI يرغب في الرجوع إلى تاريخ الأدب، وجنت يرى أن هذا
التاريخ يكمل إلى حد ما نظرية الأدب التي صاغتها الشعرية فهو يقول :«لا
يوجد هناك تناقض فى ذهني بين الشعرية Poétique والتاريخ» يعني تاريخ الأدب،
ص 152 من Débat رقم29.



وقد كانت نواقص النموذج الألسني الذي اعتمده البنيويون مدعاة لجماعات
أخرى للبحث عن حلول خاصة يستدركون بها تلك النواقص من أمثال بارت، لاكان،
شتراوس، كريماسGREIMAS بدلا من التساؤل حول مقدرة هذه الحلول الحقيقية.
وأظهرت دراسات جديدة جدا الخدع التي قام بها بعض أعلام هذا التيار في
استخدامهم لمصطلحات علمية لا يعرفون دلالتها الحقيقية، ككريستيفا، ولاكان،
وغيرهم، ونشير إلى الكتاب الذي أحدث ضجة فى نهاية سنة 1997 ألا وهو كتاب
الخدع الثقافية[15] لكاتبيه ALAIN SOKAL ، آلان سوكال،وJEAN BRICMONT، جانه
بريكمون.



واتجهت جماعات أخرى تضارب بمصطلحات الألسنية كألتوسير، وبارت، وفوكو،
ودريدا، مستعيرين مفاهيمها لصالح الماركسية تمثل ذلك فى مواقف Change, Tel
Quel وذلك خلال الستينات، ظانين أنهم وجدوا طرائق ناجعة لاعتناق
الماركسية، ففوجئوا بالتعارض التام بين البنيوية الألسنية والماركسية، وقد
بين L. Sève ذلك فى كتابه القيم Structuralisme et Dialéctique البنيوية
والديالكتيك 1984. إذ يقول :



"لقد بدت البنيوية فى منتصف الستينات لمجموعة من المثقفين على أنها
الطريقة الجديدة والصحيحة لاعتناق الماركسية الأصيلة وذلك تحت ريادة مطمئنة
لجامعيين وعلماء معروفين [... ] ومن الغريب أخذهم لشيء يظنوه تطورا علميا
حديثا للماركسية وهو يتناقض جذريا معها ألا وهو البنيوية التي تطمح إلى
التأصل كإديولوجيا مسيطرة وفى الوقت نفسه تعلن نهاية الإديولوجيا".[16]



2 - حول إشكالية ترجمة الخطاب النقدي الغربي إلى القارئ العربي

لقد أشرنا أعلاه إلى بعض الدوافع التي أدت بالناقد العربي إلى البحث عن
تجديد وسائله النقدية، ومن بين تلك الدوافع هاجس الحداثة، والدافع إلى
الحداثة هو إحساس الناقد العربي بتخلف عدته النقدية. إن أهم التيارات
وأكثرها رواجا في الوطن العربي هو البنيوية، مع أن بقية التيارات قد دخلت
كذلك كعلم النفس وتطوراته، والمنهج الاجتماعي بمدارسه، وقد دخلت كلها عن
طريق الترجمة. ولعل من أهم النقاط فى هذا الإشكال الذي طرحناه هو إشكالية
الترجمة.



إن هاجس الناقد العربي المترجم من كل ترجمة يقوم بها هو أمله فى أن تعود
هذه الترجمة بالفائدة المطلوبة لمن يترجم لهم، وقد كانت ترجمة النقاد
الفلاسفة الذين أشرنا إليهم في القسم المتعلق "بتشكل خطابهم النقدي
ومرجعيته " الحظ الأوفر فى النصوص التي ترجمت إلى العربية، وأسهمت في تشكل
خطابنا النقدي الجديد، فكثيرا ما ترجمت هذه النصوص لغاية تحديثه، ولم يفكر
الناقد المترجم عندنا في المشكلات الفكرية والثقافية لهذه النصوص عند
دخولها إلى حقله الثقافي، وقد نبه ايف شفرل بقوله :



«في الواقع إن هذا النص [يعني المترجم] مطبوع بانتمائه لنظام ثقافي آخر
ولكنه على أية حال من الواجب أن يعين حتما على أنه مترجم عن [...] وهذه
الإشارة عليها أن تعمل كإنذار وتحذير للقارئ أمام ما سيقرؤه وخاصة أن هذا
النص الذي تراد قراءته يحيل إلى عناصر من ثقافة أجنبية أي إلى مجموعة من
التصورات الذهنية وإلى سلوك مرتبط بها، إن كل شيء ، داخل النص المترجم قد
يكون فخا أي عنصر - وحتى البسيط - يمكن أن يفهم فهما مغلوطا بالنسبة
للثقافة التي أنتجته وأعطته معنى»[17].



إن الأغلاط المصطلحية والفكرية التي وقع فيها بعض النقاد الذين نترجم
عنهم لابد أن توقع في الخطأ من يترجمهم ومن يُترجَمُ إليهم وحتى أولئك
الذين يؤسسون خطابا نقديا على المفاهيم التي أسست نقد النقاد الفلاسفة في
الغرب.



إن المصطلحات قد ترجمت بفوضوية شديدة ولم تراع ترجمتها في كثير من
الأحيان أبسط القواعد كالمعرفة بالحقل الذي يترجم عنه، والمساحة التي
تغطيها المصطلحات في لغة معينة ليست هي نفسها نفس المساحات في اللغة التي
يترجم إليها، ناهيك عن عدم معرفة المترجم في كثير من الأحيان باللغة التي
يترجم عنها. فعدم معرفة الحقل مثلا هي التي أدت بمحمد برادة إلى إعادة
ترجمة كتاب بارت Le Degré zéro de l’écriture عام 1980 بعد أن ترجمه نعيم
الحمصي قبل عشرة أعوام سنة 1970 تحت عنوان الكتابة فى الدرجة الصفر .



لقد سهل على المترجمين نقل فكر ونقد القرن التاسع عشر وذلك لعدم إغراقه
في التجريد، ولكن النقد الجديد مضى ينحت مصطلحاته من الألسنية، وهذه
المصطلحات لا يمكن ضبط معانيها في مجال النقد لأن التشويه الذي جرى عليها،
والاجتهاد الشخصي للنقاد المستفيدين منها - لإعطاء المصطلح معان أخرى بدافع
التميز والريادة - كل ذلك أدى إلى عجز المعاجم المختصة في علوم الألسنية
بفروعها عن الإحاطة بكل دلالات المصطلح، وحتى إلى تركه لمن يحلم باجتهاد
جديد. فمعجم كريماس Greimas وكورتس Courtes في السميوطيقية أو علم العلامات
الذي ظهر الجزء الأول منه سنة 1979، ذكر مؤلفاه النواقص في تعريف
المصطلحات متذرعين بأن حقل علوم اللغة لازال يتطور، ولهذا فإنهما أقتصرا
على المصطلحات المستعملة، وتركا المجال مفتوحا للمعلومات التي ستضيفها
النجاحات اللاحقة في مجال البحث حول المصطلحات التي لا تزال تطرح إشكالا.
وليس الجزء الثاني من هذا المعجم الذي ظهر عام 1986 إلا محاولة يائسة
لتكملة ذلك النقص. ونظرة في هذا المعجم، يظهر لك العجز عن القبض على كل
معان المصطلحات فكلمة التناص Intertextualité فى المعجم[18] أطلت بها
اكريستيفا عام 1966 دون أن تشير إلى باختين مكتشف المصطلح منذ عام 1929.
ولم يشر صاحبا المعجم إلى ذلك، نعني عدم ذكر المراجع عند رائدة هذا المصطلح
في فرنسا ولم تكن الغاية من الإطلالة بهذا المصطلح عندها إلا إنجاح مصطلح
آخر لباختين ألا وهو idiologème ومنذ أن دخل مصطلح التناص حقل الدراسات
الأدبية وهو يتلون بتلون هذه الدراسات فهو يعني الحوارية dialogisme عند
باختين وقد سمح لكرسيتفا وجماعة تل كل Tel, Quel بقتل المؤلف كما دخل
المصطلح إلى البنيوية التكوينية، ثم نظرية الإستقبال، ناهيك عما أخذه هذا
المصطلح عند إدخال ريفاتير Riffaterre له فى الولايات المتحدة من أبعاد
معنوية أخرى.



ففى مادة intertextualité من الجزء الأول ص: 194 مر اكريماس وكورتس
مرورا عابرا من خلال عمود ونصف على هذا المصطلح رغم مرور ثلاثة عشر سنة
ونصف على وجوده فى فرنسا، وعلى مضي سنة على صدور الكتاب الذي نظر للتناص
ألا وهو Marxisme et Philosophie du language ، ''الماركسية وفلسفة اللغة''
فقد ترجم هذا الكتاب سنة 1978 إلى الفرنسية عن الروسية. وقد اختتما مادة
التناص بأنها مجال خصب للدراسات في مجال الأدب المقارن إذا اتجهت هذه
الأخيرة إلى المقاربات النصية.

ولن تزيد الصفحتان والعمود (ص 119 إلى 122) في الجزء الثاني من المعجم
المصطلح إلا غموضا. ويبدو واضحا عدم التحكم في معرفة كل استخدامات هذا
المصطلح الذي دخل العالمية من باب واسع من جراء عدم الاستقرار في حقل واحد
من حقول المعرفة. إن عدم الإحاطة بكل استخدامات المصطلح يجعل المترجم في
مأزق. ثم إن كثيرا من مصطلحات الألسنية التي استخدمت في فترة إزهار
البنيوية لم تكن إلا لتثير بلبلة وتضاربا في الاجتهادات حولها، فكيف إذا
ترجمت إلي اللغة العربية فمصطلح littérarité الذي ترجم عندنا بالأدبية وكان
تودوروف قد ترجمه عن الروسية، والشكلانيون الروس هم الذين أعطوه التعريف
الذي أصبح متداولا والذي هو : «أن الأدبية هي ما يجعل من أدب ما أدبا». وقد
حاول تودوروف من خلال كتابه الشعرية[19] 1968 البحث عن هذه الأدبية من
خلال البنيوية الشعرية.

لكن دراسة الأشكال الأدبية بهذا الشكل لا تكفي لتمييز الخطاب الأدبي عن
الخطابات اللا أدبية، ويظهر من خلال الكتاب الذي كتبه مارجسكو MARGHESCOU
مصطلح الأدبية أن ارتباط الأدبية بالأدب يتحدد بوجود ثوابت معينة تتمثل فى
الأدبية، ومن شأن هذه أن تبرر وجود مجموعة ثابتة تتمتع بخصائص هي الأدب.
فهو يقول : «خصائص الأدب لا يمكن إيجادها إلا على مستوى نظام أدبي، وهذا
النظام الأدبي يختلف عن النظام الألسني والمعنوي، وهذا النظام الأدبي هو
الذي يمكن تسميته بالأدبية»[20] وهو يذهب فى ذلك مذهب كوهن COHEN الذي يرتب
كلمات خبر لحادث سير نشر في جريدة، بشكل يجعل الكلمات تخرج من نثريتها
لتستيقظ من رتابة تلك النثرية باتجاه شعريتها.



لقد اكتفى واصفو الأدب عندنا بذلك التعريف للأدبية واقعين في الخطأ الذي
وقع فيه كثير من البنيويين في محاولاتهم لتحديد ما يدل عليه وحتى الوسائل
الناجعة لاستخراجه وتحديد سماته وقد ذكر تودوروف وديكرو في معجمهما،[21]
أنهما «لجآ في كثير من الأحيان كما هو الحال في هذا النوع من التآليف إلى
أخذ موقف شخصي حين كانا يقدمان من هنا وهناك بحوثا أصيلة مدركين نواقصها
وعدم اكتمالها»،[22] وقد ركزا في دراستهما لمواضيع المعجم على الأوجه
الدلالية Sémantique، وهما يدركان أن التركيز على هذا الجانب من شأنه أن
يستر بعض الجوانب الأخرى.



إن المتصفح لهذه المصطلحات الواردة في هذه المعاجم يدرك في كثير من
الأحيان عدم قدرة هذه المعاجم عن إيفاء القارئ بما يقنعه، فكيف بها إذا
ترجمت إلى اللغة العربية؟.



إن قيام دراسات حول الترجمة لهو في نظرنا من أهم ما يمكن عمله في هذه
المرحلة من تاريخ نهضة العرب الأدبية والمحاولات في هذا المجال قليلة، وقد
تسمح بحوث من هذا النوع بردع بعض المترجمين من غير المتمكنين، والذين
يشوشون على القارئ العربي ويحرمونه حسب تعبير - عبد النبي ذاكر - من فرصة
اللقاء مع فكر مغاير. ونذكر هنا بتلك المقارنة التي أعدها ذاكر لترجمتين
عربيتين لكتاب JEAN.COHEN لكوهن Structure du language poétique تحت إشراف
الدكتور سعيد علوش.[23]



وتظهر هذه المقارنة بين ترجمتين عربيتين لنفس الكتاب مدى التعسف في
ترجمة المصطلح وبخاصة ترجمة أحمد درويــــش، ولم تثن تلك الملاحظات القيمة
احمد درويش عن المضي في ترجمة كتاب آخر لنفس المؤلف ألا وهو[24] : Le Haut
language théorie de la Poéticité. سنة 1995.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

إشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديد :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

إشكالية المعنى في الخطاب النقدي العربي الجديد

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» نقد الاستشراق بدل نقد التراث في الخطاب النقدي العربي
» انتقال مفهوم التناص إلى الخطاب النقدي المغربي الحديث
» الصورة الروائية في الخطاب النقدي
» آدم شاف : إشكالية لسانيات الفلسفة في الخطاب المادي
» آدم شاف : إشكالية لسانيات الفلسفة في الخطاب المادي

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: