فيثاغوراس
(582–500 ق م) والفيثاغوريون
حكيم ورياضي إغريقي، ولد في
جزيرة ساموس (قرب شواطئ آسيا الصغرى)، وجال في
منطقة شرق المتوسط، مقيمًا، على ما يُشاع، في
مصر ردحًا من الزمن، ثم هاجر إلى كروتونا (جنوب
إيطاليا)، حيث أسَّس تنظيمًا ذا طابع باطني
مُسارَري.
يُعتبَر فيثاغوراس، من حيث
الجوهر، فيلسوف النفس – الخالدة وذات الجوهر
الإلهي – التي خُلِقَتْ كماهية حقيقية،
متمايزةً بذلك تمامًا عن الجسد الفاني الذي
يحتضنها، ومتقمِّصةً، على التوالي، سلسلة من
الأجساد، مكفِّرةً بذلك عن ذنوبها السابقة.
لذا فعنده أن ممارسة الفضيلة، التي يمكن
اعتبارها عملية تطهير، تحرِّر النفس من "دورة
الولادات" المتتالية (راجع الباب الأول من
كتاب أفلاطون فيذون).
يعتقد فيثاغوراس أنه لا يمكن فصل
الفضيلة عن العلم، الذي أسماه – للمرة الأولى
في التاريخ – فلسفة (كلمة تعني "محبة
الحكمة")، باعتباره تلك المعرفة التي تتحقق
من خلال التعرُّف إلى التناغم الذي يحكم
الكون؛ وهو تناغم يجد تعبيره الأكمل فيما
عرَّف به فيثاغوراس بوصفه العدد،
الذي يفسِّر، في نظره، النظام المتمثِّل
بحركة النجوم والكواكب؛ لذلك بوسعنا أن نقول
إن فيثاغوراس هو الذي أوجد بحق علم العدد. كما
أنه هو واضع تلك النظرية التي باتت تُعرَف
باسمه ("مربع وتر المثلث القائم يساوي
مجموع مربَّعي ضلعيه القائمين"). كما اكتشف
أيضًا السلَّم الموسيقي، وجدول الضرب،
والنظام العشري، وجعل من الحساب علمًا
نظريًّا. أما فيما يتعلق بعالم ما تحت القمر،
الذي هو "عالم الكون والفساد"، عالم
الأشياء الفانية، والخاضعة جزئيًّا للفوضى،
فهو عالم يتناقض، على ما يبدو، مع التناغم
العددي، ويتضمن قسطًا من اللامنطق، وذلك على
الرغم من احتوائه تلك الروح الدائمة الحركة،
التي تبقى مشعة بنارها الخالدة.
لقد كانت الفيثاغورية بحق
المحاولة الفلسفية الأولى للدخول إلى عالم
النفس، ولتجاوز المحسوس. وقد أعيد إحياؤها
فيما بعد، ليس فقط عبر فلسفة أفلاطون،
وإنما أيضًا عبر جميع أولئك الذين – كديكارت،
مثلاً - حاولوا اكتشاف التناغم بين الكون
وقوانين العدد الرياضي.
ملاحظة
أولى:
تم تعريب هذا النص عن قاموس ناثان الفلسفي،
تأليف جيرار دوروزوي وأندريه روسيل.
تعريب:
أكرم أنطاكي
مراجعة:
ديمتري أفييرينوس
ملاحظة
ثانية:
للتوسع في الموضوع نفسه، راجع دراسة أكرم
أنطاكي أبيات
فيثاغوراس الذهبية، معابر،
الإصدار الثاني، باب "منقولات روحية":