بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1537
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | التفكيكية وضدها في قراءة (هنقلا) لمرايا الصوت:ماليليا بخيت | |
|
|
التفكيكية وضدها في قراءة (هنقلا) لمرايا الصوت:ماليليا بخيت | تابعت باهتمام الإحتفاء الكبير من الوسط الثقافي والإعلامي العربي بكتاب "مرايا الصوت .. أنطولوجيا الأدب الإريتري " للزميل محمود ابو بكر، والذي مثل "سابقة" من حيث التعاطي العربي مع الإصدارات الإريترية.. سواء على المستوى الإعلامي او النقدي .
وهو مؤشر مهم لا ينبغي تجاوزه سيما وأن العمل يتعلق بـ "انطولوجيا " تؤرخ للأدب الإريتري المكتوب بلغة الضاد ، أي انه يحتضن نصوص إريترية مختلفة ومتباينة .
وقبل العودة الى المقال المشار اليه في العنوان ، اي " قراءة تفكيكية لخطاب مرايا الصوت " الذي كتبه الاستاذ /اسماعيل هنقلا ، علينا التأكيد على أن النقد هو عمل معرفي و إبداعي واعي ، وموازي "للنص" ، وبالتالي فإن أهميته لا تنتج عن كونه قراءة " للأعمال الأدبية والفنون وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها والكشف عما فيها من جوانب القوة والضعف والجمال والقبح" فحسب ، بل لأنه يمثل " حالة وعي عالي" لإمتلاكه وسائل وآليات معرفية وجمالية تؤهله للنظر الى العمل الفني والإبداعي "بالعين الثالثة" وهو ما يدفع الأكاديميين الى التعاطي معه كمنتج أدبي وفني مستقل .
وبالعودة الى "مقال هنقلا " المنشور بالمواقع الشبكية الإريترية ، سنكتشف أن المعني يبتعد هنا كثيرا لاسباب كثيرة سنحاول التصدي لها من خلال العودة لنص المقال من جهة ومضمون الأنطولوجيا من الجهة الأخرى .
سيما وأنني من الذين رافقوا إرهاصات التجربة منذ أن كانت مجرد "مشروع" حين تم طرحه على موقع أيلول الثقافي ، في محاولة لتجاوز الظاهرة الصوتية نحو الإنتاج الحقيقي .
والواقع أن اول ما يلفت نظر القارئ لمقال "هنقلا" هو العنوان البارز والمنمق والذي يبدو فيه تعمد صك مصطلح كبير لإستجداء اهتمام القارئ او لزوم الحشو و"اللوك" (خاصة وان المصطلح ذاته جاء ملتبساً بخطأ املائي !! ).
نحن إذاً أمام قراءة "تفكيكية"!! والأجر على الله ..يقول الدكتور علي جواد الطاهر، في كتابه" اساتذتي ومقالات أخرى" (بغداد - 1987) صفحة 299) التالي : " أكثر ما نعبث بالمصطلحات الغربية نتلقفها ركضا ونستعملها تنطعاً ونحشرها جهلاً ...حتى لا يعود القارئ- طالب الحقيقة- يتبين طريقه " .
ويبدو أن التطبيق الحرفي لعبارة "علي جواد "نكتشفه لدي الأخ " هنقلا " ، سيما وأننا خرجنا من "مقالته" تلك ، دون أن نتعثر لا بقراءة تفكيكية ولا سردية ولا بنيوية ولا يحزنون ، فعدا التعريف البسيط الذي تخيله "زميلنا" انه يرضي غرور العنوان ، لم نلحظ في قراءته تطبيقا لما بشر به ، "جاك دريدا" عندما نظَر لهذا الاتجاه النقدي القائم على نقد الفكر البنيوي ، والمعتمد أساسا على "دراسة النص دراسة تقليدية اولاً لاثبات معانيه الصريحة ثم السعى الى تفكيك ما تصل اليه من نتائج في قراءة معاكسه تعتمد على ما ينطوي عليه النص من معان" ، وليس بالتأكيد –كما فعل صاحبنا- القفز الى نتائج مسبقة واللجوء الى أساليب المحاكمة السياسية ، والسباحة خارج محيط النص ، يقول "منظر المدرسة دريدا (لا وجود لشيء خارج النص. فالتفكيكية تعمل من داخل النص) (1)
وقبل أن نتجاوز العنوان نتوقف لدى تعريف الدكتور عبد الوهاب المسيري " التفكيك اداة تحليلية لا تحمل أي مضمون آيديولوجي. ولكن يمكن ان يتم التفكيك في أطار إنموذج الطبيعة / المادة والواحدية المادية بحيث يرد، كل شيء الى ما هو دونه حتى نصل الى الاساس المادي"(2).
بُعيد العنوان يأتي "الإهداء" البارز مشحونا بالأيدلوجية (التفكيكية طبعا) "ديكتاتورية السياسة ..وديكتاتورية الأنطولوجيا " فيما أن القارئ لن يذهب بعيدا حتى يكتشف "هنقلا " وهو يصدر تحذيراته للكاتب بالقول " أن هذا النوع من الوعي يقود العمل الى خانة الأيديولوجيه ,بدلا من خانة المعرفة"!!!
والواقع أن هذا الفهم لا ينتج إلا عن قصور في إدراك معنى "الأنطولوجيا نفسها"، أولاً ، وبالطبع بجانب توفر عوامل اخرى يمكن العودة اليها .
فهناك من يتصور أن " ألأنطولوجيا ينبغي أن تبدو بمثابة المجموعة الكاملة لكل ما كتب في الأدب الإريتري " !! ذلك بالرغم من أن الزميل "محمود" قد تعمد إضافة عنوان جانبي هو : " مختارات من الأدب الارتري " ربما إدراكا منه لهذا الإلتباس القائم حتى لدي " التفكيكيين " من ابناء جلدتنا . الذين ينصبون المشانق (باسم النقد )لأن الإصدار لم يكن كاملا شاملا لكل ما كتب بلغة الضاد في ارتريا ، وهو نقاش مشابه لذلك الذي أثارته انطولوجيا الشعر اليمني "خيال يبلل اليابسة" (مع فارق المستوى في الطرح والتفكيك ) والذي دفع أحد النقاد والشعراء اليمنيين للمصارحة بالقول " لعل بعض الزملاء بحاجة لمن يشرح لهم الفرق بين الانطولوجيا وبين الموسوعة الشعرية، فالأخيرة تقوم على الجمع والإحصاء، ومن الخطأ أن تتجاهل الموسوعة إدراج أسماء ظهرت في الحقبة الزمنية التي تؤرخ لها، أما الانطولوجيا فليست معنية بإحصاء كل الأسماء، بقدر ما هي معنية بالانتخاب والاختيار الذي تختلف معاييره من شخص لآخر، ناهيك عن التزامها بإطار زمني وفني محدد " (3).
بل أن الشاعر والناقد الفرنسي الشهير جان بيير سيميون الذي اصدر مؤخرا “انطولوجيا للشعر الفرنسي الحديث" تحت عنوان " a poemes ouverts" اي "فتحت القصائد" ، اختزل رده على عدم ورود بعض الأسماء الشعرية الفرنسية المشهورة في إصداره بالقول (متى كان الشعر يتوقف عند محاولة معينة أو عند اسم معين. فالشعر بالتأكيد هو أكبرمن ذلك بكثير !!).. ويقول اسنكدر حبش تعليقا على ذلك في موقع "جهة الشعر " (هذه جملة قد تختصر مفهوم الأنطولوجيا بأسره)!
هكذا يمارس المشهد الثقافي نقاشه الأدبي لديهم ،فيما أن أبطالنا لا يجيدون سوى " فنون التخوين والتجهيل والوعي القائد نحو الايدولوجية " !
وما عدا ذلك من جهد يصرف لتركيز النقاش حول أرقام الصفحات ليس أكثر ، وكيف أن الترتيب أتى بزيد قبل عبيد في " ترقيم الصفحات" !!! فهل هذا فعلا ما أشار اليه رولان بارط في عبارته تلك ؟ وهل هذا كل ما يهمنا في الأدب ؟
بل أن الأدهي أن "رفيقنا" قد أصدر حكمه النهائي " : ان مرايا الصوت كانت تعاني من ارتباك منهجي(!!)لانها لم توضح معيار الأختيار للنصوص ,وكذلك الكيفيه التي رتبت بها الأسماء" .. الله أكبر ..أرتباك منهجي ..ثم ان الكاتب لم يقل "للاستاذ "طبعا ، كيف ولماذا أختار تلك النصوص والأسماء !!
والواقع أنني عدت مؤخرا الى السلسلة الجديدة “point poesie” التي اصدرتها دار " لوسوي" الفرنسية الشهيرة والتي تضم أكثر من 18 انطولوجيات عالمية ، فلم أجد احدا من كاتبيها يضع للقارئ (ولبعض مدعي النقد) قائمة تحدد معايير ومواصفات اختياره للنصوص والأسماء ..ذلك لأن مفهوم الانطولوجيا في حد ذاته يتناقض مع هكذا طرح احصائي !
وبالتأكيد غياب هذا المفهوم "المبدئي البسيط" هو الذي قاد صاحبنا الى سلسلة النتائج والأحكام التي اصدرها بيسر .
اتمنى أن لا يعود ليتهم كل من جان بيير سيميون –وبالمرة دار لوسوي الفرنسية – " بالإرتباك المنهجي "!! والديكتاتورية الانطولوجية لعدم "اختيارهم لزيد دون عبيد " .!
لكن دعني عزيزي القارئ أطرح السؤال بطريقة ثانية، لماذا كل هذا الهجوم "غير المبرر وغير الممنهج وغير المعرفي " على "مرايا الصوت " وصاحبها ، هل فقط لمجرد عدم ورود نصوص محمد الحاج موسى ، وادريس ابعري فعلا ؟
الأمر قد يبدو كذلك عندما يصدر من أي مهتم بالأدب يكتب حرصا على حضور تلك الأسماء ، عدا أن يتعلق الأمر بـ "هنقلا" الذي صاغ الينا "نظريته "قبل نقده بالقول :" لأن في الأصل اي خطاب ليس بريئا مهما أعلن أمام الآخر براءته ,بشكل صريح او ضمني"(!!).
هنا تنكشف طريقة تفكير وتنظير "الزميل هنقلا" فمهما تحجج بقميص "الحاج" او تدثر بأسوار "أبعري" (فك الله أسره) فإن ورقة التوت تسقط في كل عبارة من عباراته لتكشف المستور .. يقول بروح عالية من التواضع " الى جانب الحوار الهادف مع اهل الشأن في هذا المضوع, لساعده هذا للوقوف على ارضية ثابته ومعززة بالتراكم العرفي " / وفي موضع آخر " وهذا واضح للعيان ومتضمن في المدة الزمنية لتي أستقرقها الشغل, وكذلك المساحة الأدبية التي غطاها " !!
الإشارة هنا واضحة لا تخطأها العين البصيرة فصاحب "حوارية الزمن الردئ " –كما يبدو والله أعلم- لم يكن يبحث في الانطولوجيا سوى عن "أحلامه الهاربة" ، حتى لو تم تغليف ذلك الهجوم والإساءات بمسمى النقد ، أو حالة اللاوعي التي اصيب بها بوصف " التفكيكية" أو حتى لو استبدل أسمه بالحاج او ابعري .
لكن بعيدا عن كل ذلك ..هل كان الأمر يستحق ؟!
بعبارة أخرى هل غياب "هنغلا" نفسه ،عن المجموعة قد ترتب عليه قصوراً فعلياً وارتباكاً منهجياً وديكتاتورية انطولوجية مستبدة ؟!
شخصيا أجد ذاتي محتارة في الرد ولكنني متأكدة أن من لا يفرق بين الغين والقاف في لغة الضاد ، فيستبدل مفردة استغرقها /باستقرقها ، ويؤرخ / بـ يأرخ ..لا يمكن بأي شكل أن يصنع الفارق الجوهري في الحضور او الغياب .
أرجوا ان لا يتهمني انا الأخرى "بارتباك منهجي " لعدم اتباعي التسلسل الأبجدي في ايراد الأسماء الثلاث !
ثم أن الاتهامات السياسية "المجانية" التي اصدرها صاحبنا ،تسقط عند مطالعة فهرسة الانطولوجيا فقط فتصدر أسماء مثل محمد مدني ( المناضل الثائر والناقد الشرس للنظام الذي يعتقل ابعري) وجمال عثمان همد القاص الفذ والمناضل العنيد والصحفي المحترف الذي يضع كل امكانياته المهنية لفضح هذا النظام مطالعة هذه الاسماء ونصوصها المعبأة بروح التحريض الواضحة لهو خير دليل على هشاشة المحاكمة السياسية التي أقيمت "لمرايا الصوت" دون هدى بطريقة اشبه ما تكون بمحاكماة اسياس نفسه .!
-
(وقفة)
أجمل النقد ما كتب عن محبة ... (الطيب صالح )
وأسوأه ماكتب بغرض .. (أحدهم )
--
هوامش :
(1) (د.عناد غزوان) أصداء، دراسات ادبية نقدية (دمشق -2000) 145
(2) د.عبد الوهاب المسيري اليهود واليهودية والصهيونية ط2(القاهرة -1999) 258
(3) ،احمد السلامي – شاعر وناقد يمني - مجلة "جدل " الثقافية "
| رجوع
|
| |
|