بشار الاسد يبيع الاكاذيب
صحف عبرية
2012-07-15
ليس
سهلا ان تقوم فتترك منصبا رفيعا في سورية لأنه يجب عليك في المرحلة الاولى
ان تُعد سبيل الهرب وان تضائل دائرة المطلعين على السر من المهربين
والمتوسطين عند الدولة الحاضنة والمرسَل الذي ينقل المال، لأنه حتى السحب
المفاجىء من حساب البنك يضيء مصابيح تحذير للسلطة. والذي يهرب يُخلف وراءه
شقة وأثاثا وسيارة ويخسر كل ما جمع في حياته.
ويجب التأكد ايضا من عدم
بقاء أي واحد من أبناء العائلة. ان الخوف من شبيحة النظام هو الذي يُبقي
على ضباط وطيارين ووزراء واعضاء مجلس الشعب ممن كفوا عن تصديق النظام، لأن
التجربة تدل على أنه لا توجد رحمة. وفي حالة العميد مناف طلاس، صديق بشار
ورجل سره، هرب الجميع ووثق التلفاز في دمشق سلبا مجنونا قام به الشبيحة
لسيارات وحُلي وصور ومعدات كهربائية وحُلل من أشهر دور الأزياء مما سيُباع
بسعر السوق السوداء.
يمكن ان نتعلم من برقيات سرية ان كل القيادة
السياسية الأمنية تخضع لاحتجاز منزلي. والسلطة تصادر جوازات السفر وتستل
الجنرالات وضباط الاستخبارات لتحقيقات انعاش. وقد أُلغيت جميع العُطل ولا
أحد فوق الشك فيه. انهار المنشق الجديد السفير في العراق نواف الفارس في
مرحلة مبكرة كثيرا من الانتفاضة في سورية. وقد جاء معه بمهر لا يستهان به
من الأسرار فتبين ان طهران تستعمل ضغطا شديدا على السلطة في بغداد لموالاة
نظام القتلة في دمشق.
ويتحدث السفير المنشق عن ان الاسد بجلاله وبنفسه
هاتفه ووعده بأنه يستعد لانقلاب وأقسم أنه سيوقف قتل المواطنين. ويقول
الفارس سألته ماذا عن النساء والاولاد؟ لأنه لا توجد عائلة لم تُصب. فأقسم
بشار قائلا لسنا نحن من نفعل، هذا الى أننا سنكف عن ذلك فورا.
أراد
السفير التارك ان يُصدق الرئيس. 'لكن ذبح الاولاد في مدينة دير الزور
حطمني'، كما قال في ظهور مؤثر في قناة 'الجزيرة'. 'فهمت ان بشار يبيع
الأكاذيب وقررت أنني لم أعد استطيع'. فأخذ في ذات ليلة عائلته واختفى.
وليس واضحا ما الذي عرفته بالضبط سلطات بغداد، الى ان ظهر في قاعة التلفاز
من جديد.
لا يجوز الاعتماد كما يرى السفير ايضا على منظمات المعارضة في
خارج سورية. وتصور عندنا صفاته صورة بائسة لمجموعة من المقاولين والباحثين
عن الوظائف من الدرجة الثالثة. فهم من جهة في صراع بينهم ومقطوعون عما
يحدث في سوريا. وليست لهم من جهة ثانية مشكلة في سلب التبرعات ونثر
الوعود. ان أبطاله الحقيقيين هم ثوار الميدان قبيلته الكبيرة على طول
الحدود مع العراق الذي لم يرفع رأسه حتى الآن، وهو على استعداد لأن يتعاون
معهم فقط.
من المؤكد ان الفارس مصنوع من المواد التي يتوقع ان ينشأ
منها زعيم سوريا القادم، وليس واضحا كم ألفا سيُقتل في الطريق الى احتلال
القصر، وليس معلوما بعد ما الذي يُعده رؤساء العلويين. وقد سُجل في
اليومين الاخيرين فقط أكثر من 350 قتيلا، وليس هذا عددا نهائيا. واذا تدخل
العالم فسترتفع الأعداد ارتفاعا كبيرا.
رأيت في نهاية الاسبوع العرض
الرائع لمسرحية ريتشارد الثالث في المسرح الكامري. وقد كتب شكسبير في
القرن السادس عشر قصة حرب البقاء لملك لا ضمير له يقتل بلا حساب ويُعد
لنفسه قصص تغطية على ذلك.
سنترك إطراء الممثلين والمخرج والمترجم
للمختصين، لكن لا يمكن ان نهرب من الموازنة: فعلى المسرح في تل ابيب ينال
الحاكم المتوحش ما يستحقه بعد ساعتين وربع، وفي مسرح الحياة في دمشق طال
ذلك كثيرا جدا.
سمدار بيري
يديعوت 15/7/2012