** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 هل نحن شعوب أم جموع ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عزيزة
فريق العمـــــل *****
عزيزة


التوقيع : هل نحن شعوب أم جموع ؟ 09072006-161548-3

عدد الرسائل : 1394

تاريخ التسجيل : 13/09/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

هل نحن شعوب أم جموع ؟ Empty
10072012
مُساهمةهل نحن شعوب أم جموع ؟

بقلم : . . أم الزين بنشيخة
هل نحن شعوب أم جموع ؟

نحو ذاتية سياسية مغايرة (رنسيار ..نيغري)



أم الزين بنشيخة

قد يكون السؤال الكفيل بالنظر الفلسفي ضمن حقل الفكر السياسي الحالي
ازاء ما تعيشه الشعوب العربية من مسارات ثورية هو التالي : كيف السبيل الى
اختراع شكل جديد من الحياة السياسية يساعدنا على التحرر من كلّ أشكال
السياسات السيّئة لأنظمة الاستبداد البائدة و المخلوعة؟ حيث أن ما نسميه
تحقيق أهداف الثورة و الانتقال الديمقراطي يقتضي التوجه في سياسة الشأن
البشري على دروب تحريره من الدولة الأمنية الساقطة بفعل الثورة في اتجاه
أنطولوجيا مُغايرة للسياسة الكبرى للبشر.

ما شكل هذه الأنطولوجيا السياسية ؟ كيف نوجد معا في ظلّ سياسة تكفل
لجميع الأطياف حقوقهم و حرياتهم دون صدام هوويّ أو ايديولوجي ؟ أيّة ذاتية
بوسعنا نحت ملامحها بعد فكر موت الذات و الحداد على الانسان الحديث بوصفه
آخر سردية أفلت عن سماء العقل البشري الحالي ؟

دعنا نعترف بداية أنّ مشاريع دُول الاستقلال في معظم البلاد العربية
كانت في بدايتها هي الدفع بهذه الشعوب نحو ركب الحداثة السياسية مثلما
صاغت مبادئها العقول الغربية من روسو الى حنّا آرندت مُرورا بكانط و هيجل
و ماركس وصولا الى هابرماس..غير أنّ ما يحدث اليوم في البلاد العربية التي
نجحت في الدخول في عصر جديد هو عصر المسارات الثورية الشعبية ، جعل هذه
الشعوب في حيرة سياسية عامّة بين خيارات مُتعددة بل متناقضة : امّا تصحيح
مسار هذه الحداثة السياسية التي وقع تشويهها و تمثلّها بشكل خاطىء و سيّء
من طرف الدول الأمنية البائدة ، و التمسّك بتحقيق فعلي لمبادئ حققتها
الدول الغربية بعد الثورة الفرنسية من قبيل الديمقراطية و الحرية و
المساواة و المواطنة و المجتمع المدني…

و أمّا العودة الى الأصول الاسلامية و تنشيطها و الدفع بها نحو الشكل الوحيد من سياسة الأمة و نبراسها و قسطاسها ..

لكن هذه الأمية المُحرجة التي تعيشها البلاد العربية والتي تدفع بنا
نحو صدام عميق بين القوى الهووية و القوى الحداثية ، تبقى دون طرح واضح
للمشكل .هل مازالت الحداثة السياسية نموذجا سياسيا صالحا لنا ؟ ألم يفُت
الأوان من أجل ذلك ؟ و عودة الأصوليين ، أليست نتاجا لفوات الأوان الذي
تسببت فيه الدول الاستبدادية البائدة؟أم أنّ الحداثة قد اخترقتنا و غيّرت
كرها و طوعا من حدودنا العقلية و الهووية و العاطفية ؟

كفانا اذن جلدا للحداثة تحت راية العودة الى الأصول ..فالحداثة ليست
ملكا لأحد ..لا ملّة للحداثة ..و لنخرج من متاهة الأصالة و التغريب لأنه
من حقّ الجميع الانتماء الى فكرة الانسانية بالأسلوب الذي يختاره أي طرف
بكل حرية . انّ العقل البشري لا جنسية له ..وحدهم الحمقى في حاجة الى
توقيع كي لا يخرجوا عن حدود العقل .لم يعد الغرب غربا تماما لقد اخترقه
الشرق في أعمق مواضعه..و لم يعد الشرق شرقيّا خالصا ، فلنتحرّر من أوهام
النسّاك و محبّي الصحاري..

فيما أبعد من هذا الصدام العقيم بين الأصولية الاسلامية و البهرج
الاستطيقي للحداثة الغربية ، هناك من فكّر في ضرورة التفكير بأشكال
مُغايرة من السياسة تتعلق بسياسات المُشترك..ههنا نموذج فلسفة المُشترك
يذهب فيما أبعد من الهوية و الغيرية و السرديات بأشكالها..ليس لنا أية قصة
سابقة على وجودنا ..كل القصص نحكيها هنا و الآن حيث نشترك في الزمان و
المكان ، في المرئي و اللامرئي في الصمت و الكلام .
- يهدف هذا المقال
الى رسم ملامح مناظرة فلسفية بين مفكرين من أهمّ المُفكّرين الأحياء الذين
ينتمون الى دائرة الفلسفة السياسية المعاصرة ،هما المتفلسف الفرنسي جاك
رنسيار و المفكّر الايطالي طوني نيغري. يتعلق الأمر تحديدا بخصومة بينهما
حول مفهوم المُشترك بوصفه نمطا مُغايرا من تمثّل الوجود معا في المجتمعات
ما بعد الحديثة في ضرب من المساواة بين ذاتيّات طافرة منهمرة تكسر
باستمرار المحسوس الجاهز و تنحت أشكال أخرى من الوجود ..

شعب أم جموع؟

يتعلّق الأمر تحديدا بسؤال طُرح ذات مرّة على جاك رنسيار و تمحورت معالجته لهذه المسألة في النقاط التالية:

1) تبدأ هذه الاشكالية من كتاب رنسيار بعنوان "عدم التفاهم "و فيها
يميّز صاحب الكتاب بين نوعين من الجماعة : الأولى تتعلّق بالهويّة
البوليسية للجماعة و الثانية تخصّ التذويت السياسي الذي يفتح "عوالم فريدة
من الجماعة" .و تفتحنا هذه الدلالة الثانية لمفهوم الجماعة على حقول تجارب
مُغايرة تخصّ ما يسميه رنسيار " ذواتا طافرة عائمة تُخلُّ بكلّ تمثّل
لموقع كلّ ذات و لنصيبها ..و تُشوّش صفاء المحسوس " .ان مفهوم الشعب ينتمي
اذن الى اشكالية التفكير بمفهوم الجماعة الذي يضمن الاشتراك في حياة
سياسية تضمن المساواة بين كل الذوات . فالتفكير بالمُشترك ما بعد الحديث
يقتضي الفصل جيّدا بين دلالتين لمفهوم الجماعة : الجماعة البوليسية التي
تنزع الى تجميد العلاقات بين الأجسام و العلامات، و الجماعة السياسية التي
تفتح الأنساق من جديد بالفصل بين الأسماء و الذوات و تجليّات الأجسام
الاجتماعية .

2) يقترح رنسيار أن نستبدل مفهوم الجموع ،الذي يقرّ به نيغري استئنافا
لمفهوم سبينوزي، بمفهوم الشعب ذي الأصل العريق و ذي الدلالة السياسية
المشحونة، بالمراوحة بين المساواة من جهة و الدلالة السلبية الشعبوية
للعدد الأكبر الجائع و الكادح و المقصي من الحياة السياسية.. انه مفهوم
مسكون بضرب من النزاع الذي يخترق تمثلنا للمساواة الذي يمثل جوهر مفهوم
الشعب نفسه . رنسيار يكشف عن غموض مفهوم الشعب المسكون بدلالات مزدوجة و
مضاعفة ..و يعتبر أن هذا المفهوم هو المُكوّن الفعلي للسياسي لأنّه الاسم
الأصلي لمسار التذاوت الذي بوسعه أن يكشف عن حالات الخلاف و الخصومة و
النزاع الكامنة في تمثّلاتنا للمُساواة . يعتبر رنسيار أنّ مفهوم الجموع
يختلف عن مفهوم الشعب انطلاقا من أنّ السياسة لم تعد ميدانا مُنفصلا .و
أنّ الذوات السياسية مُطالبة بالتعبير عن الكثرة الحيوية التي تمثّل
قانونا عاما للكينونة نفسها .ان مفهوم الجموع بحسب رنسيار ينضوي تحديدا
تحت الراية الماركسية لتوسيع مفهوم قوى الانتاج ، لذلك ليس بوسع هذا
المفهوم لنيغري أن يفلت من إميّات الفكر السياسي القائم على مفهوم الذاتية
السياسية . ان التفكير في السياسة في لغة الجماعة يفترض أنّ الجماعة هي
استعداد طبيعي للمُشترك .ثمّة دوما مُشترك ما بين الأجسام .غير أنّ رنسيار
لا يقصد ما قصدته حنّا آرندت تحت راية مفهوم "الوجود المُتبادل" بمعنى
الوجود "البينيّ".ذلك أنّ هذا " البين" الذي تقترحه آرندت لا يكون بين
الذوات انّما يكون بين الهويّات و الأدوار التي لها و الأماكن التي
تحتلّها ، بين الأجسام و الدلالات ، بين "النحن" و اسم الذات المُتكلّمة ،
بين الذات و أسمائها .

3 ) ماذا يعني مفهوم الشعب ؟ ان مفهوم الشعب يفترض في أصله اللغوي
وجهين متناقضين : مفهوم السيادة من جهة و مفهوم التعاسة من الجهة المقابلة
..فالشعب الذي تطالب الانسانية بسيادته و كرامته منذ روسو هو أيضا الشعب
الرعاع الذين يعيشون الجهل و التعاسة و الفقر وهو أيضا سواد أعظم من جهة
العدد الهائل لطبقة المعذّبين في الأرض ..رنسيار يعتبر"أنّ الشعب هو ذات
سياسية ..انّه دوما ماهية اضافية بالنسبة الى مجموع الشعب أو لبعض أقسامه
". انّ الشعب بوصفه مقولة اجتماعية لا يعني اذن غير جماهير لا شكل لها أي
حشود تعيسة و بائسة .و علينا في كل الحالات التمييز بين هشاشة الشعب بما
هو ذات سياسية و كثافته الاجتماعية من جهة العدد ..و بوسعنا القول أنّ
الشعب – الذات لا جسد له انما هو دوما مُؤامرات و خرائط و خطب و تخريجات
ركحية..وهي تخريجات مسكونة دوما بما يسميه رنسيار النزاع و الشقاق و عدم
التفاهم .وهنا نقف عند تصور طريف للجماعة لدى رنسيار: فالجماعة لا تقوم
لديه على فنّ الفهم (غادامير) أو اتيقا التواصل(هابرماس) بل تخترقها
النزاعات و الانقسامات ..ان الجماعة مسكونة منذ البداية بعدم التفاهم و
سوء الفهم و الخلاف..

4) و تصير الاشكالية حينئذ قابلة للصياغة في السؤال التالي : كيف
السبيل الى الانفتاح على عوالم مشتركة لا تقوم مع ذلك على الوفاق ؟ كيف
يكون المشترك اشتراكا في النزاع و الخلاف ؟يجيبنا رنسيار قائلا "انّ ما
نُسمّيه وفاقا هو محاولة فكّ لهذا النسيج الخلافي للمُشترك من أجل ردّه
الى قواعد ادماج بسيطة ..و الوضع في حالة مشترك لما هو غير مُشترك" .لا
يتعلّق الأمر بالكينونة معا (هيدغر) و لا بالوجود المشترك(نانسي) و لا
بتنشيط المُشترك ( في معنى العودة الى الأصول).انما يتعلّق الأمر بوضع ما
هو غير مُشترك في حالة مشترك ..ضرب من اعادة توزيع المحسوس بشكل عادل
.يقول رنسيار :" انّ ما أرفضه هو تأسيس المُشترك السياسي على خاصيّة
أنثروبولوجية أو على هيئة أنطولوجيّة أولى". ان ّ فلسفة المُشترك تدعو الى
هزم كلّ أشكال المشترك الجاهزة مهما كانت الجهة التي تأتي منها العرق أو
الدين أو اللغة ..و في الحقيقة بالرغم من احتفاظ رنسيار ببراديغم الشعب من
أجل رسم ملامح ذاتية سياسية لمُشترك يهزم الفكر السياسي الحديث بكل نقائضه
بين التواصل (هابرماس) و الخلاف (ليوتار) و الاختلاف و الغيرية (دولوز و
دريدا )، فانّه يجري تحويرا جذريا على هذا البراديغم .لا يتعلّق الأمر على
حدّ عباراته "لا بسيادة الشعب و لا بالبروليتاري الذي يأتي ..".و أكثر من
ذلك يذهب رنسيار الى ضرورة اعادة تعريف البروليتاري .انه يعتبر "أنّ مفهوم
البروليتاريا عبارة من المُعجم الحقوقي لروما القديمة و يعني "ذاك الذي
ينجب الأطفال".غير أنّ المعنى الحديث للعبارة لم يحتفظ الاّ بمعنى واحد
منها .ذاك الذي يُحسب بوصفه ينتمي الى الهيئة السياسية لأنّه ليس سوى هيئة
تُنتج و تُعيد الانتاج" .علينا اعادة تعريف البروليتاري اذن بوصفه "العامل
الذي انفصل عن منزلته بما هو خادم من أجل أن يُثبت قدرته على المُشترك و
ذلك لأن المكان الشخصي للعمل هو مكان عمومي و انّ المكان العمومي هو شأن
الجميع ". يتعلّق الأمر بشكل جديد من الشعب و بمعنى مغاير للبروليتاري .ان
رنسيار يستبدل مفهوم السيادة الشعبية التي اختزلها الفكر السياسي الحديث
في التمثيلية الديمقراطية بمفهوم "خطّ التساوي" بوصفه المكوّن للفعل
السياسي .نحن هنا أمام مفهوم طريف من المُشترك يترجمه رنسيار في مفهوم
"جماعة المتساوين" باعتباره "مفهوما محليا و فريدا لحالات الكينونة".

5) ما معنى "جماعة من المتساوين"؟ - هي المعنى الجديد لمفهوم الشعب
وهي البديل عن المقولة البيوسياسية للجموع. لكن ليس في هذا المفهوم أيّ
هاجس جماعوي ..فجماعة المتساوين التي يصنعها الفنّ أو ما يسميه رنسيار
بـ"استطيقا السياسة" بوصفها شكلا مُغايرا من السياسات التي تصنع الشعوب و
التي تلتقي بالشعوب لا تشير الى أية جماعة واقعية او تاريخية بعينها .و لن
ندرك هذه الجماعة ضمن أية ملّة انما نسافر اليها عبر الفنّ. و هنا يتدخّل
الفنّ في اختراع امكانيات المساواة و امكانات من الذوات الفلانية الحرة
كلّما كان هناك أدب جديد و قصّة أخرى. لا ندرك المساواة الا عبر شكل من
الفنّ .و لن نغير العالم بطفرة جذرية انما بجملة من الكسورات ..و اذا كانت
اليوطوبيا قد ماتت فذلك من أجل اقامة عالم موجب ..ليس ثمّة انسان جديد سوف
يأتي من جهة ملائكية أو حتى شيطانية ..ثمّة فحسب الناس أو "فُلانيّون"
يعيشون أشكالا من الحياة ..بالرفض و التمرّد أو بالحكمة أو بمقاييس أخرى
للمستحيل..
5 ) انّ الشعب هو مفهوم لمخيال اجتماعي تتقاطع فيه البنى
السياسية و الفنيّة للذوات الشعبية .ثمّة دوما طرق مختلفة و أساليب فنيّة
من أجل اللقاء بالشعب.و ثمّة دوما مسافة ما بين الشعب السياسي و الشعب
الفعلي. لنا الكثير من الأسفار و من آداب الزيارة و من أدب الرحلات كي
نعثر على شعب ما .فما كان الأدب الاّ من أجل هذا الأمر .كلّ الروايات
بوسعنا اعتبارها أسفارا و رحلات و ترحالا من أجل أن نلقى شعوبا و أن نصنع
أخرى..و ربما يكون "الشعب هو حارس لنوع من الهويّة الضائعة " التي بقدر ما
تضيع و تهيم على وجهها بقدر ما تخترع الشعوبُ الأدبَ .لكن حذار لن تعثر
على هويّة شعب ما الاّ بقدر ما تخترع له هويّة مُغايرة .ذلك لأنّ الهويّات
لا تقبل التمثيل ..يتعلّق الأمر دوما باجراءات تذويت و باعادة ترتيب
للأمكنة و الأزمنة ..و في الحقيقة ثمّة ما يدعو الى القول بأنّه ثمّة
رهانات و خرائط بين السياسة و فنّ القصص.من ذلك مثلا ما يُسميه رنسيار
"سذاجة الأسفار اليسارية " التي صارت بمثابة نوع من "مكر الزيارة الفنية
الى المُهمّشين و طبقة ما تحت الصفر ..ثمّة ضرب من اللقاء بين الكثافة
الحسية و الكثافة السياسية و ثمّة أيضا فروق في السرعة القصصية" .

6 ) السفر الى الشعب يفرض علينا اذن أن نخترع دوما رسومات قصصية جديدة
.و ذلك يفتح أمامنا أفقا مُغايرا من أجل اختراع الواقع أي اعادة تنضيد و
توزيع للمعطيات الحسية وفق تنويع للطاقات الدلالية للعلامات .انّ أمكنة
الفنّ تظهر اليوم أكثر فأكثر بوصفها أمكنة لشكل جديد من صنع نسيج الواقع
المشترك .ثمة مفاعيل سياسية للتخييل .للاستطيقا سياستها الخاصة أي أسلوبها
في اقتطاع الزمان و المكان و في تأثيث أنماط مُعيّنة من الفرديات
.للاستطيقا سياستها الخاصة في تشغيل الطوبوغرافيات و الخرائط .ان الفن شكل
من السفر الأسطوري و التخييلي الى الأعماق الاجتماعية لشعب سوف يأتي .ثمّة
اذن تجليات للشعب داخل الفن و ثمّة مُفاوضات خيالية مع أوجه من الشعب بين
الاعتراف به و الطعن فيه أو انكاره.

7 ) ما معنى الجموع ؟ يتعلّق الأمر على حدّ تعريف نيغري "بجماهير
بيوسياسية بوسعها أن تُعبّر عن المُشترك ". جموع أو جمهور هو ا لمفهوم
الفلسفي النموذجي الذي يقترحه نيغري بديلا عن المفهوم الكلاسيكي للشعب .
انّ مفهوم الجموع الذي صممه نيغري راية لفلسفته السياسية انما هو تحديدا
ثمرة لقاء فلسفي عنيد بين البروليتاري الماركسي و الجموع السبينوزية و
فوضى الكسموس لدولوز و غاتاري. انه يسعى الى رسم معالم تصور مابعد ماركسي
ما بعد حديث لحكومة للمشترك بلا وجه و بلا مركز و بلا ركح للتذويت السياسي
. ضدّ مفهوم السيادة يعتبر نيغري أنّ المُشترك هو المقياس الحصري للكائن
السياسي .انّ أنطولوجيا المُشترك هي وحدها الكفيلة بتحريرنا من مفهوم
السيادة الوهمية .و هي أنطولوجيا مفتوحة دوما و في كلّ لحظة و بشكل
ابداعيّ على المُستقبل المُفرط.و على عكس الديمقراطية التمثيلية الحديثة
بما هي ممارسة محسوبة و منضبطة و قائمة على فكر الحدود يرسم لنا نيغري
ضربا مغايرا من سياسة الجموع. يتعلّق الأمر بما يُسمّيه "الغائية المادية
للمُشترك" وهي غائية لا علاقة لها بنظرية "الديمقراطية المباشرة". ذلك أنّ
هذه الأخيرة "تبقى دوما سجينة براديغم السيادة الحديث ..بل و أكثر من ذلك
فهي تُمجّدها و تمدحها انطلاقا من وهم الجماعة المُتعالي "..ثمّة اذن وهم
ساكن في طيّات مفهوم السيادة أي في المفهوم الحديث للشعب ..هو وهم الجماعة
..فكل فكر مازال ينضوي تحت راية براديغم الشعب هو فكر جماعوي في جوهره.ان
مفهوم السيادة الذي يقوم عليه براديغم الشعب منذ روسو الى هيغل و الى
رنسيار نفسه هو مفهوم يحول كل شيء الى "أقنوم " ..الارادة العامة ..الطبقة
العامة ..وهو لذلك" براديغم مُضادّ للانتاج الزمني للجموع".

يقول نيغري:" لم تفعل الثورات و الاصلاحات الى حدّ الآن غير تدعيم
الفكر السياسي القائم على القيس و الوحدة ..غير أنّ الجموع ما بعد الحديثة
..في مُستطاعها أن تُفجّرها و ذلك بأن تُقرّ بوجود مُشترك لا يخضع الى
أيّة مُعادلة للسيادة ". من أين تأتي هذه الجموع ما بعد الحديثة ؟ انّها
لا تعود الى أيّ أصل هووي أو جماعوي ..هي جماهير حيوية تتدفق من قلب
الكينونة و تنتجها في كلّ لحظة . يقول نيغري :" انّ الجموع تُنتج الحياة
بأن تختار شكلا ما من المُستقبل ".لكن كيف نصنع المُستقبل؟ هل ننتظره ؟ هل
بوسعنا التنبؤ به أم علينا ابداعه بكل المستطاع الحيوي الذي بحوزتنا؟ ضمن
المُشترك تخترع الجموع المنهمرة من عمق الحياة امكانيات المستقبل .يقول
نيغري:" انّ البيوسياسي هو مادّة المُشترك و انّ الفقر و الحُبّ هما
مفتاحه ".

8) ثمّة علاقة حميمة بين ّ الجموع و الفنّ .لكنّ هذه العلاقة أبعد من
أن تكون من جنس الانعكاس أو الالتزام بقضايا الطبقة المحرومة (ماركس) و لا
من جنس الأطروحة المضادة للواقع (أدرنو و ماركوز) و لا هي من جنس الفنّ من
أجل الجماهير (بنيامين)..ليس هناك انفصال بين الفنّ و الجموع ذلك أنّ
"الفنّ يحيا من الانتاج.. والانتاج يحيا ممّا هو جماعي ..و الجماعي يبحث
عن نفسه بوصفه ذاتا..".

أن نستعيد الكلمة اليوم و أن نفتكّ ركح التاريخ ثانية معناه تحديدا
أننا استعدناها على نحو جماعي .و أن ننتج ذاك هو معنى أننا استعدنا الكلمة
.ليس ثمة انتاج دون جماعة و ليس ثمّة كلمات دون لغة و انّ الفنّ هو كلّ
هذا العالم معا.

لكن علينا دوما الحذر من أن يأتي الجماعي من الجماعة الجاهزة ..حينها
ننزلق من الجموع الى الرعاع و من الفن الى اللاهوت ومن الإبداع الى
الإيمان ..

عن موقع الأوان

المصدر : . . موقع الأوان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

هل نحن شعوب أم جموع ؟ :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

هل نحن شعوب أم جموع ؟

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: