انشقاق مناف طلاس بداية لفك ارتباط السنة بالنظام العلوي
أضيف في 06 يوليوز 2012
يجمع
المراقبون على ان ازمات النظام السوري تتفاقم، فمع تزايد عملية الانشقاق
في داخل صفوفه حيث كانت اخر عملية هي انشقاق مناف طلاس، نجا العميد مصطفى
طلاس وزير الدفاع السوري، والذي ساعد الاب حافظ الاسد للوصول الى السلطة
وهيأ الطريق للابن بشار كي يخلف والده عام 2000 بعد وفاته.
ويرى
دبلوماسيون بريطانيون نقلت عنهم صحيفة 'الغارديان' ان النظام بدأ يفقد
السيطرة على مساحات واسعة من البلاد، وبحسب التقارير التي نشرت على مواقع
الانترنت وادعى بعضها ان اللواء المنشق ساعدته المخابرات الفرنسية على
الهروب.
وكتب جوشوا لانديز 'الباحث في جامعة اوكلاهوما وهو خبير في
الشؤون السورية في مدونته 'سيريا كومينت' ان المعارضة ظلت خلال الاشهر
الست عشرة الماضية تشكو من عدم انشقاق قادة كبار في الجيش السوري ونخبه،
لكن هذا الوضع تغير. وليست هذه هي المرة التي تنتشر الشائعات حول انشقاق
مناف ففي اذار (مارس) الماضي سرت شائعة قالت انه هرب مع والده وشقيقه فراس
الى فرنسا، وتبين ان الشائعة غير حقيقية. وكانت الشائعات الاخيرة قد بدأت
يوم الثلاثاء حيث شوهدت سيارته 'هوندا' في حي ركن الدين في دمشق امام بيته
فيما اختفى هو ولم يشاهد.
وكان مناف من المقربين الى بشار الاسد او من
'الشلة' ونشر لانديز صورة له وبشار اثناء دورة عسكرية، وكثيرا ما شوهد مع
الاسد وهما يتناولان الطعام في مطاعم دمشق، وتضم الشلة، ابن خال الرئيس
رامي مخلوف، ومنذر الاسد، نجل رفعت الاسد، ونادر القلعي مدير شركة
'سيرياتيل' والشريك التجاري لمخلوف، ويزن اصلان، نجل رئيس هيئة الاركان
علي اصلان. ومناف رجل وسيم مثل والده قضى معظم حياته في العسكرية على خلاف
بشار ـ وتسلم مسؤوليات عليا فيها ولهذا فان معرفته بآلية عمل الجيش ستكون
مهمة للمخابرات في الدول المهتمة باسقاط النظام. ويقول من يعرفه انه عندما
كان يدخل مكانا كانت كل العيون تعلق عليه ليس لانه وسيم وجذاب للنساء ولكن
للرجال الذين يشعرون بحضوره الطاغي.
تهميش
ومنذ بدء
الانتفاضة اوكلت اليه مهمة حل 'مشكلة' حرستا ودوما وقد استطاع ان يقيم
علاقات واتصالات جيدة مع المعارضة لحل المشكلة، حيث توصل لاتفاق معهم على
ان تسحب الحكومة قواتها من المدينة وان يخرج المقاتلون بالمقابل. ولكن
القيادة العلوية رفضت الاتفاق ودفعته جانبا، وعوضا عن ذلك هاجمت الحكومة
المنطقة وامطرتها بالقنابل كي تؤكد على سلطتها فيهما.
وقد طلب مناف من
الحكومة ومنذ البداية التفاوض مع المعارضة وان تقدم تنازلات لكن قيادة
الجيش العلوية همشته. ويرى لانديز ان انشقاق مناف يعني ضربة قوية للنظام
لانه من اعلى المسؤولين رتبة والذين ينشقون عن النظام خاصة ان عائلة طلاس
كانت منذ البداية عماد النظام الحاكم. ويقال ان فاروق الشرع، نائب الرئيس
عندما فكر بالشخص الاكثر مناسبة لمنصب كبير من السنة فانه فكر بمناف.
ويعتقد
ان خلاف مناف مع المؤسسة الحاكمة جاءت لرفضه المشاركة في قمع المقاومة،
وفكرة الحل الامني الذي يتبناها النظام هي ما ادت لخلافه مع الاسد وخروج
الاخير من سورية. وقيل ان مناف طلاس كان في يعيش في بيته بسبب شكوك
المؤسسة من ولائه وولاء عائلته فيما رآها البعض اقامة جبرية.
ونقلت
صحيفة 'نيويورك تايمز' عن معارض في بيروت قوله ان انشقاق مناف ليست ضربة
فقط للنظام ولكنها رسالة للاسد انه لم يعد آمنا ورسالة للضباط الذين
يفكرون بالانشقاق كي يتخلوا عن النظام، ولكن بعض من نقلت عنهم الصحيفة
قالوا ان مناف ربما هرب كي يؤمن ثروة العائلة قبل ان ينهار النظام، خاصة
ان شقيقه فراس رجل اعمال كبير ويقيم الان في دبي. وكانت العائلة التي جاءت
اصلا من الرستن قرب حمص وواحدة من المدن الثائرة والتي عانت من قمع
النظام، قد بدأت تخرج بشكل تدريجي من البلاد، حيث سافر الاب لفرنسا تحت
ذريعة العلاج. ولمناف ابن يدرس في الجامعة الامريكية في بيروت حيث تعيش
معه امه وجاء الانشقاق مع نهاية العام الجامعي. ومع ان مواقع متعددة
للنظام قللت من اهمية انشقاق مناف، حيث اتهمه موقع جريدة' طرطوس تودي'
بالتعاون مع السفير الامريكي روبرت فورد وان سورية الآن احسن حالا بدونه،
وقال الموقع ان المخابرات السورية كان بامكانها القاء القبض عليه لو
ارادت، مشيرا الى ان خروجه لن يؤثر على النظام بل سيكون عبئا على الانظمة
المتعفنة والعميلة، وواصل الموقع قائلا ان الوضع على الارض تحت السيطرة
والنظام قادر على سحق الارهابيين.
وتتفق الصحف البريطانية والامريكية
على ان انشقاق طلاس ضربة قوية للنظام وقد يكون لها اثر الدومينو على بقية
القيادات السنية وان كانت من الصفوف الدنيا في الجيش السوري اذ ان
القيادات والرتب العالية يحتلها ابناء الطائفة العلوية، وتقول صحيفة
'الغارديان' ان انشقاقات اخرى ستؤدي الى اضعاف الاجهزة الامنية وفي وقت
اخر قد يؤدي الى تأكيد الطبيعة الطائفية للحرب بين الغالبية السنية
والاقلية العلوية.
ونقلت صحيفة 'لوس انجليس تايمز' عن كل من اندرو
تابلر وجيفري وايت من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى قولهما ان انشقاق
طلاس قد يكون اشارة الى ان السنة بدأوا يفكون ارتباطهم مع النظام العلوي.
ومع ذلك فالصحيفة تقول ان عددا من المراقبين يقللون من اهمية انشقاق
الضباط السوريين واخيرا مناف مع ان اخبار انشقاقهم عادة ما تحتل عناوين
الصفحات الاولى للصحف في العالم، مشيرة الى ان عدد القيادات البارزة التي
انشقت حتى الآن اقل من عشرة جنرالات انشقوا وهربوا الى تركيا فيما هرب
طيار بطائرته ميغ -21 الى الاردن الشهر الماضي. وتقول انه على خلاف ما حصل
في ليبيا فلم يشهد الجيش السوري انشقاقات جماعية، كتائب بكاملها.
وتقول
ان المعارضة ظلت تردد ان الجيش النظامي يقترب من الانهيار وان معنويات
جنوده في اسوأ حالاتها ويعانون من قلة اسلحة، ولكن اخرين يعتقدون ان جوهر
النظام لا يزال فاعلا وقويا خاصة ان الجنرالات العلويين ربما ينظرون الى
الحرب على انها معركة حياة او موت.
جبهات جديدة للقاعدة
ويعترف
كتاب التقارير الصحافية ان تدفق المنشقين عن النظام وهروبهم للخارج هو
ملمح واحد من ازمة النظام الذي بدأ شيئا فشيئا يفقد سلطته على المناطق
ويعاني جيشه من الاجهاد اضافة الى تطور فاعلية المعارضة المسلحة والعقوبات
الاقتصادية عليه. ونقلت 'الغارديان' عن دبلوماسي بريطاني قوله ان 'ما هو
واضح ان النظام بدأ يفقد سيطرته على البلاد خاصة في شرق البلاد، وما هو
واضح ان مناطق في دمشق تمثل تحديا صعبا للنظام ولكن ليس لدينا الخريطة
الدقيقة عن ما يحدث في دمشق، كما انني ليس متأكدا من ان المعارضة تسيطر
بشكل على المناطق بطريقة متماسكة'. ومن اهم المخاوف التي يتحدث عنها
المسؤولون الغربيون وجيران العراق هي ثبوت وصول القاعدة لسورية من العراق،
وهو ما اشار اليه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من ان العراق لديه
معلومات قوية عن وصول مقاتلي القاعدة الى سورية، وعبر عن مخاوفه من تأثير
الازمة في سورية على الدول المحيطة بها، وحتى الان تنفي فصائل المقاومة
وجودا لعناصر القاعدة في سورية، مع ان المخابرات الامريكية تحدثت بنفس
الاتجاه عن وجود خلايا للتنظيم.
ونقلت 'الغارديان' عن مقاتلين تابعين
للجيش الحر في ادلب نفيهم وجود عناصر من القاعدة بين صفوفهم، وقال مقاتل
انه لن يتم الترحيب بهم حتى لو كان هذا صحيحا 'لاننا نعرف ما يمثلون'،
ولكن مسؤولا عسكريا للمعارضة في دارة عزة في ريف حلب قال انه لن يتم
الترحيب بهم ولكنه يرحب بدعمهم العسكري. وقال الدبلوماسي البريطاني البارز
الذي نقلت عنه الصحيفة ان عدد المقاتلين الاجانب يظل قليلا لكن هناك مخاوف
من زيادة تأثيرهم على الثورة ان لم يتوصل المجتمع الدولي لقرار ضد النظام
في دمشق، وقال المسؤول ان 'تقييمنا هو ان غالبية المعارضة السورية لا تزال
سورية ومعظمهم يحاولون الدفاع عن احيائهم وبلداتهم ولكن من الواضح وجود
عناصر بدأت تدخل في النزاع، ونقول بشكل مستمر لروسيا والصين من ان
مخاوفهما عن انزلاق سورية للحرب الطائفية وهو دائما ما تتحدثان عنه، فان
فرص تمزق البلاد اصبحت واضحة'.
وادى وجود عناصر القاعدة في سورية لتردد
القوى الغربية من تسليح المعارضة خشية وقوع الاسلحة في يد عناصر متشددة،
كما ان فريقا من الاستخبارات الامريكية (سي اي ايه) يعمل في جنوب تركيا
للتأكد من عدم وصول الاسلحة التي يحصل عليها المسلحون من قطر والسعودية
لعناصر القاعدة.
وكان السلطات السويسرية قد قالت انها ستوقف شحنة اسلحة
للامارات بعد ان اظهرت صورا لوجود متفجرات مصنوعة في سويسرا لدى المقاتلين
السوريين.