** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 في العلاقة بين العروبة والإسلام.. نماذج في النقد الذاتي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

في العلاقة بين العروبة والإسلام.. نماذج في النقد الذاتي  Empty
09062012
مُساهمةفي العلاقة بين العروبة والإسلام.. نماذج في النقد الذاتي

- عود على بدء



حينما أثرنا النقاش، في دراسة سابقة،
حول إشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام في المشروعين، القومي
والإسلامي، كانت غايتنا فتح نقاش عميق حول هذه القضية، سواء في بعدها
الفكري أو في بعدها السياسي، خصوصا وأن التيارين معا ظلا، لعقود، يمارسان
سياسة صم الآذان في مواجهة الطرف الآخر، مع ما يستتبع ذلك من سياسة إلغاء
مدروسة، إما لمكون العروبة لدى التيار الإسلامي، أو لمكون الإسلام لدى
التيار القومي.











لقد فكرت في تطوير هذا النقاش،
بعد اطلاعي على الكثير من أدبيات التيارين الإسلامي والقومي، في علاقة
بالمسألة، لكن ما استوقفني، أخيرا، هو أن هناك أصوات من التيارين معا،
كانت على وعي كبير بالإشكالية، ولذلك سعت إلى ممارسة نوع من النقد الذاتي،
في علاقة بمرجعياتها الإيديولوجية، ونحن تهمنا هذه الأصوات، التي استطاعت
أن تغلب المقاربة الفكرية على المقاربة السياسية/ الإيديولوجية، في
معالجتها لإشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام. وقد نجحت، من خلال
محاولتها هذه، في استعادة قسط من التوازن الذي اختل، طيلة عقود من الصراع
الإيديولوجي، كانت نتيجته، في الأخير، تهديد مباشر لمقومات الهوية
العربية/ الإسلامية، مع ما نشأ عن ذلك من اختلالات اجتماعية وثقافية
وسياسية...




1- مراجعات الموقف الإسلامي.. السيد محمد حسين فضل الله نموذجا



ظهر التيار الإسلامي، في العالم
العربي، في علاقة بالتحولات التي عرفتها الفكرة الدينية/ الإسلامية، في
سعيها لتحقيق العودة إلى النموذج السياسي الخليفي، كما ظهر كرد فعل من
الأعراق غير العربية (فرس، أتراك، هنود...) ضد مكون العروبة، الذي اندمج
مع المكون الإسلامي، لقرون، الشيء الذي تجلى لهؤلاء، باعتباره تهديدا
لانتمائهم العرقي، ولذلك فقد سعوا إلى فصل الإسلام عن العروبة، محاولين
بذلك تأكيد انتمائهم للحضارة الإسلامية، مع محاولة إلغاء المكون العربي
منها.




لكن، إذا كان الأمر واضحا، في
علاقة بمختلف الأعراق غير العربية، فإن الغموض يلف موقف الحركة الإسلامية
في العالم العربي، التي استنسخت المشروع الحركي الإسلامي، إما في علاقة
بالمودودي أو في علاقة بالخوميني، رغم أن الرجلين كانت لهما أجندتهما
الخاصة، في علاقة بمشروعهما الفكري والسياسي، وهي أجندة لا يمكنها أن
تنسجم، بالضرورة، مع المشروع الإسلامي في العالم العربي.




إن هذا الوعي، هو الذي استطاع أن
يخترق المشروع الفكري، لواحد من أهم رموز الحركة الإسلامية (ذات النزوع
الشيعي)، وهو المرجع السيد محمد حسين فضل الله الذي دافع، بقوة، في
كتاباته عن الارتباط الوثيق بين العروبة والإسلام، وهذه شجاعة فكرية
وسياسية نادرة من مرجع شيعي، استطاع أن يتمرد على الإيديولوجية الشعوبية،
التي صاغها القوميون الفرس، منذ العصر العباسي ومرورا بالثورة الخومينية،
التي قلدت آيات الله كرسي الحكم.




يؤكد السيد فضل الله بوضوح تام:
"لا مبرر على الإطلاق لمعارضة الإسلام بالعروبة أو العروبة بالإسلام، إلا
إذا كانت العروبة جاهلية، أو كان فهم الإسلام شعوبياً مشوهاً" والسيد فضل
الله واضح هنا، في الفصل بين العروبة كامتداد حضاري، وبين العروبة كانتماء
قبلي/ عرقي ضيق (الجاهلية)، وبنفس الوضوح يفصل السيد فضل الله بين الإسلام
كواقع تاريخي لم ينفصل عن العروبة، وبين الإسلام الشعوبي، الذي تم توظيفه
لتفيكيك أوصال الهوية العربية/ الإسلامية الواحدة، إلى هويات متصارعة.




وفي رسالة غير مباشرة لقادة
الحركة الإسلامية في العالم العربي، الذين يسعون إلى استنساخ نماذج الآخر
لتوجيه الواقع العربي، يؤكد السيد فضل الله: "أنا لا أتصوّر أن معنى، بأن
تكون إسلامياً هو أن تنكر صفوف أمتك.. فلك أرض أنت مسؤول عنها، ولك شعبك
الذي هو جزء من مجتمعك ولك مستقبلك الذي يرتبط بأكثر من جانب".




هند عبيدين - أولويات الوحدة والنهوض في خطاب الإمام السيد محمد حسين فضل الله- مجلة تحولات - العدد التاسع عشر - شباط 2007-



إن السيد فضل الله يمتلك الوضوح
المنهجي الكافي، حينما يفصل بين انتمائه المذهبي الشيعي، وبين انتمائه
للعروبة، أرضا وأمة وشعبا، وهو هنا يوجه رسالة واضحة في كل الاتجاهات،
وخصوصا في الاتجاه الشيعي داخل الوطن العربي، هذا الاتجاه الذي اختلط عليه
الأمر، وتحول الكثير من رموزه إلى دعاة شعوبيين، يخلطون بين المذهب
والانتماء الحضاري للعروبة، المهد الأول للإسلام.




وفي حوار أجرته معه مجلة
المستقبل العربي، يسعى السيد فضل الله، إلى تأكيد العلاقة الوطيدة بين
العروبة والإسلام، فهو يذهب إلى أن "الإسلام يمثل هذا الدين الذي هو في
عقيدة المسلمين، والذي أنزله الله على رسوله في المنطقة العربية التي هي
منطقة الدعوة الأولى، والتي أرادت للعرب رسالة يحملونها إلى العالم" ويضيف
السيد فضل الله بكامل الوضوح: "فالقرآن انطلق في البداية لينذر أم القرى
وما حولها، ولينذر المنطقة العربية. ولقد احتضن العرب الذين دخلوا في
الإسلام، الإسلام كلّه. ومن الطبيعي أنهم أعطوه شيئاً من تجربتهم، ومن
تمثّلهم له، ومن اجتهاداتهم في فهمه، ومن حركتهم في اتجاه تحريكه في وجدان
العالم".




هذا الكلام ليس لقومي عربي
متطرف، كما يحلو للبعض أن يصور، ولكنه كلام العقلاء من الذين أدركوا
الحكمة، وخاضوا، بشجاعة أدبية، تجربة نقد ذاتي لمرجعياتهم الفكرية
والإيديولوجية، لأنهم يدركون أن التاريخ يمتلك ذاكرة حية، فهو يسجل كل
الأحداث ولا يضفي عليها نزعة ذاتية يمكن أن تغير مسارها في الكثير من
الأحيان. ولذلك، لا يمكن للشعوبية الفارسية أن تغير التاريخ، كما لم يكن
بإمكانها يوما أن تغير الجغرافيا، وذلك رغم المجهودات الجبارة التي بذلت،
منذ العهد العباسي، حيث سيطروا على الحكم، وإلى حدود سيطرتهم الراهنة على
مركز الحضارة العربية، في البصرة وبغداد.




عندما يعود السيد فضل الله إلى
هذا التاريخ المفترى عليه من قبل الشعوبيين، ويجول بعقله الباطن، لا يتردد
في الصدع بما قد يقلق راحة آيات الله في طهران، "لقد استطاع الإسلام أن
يعرّب شعوباً أخرى، وأن يعرّب الكثيرين من العلماء والمفكرين من الشعوب
الأخرى. وفي هذا المناخ، استطاعت العروبة أن تعطي الإسلام كثيراً من
حيويتها الحركية، واستطاع الإسلام أن يعطيها الكثير من خصائصه الحضارية في
مفاهيمه وتشريعاته ومناهجه، واستطاع أن يمنحها امتداداً، وأن يتداخل معها
لتصنع العروبة بالإسلام الحضارة التي قيل عنها إنها أم الحضارات".




وهذه ليست إيديولوجيا يروج لها
السيد فضل الله، بل هي حقائق تاريخية ثابتة، فالإسلام يحمل روحا عربية،
منذ بداياته الأولى وإلى حدود الآن، والمقصود بالعروبة هنا، ليس هو
الانتماء العرقي الضيق، الذي يثور عليه الشعوبيون ويستبدلونه بانتماء عرقي
أكثر ضيقا، بل العروبة كامتداد حضاري، ساهمت في بنائه شعوب مختلة من آسيا
إلى إفريقيا وأوروبا، وهذا الغنى والثراء هو الذي سمح للعروبة بدمج
الإسلام، كمكون أساسي، ضمن رصيدها الحضاري.




مجلة المستقبل العربي- العدد 281/ تموز 2002، حوار هاشم قاسم - محور: "العلاقة بين العروبة والإسلام".



إننا حينما نقدم موقف مرجع شيعي
كبير، حول علاقة العروبة بالإسلام، فإنما نبتغي توجيه رسالة واضحة إلى كل
أقطاب الحركة الإسلامية، وخصوصا من نهل منهم من فكر الخوميني أو المودودي،
مفادها أن العروبة تمثل روح الإسلام، ولذلك لا يمكن أن نفهم رسالة الإسلام
فهما عميقا، إلا من داخل البراديغم الثقافي العربي.




2- مراجعات الموقف القومي.. الأستاذ ميشيل عفلق نموذجا



يعتبر الأستاذ ميشيل عفلق، الأب
الروحي للتيار القومي العربي، مجسدا في أحزاب البعث، وهو بالإضافة إلى
كونه من كبار القادة السياسيين، فهو كذلك، من بين أهم رموز الفكر العربي
الحديث. بدأ الأستاذ ميشيل عفلق حياته الفكرية والسياسية مدافعا عن
التجربة العلمانية في العالم العربي، وهو بذلك كان منظرا للفصل بين
العروبة والإسلام، معتبرا أن استعادة الأمجاد العربية، يجب أن يمر،
بالضرورة، عبر الخيار القومي، لأن الإسلام يجمع مختلف الأعراق والأمم، وهو
بذلك ليس مؤهلا لبناء تجربة سياسية عربية ناجحة. هذا ما كنا نعرفه عن رجل
البعث الكبير لكن، هناك زوايا ظلت مجهولة في مشروعه الفكري والسياسي، ولم
نعرها الاهتمام الكافي كباحثين ومتابعين، كما لم يعرها مناضلو أحزاب البعث
الاهتمام الكافي كذلك.




يحدثنا الأستاذ منير شفيق عن هذه
الزوايا المجهولة في مشروع عفلق فيقول: منذ حقبة السبعينات - واستقرار
ميشيل عفلق بالعراق- بدأت قسمة الحديث عن الإسلام في مشروعه، فاتسعت مساحة
الحديث عن الإسلام، وضمن هذا التطور أخذ الرجل يلقي الأضواء على الدور
المحوري والمصيري (لاكتشافه الإسلام)، منذ فجر حياته الفكرية والنضالية..
واكتشافه خصوصية العلاقة بين الإسلام والعروبة.. والدور المحوري والمصيري
لهذا الاكتشاف في تميز صيغة البعث عن الصيغ التي كانت سائدة في ساحة الفكر
و السياسة العربية في عقد الأربعينيات.. صيغ القومية المجردة من الدين،
كرد فعل ضد هيمنة الدولة العثمانية على العالم العربي، أو تقليد للقوميات
الغربية العلمانية، والصيغة الليبرالية الغربية.. وكذلك الصيغة الماركسية
الشيوعية المادية. محمد عمارة- التيار القومي الإسلامي- 1997- ص: 166




إن ما يهمنا من هذا الكلام، هو
التأكيد على المراجعات الفكرية التي خاضها الأستاذ ميشيل عفلق في علاقته
بالإسلام، وهي مراجعات ترتبط، بالتأكيد، بموقفه الجديد من العلمانية، كما
صاغها المشروع القومي. ويمكن التوقف في هذه المراجعات عند مرحلتين:




* خلال المرحلة الأولى، حاول
الانفتاح على الإسلام كتجربة سياسية، استطاعت توحيد القبائل العربية
المتناحرة في دولة واحدة، ولذلك، فقد كان يعلن أن ما يعنيه من الإسلام هو
إسلام التجربة فقط، لأن إسلام الدين الصرف مفرق للأمة وليس جامع لها. محمد
عمارة - ص: 167.








* خلال المرحلة الثانية، انتقل
الأستاذ ميشيل عفلق إلى الربط بين الإسلام الدين والإسلام التجربة، فاخذ
يطور فكره حيال هذه القضية، فتناثرت في كتاباته الإشارات إلى الربط بين
الإسلام (الدين) والإسلام (التجربة) - محمد عمارة - ص: 167.




وكنتيجة لهذا التطور في فكر
الأستاذ ميشيل عفلق، فقد أصبح الإسلام يمثل ركيزة أساسية ضمن مشروعه
الفكري والسياسي لكن، أحزاب البعث لم تكن مؤهلة لتقبل هذه المراجعات
الفكرية الجريئة، لأنها كانت تنظر إليها كتهديد للخيار العلماني للدولة،
هذا الخيار الذي يحفظ مصالحها، في مواجهة المد الإسلامي المتنامي، والذي
تمثله جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت الشغل الشاغل لقادة أحزاب البعث،
وخصوصا في مصر وسوريا، التي عاشت على إيقاع مواجهات عنيفة، بين الجماعة
والأنظمة البعثية الحاكمة.




لكن، ورغم فشل التجربة على مستوى
الممارسة السياسية، فإن الأستاذ ميشيل عفلق، واصل طريقه مدافعا عن العلاقة
العضوية بين العروبة والإسلام، فهو حينما يتحدث عن هذه العلاقة يؤكد،
"الصلة بين العروبة والإسلام، كما نراها ونؤمن بها، هي صلة عضوية لا يمكن
أن تنفصم، صلة تاريخ، وهي مستمرة منذ القدم، حية لا تموت، وهي أيضا صلة
تجديد.




ولذلك، فإن الأستاذ ميشيل عفلق
لا يتصور أي نجاح للنهضة العربية، من دون استحضار هذه الرابطة العضوية بين
العروبة والإسلام، "النهضة العربية ستكون نهضة شاملة، نهضة في الفكر ونهضة
في الدين ونهضة في الفن، ونهضة في البناء المادي والاقتصادي، ولذلك صلة
العروبة بالإسلام، بصورة خاصة، صلة تجديد، أي إننا نستمد من فهمنا الثوري
لحركة الإسلام قوة ثورية لتجديد عقليتنا، ولتجديد أوضاعنا الاجتماعية
والفكرية".




وللأستاذ ميشيل عفلق ذاكرة حية
ويقظة، تمكنه من إدراك القوة الكامنة في اتصال العروبة بالإسلام، هذه
القوة التي اندفعت خلال مرحلة تاريخية ما، وتمكنت من تأسيس دولة عربية/
إسلامية مترامية الأطراف، "إن أمتنا قد عرفت عند ظهور الإسلام ما لم يتسن
لأية أمة أخرى أن تعرفه، نحن كعرب عندنا هذا الرصيد الروحي، إذا حرصنا أن
نبقي صلتنا حية بيننا وبينه، فإننا نعطي لثورتنا العربية ضوابط أخلاقية،
وجوا فيه هداية وفيه ردع، وفيه ضوابط كثيرة نحن بحاجة ماسة إليها". ميشيل
عفلق - في سبيل البعث- ج 3- ص: 84- 85




لكن، الأستاذ ميشيل عفلق في
تنظيره للعلاقة بين العروبة والإسلام، لا يندفع وراء غرائزه مغمى عليه
كحال الكثير من ضحايا التخدير الإيديولوجي، ولكنه يمنح هذه العلاقة طابعا
استراتيجيا، فهو عندما يعود إلى الماضي، يجد أنه "بدون الإسلام كان يمكن
لهذا الشعب العربي أن يبقى بعقلية قبلية، وبرغم سبق العروبة للإسلام، فإن
النهضة العربية الأولى التي اقترنت برسالة الإسلام الدينية، هي التي
كونتهم (العرب) كأمة. ميشيل عفلق آفاق عربية - ص: 9 - عدد أبريل 1976.




وهكذا، يستنتج، في علاقة
بالمشروع العربي الحديث، "أنه من الطبيعي أن يحتل الإسلام، كثورة عربية
فكرية أخلاقية اجتماعية ذات أبعاد إنسانية، أن يحتل مركز المحور والروح في
هذا المشروع الحضاري الجديد لأمة واحدة ذات تاريخ عريق ورسالة حضارية
إنسانية". ميشيل عفلق - صحيفة (الثورة) العراقية 06-11-1985




ويجادل الأستاذ ميشيل عفلق،
بالدليل التاريخي والمنطقي، كل من يمكنه أن يشك في جدوى هذه العلاقة، بل
وفي إمكانية تحققها بالأحرى، وذلك لأن "هذا الارتباط بين العروبة
والإسلام، في نظره، هو واقع حي تعيشه الأمة، وتتنفسه كالهواء، ولا يحتاج
لإثباته إلى براهين وأدلة، إنه نتاج القرون والأجيال، ولكنه قبل كل شيء هو
إرادة إلهية طبعت الحياة العربية" ميشيل عفلق في سبيل البعث- ج5 - ص: 72




ويضيف مؤكدا قوة الالتحام بين
العروبة والإسلام، "إن الإسلام هو وطن الأمة العربية الروحي والمادي، بكل
ما تحمل كلمة وطن من معاني حب الأرض والأهل، وحب اللغة والتاريخ" ميشيل
عفلق- في سبيل البعث- ج3- ص: 269.




لكنه، يستدرك في رد غير مباشر
على الدعوات البعثية، التي تعارض بين الإسلام والحرية، باعتبار أن الإسلام
سيفرض قيودا على الحضارة العربية وسيمنعها من التقدم، "ولئن وجدت شعوب
تنشد الحرية بالانعتاق من الدين، فالأمة العربية تجد حريتها في الفهم
المتجدد للإسلام". ويذهب الأستاذ ميشيل عفلق بعيدا في دفاعه عن العلاقة
بين العروبة والإسلام، حينما يصرح: "ولذلك، فإن الدفاع عن الإسلام هو مهمة
القوميين الذين يريدون أن يبقى للأمة العربية سبب وجيه للبقاء". ميشيل
عفلق في سبيل البعث- ج3 - ص: 224.




بصراحة، لقد ذهلت وانأ اطلع على
هذه الأفكار الحكيمة لأستاذ وقائد التجربة القومية في العالم العربي،
والتي تتعارض مع كل ما يروج عن الرجل، في علاقة بانتمائه المسيحي من جهة،
وكذلك في علاقة بقناعاته القومية/ العلمانية من جهة أخرى. لكنني في نفس
الآن، أشعر بخيبة أمل كبيرة، لما آلت إليه هذه الأفكار النيرة من مصير
مأساوي، على أيدي سماسرة أحزاب البعث، الذين لا يهمهم سوى السيطرة على
الشعوب، باعتماد الإكراه المادي والرمزي، وهذا كان سببا كافيا للسقوط
المدوي الذي يضرب أحزاب البعث، من المشرق العربي إلى مغربه.




على سبيل الختام



إن الذين يزعمون إمكانية الفصل
بين العروبة والإسلام، من الإسلاميين والقوميين، لا يستوعبون الكثير من
معطيات التاريخ والثقافة ولذلك، فهم يتصورون، بشكل مختزل، أن الإسلام
أحكام شرعية وشعائر، لكنهم يجهلون أن الإسلام، في العمق، رؤية للعالم
Vision du Monde
، تشكلت عبر قرون من التفاعل الثقافي والاجتماعي والسياسي، الذي كان مؤطرا بمرجعية فكرية عربية Epistémè ومشبعا بمتخيل عربي Imaginaire.
وكل هذا يدفعنا إلى التأكيد، من منظور علمي، على أن الثقافة نظام في غاية
التعقيد، وليست مكونا ماديا، يمكن تحليله باعتماد نظريات الفيزياء. لذلك،
يظل واجب العلوم الإنسانية، هو التنبيه إلى مواطن الخطر، الذي لا يشعر به
السياسي/ الإيديولوجي إلا بعد أن يداهمه في عقر داره. ونحن هنا لا نتحدث
في المجردات، بل إن الواقع يؤكد صلاحية هذا التحليل.




ففي علاقة بالنموذج الإسلامي
الحركي الذي حاول إلغاء المكون العربي، فإنه لم يظفر من الحضارة الإسلامية
إلا بالفتات، أما الباقي، فهو ترسبات تجد امتدادها في الأصول الثقافية
والاجتماعية والسياسية ما قبل الإسلامية، ويمكننا هنا أن نستحضر النموذج
الأفغاني، وكذلك النموذج الإيراني... وفي كلا النموذجين تم الاستناد إلى
الإسلام لكن، بعد إفراغه من متخيله العربي وبعد تكسير نموذجه الثقافي،
وكذلك بعد تفكيك رؤيته إلى العالم، والنتيجة هي كما نرى، في أفغانستان ما
زالت البنى الاجتماعية والثقافية والسياسية ما قبل الإسلامية هي السائدة،
رغم لباسها الإسلامي. وفي إيران نموذج اجتماعي وثقافي وسياسي فارسي قديم،
يستمد شرعية استمراره حاضرا بالاستناد إلى تأويل النص القرآني وأحداث
التاريخ الإسلامي، كي تستجيب لنزوات آيات الله في تحقيق النموذج
الإمبراطوري القديم.




وفي علاقة بالنموذج القومي، فإن
الأمر لا يختلف عن سابقه، لأن القوميين العرب الذين سعوا إلى إلغاء المكون
الإسلامي، باعتماد قراءة مبتسرة للعلمانية فشلوا، في الأخير، في بناء
نموذج اجتماعي وسياسي وثقافي منسجم، بل إن محاولة إلغاء البعد الإسلامي
ساهم، إلى حد بعيد، في إفشال المشروع السياسي والاجتماعي والثقافي العربي
الحديث بل، على العكس من ذلك، تم فتح المجال لعودة الروح القبلية القديمة
التي ساهمت في تفكيك أوصال المجتمع والدولة، عبر إشعال حروب طائفية، كانت
الأنظمة السياسية، في البداية، تستثمرها لفرض هيمنتها على المجتمع
والدولة، قبل أن ينقلب السحر على الساحر، لتصبح هذه الأنظمة، نفسها، ضحية
استعادة المكبوت القبلي القديم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

في العلاقة بين العروبة والإسلام.. نماذج في النقد الذاتي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

في العلاقة بين العروبة والإسلام.. نماذج في النقد الذاتي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: استـــراجيــات متحـــــــــــــــولة يشاهده 478زائر-
انتقل الى: