كيسنجر: العراق مركز استراتيجي سيتقرر مصير الصراع مع الجهاد الثوري وايران


اتهم ادارة اوباما بالاهمال وطالبها بالتزام واضح واعترف بدور امريكي في زعزعة معادلة القوة في المنطقة





























لندن ـ 'القدس العربي': كتب وزير الخارجية الامريكي
السابق هنري كيسنجر مقالا في 'واشنطن بوست' علق فيه على خطاب حالة الامة
الذي القاه الاسبوع الماضي الرئيس الامريكي باراك اوباما، وقال الوزير
السابق انه منذ وصول الادارة الحالية للحكم فانها حاولت تجنب الحديث عن
البعد الاستراتيجي الجغراقي للعراق وعلاقته بالمصالح الامريكية، وفي الوقت
الذي يتم اخراج العراق من النقاش السياسي الامريكي فان واقعه يظل مفروضا
على الوعي الامريكي.
ويرى ان الانسحاب الامريكي من هناك لن يغير من حقيقة اهمية العراق الجغرافية والاستراتيجية.
واشار
الى ان بلاد الرافدين كانت ولا تزال منطقة استراتيجية في المنطقة الشرق
الاوسط، ومصادر وثروات العراق تؤثر على مصالح دول ومناطق بعيدة عنها. وقال
ان خط الانقسام السني الشيعي في العالم يجري من مركزها، بالتأكيد من
عاصمته. وهناك المناطق الكردية التي تقع غير مرتاحة بين تركيا وايران
والمعادون لها داخل العراق نفسه.
وقال انه ليس من مصلحة امريكا ترك
المنطقة، اي العراق وهي تعيش حالة من الفراغ، مثلما من غير الممكن فصل
العراق عن الصراع مع الجهاد الثوري. ويعتقد ان نتائج غزو العراق ستؤثر
قطعا على التوازن النفسي في الحرب ضد الراديكالية الاسلامية، خاصة اذا نظر
للانسحاب الامريكي الجاري من العراق على انه هزيمة وتراجع من المنطقة.
ويلاحظ كيسنجر ان العراق اختفى وبشكل كبير من النقاشات حول السياسات في
واشنطن. ويرى ان الادارة عينت مبعوثا خاصا لكل منطقة حيوية ومهمة للسياسة
الخارجية الامريكية باستثناء العراق، البلد الذي يقول ان تطوره سيساعد على
تحديد علاقة امريكا بالتيارات السياسية في المنطقة وطريقة الحكم عليها.
ودعا الوزير السابق ادارة اوباما للعثور على صوتها من اجل ايصال رسالة
مفادها ان العراق لا يزال يلعب دورا مهما في الاستراتيجية الامريكية.
ويعتقد
ان الزيارات العابرة من قبل مسؤولي الادارة الكبار مهمة من ناحية رمزيتها
ولكن من اجل ماذا؟ ومن هنا يدعو الى استمرارية عملياتية وهي ضرورية من
ناحية بعدها الاستراتيجي في منطقة يلوح فيها التهديد الايراني اكثر من اي
وقت مضى. وقال كيسنجر ان التوازن بين العراق وايران قبل الغزو كان حقيقة
اساسية وجيواستراتيجية معروفة في المنطقة.
واضاف ان الحكومة كانت في
بغداد حينئذ ديكتاتورية يسيطر عليها السنة. ولكن البنية الديمقراطية
الجديدة التي نشأت بعد الحرب ويسيطر عليها الشيعة لم تعمل على بناء
التوازن المناسب والمطلوب بين السنة والشيعة والاكراد وهي محتويات العراق،
فيما لم تتضح بعد طبيعة علاقتها طويلة الامد مع ايران. ومن هنا وفي حالة
سيطرة المتطرفين من الجانب الشيعي واصبح الطرف الشيعي المتسيد على السنة
والاكراد ومناطقهم وتطورت العلاقة مع ايران فاننا سنشاهد، كما يقول،
انحرافا جذريا في التوازن الاستراتيجي في المنطقة وهو ما ساهم الامريكيون
بجزء منه كما يعترف كيسنجر.
ويرى ان ما سينجم عن العراق سيترك آثاره
على السعودية اهم دولة في الخليج ودوله الباقية وعلى لبنان الذي تقوم
ايران فيه بتمويل حزب الله، والذي يدير دولة شيعية داخل الدولة، كما يقول
الوزير الامريكي السابق. كل هذا يجعل من الدور الامريكي اساسيا في اثناء
تطور سياسة العراق الداخلية والخارجية. واشار الى الجمود في جهود ادارة
اوباما من ناحية الحوار مع ايران حول مشاريعها النووية. وايا كان الامر،
يجب التوصل لحل للازمة مع ايران بالطرق الدبلوماسية او بأخرى، فالاستقرار
السياسي في المنطقة سيعتمد على قدرة امريكا على تحقيق تساو في القوة بين
العراق وايران وبدون تحقيق هذا فالمنطقة ستظل تواجه خطر العيش على تلة من
المتفجرات القابلة للاشتعال في اي وقت.
وقال ان الخطاب الرسمي
الامريكي حول العراق يظل في النهاية متعلقا بمستويات سحب القوات منه. وحتى
الاشارة الى العراق في خطاب اوباما عن حالة الامة لم يأت كنقطة مهمة ولكن
في السياق العام للسياسة الخارجية. ويلاحظ كيسنجر ان الادارة لم تدع
مسؤولين كبارا من العراق لواشنطن الا في مرات قليلة وظل استقبالهم باردا.
وفي النهاية دعا الادارة لان يكون لها دور مهم وهكذا يجب النظر اليها وان
لديها اهدافا اخرى بعد تحقيق الانسحاب. وعليه يجب ان تعبر عن التزام واضح
ومهم للمنطقة. واثناء تنفيذ استراتيجية الخروج يجب ان نؤكد على ان تظل
الاستراتيجية مرتبطة بالخروج.