تاريخ النشر: السبت 28 مايو 2011
تم التحديث: السبت 28 مايو 2011
تشتهر طنجة، التي استضافت في السابق مشاهير المستوطنين الأوروبيين، اليوم
بأنها وجهة لرواد الشواطئ. ولكن تعيد المدينة وضواحيها تعريف ذاتها، في ظل
إقامة مارينا ساحرة بطول الساحل وعدد من الفنادق الفخمة. توجد أيضا طنجة
السرية التي تتطلب الدعوة إليها، حيث لا يستطيع السائح العادي رؤيتها.
تعاني طنجة من شهرة لا تحسد عليها، وإن كانت اليوم لا
تستحقها. يستحضر اسم المدينة في حد ذاته عالما من التآمر والانحدار
والمخاطر، الذي من السهل تخيله اليوم، حيث تكشف الحواري الضيقة الملتوية عن
بيوت تفصل بينها مسافات بمقدار أصابع اليد، تميل على بعضها البعض وكأن كل
بيت يهمس في أذن جاره. إنها أقدم مدينة يقطن بها سكان في المغرب، حيث
البوابة الأصلية لأفريقيا من جهة أوروبا، والتي تداعت على حكمها القوى
المختلفة عبر آلاف السنين. تتميز طنجة التي تبعد عن إسبانيا بمسافة 15
كيلومترا عبر مضيق جبل طارق وتعد البوابة الغربية للبحر المتوسط، بأنها
مدينة عالمية متسامحة.
تشتهر المدينة التي استضافت
مشاهير المستوطنين الأوروبيين بأنها وجهة لقضاء الإجازات على الشاطئ. ولكن
تعيد طنجة وضواحيها تعريف ذاتها حيث تقام مارينا رائعة بطول الساحل وعدد من
الفنادق الفخمة، مثل «لوميراج» على منحدرات صخرية تطل على شاطئ خاص يبدو
ممتدا بلا نهاية. وهناك أيضا جالية عالمية ما زالت تعتبر طنجة موطنا، بدلا
من مجرد محل إقامة ثانوي، حيث تزوجوا منها وفي حالات عديدة تركوا ممتلكاتهم
لمغاربة بعد وفاتهم.
أوصى الكاتب البريطاني ديفيد
هربريت بمنزله لجاودي نور الدين، الذي كان يعتني به حتى وفاته. يستقبل نور
الدين حاليا ضيوفا بمقابل في المنزل الذي يعبر عن سيمفونية على الطراز
المغربي، حيث تعكس الأقواس المغربية غرفة ذات زينة مبهجة تلو الأخرى،
وأقمشة وأثاث محلى الطراز، وأحد أروع الحدائق التي يمكن تخيلها. احتسينا
الشاي بالنعناع خارج المنزل في فبراير (شباط)، بينما كانت الطيور تزقزق
ونبات الجهنمية يتألق بلونه الوردي على الجدران الملونة.
هناك
طنجة السرية، إنها زيارة المدينة بدعوة، والتي لن تدركها إلا إذا كنت تعرف
شخصا مناسبا مثل نور الدين. قيل لي مرارا وتكرارا: «أكثر الأشياء الممتعة
في طنجة لا يراها السائح العادي، «ومن حسن حظي أن أتعرف على بعض من تلك
الأشياء الممتعة عن طريق أشخاص مضيافين مثل آن لامبتون، التي تقيم حفلات
غداء وعشاء لوكلاء السياحة المتخصصين في منزلها، فيلا بالما. وتقدم شركتها
أيضا سيكريت هومز آند غاردنز رحلات خاصة إلى الحدائق في المغرب. أعد طاهي
آن لامبتون، الذي أوصت آن بالفعل بأن يرث ممتلكاتها، في ذلك اليوم طعاما من
المطبخ المغربي المحلي.
في قلب المدينة القديمة، زرت
منزلا غير عادي، يملكه الأسترالي باري ستيرن الذي جمع أعمالا أثرية ومعاصرة
من جميع أنحاء العالم في قصر مصغر. ومثل الآخرين، كنت «أزور» المدينة،
ولكني كنت محظوظة للتعرف على الأماكن الرئيسة لبيع الآثار والأعمال اليدوية
المغربية. في متجر عبد اللطيف المليء بالكنوز، قيل لي: «إذا اشتريت سجادة
ووجدت لدى عودتك إلى بلادك أنها لا تعجبك، يمكنك أن تردها وتسترد ثمن
الشراء الأصلي، وإن كان بعد مرور عشرين عاما». وفي متجر ماجد، وجدت مجوهرات
رائعة، وبعض من قطع الكهرمان القديم الثمين للغاية لدرجة أنها تعرض في
مجموعة خاصة.
تتسم المدينة القديمة في طنجة خصوصا بجو
من المشاهد المحيرة، حيث تسير سيدات محجبات حتى يتوارين داخل الحواري
المظلمة، التي تفوح عراقة وقدما «ولكن ليس بروائح مريبة - فحتى أسواق
الأسماك واللحوم رائحتها لطيفة». تعد المدينة سوقا قائمة على الدوام لسكان
الريف المحيط بها. وفي أيام الخميس والسبت، تأتي نساء البربر من الجبال
المنحدرة من أجل التجارة، مرتديات قبعات من القش على أطرافها كرات سوداء،
وملابس مخططة من اللونين الأحمر والأبيض.
يمكن رؤية
هؤلاء السيدات البربريات من جديد في قلب المدينة القديمة في تطوان، المركز
القديم التاريخي المذهل لشرق طنجة. تعني تطوان باللغة البربرية «افتح
عينيك»، على الأرجح في إشارة إلى سرعة إنشائها في القرن الخامس عشر على يد
اللاجئين الأندلسيين. جلب المستوطنون المسلمون واليهود المطرودون من جنوب
إسبانيا تراثا معماريا وفنيا ظهر في الشرفات الدقيقة المصنوعة من الحديد،
والجبس المزخرف والخزف اللامع. يطلق سكان تطوان على مدينتهم «ابنة غرناطة».
تتباين عظمة البناء القديم في واجهة الشوارع الواسعة المستقيمة مع فوضى
الحواري الصغيرة في المدينة القديمة التي تضج بأنواع النشاط التجاري
والحرفي. ويتميز سكانها بابتسامتهم وترحيبهم بالدفء والحميمية. لاحظ صاحب
متجر مطلي باللونين الأحمر والأخضر أنني أصور الطبول التي يصنعها، فوقف في
فخر يحمل صورة لفرقته.
تتباطأ الوتيرة في بلدة أصيلة
الصغيرة الخاملة الساحرة، التي يتلاقى فيها البحر عند متاريس برتغالية ترجع
إلى القرن التاسع عشر. كان قصر الريسوني مقرا للص الشهير أحمد الريسوني
الذي نجح في الحصول على فدية كبيرة مقابل الإفراج عن مراسل «التايمز» والتر
هاريس الذي اختطفه وأصبح بعد ذلك صديقا له. أصبح القصر حاليا مقرا لإقامة
مسابقات بين الرسامين والشعراء والموسيقيين كل أغسطس (آب). وتشتهر أصيلة
بجدارياتها التي ترسم على كل مساحة متاحة خلال مهرجانها الثقافي الذي يستمر
لمدة يومين، والذي يقام بعده معرض للخيول.
تجذب تطوان
وأصيلة وبلدة شيشاوة الجميلة، وبالطبع طنجة ذاتها المسافرين إلى تلك
المنطقة بعيدا عن الفنادق وحمامات السباحة والشاطئ. ينجذب اليوم نوع آخر من
الزوار إلى هذا الساحل الرائع حيث يجتمع المحيط الأطلسي مع البحر المتوسط
وتلامس إسبانيا المغرب. لقد بدأ نادي اليخت العالمي في إدراك قيمة اختلاف
هذين العالمين. على مدار عشرة أشهر في العام تتنافس ميناء منتجع مارينا
سمير مع ماربيلا في الهدوء والمساحة. وفي يوليو (تموز) وأغسطس (آب) فقط
تزداد حركة وصول العائلات المغربية القادمة من الرباط والدار البيضاء إلى
منازلهم الثانية حول مارينا أو فندق حياة وكابو نيغرو، حيث يوجد أيضا حوض
لليخوت وملعب غولف. كما يوجد موقع رائع للصيد عند المضيق.
لقد
ظهر السر بأن هذا الجزء من ساحل شمال أفريقيا هو الريفييرا الجديدة. وليس
سرا أن «موسم» طنجة الرسمي يبدأ في الأول من أبريل (نيسان) وينتهي في 15
نوفمبر (تشرين الثاني)، ولكن نصيحتي هي الذهاب إلى هناك في أقرب وقت، في أي
فترة من العام.
الرئيسية 
الأحداث 
المنشورات 