** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 وحل الوطن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

وحل الوطن Empty
10042016
مُساهمةوحل الوطن

محسن الغالبي - السويد
وحل الوطن
وحل الوطن Muhsen_ghalebi-45f8c
= انظري؛ الثلوج تغطي الشوارع حتى يكاد يصعب المشي فيها.
التقطت صورة وأرسلتها على الفايبر. كنت أود أن أقول إن الحياة ليست بالصفاء الذي يتخيله سجناء الوطن.
قالت: "لا علم لي، أنا خبيرة بوحل الوطن لا أكثر. لا خبرة لي بالغرب". وأحجمت عن إضافة تاء التأنيث إلى الكلمة الأخيرة رفقا بي. أحسست بذلك رغم المسافات الشاسعة بيننا.
قلت: برغم كل السنين هنا ما زالت الغربة تحول بيني وبيني.
= تحاشيت مفردة الغربة أنا، فلم تعيد أنت ذكرها؟
= من أدمن الغربة يدمن ذكرها، ثم تداركت: إن في الوطن غربة أخرى. ألم يقل القاسم: "يفرقنا العالم اليعربي، ويجمعنا العالم الأجنبي، ونبقى أجانب في العالمين"[1].
= تالله تفتأ تذكره حتى تكون حرضا[2].
= ذكرتني وما نسيت عهودا = = لو سلا المرء نفسه ما سلاها[3].
صمتنا لحظة، لا أدري أين شطحت بأفكارها وأين شطحت بأفكاري. ما كنت متيقنا منه تلك اللحظة أن أفكارنا حلقت صوب سماء لا أفق لها، رحيبة رحابة الوجود الآخذ في الاتساع، رحابة خالقها؛ رحابة العشق.
أقفلت هاتفي وأكملت مسيرتي الثلجية،أحسست بالتشنج يسري في عضلات ساقيَّ يصاحبه أحساس موجع بالوحدة اذ يُجبر المرء على السكن في نزل قد خُصص معظمه لإيواء اللاجئين الجدد وبعض المدمنين والعاطلين عن العمل، في وقت كنت أكملت فيه سنتي الخامسة عشرة في بلد أمسيت فيه أدور حول نفسي تماما كثور المطاحن، ويصاحبه أحساس مقزز بالعار ذلك أن البيت الذي كنت أسكنه يقبع هناك على مسافة ميلين فقط، لكنني لا أملك الحق في طرق بابه خشية أن تقبض عليّ شرطة المدينة بتهمة التحرش.
هكذا كانت بلاد الغربة: تحفظ لي ماء وجهي الذي أنقذته من بلدي الذي مرغ وجهي بالتراب وبالرماد، فكنت "كالمستجير من الرمضاء بالنار"[4].
أمسيت هكذا ككرة البندول بين بلد أحبه ولا يحترمني، وبلد أحترمه ولا يحبني. يجذبني الحنين إلى الأول وأقرف فيه من كل شيء، وتنحرني الغربة في الآخر وتشدني إليه غربتي عن الأول. فلا أنا لذاك ولا أنا لهذا.
لطالما حاولت أن أشطر نفسي بينهما، فاستحلت إلى شطرين لم يجتمعا قط. ربما كان عليَّ أن أنسى نفسي شطرا من العمر أو ما تبقى منه، وأنى لي ذلك.
صرت أجوب الطرقات كتائه أو مشرد أنصت في أذني اليسرى إلى موسيقى نيكوس[5] "الحب السري" (Secret Love) أعيدها مرارا وتكرارا. وترن في الأذن الأخرى كلمات نزار : "إني مرساة لا ترسو = = جرح بملامح إنسان"[6].
هجرتُ المنزل متجها صوب المدينة، كانت خاوية من سكانها كأنما "أفنتهم أيدي الزمان"[7]، وقفت وسط ساحتها المركزية؛ كانت مهجورة وواسعة إلى حد يكاد يخنقني، لم يكن هناك من أحد قط سوى فتاة بسن ثلاث سنين وشعر مجعد مبعثر بشكل رائع، رمقتني بعينين عسليتين ومدت يدها تطلب يدي، وشرعنا نرقص.
كانت بالكاد تمس أقدامنا أحجار الساحة، كنا نطوف كما تطوف النجوم حول مداراتها، وحين أسرعنا الطواف بدت تحوم حولي كأنما تطوف فوق ماء . حاولت الإمساك بيدها خشية الإفلات لكن أناملها كانت رقيقة فخشيت أن اخدشها.
أفلتت مني واختفت بردائها البنفسجي تاركا وراءها هالة بلونه ما زالت تصيب عيني بالعشو في كبد النهار.
جثوت على ركبتي وسط الساحة منهكا. كنت وحيدا، أضارع وحشة الفراغ هناك فتصرعني.
رأيت الهاتف يومض تاركا رسالة منها:
"أنا وطنك
العشق هو الوطن الوحيد الذي يجمعنا
وكل ما عدا ذلك يفرّق.
هـ ."
= = =
=1= من قصيدة للشاعر الفلسطيني سميح القاسم ألقاها في دمشق عام 1998 كنت حضرتها.
=2= الكلمات مقتبسة من الآية 85 سورة يوسف: "قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين".
=3= من قصيدة للشاعر العراقي كاظم الأزري.
=4= مثل عربي شائع.
=5= نيكوس: موسيقار يوناني معاصر يعد من أحذق عازفي الكمان.
=6= من قصيدة "نهر الأحزان" للشاعر نزار قباني.
=7= من خطبة لللإمام زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

وحل الوطن :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

وحل الوطن

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
انتقل الى: