** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 قيمنا الأخلاقية: بين التشريع الإلهي والإنساني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمادي
فريق العمـــــل *****
حمادي


عدد الرسائل : 1631

تاريخ التسجيل : 07/12/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

قيمنا الأخلاقية: بين التشريع الإلهي والإنساني Empty
11032016
مُساهمةقيمنا الأخلاقية: بين التشريع الإلهي والإنساني

قيمنا الأخلاقية: بين التشريع الإلهي والإنساني Ouo_0010
قيمنا الأخلاقية: بين التشريع الإلهي والإنساني New_morality_-_or_-_the_promisd_installment_of_the_high-priest_of_the_theophilanthropes_with_the_homage_of_leviathan_and_his_suite_by_james_gillray_2“أي حيوان كان, متصف بغرائز إجتماعية واضحة المعالم, من بينها العاطفة الوالدية والولدية, سيمتلك حتماً حساً أخلاقياً أو ضميراً, ما أن تصبح ملكاته العقلية متطورة بقدر الإنسان أو مقاربة له.”- تشارلز دارون
“أرني فعل خير فعله المؤمنون, وسأتيك بملحدين فعلوا مثله. ولكن هنالك أفعال شر لم يقدم على فعلها إلا المؤمنون.”- كريستوفر هيتشنز

الحبل الممدود الى الماكنة العظمى
كل أديان العالم تزعم أنها الحكم الأمر والناهي على السلوك البشري بمعاييره الأخلاقية, وينعى قادتها بإستمرار – منذ نشأتها والى اليوم – ما يدعون أنه التفسخ الأخلاقي الذي يرونه في المجتمع. ويؤكدون أن لهم الحق في إخبار سائر البشر ما هو الصح وما هو الخطأ لأنهم يملكون حبلاً ممدوداً خاصاً يصلهم بماكنة تعريف الصح والخطأ – أي علم الله.
بل حتى المؤسسات العلمانية تقر لهم بهذا الزعم. فكلما ظهر شأن أخلاقي في ميدان السياسة, مثل بحوث الخلايا الجذعية أو متى يجب فصل أجهزة دعم الحياة, ينادى على رجال الدين ليقدموا حكمتهم. ومن جهة أخرى, فأراء الملحدين, المفكرين الأحرار, والإنسانيين نادراً ما تستشار وكثيراً ما تستهجن.
والمعنى هو أن الملحدين والإنسانيين هم بشكل ما أعضاء غير مرغوب بهم في المجتمع, أشخاص لن ترغب في دعوتهم الى منزلك. فوفقاً للمحامي فيليب جونسون, يعتقد “غير المؤمنين” بأن البشر أتوا من القردة, وهذه العقيدة هي مصدر لعديد من “شرور” المجتمع, بما فيها المثلية, الإجهاض, الأفلام الإباحية, الإبادة الجماعية. وبإمكاننا القول أن فيليب جونسون هذا يعتقد أن هذه الشرور ام تكن موجودة قبل أن يحيى دارون.(1)
مهما كان شائعاً قول أن الدين هو مصدر السلوك الأخلاقي, فما تقوله البيانات هو ما يهمنا. لم أرى أي أدلة على أن غير المؤمنين يقترفون جرائماً أو أي أفعالٍ غير إجتماعية بنسب أكبر من المؤمنين. بل العكس, فوفقاً لإحصائيات من مكتب السجون الفيدرالي, يشكل المسيحيون حوالي 80 بالمئة من خريجي السجون, بينما يقف تعداد الملحدين الى ما يقارب الـ 0.2 بالمئة(2). يجدر الإقرار أن هذه البيانات لم تنشر في مجلة علمية, ولكني أظن أنه من الأمن أن نستنتج أن الكفار لا يملأون السجون. فالدراسات المنشورة تشير الى أن خطر تعرض الأطفال للإيذاء الجنسي على يد فرد من أفراد العائلة يتزايد كلما كانت الطائفة الدينية للعائلة أكثر تحفظاً, أي كلما كانت تعاليم النصوص المقدسة وسائر العقائد تطبق بحرفها(3). وبالمثل فإحتمال إيذاء الزوجات تزداد مع صلابة تعاليم الكنيسة أو المسجد فيما يخص أدوار الجنسين والقوامة,(4) ولا أعتقد أنني بحاجة الى إعادة ذكر قصة المرأة في الإسلام بين الأحاديث “الشريفة” وأيات الذكر “الحكيم”.
معايير جيدة ولكنها مشتركة
هدفي في هذا الموضوع ليس أن أقر على الناس ما يتوجب فعله. فأنا هنا أحاول أن أتصرف كإنسان حيادي, أشاهد ما يفعلونه وأتساءل عما تخبرني به هذه المشاهدات حول صحة الإدعاءات التي ملأت إذناي.
يخبرنا الوعاظ بأن أي معايير أخلاقية شاملة لا يمكن أن تأتي إلا من مصدر واحد – الإله الخاص بهم. وإلا فستكون المعايير نسبية, تعتمد على الثقافة وتختلف عبر المجتمعات والأفراد. ولكن البيانات تشير الى أن أكثرية البشر من كل الثقافات والأديان أو حتى بدون الأديان تتفق على مجموعة مشتركة من المعايير الأخلاقية. ومع أنه يمكن العثور على فروق خاصة, فيبدو أن هنالك معايير شاملة. وكما لاحظ الإناسي anthropologist سولومون أش: “نحن لا نعرف عن مجتمعات تحقر فيها الشجاعة ويمجد الجبن, وفيها يعتبر الكرم خطيئة والجحود فضيلة”.(5)
ومع أننا نعيش في مجتمع القانون, فأكثر ما نقوم به لا يحدده القانون بل نؤديه نحن طوعاً. على سبيل المثال, لا يوجبنا القانون على إنشاء مؤسسات خيرية, ولكن هناك الكثير من الأفراد على مختلف معتقداتهم الدينية يؤسسون لإفعال خيرية والأمثلة هنا كثيرة. ولربما تطرح فرصاً كثيرة نفسها للغش أو السرقة, حيث تكون إحتمالية القبض علينا مهملة, ولكن معظمنا لا يغش أو يسرق. ومع أن القاعدة الذهبية (عامل الأخرين كما تحب أن تعامل) لا تطبق دوماً بالحرف, ولكننا عموماً لا نحاول إيذاء الأخرين. وبالفعل, فنحن نبدي تعاطفنا الغريزي إزاء أي شخص أو حيوان يمر في ضائقة ولربما نقوم بتصرف في محاولة لرفع الأذى عنه. نتوقف عند حوادث السيارات ونحاول تقديم المساعدة, نتصل بالشرطة حين نشهد جريمة, نرعى الأطفال, والمسنين, وأخرين أقل حظاً منا.
فكرة أن “السرقة من زملائك في العمل” غير أخلاقية لا تتطلب وحياً إلهياً ولم يقدمها الدين كمدركاً جديداً. بل يكشف عنها تأمل لحظي حول نوع المجتمع الذي قد يوجد لو سرق كل أحد من غيره. لو كان الكذب يعد فضيلة بدلاً من الصدق, لأصبح التواصل مستحيلاً. ومن الجيد معرفة أن الأمهات أحببن أطفالهن حتى قبل أن تخطو الثدييات على سطح الأرض – لأسباب تطورية واضحة. لم يقدم الدين مدركاً أخلاقياً جديداً سوى النهي عن التشكيك به.
بطبيعة الحال, لا يتفق الجميع على كل معيار أخلاقي. وقد تكون هذه الخلافات واضحة جداً, وخصوصاً ضمن مجتمعات دينية معينة: حيث تستخدم النصوص نفسها لتبرير أفعال متناقضة مع الأفعال المحرمة. على سبيل المثال, فلتقرأ التفاسير المتعارضة للوصية ضد القتل الموجودة ضمن المجتمع المسيحي والإسلامي. فالمحافظون عادة يفسرون هذه الوصية على أنها تحريم للإجهاض وبحوث الخلايا الجذعية وفصل أجهزة دعم الحياة عمن يستحيل شفاؤه بين أفعال أخرى. ولكن من يحدد يا ترى متى يصبح الجنين كياناً مستقلاً يمكن قتله؟ متى يا ترى مات ذلك المريض على فراش المستشفى بحيث أن فصل أجهزة دعم الحياة لن تكون تدخلاً في الشأن الإلهي لتحديد الأعمار؟ في محاولة للإجابة على هذه الأسئلة هم يستعينون بشكل واضح على مصادر خارج نصوصهم المقدسة. أي يمكننا القول بأن كلا الجانبين العلماني والثيوقراطي يعتقدون أن القتل لا أخلاقي وما يختلفون حوله هو طبيعة الجنين إن كان أو لم يكن ذلك النوع من الكيان الذي يمكن قتله. بعبارة أخرى, فالخلافات الأخلاقية كثيراً ما لا تدور حول ما هو جيد أو سيء بل حول جانب أخر من الواقع, لا يستعان بإدراكه بالنصوص الدينية.(6)
المثُل النبيلة
تحتوي النصوص المقدسة اليهومسيحية والإسلامية فقرات عديدة تعلم مثُلاً نبيلة كان النوع البشري قد أدى ما عليه  في تبنيها كمعايير سلوك, وحيث لاءمه الأمر, في صياغتها كقانون. ولكن دون إستشناء, فحقيقة أن هذه المبادئ تطورت في ثقافات وتاريخ أسبق تدلنا على أنها تم تبنيها عل يد – ولم يتم تعلمها من – الدين. ومع أنه من الجيد أن تعلم الأديان مدارك أخلاقية, ولكن ليس من حقها الإدعاء أن هذه المدارك ألفها الإله الخاص بها أو أي إله على الإطلاق (كما تؤكد لنا نظريات التطور الثقافي).
ربما يكون المبدأ الأساسي الذي يمكن أن تعاش وفقه حياة أخلاقية هو القاعدة الذهبية: (عامل الأخرين كما تحب أن تعامل). في المجتمع الغربي الذي تسوده المسيحية, يفترض معظم الناس أن هذا كان تعليماً أصيلاً ليسوع من موعظة الجبل, وحتى في المجتمعات العربية يظن أن هذا من مقومات الإيمان بالله, على الرغم من أنها هنا يتم حصرها على المسلمين: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
ولكن القاعدة الذهبية ليست ملكاً حصراً لقبيلة صغيرة في المتوسط يملأها الفخر بنفسها, ولا لراعي غنم في شبه الجزيرة العربية حين حصرها على المسلمين. إليك مصادر مستقلة أخرى تظهر أن القاعدة الذهبية كانت بالفعل تعليماً شائعاً قبل يسوع ومحمد بكثير:

  • في عقيدة المعنى 13, التي كتبت حوالي 500 قبل الميلاد, يقول كونفوشيوس “ما لا تريد أن يفعله الأخرون بك, لا تفعله بالأخرين”.

  • قال إيزوقراطيس 375 قبل الميلاد “لا تفعل للأخرين ما قد يغضبك لو فعله الأخرون بك”.

  • تعليمات المهابهاراتا المكتوبة قبل حوالي 150 قبل الميلاد : “هذا هو جماع كل التقوى الحقة: عامل الأخرين كما تود لنفسك أن تعامل”.(7)


في الحقيقة بإمكاننا أن نجد القاعدة الذهبية وكثير من القيم الأخلاقية الأخرى في مجمل الأديان القديمة والمعاصرة, فلا نستنتج من ذلك سوى أنها كانت جزءاً من أسس المجتمعات البشرية, تبنتها الأديان كنقطة تحسب لها.
وكمثال أخر, يفخر المسيحيون بتعاليم يسوع في موعظة الجبل أيضاً حين حض على معاملة السيء بالحسن, ومرة أخرى, فهذه تعد معاني مسيحية فريدة لدى عموم الناس, ولكن نداء “أحبوا أعداءكم” يسبق يسوع بكثير ولا يظهر في العهد القديم حتى:

  • أعامل الأخيار بالخير. وأعامل أيضاً غير الأخيار بالخير, وهكذا يُحرز الخير. أنا أمين مع الأمناء, أنا أمين مع غير الأمناء وهكذا تُحرز الأمانة (الطاوية, التاو تي تشينغ 49).

  • أقهر الغضب بالحب. إقهر الشر بالخير. إقهر البخيل بالهبة. وإقهر الكاذب بالحق (البوذية, دهامابادا 223)

  • إن كائناً أعلى لا يرد الشر بالشر؛ هذه قاعدة على المرء إلتزامها؛ إن زينة الفضلاء سلوكهم. على المرء أن لايؤذي الخبيث أو الطيب أو حتى المجرمين المستحقين للموت. إن روحاً نبيلة ستمارس التعاطف دوماً حتى تجاه من يستمتعون بأذى الأخرين أو ذوي الخصال القاسية حين يقومون بإرتكابها – لإنه من منا دون عيب؟ (الهندوسية. رامايانا, يودها كندا 115).


ما من فكرة أخلاقية فريدة لها أي أهمية يمكن العثور عليها في العهد الجديد. ففي أوائل القرن العشرين, أشار المؤرخ جوزيف مكيب الى أن “المعاني المنسوبة الى المسيح هي موجودة أصلاً في العهد القديم. فقد كانت مألوفة في المدارس اليهودية, ولدى كل الفريسيين, طويلاً قبل زمن المسيح, كما كانت مألوفة في كل حضارات الأرض – المصرية, البابلية, والفرس, الإغريق والهندوس”.(8)(9)
وكما هو الحال مع الكتاب المقدس, فالقرأن يحتوي معاني عديدة قد يعدها معظمنا جديرة بالثناء. فهو يأمر المسلمين بالبر بوالديهم, أن لا يسرقوا من الأيتام, أن لا يقرضوا المال بربا فاحش, أن يساعدوا المحتاجين, ولا يقتلوا أولادهم خوفاً من الفقر. ولكني بصراحة لا أتخيل أن النقيض من هذه الأفعال السيئة – أي القيم الحسنة – لم تكن موجودة أبداً في العشائر القريشية وما حولها. وبالفعل, فكما يشير المؤرخون : فهذه ليست مبادئ أخلاقية أصيلة, فالأديان المعاصرة لمحمد كانت تمتلئ بمثل عليا نشأت خلال التطور التدريجي للمجتمعات البشرية, حيث أصبح أكثر تحضراً طورت عمليات التفكير العقلاني (الى حد ما) وإكتشفت كيف تعيش معاً في تناغم أكبر. فالأدلة تشير الى مصدر غير الإلهامات المدعاة في هذه النصوص المقدسة, وأقرب مما يخطر على بالي هي الديانة الزرادشتية التي كانت بالفعل معاصرة لمحمد وأخذ هو بنفسه الكثير من أسسها ومدركاتها الأخلاقية)10). وبإمكاننا ان نجد جهوداً بشرية كثيرة فاقت قدرات محمد لإنتاج – أو تبني – قيماً أخلاقية معينة من شأنها تنظيم العلاقات الإنسانية في المجتمعات البدائية.
لتبقى التساؤلات التالية بحاجة الى إجابة صريحة منك: هل تمكنت الديانات من القضاء على الأفعال السيئة؟ هل خطت الديانات دستوراً يخلو تماماً من أي فعل مشين ضمن معاييرنا الحالية؟ ألم نكن بحاجة في كثير من الأوقات الى تبني قوانين تخرج عن النصوص المقدسة ونضعها كقيم إنسانية أخلاقية (كحقوق الإنسان مثلاً) ؟ لماذا تفشل تجارب السياسات الثيوقراطية وتنجح السياسات العلمانية؟
 المجتمع الطيب ضمن التشريع الإبراهيمي والتشريع الإنساني
ليس السلوك الفردي وحده, بل حتى السلوك الإجتماعي يفترض أنه منظم بيد الله, ولكن من جديد, لا يمكننا العثور على أدلة تدعم هذا الإدعاء. فإحدى الخرافات الصامدة في الولايات المتحدة هي أن الأمة فد تأسست على “مبادئ مسيحية”. ولكن دستور الولايات المتحدة هو وثيقة علمانية لا تحتوي على أي إشارة الى الله, يسوع, المسيحية, الخلاص, أو أي تعليم أخر. ومعظم الرؤساء الأوائل لم يكونوا مسيحيين متمحسين وقد بنوا إلتزاماتهم بالحرية والديمقراطية والعدالة على فلسفة عصر التنوير بدلاً من المصادر المقدسة. وكما نصها بين فرانلكين : “المنارات المضيئة أكثر فائدة من الكنائس”.
وكثيراً ما نسمع, وخصوصاً من السياسيين الأمريكيين, أن النظام القانوني هنالك يقوم على الوصايا العشر. وقد جرت محاولات لتفعيل الوصايا العشر في الأماكن العامة كمقرات المحاكم, ولحسن الحظ فقد منعتها المحاكم الى حد الأن, وإلا لما كان الأمريكان يستمتعون بالتصوير الفوتوغرافي ونحث التماثيل حسب الوصية الثانية, ولتوقفوا عن أي جهد يذكر يوم السبت حسب الوصية الرابعة. أما القيم الأخلاقية التي نجدها في النظام القانوني والإجتماعي التي فرضتها الوصايا العشر, يمكن العثور عليها في حضارات تسبق زمن موسى بكثير من الأعوام. وبالفعل, فإن شريعة حمورابي (1780 قبل الميلاد) تمثل خطوة أكثر أهمية تاريخياً في تطور قوانين العدالة, إذ لا تتضمن 10 وصايا بل 282 شريعة مفصلة (11). ربما يجدر بهذه الشرائع أن توضع على مدراج المحاكم.
خيار أخر, قد يكون قوانين صولون solon. كان صولون (558 قبل الميلاد) مفكراً أثينياً يعد مؤسساً للديمقراطية الغربية وأول رجل في التاريخ الغربي يؤلف دستوراً مكتوباً. ألغى هذا الدستور الميلاد كأساس للوظيفة الحكومية وأسس مجماع ديمقراطية مفتوحة لكل المواطنين الذكور, بحيث لا يمكن تمرير قانون دون تصويت الأغلبية. (كانت الحقوق المساوية للمرأة لا تزال بعيدة جداً). فالديمقراطية الأمريكية تدين لصولون أكثر مما تدين للشرائع العبرية الجافة (12), فلدى المسيحية والإسلام تاريخ طويل من السلطوية المستبدة مع نزعة ضئيلة الى الحرية الفردية والعدالة. لا يمكن في أي مكان من الكتاب المقدس أن تجد المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطيات وأنظمة العدالة الحديثة, بل على العكس بإمكانك أن تجد كثيراً من الأمثلة التي تؤكد وتنظم العبودية في كل من القرأن والكتاب المقدس بحيث أنها تشكل نموذجاً يصعب على المجتمعات الحرة المعاصرة أن تقوم بتفعيله.

  • إِذَا اشْتَرَيْتَ عَبْدًا عِبْرَانِيًّا، فَسِتَّ سِنِينَ يَخْدِمُ، وَفِي السَّابِعَةِ يَخْرُجُ حُرًّا مَجَّانًا. (الخروج 2:21)

  • وَٕان زَوَّجَهُ سَیِّدُهُ بام أ رةٍ فَوَلَدَت لَهُ بَنینَ وَبَناتٍ، فالمَ أ رةُ وَأولادُها یَكونونَ لِسَیَّدِهِ وَهوَ یَخرُجُ وَحدَه . (الخروج 4:21)

  • تم التطرق للعبيد في القرآن في 29 آية على الأقل ، وذكر “مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ” 15 مرة، فقد تكرر “مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ – مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ – مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ” في القرآن بالآيات التالية: سورة النساء 3, سورة النساء 24, سورة النساء 25, سورة النساء 36, سورة النحل 71, سورة المؤمنون 6, سورة النور 31, سورة النور 33, سورة النور 58, سورة الروم 28, سورة الأحزاب 50 (ذكرت مرتين), سورة الأحزاب 52, الأحزاب 55, المعارج 30.

  • بالإمكان العودة الى التاريخ الحافل للإسلام مع العبودية عبر الزمن بدئاً من الفترة المعاصرة لحياة محمد ومروراً بالخلفاء جميعاً وحتى الوصول الى الدولة العثمانية. والموضوع مفصل ويحتاج سرد طويل لن يتسع هذا المقال وحده له.


لقد سنحت الفرصة لكل من محمد ويسوع بأن يجرموا إتخاذ العبيد ولكن لم يفعل ذلك أي منهم, وأحتاج فعل ذلك الى جهود بشرية أتت بعدهم بكثير من السنين, وعلى الرغم من كون هذه الجهود صدرت من مسيحين (ومسلمين في بعض الأحيان) ولكنهم لم يتخذوا النصوص المقدسة مصدراً ملهماً لأفعالهم, بل فعل ذلك حسهم الفطري نحو العدالة وتحضر المجتمعات التي عاصروها بحيث أنها لم تعد تحتمل النموذج الثيوقراطي الذي يسمح وبشكل صريح ومباشر إمتلاك العبيد.
دعني أشير بإختصار الى الإضطهاد التاريخي للنساء. فقد قال القديس بولس: “أيتها النساء إخضعن لأزواجكن كما تخضعن للرب, لأان الرجل رأس المرأة كما أن المسيح رأس الكنيسة وهو مخلص الكنيسة وهي جسده وكما تخضع الكنيسة للمسيح فلتخضع النساء لأزواجهن في كل شيء.” (إفسس 22-23: 5). وجاء بيان محمد موازي لهذا البيان حين قال: “لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها; ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه”. ولكن المجتمعات الغربية (وقليل من المجتمعات العربية) بدأت أخيراً بالإقرار باللاعقلانية والظلم في معاملة النساء ككائنات بشرية أدنى, مما يوفر مثالاً واضحاً على كيفية تطور أفكارنا عن الصح والخطأ بشكل مستقل بل ومتناقض كثيراً مع التعاليم الدينية.
الإرهاب المقدس
يزخر الكتاب المقدس بوصف فضائع إرتكبت بإسم الإله. يندر أن تسمع ذكرها في مدارس الأحد, ولكن بإمكان أي شخص أن يفتح الكتاب المقدس ويقرأ لنفسه. سأذكر هنا بعض النصوص الأفضع:

  • ” فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا. لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ.” (العدد 31: 18-17).

  • “قالَ الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ: على كُلِّ واحدٍ مِنكُم أنْ يحمِلَ سيفَه ويَطوفَ المَحلَّةِ مِنْ بابٍ إلى بابٍ ويَقتُلَ أخاهُ وصديقَه وجارَهُ.” (الخروج 27:32)


ولا تخلوا – بل تمتلئ – الأدبيات الإسلامية بالحض على الإرهاب والقتل والعنف, وإن كنا سنذكر القرأنية منها فلنرجع الى كل من المائدة:33, الأحزاب:26, التوبة:12, التوبة:36, البقرة:216, الأنفال:65, الانفال:65, محمد:4, التوبة:29, البقرة 191, كل هذه الأيات فيها تحريض صريح على أبشع ما يمكن تخيله للقتل بإسم الدين والإله والثأر. ويمكن أن نضيف ما ذكرت أعلاه من الأيات التي تصرح بإتخاذ الجواري والسبايا تحت شعار ما ملكت أيمانكم, وعلي أن اسئل هل كانت ما تملك أيمانهم وعبيدهم ينمون على الأشجار ليقوم المؤمن بقطفهم بكل سلام ؟ أم هم من أسرى الحروب أيضاً ؟
بالطبع لا شخص يملك ضميراً اليوم قد يعتقد أنه من الأخلاقي أن تقتل كل أسير في معركة وتحتفظ بالنساء “المحصنات” أو العذارى من أجل المتعة الجنسية حتى ولو كان عنوان هذه المعركة “الجهاد”. وقلة من المسيحين أو المسلمين المحدثين يأخذون أوامر الكتاب المقدس أو القرأن حرفياً. ففي حين يزعمون أنهم يحتكمون الى النصوص المقدسة وتعاليم السلف الصالح وقادة الإيمان, فهم ينتقون ما يريدون إتباعه – مسترشدين بالقوانين الإجتماعية والفطرة الأخلاقية, وهذان هما ما يرشد غير المؤمنين أيضاً.
وكل مرة يقوم بها مؤمن برد “شبهة” تجريم محمد أو يسوع أو موسى, فهو يدعم بشكل أقوى نقطتي المحورية: إننا نحن البشر نقرر ما هو خير وما هو شر, بمعايير تقع خارج النصوص المقدسة.
إن الأفكار الأساسية عن الخير والشر التي نشترك بها جميعاً – مؤمنين وغير مؤمنين – هي في المعظم شاملة وشائعة. والإختبارات النفسية تظهر أنه ما من فرق مهم في الحس الأخلاقي بين الملحدين والمؤمنين(13). بإختصار, تدل الحقائق التجريبية على أن معظم البشر هم حيوانات أخلاقية يتضارب شعورها بالصواب والخطأ مع العديد من تعاليم أديان التوحيد الكبرى. ويمكننا أن نستنتج بأمان أن الشعور الأخلاقي لم ينبع من ذلك المصدر.
الأخلاقية الطبيعية
إن لم تنشأ أخلاق وقيم البشرية من الأوامر الإلهية فمن أين أتت إذاً؟ لقد أتت من إنسانيتنا المشتركة. ولهذا يمكن بشكل مناسب أن تسمى إنسانية(14).
توجد أعمال معتبرة تتناول الأصول الطبيعية (البيولوجية والثقافية والتطورية) للأخلاق.(15)وقد لاحظ دارون هذا بنفسه حين ميز الأفضلية التطورية للتعاون والإيثار. وقد توسع المفكرون المحدثون في هذه المشاهدة, موضحين بالتفصيل كيف أمكن للحس الأخلاقي أن ينشأ بشكل طبيعي خلال تطور الإنسانية الحديثة.
يمكننا حتى أن نرى علامات على السلوك الأخلاقي, أو البدء-أخلاقي في الحيوانات. فالخفافيش المصاصة vampire bats تتشارك في الطعام. والقردة والنسانيس تسرّي عن أعضاء مجموعتها المنزعجين وتعمل معاً للحصول على الطعام. والدلافين تدفع بمرضاها الى تلة على السطح لتتنفس الهواء. والحيتان قد تضع بأنفسها في طريق الخطر لمساعدة حوت جريح من مجموعتها. وتحاول الفيلة أقصى وسعها لإنقاذ أعضاء جرحى من عوائلها.(16)
في هذه الأمثلة نرى لمحات على بداية الأخلاق التي تتقدم الى مستويات أعلى مع التطور البشري. ربما تسمى الأخلاقية الحيوانية غريزية, مبنية في جينات الحيوانات بالتطور الأحيائي. ولكن حين يدخل التطور الثقافي أيضاً فلدينا ألية معقولة لتفسير تطور الأخلاقية الإنسانية – بالإنتخاب الدارويني.
وكما رأينا من تفحص الأدلة التجريبية, لا يمكن أن يكون الله هو مصدر القيم والأخلاق البشرية المتفق عليها. إذ لو كان, لتوقعنا أن نرى أدلة في السلوك الأخلاقي الرفيع للمؤمنين مقارنة بغير المؤمنين. وحتى لو أنكرت وجود أي تعارض بين سلوك المؤمنين وما تعلمه كتبهم المقدسة, فالحقيقة التجريبية أن غير المؤمنين لا يبدون أقل فضيلة, توفر أدلة قوية على أن القيم والأخلاق تأتي من الإنسانية في ذاتها, أو كما صاغها هيتشنز: “أرني فعل خير فعله المؤمنون, وسأتيك بملحدين فعلوا مثله. ولكن هنالك أفعال شر لم يقدم على فعلها إلا المؤمنون”. إن السلوكيات الفردية والإجتماعية تبدو كما يتوقع منها لو لم يكن الله موجوداً.
رسالة من ملحد
أحببت أن أنهي هذا المقال برسالة الى المؤمنين عموماً والى من ينادون بلا أخلاقية الملحدين خصوصاً, أعزائي المؤمنين, أمُل بصدق أن لا يكون إيمانكم بالله هو الدافع الوحيد لأخلاقياتكم, أمل أن تبقوا على بعض من أخلاقكم حين تلحدون كي لا تفجروا كوكب الأرض بعد أن قمتم بإغتصاب نساء العالم وتفجير الكرة الأرضية. أعزائي المؤمنين أعلم وتعلمون مقدار التهكم والسخرية في السطرين الأخرين. ذلك أننا كلانا إنسان, لا يتوجب أن يضربنا أحد بالسوط ولا أن يضع رقابنا تحت المقصلة كي نمتنع عن السرقة وإيذاء الأخرين… وشكراً لكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

قيمنا الأخلاقية: بين التشريع الإلهي والإنساني :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

قيمنا الأخلاقية: بين التشريع الإلهي والإنساني

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
انتقل الى: