** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 حيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

حيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ Empty
16112013
مُساهمةحيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ

حيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ Point حيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ
الجمعة  :  01/11/2013
الكاتب  :  د.علاء عبد المنعم إبراهيم: مصر
عدد القراء  : 701

حيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ 201311185124629

يرتهن الارتقاء الحضاري للمجتمعات وتطورها الاجتماعي بقدرتها على كفالة الحماية الحقيقية للأطفال، هذه الكفالة التي تحمل في طياتها اعترافاً ناجزاً من الوعي الجمعي بأهمية الدور المستقبلي للطفل والتأثير الباذخ لأسلوب تربيته على مستقبل المجتمع إيجاباً أو سلباً.

ويظل موضوع حماية الطفل في عالمنا العربي أحد أبرز الموضوعات المتبناة من قبل مؤسسات المجتمع المدني التي لعبت دوراً فاعلاً في حفز عدد من الحكومات العربية على إصدار تشريعات - منفصلة أو مضمنة في تشريعات أخرى - تجرِّم التعدي على الأطفال أو إساءة معاملتهم واستغلالهم، وعلى الرغم من أن وجود قانون يكفل الحماية للطفل يعد خطوة بالغة الأهمية لترسيخ الوعي الكامل على المستويين النخبوي والشعبي بقضية حماية الطفل، فإن الواقع المعيش يثبت أن ثمة فجوة هائلة بين التشريع بأحكامه النظرية والتطبيق بآلياته العملية.
ونتوقف هنا عند جانب يتم إغفاله على الرغم من أهميته القصوى في هذا المضمار، وهو مفهوم الحماية ذاته، فهل الحماية تعني الحماية المادية وظهيرها القانوني؟ هل حماية الطفل يمكن اختزالها في مفاهيم عدم الاستغلال المادي، والحق في المأكل والملبس والمشرب؟ أظن أن هذه التساؤلات المشروعة لا تعدو أن تكون قمة جبل الجليد، فمن وجهة نظرنا ينبغي التعامل برحابة مفهومية مع مصطلح حماية الطفل، وذلك بالانتقال به من دائرة الحماية المادية المكفولة بحكم القوانين والتشريعات، إلى مفهوم الحماية الذهنية المرتبطة بوعي المجتمع بالتأثيرات المتعددة لأنماط التربية وتجلياتها القريبة والبعيدة على سلوكيات الطفل وانعكاساتها في ممارساته المستقبلية بوصفه مشروع مواطن كامل الأهلية، ويجب ألا ينصرف الظن هنا أننا نعني بالحماية الذهنية الانغلاق الثقافي المؤسس على صنع سياجات عقلية شائكة تحول دون مجاوزة الطفل لها ويتم تدشينها تحت غطاءات براقة من نوعية حماية اللغة، الدفاع عن الطبيعة المحلية، الحفاظ على الطابع القومي، مواجهة الغزو الغربي، التحصن بالأنا في مواجهة الآخر، وغيرها من المصطلحات ذات النوازع الوهمية بالأساس والخادمة لأهداف أبعد ما تكون عن مسمياتها، إن الحماية الذهنية التي نرنو إليها هنا تتمثل في توفير المقتضيات والآليات التي تمكن الطفل من ممارسة حقه الأصيل في التفكير الحر، حقه في التجريب والخطأ، في طرح الأسئلة البسيطة والمعقدة، وفي تلقي الإجابات والمشاركة في إنتاجها، وفي فهم القيم الفلسفية الحقيقية الكامنة خلف رؤى المجتمع الذي يعيش فيه وممارساته العملية بعيداً عن الاستيلاد الممارس، أو التكرار التوارثي الذي يتم في الأحيان معظمها.
إن مقاربة تراثنا العربي تكشف وعي المبدع القديم بهذا الفهم المنفتح لمفهوم الحماية الذهنية، هذا الفهم الذي تم التعبير عنه عبر شفرات إبداعية تجاوز الأنماط الدعائية المباشرة، وتتذرع بمقتضيات الممارسة السردية المستجيبة لرغبة المتلقي في إنتاج المعلومة لا استقبالها، ولعل نص (حيّ بن يقظان) للفيلسوف والطبيب الأندلسي الشهير ابن طفيل (ت 1185) يمكن التعامل معه بوصفه بنية تمثيلية لهذا الوعي الإبداعي العربي بضرورة كفالة حرية الطفل في التفكير، وتأسيس مساحات ذهنية رحبة يتحرك فيها الطفل برشاقة عقلية ومرونة تجريبية، ومهارة تقويمية استنتاجية، مما يحفزه إلى التأهل ليغدو مواطناً ذا استقلالية ذهنية واضحة ورؤية عقلية منظمة، ومنطق حياتي غير مشوش.
في قصة حيّ بن يقظان نلفي أنفسنا بإزاء تجربة إنسانية بالغة العمق والدلالة دون تعقيد صياغي، حاول ابن طفيل الفيلسوف والطبيب البرهنة من خلال نصه -الذي يعده بعض النقاد أهم عمل قصصي في العصور الوسطى- على إمكانية الجمع بين الفلسفة والشريعة أو العقل والدين، وذلك من خلال قصة الطفل حيّ الذي تلقيه أمه في البحر وتتلقاه بالرعاية ظبية فقدت ابنها فترضعه ويغدو ابناً حقيقياً لها. إن حيّ هنا هو نموذج العقل البشري في فطرته، في حريته المطلقة المحلقة خارج القيود الإنسانية، في تخلصه من سلطة الأم المعادلة هنا للثقافة الحاضنة المنغلقة في كثير من الأحيان، يتخلص حيّ -أو بالأحرى عقله- من هذه السلطة ليعبر عبر أمواج بحر المعرفة وصولاً إلى شاطئ الحرية الذهنية في عالمه الجديد الذي يمارس عبره حقوقه المشروعة في التأمل والمراقبة والفحص والتمحيص، بعد سبع سنوات يفقد أمه البديلة ويحاول أن يكتشف سبب هذا الفقد الصادم فيشرح جسدها في مشهد درامي بالغ العمق، فيتعرف على الحواس من خلال التجريب، قبل أن يكتشف النار من خلال الملاحظة، ليتخذ من الاختبار والمقارنة والقياس وسائل لاكتشاف الأجسام المادية الموجودة حوله وصولاً إلى مرحلة التفكير واستنتاج انفصال النفس عن الجسد، ليصل وهو في الخامسة والثلاثين إلى مرحلة التيقن بوجود مُوجِد لهذه الموجودات، لينتهي به الأمر إلى التأكد أن مناط سعادته البقاء في الحياة التي رسمها لنفسه، وبهذا يصل حيّ إلى أعلى مراتب المعرفة عبر مراحل تراتبية يرتقي عبرها من المحسوس إلى المعقول إلى الله ومن ثم يستحق كنية (ابن يقظان) المتيقظ للمعرفة غير الغافل عنها.
إن الطفل حيّ هنا استطاع أن يصل إلى المعرفة في صورتها المثالية عندما أتيحت له الفرصة التي لا تتكرر في الانعتاق من أسر القيود الاجتماعية التي تحكم الطاقة الذهنية للطفل وتخصي قدرته على السياحة العقلية، عندما تخلص من هذه القيود استطاع أن يطلق العنان لذهنه لاختراق حواجب العقل، وانتهاك ظلمات الجهل، لننتقل من ثنائية المعلم والمتعلم إلى أحادية المتعلم المعلم، وننتقل معها من مرحلة الفناء إلى مرحلة الحياة المستمرة أو بالأحرى الخلود، خلود الطاقة العقلية الإيجابية غير المرتبطة بالعمر البشري المادي، إننا هنا بإزاء نص يرسخ لاحترام عقلية الطفل بعيداً عن الأوامر والنواهي العقيمة التي لا تملك مبررات بقائها، وتتسلح بهشاشة معرفية تتقوض أمام سؤال بريء لطفل صغير، فنص ابن طفيل يدعو السياق الجمعي لتوسيع أفق استقباله لفهم معمق لمفهوم الحماية، فهم يقفز فوق الحواجز المادية -على أهميتها- وخرق الأسلاك الذهنية والركامات المعرفية الشائكة التي تقهر الطفل بتكراريتها وتشوش على معاييره الفطرية السليمة.
إذا كان حيّ بن يقظان قد استطاع أن يحصل على المعرفة البشرية شبه الكاملة في عمر الخمسين باعتماده على ذاته في ظل شح بالغ لمصادر التعلم، فإن الطفل المعاصر المحاط بمصادر المعرفة من كل اتجاه قادر على اختزال مفهومي الزمان والمكان وتحصيل المعرفة في مدة زمنية أقصر بكثير، ولكن يظل هذا الأمر منوطاً بوعي الجماعة بدورها الحقيقي في إعداد الطفل للغد، وعي النخب بالمفهوم الحقيقي لحماية الطفل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

حيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

حيّ بن يقظان حق الطفل في الخطأ

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
انتقل الى: