** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012 بقلم: نزيه كوثراني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012 بقلم: نزيه كوثراني   Empty
07112013
مُساهمةيوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012 بقلم: نزيه كوثراني


يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012 بقلم: نزيه كوثراني   Arton11063
تمزّق الليل فجأة وتناثرت أشلاؤه في القرى والمدن، وخرجت من أسماله الحالكة كائنات غريبة الشكل والخطى. تعدو في كلّ مكان وعبر جميع الاتجاهات، وهي تحمل قطعا من الليل المظلم، تحاول تزيين البنايات الشاهقة بها. سعار ما في جريها اللاهث تجاه الألوان الأخرى لالتهامها. هل كانت تحاول رتق قبّة الليل التي تمزّقت وهي تضع البلد في عين الإبرة؟ كانت تطيل النظر إلى الأشجار والأزهار والربيع المخضرّ في الأرياف وحدائق الساحات وتمسحها بنظرة سوداء. وفي ماذا كانت تفكّر وهي تزيل علامات الألوان الأخرى من شوارع المدينة، وفوق المحلات التجارية والمرافق الإدارية والمؤسّسات العامّة؟ ما الذي كان يزعجها في هذا الثراء الثقافيّ البصريّ؟ ولماذا كانت معدمة وفقيرة الأعماق من المشاعر والأحاسيس والعواطف والحبّ والجمال؟ أيّ غلظة وشدّة وقسوة تنبعث من جيوبها المرعبة؟ وما الذي يجعل الأسئلة تتناسل حول هذا الجنون العشقي للظلام الدامس، في وقت كانت تلوح بأعلام سوداء تثبتها مكان العلامات المزالة بما فيها العلم الوطني؟ تهامس الناس بصمت متسائل تخالطه الحيرة والارتباك: ما الذي يحدث للمدينة؟ ومن أين خرجت الكائنات غريبة الأطوار التي تتقدّمها لحى قاتمة عبوسة قمطريرة؟ وهناك من رفع عينيه إلى السماء وتمتم بخوف “اللهم قنا شرّ هذا اليوم”. كلما توغّلت في شوارع المدينة إلا ازداد الأسود حضورا طاغيا، مرفقا برائحة جماع جثث الموتى كما أباح ذلك عالم مغربي في الفقه الأسود. وإذا بي أرى كائنات أشبه بالغربان البشرية تنطّ في كلّ الأمكنة ممارسة لعبة الخفاء والتجلّي. اصطدمت بإحدى اللحى العنكبوتية وهي تنظر إليّ شزرا وتنفث كلاما كأسياخ النار “أوسع أيّها الزنديق”، في وقت كنت مأخوذا ومذهولا بقطع الليل الداكن التي كانت تتكاثر كخرق من الثلج الممسوخ. لكنّ ما أرعبني أكثر عندما رفعت بصري نحو السماء وجدتها حفرة فارغة مخيفة محفوفة بالرهبة والإرهاب، لم تكن الأرض تميد لكن بحدس لا اعرف مصدره عرفت أنّ أمرا خطيرا في الكون قد حدث، ولم أتبيّن حقيقته وإلا كيف انسلخت السماء ورحلت والى أين، والنجوم والقمر…؟ وإذا بصوت خافت يهمس في أذني بحذر “لقد رحل الله” وبتلقائية سألته: ما هذا الجنون؟ فأجابني إنه غاضب من تواري إناث الأرض وراء قطع الليل المعتم، غاضب من كائنات الليل التي تلبّست أقنعة الشياطين وهي تدعو زورا إلى خلافة الله في الأرض. وبغباء سألت الصوت الحذر القادم من بعيد فيما يشبه حمّى اليقظة، وهل تفرّ الآلهة من عالم لا توجد فيه نساء؟ أرجوك علّمني ما لم أعلم، لكن ضاع صوتي مع قوّة البرق الدامس، وهزيم رعد قطع الليل المتصادمة، كما تعالى الصوت الخافت محذرا من مغبة الرغبة في معرفة الأسرار، ثمّ اختفى الصوت مرددا كلاما مبتورا “يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه”. بعد لحظة صغيرة في الزمن ساءلت نفسي بيأس لماذا لم اشعر بالخوف؟ وكان جوابي أن أمضي بإصرار لمعرفة ما حدث، بل تجرّأت أكثر وأنا أتحرّك صوب ينابيع الليل الآسنة وسط أحياء المهمّشين، حيث تجثم قطع الليل المظلم خانقة ما تبقى من أمل الفرح بشمس يوم جديد. هناك وجدت عدوى الخرق السوداء المبللة بالموت، ودماء الدعوة للقتل تكتسح كلّ شيء، وتتسع كرها وحقدا في الانتشار سطحا وعمقا في الخبز الأسود والشاي الأسود والسكن الأسود …وبين الأسود أسود.
استوقفتني عجوز وهي تقرأ على وجهي ربما حالة الذعر والاستغراب، لذلك بادرت بالقول وهي تزيح خشبة تشبه الباب لكوخ مهترئ تبدو واجهته كأنه منزل لائق : ما لنا غير الليل فوزّعوه بالتساوي كنقاب لقاء ما تبقى لهم في المخازن من أكياس القمح الرديء والزيت المغشوش وعلب الشاي المرّ. لقد سبقوك إلى هنا وملؤوا جوفنا بهذه المعونات السوداء، أما هذه التسبيحات والمزق السوداء نهرب فيها لنهرب من أنفسنا التي تحرقنا باستمرار، وهي تستر حقيقتنا أكثر مما تسترنا. هل تكلمت أو فكرت في أن أقول شيئا للعجوز التي كانت تراقب ما يعتمل في داخلي؟ تنفذ من مسامّ عيني اللتين كانتا ربما تفضحانني، وإلا لماذا استرسلت في الحديث بثقة عالية في النفس؟ وكأنها في كل ذلك تحاول الإجابة عما غمض في أسئلتي السرية، ولتضعني في الصورة التي أجهلها قالت : أحيانا نمرّ إلى الناس عبر عقولهم لنقنعهم بصواب منطق برهان الكلام، لكن كثيرا ما يمرّ القهر والظلم والطغيان من تجاويف المعدة ليستوطن هناك مانعا رؤية النور، وتسلّل الحياة إلى مسارب القلب. أردت أن أقول لك بدون طلاسم العجائز وألغازهنّ هلا أتاك حديث النساء والرجال الذين يذهبون إلى الخليج، ويطوفون حول كعبة القناطر المقنطرة من الذهب والفضة، ويرجعون بالمال الكثير يكنزون كثيره لأنفسهم خوفا من يوم ذي مسغبة، فالعري والجوع يفزعانهم ويقضّان مضاجعهم، ويوزّعون قليله على ذوي القربى وعلى مثلي من الفئران البشرية. ألم يقل عالم هذا الزمان: “ما دون خط الفقر يعني ما دون خط البشر” وألا تعلم بأنّ أبا عثمان الملقب بالجاحظ قال: “تمام الفكر في تمام الحال”؟ اعرف كم أنت مرعوب٬ وربما باغتك كلام عجوز مثلي ما كنت تعتقد أنها تبصر الحياة بهذه الحدّة في البصر الحادّ. لن أقول لك حنّكتني تجارب الحياة بل مرّغتني في وحلها القذر وعفونتها المقرفة٬ إلى درجة نفرت الموت من طريقي فصرت أطارده وهو لا يقوى على منازلتي٬ إنه يكرهني٬ يمقتني ويخشى لقائي ومن مدرسته تعلمت الأسرار. لا تتعجّل الأمور تريد أن تعرف كل شيء دفعة واحدة٬ ولماذا فرّت الآلهة وانسلخت السماء هاربة بعد أن احتلت شياطين مستنقعات الليل المظلم الأرض باسم السماء٬ وصار الله لازمة في الحركات والسكنات في المأكل٬ المشرب٬ المسكن٬ الكلام٬ الصمت٬ عند النوم والاستيقاظ …وكأن فائض التدين فاض فغطى النظر والواقع٬ وعلم كل واحد مشربه من حساء الليل. آه.. رغم أنك تضحكني بمرارة قاتمة في قولك “عندما تختفي النساء تفرّ الآلهة” فلماذا لا تضيف : عندما تحتلّ الأرض باسم السماء تنسلخ البريئة دفعا للشبهة، وتبرّؤا من غربان الليل وخفافيش الظلام الذين حملوا إلينا هذه العتمة التي ليست من ديننا في شيء، وليست من تقاليدنا وعاداتنا. ألهذه الدرجة من الدرك الأسفل الأسود وصلنا؟ حيث يحلمون باستعباد أبنائنا وبامتلاك بناتنا كجواري شرعا بالنص المقدس، لأنه لا سبي اليوم عندهم غير البيع في الفقراء، ولا غنيمة غير نهب الخيرات والثروات…
في هذه اللحظة خفت على العجوز التي خرجت من سوادها إلى صوابها، وابيضّ وجهها حتى أنار ما حولنا، وهي تلعن القدر والبشر والشجر والحجر، دون أن تكترث بالسواد الذي تمدّدت أذنه على الرصيف تسترق السمع وتجسّ النبض. على أثر الضوء الأبيض المتدفق كشلال نوراني من وجه العجوز انزلقت صوب ساحة الحرية…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012 بقلم: نزيه كوثراني :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012 بقلم: نزيه كوثراني

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
انتقل الى: