منتخب «عندما كانت الأرض صلبة»(2002)
الرجل والكرسي
في
المقهى كرسي. في الكرسيّ رجل. رسم الكرسيَّ ونسي الرجل. ثم رسم الرجل ونسي
الكرسيَّ. وعندما أراد أن يرسم ذلك الرجل في ذلك الكرسي، كان الرجل غادر
المقهى، وترك الكرسي فارغاً. عندها بالذات رسم الرجل في ذلك الكرسي.
باب اللوحة
نسي الرسّام باب اللوحة مفتوحاً: دخلت فراشة وسرقت منها ألوانها.
النسوة الثلاث
تقدّمت ثلاث نسوة من قبره. الأولى ألقت عليه وردة
حمراء وانتحبت. الثانية وضعت عليه رغيفاً ورحلت. أما الثالثة فخلعت قميصها
وبسطته عليه بهدوء، وبقيت هناك طويلاً.
يهرم خلف الزجاج
يجلس وينظر من خلف زجاج المقهى إلى الشارع ويهرم
ببطء. لكن المشكلة أن المارّة يسرعون أحياناً أكثر من اللزوم. لهذا يسحب
الجريدة المطوية من جيب الجاكيت ويفلشها أمام عينيه.
صانع المعجزات والأعرج
عندما قصد صانع المعجزات المدينة كان رجلٌ
أعرج يتبعه. وكان كلّما تكلم صانع المعجزات ازداد عرج الرجل أكثر فأكثر،
حتى أحسّ به فالتفت إليه وباركه بيديه الناعمتين. عندها مشى الرجل على رجل
واحدة ثم مشى على يديه.
تهديد
كان يتمشّى في الشارع. توقّف أمام إحدى الواجهات، فرأى عبر
زجاجها النظيف اللمّاع وجهه يختلط في طيّات الملابس والقمصان المعلّقة
وأعناق الزبائن وأفواههم. حدّق طويلاً ثم أدار وجهه ورحل: كان في الواجهة
شيء يتهدّده بصمت.
قارئ
هكذا يقرأ الجريدة كل صباح في المقهى: يغمض عينيه ويفتح فمه، من أول صفحة إلى آخر صفحة من صفحاتها.
شهرزاد وشهريار
عندما دخلت شهرزاد إلى غرفة شهريار وجدته جالساً على
الأرض وهو يندب حظّه ويلطم وجهه ويبكي بدموع غزيزة. قال لها: لماذا أتيت؟
قالت له: كي أنقذك. قال لها: أنا حالة ميؤوس منها. اقتربت منه وربّتت على
ظهره وشجّعته وواسته وبكت معه ثم قالت: «أنا عندي الدواء. أغمض عينيك».
أغمضَ عينيه فدسّت له في كوب الماء بضع حبوب من الفاليوم، شربها ونام حتى
الصباح.
في الليلة الثانية دخلت شهرزاد ووجدت شهريار لا يزال على حاله.
قالت له: «أنا عندي الدواء. أغمض عينيك». أغمض عينيه فدسّت له في كوب الماء
بضع حبوب من الفاليوم، شربها ونام حتى الصباح. وأخبرها أنه رأى أحلاماً
غريبة في نومه وأنه استراح كثيراً.
في الليلة الثالثة كرّرت شهرزاد ما
فعلته في الليلتين السابقتين، وكذلك في الرابعة والخامسة والسابعة والثامنة
والليالي التي تلت، فصار شهريار ما إن يسمع صوت شهرزاد حتى يغمض عينيه
وينام حتى الصباح.
الورق والنوم
كان يُكثر من حمل الورق الأبيض قبل النوم.
زمُّور في الصحراء
كان يقطع بسيارته صحراء شاسعة وطويلة، لا أثر فيها
لإنسان ولا لنبات ولا لماء ولا لطير. مع هذا، وضع يده على الزمّور وراح
يزمِّر بلا انقطاع.
طوى رجليه
عندما عَبَرَت الشارع أمامه، كان عطرها قوياً عليه. طوى رجليه وتبعها.
الولد الرقيق
كان ولداً رقيقاً كخيط البكرة، تخلط أمه بينه وبين
البيجاما أحياناً، وبينه وبين القميص أحياناً أخرى. البيجاما تلبسها بيجاما
أخرى، وهو، تعلّقه في الخزانة، القميص ترسله إلى المدرسة، وهو، ترسله إلى
المصبغة.