** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 جورج طرابيشي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

جورج طرابيشي Empty
26092012
مُساهمةجورج طرابيشي

جورج طرابيشي







































جورج طرابيشي Poweredby_FFFFFF






بحث مخصص
























جورج طرابيشي (م 1939) ،

مفكر ومترجم سوري يدافع عن الإسلام الحضاري وعلمانية الإسلام، معروف

بمشروعه لنقد نقد العقل العربي.







حياته







ولد جورج طرابيشي بمدينة حلب، حصل على الليسانس في اللغة

العربية ثم على درجة الماجستير في التربية من جامعة دمشق. عمل مديرا لإذاعة

دمشق (1963-1964)، ورئيسا لتحرير مجلة " دراسات عربية" (1972-1984), ورئيس

تحرير بمجلة "الوحدة" (1984-1989).







إنتاجه الفكري







يتميز الإنتاج الفكري لجورج طرابيشي بتعدد الاتجاهات ما بين

الترجمة لفرويد وهيجل وسارتر وبرهييه وجارودي وآخرين، والتأليف في فكر

النهضة العربية والنقد الأدبي للرواية العربية. طبق أدوات التحليل النفسي

على نقد الرواية وعلى نقد الثقافة العربية. اتجه إلى البحث في التراث وأنتج

موسوعته "نقد نقد العقل العربي"، التي احتوت على قراءة ومراجعة لكل من

التراث اليوناني والأوروبي الفلسفي، وللتراث العربي الإسلامي الفلسفي

والكلامي والفقهي. جاء في مقدمة حوار له مع جريدة الشرق الأوسط (يناير

2008)،







"في الحديث عن الباحث والمفكر السوري جورج طرابيشي، لا بد

للمرء أن يتوقف طويلا أمام إنجازاته الفكرية الكبيرة. فإضافة إلى ترجماته

لكبار المفكرين والفلاسفة الغربيين أمثال هيغل وفرويد وسارتر وسيمون دو

بوفوار، والتي فاقت 200 كتاب، وضع طرابيشي عدداً من الدراسات والأبحاث في

مجال الفكر والفلسفة والنقد الأدبي، أبرزها: "الماركسية والمسألة القومية"،

"المرض بالغرب"، "هرطقات عن الديمقراطية والعلمانية والحداثة والممانعة

العربية"، "الله في رحلة نجيب محفوظ الرمزية" و"شرق وغرب رجولة وأنوثة ـ

دراسة في أزمة الجنس والحضارة في الرواية العربية".

غير أن أبرز المشاريع الفكرية التي تصدى لها جورج طرابيشي، كانت من خلال

عمله الموسوعي «نقد نقد العقل العربي»، والذي يعتبره الباحث السوري عبد

الرزاق عيد أحد أهم ثلاث موسوعات فكرية تناولت التراث الفكري العربي ـ

الإسلامي في القرن العشرين. والإشارة هنا إلى موسوعة المفكر المصري أحمد

أمين عن «فجر وضحى وظهر الإسلام»، وموسوعة المفكر المغربي محمد عابد

الجابري «نقد العقل العربي». فقد حاول طرابيشي عبر 20 عاماً هي عمر مشروعه،

الرد على مشروع الجابري من خلال إعادة قراءة التراث العربي، وتوظيفه لاحقا

في معركة الحداثة في وجه دعاة القدامة."







مساره الفكري







ينقسم المسار الفكري، عموما، عند جورج طرابيشي إلى مرحلتين

أساسيتين، كل منها كان له مساره الخاص أيضا. في المرحلة الأولى تبنى

الأيديولوجيات الغربية الحديثة من ماركسية إلى قومية، مع قطيعة تامة مع

التراث. وفي الثانية اتجه إلى اكتشاف التراث، عموما، وإلى نقد عمل الجابري

"نقد العقل العربي"، خصوصا. في حوار مع جريدة الحياة (يناير 2006)، يقول،







"
لا

بد أولا من الاعتراف بأن الجيل الذي انتمي إليه، والذي أتى تالياً لجيلين

نهضويين، فسميناه جيل الثورة، عاش وعشنا معه قطيعة كاملة مع التراث. لقد

اتجه تفكيرنا واتجه بنياننا الذهني كله إلى الأيديولوجيات الغربية الحديثة

التي، تحولت كلها على أيدينا إلى كتب مقدسة سواء كانت ماركسية أو قومية أو

اشتراكية أو وحدوية. عشنا قطيعة تامة مع تراث كنا ننظر إليه على انه ليس

أكثر من كتب صفراء. بعد ذلك أمام فشل مشروعنا "التحديثي" وخيبته، إزاء فشل

«ثورتنا» التي لم تنجح إلا في إحراقنا وإحراق نفسها، ثم أمام السقوط المدوي

للأيديولوجيات والذي تلى اكتشافنا حقيقة تلك الفضيحة التي طاولت الماركسية

من طريق حكم باسمها دام ثلاثة أرباع القرن، حدث تبدل أساسي، خصوصاً أن ذلك

كله تلى هزيمة العام 1967، ثم امتداد أفكار التطرف والعنف، باسم الإسلام.

إن هذا كله جعلنا، أو جعلني أنا شخصياً على الأقل أعيد النظر في موروثي

الثقافي لأكتشف ما كان بيني وبين التراث من قطيعة. والحال إن هذه القطيعة

بدت لعيني اكبر حين اضطرتني الحرب اللبنانية للرحيل إلى باريس هرباً

وخصوصاً من الاقتتال الطائفي في لبنان الذي كنت أقيم فيه عند ذاك. إزاء هذا

كله راحت تتفاعل لدي، وعلى غير توقع مني، علاقتي مع التراث، إذ اكتشفت فيه

بديلاً عن الوطن الذي غادرت. ومن هنا جاء اهتمامي بمشروع المفكر المغربي

محمد عابد الجابري الذي كان أول من طرح فكرة نقد العقل العربي، راغباً

لنفسه أن يكون ابستمولوجياً (معرفياً) في نقده، متكئاً على المناهج

الحديثة. لقد وجدت في مشروعه، أول الأمر، نقيضاً للمشروع الذي كنت عشت

عليه. غير أن رحلة إعجابي بالجابري لم تدم طويلاً... إذ شعرت بسرعة أن هذا

المفكر أصاب العنوان لكنه أخطأ الهدف. أي انه لم يقم بعملية النقد التي

اعتقدناها. بل صادر عملية النقد في الوقت الذي كنا في أمس الحاجة إليها.

وفي المقابل اكتشفت هنا في الغرب، أن هذا الغرب لم يبن نفسه إلا بقدر ما

نقد نفسه. العقل الغربي صار متفوقاً وعالمي الحضارة حين مارس النقد الذاتي.

أما نحن الذين لدينا موروث لا يقل أهمية أو حجماً عن الموروث الغربي، فإننا

لن نستطيع أن نباشر مهمة التحديث والوصول إلى النهضة المرجوة ما لم نقم

بالعملية النقدية نفسها التي اخضع الغرب نفسه لها. لن نستطيع أن نخوض معركة

الحداثة ونحن عراة من النقد الحقيقي.
"







هذه التحولات التي مر بها فكر طرابيشي لم تمثل عملية

"استبدال" لتوجهات معينة محل أخرى وإنما مثلت عملية نقد ذاتي مستمر وتراكم

وإعادة بناء،







"هذه المسيرة من التغيرات المتواصلة لا تعني إنكار كل ما تم

تجاوزه، بل بالعكس، فمن خلال التاريخ والتغير وتصفية الحساب تتم أيضا عملية

تراكم وإعادة بناء. ولئن تجاوزت مراحلي القومية والوجودية والماركسية

والتحليلية النفسية، فهذا لا يعني أني لم أحتفظ من هذه المحطات بعناصر ما

زالت تلعب دورها في المحصلة النهائية لمسيرتي الفكرية. وهكذا أستطيع اليوم

أن أستفيد من جميع خبراتي السابقة كي أطوّر رؤية مركبة ومعمّقة للواقع الذي

نعيشه، والذي يمثل انعطافاً جديداً في مسيرة العالم العربي، من خلال انبثاق

ظاهرة الأصولية المنداحة موجتها اليوم، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في

تحولي الفكري من نقد الرواية إلى نقد التراث العربي الإسلامي، كما تجلى في

مشروع «نقد نقد العقل العربي» الذي أخذ، ولا يزال، بعداً موسوعياً، ما كنت

أنا نفسي أتوقعه عندما شرعت به قبل أكثر من 20 عاماً." (حوار الشرق الأوسط

23 يناير 2008
)



المشروع الفلسفي







المشروع الفلسفي عند جورج طرابيشي له ثلاثة جوانب. الجانب

الأول يعمل على نقل وترجمة عيون الفكر الغربي الحديث والمعاصر إلى العربية.

والثاني يختص بنقد الفكر العربي/الإسلامي الحديث والمعاصر. أما الجانب

الثالث فمخصص للبحث في التراث معتمدا على تنفيذ عملية نقد واسعة لمشروع

الدكتور محمد عابد الجابري المعنون "نقد العقل العربي". وبالنسبة لطرابيشي

ليس العمل الذي يقوم بنقده، وهو "نقد العقل العربي"، سوى مناسبة لتأكيد

موقفه الفلسفي والتعمق في البحث في التراث. يوضح ذلك في مقدمة كتابه "نقد

نقد العقل العربي – العقل المستقيل في الإسلام" كما يلي،







"لامني أكثر من صديق وقارئ على كوني وضعت نفسي في مأزق

عندما كرست كل هذا الوقت (نحوا من خمسة عشر عاما) وكل هذا المجهود (أربعة

مجلدات حتى الآن) لأرد على مشروع الجابري في "نقد العقل العربي" بدلا من أن

أنصرف إلى إنجاز مشروع شخصي في قراءة التراث العربي الإسلامي.

هذا المأخذ صحيح وغير صحيح في آن. فهو صحيح ما دام كل "مشروعي" – لا أحب

كثيرا هذه الكلمة المتنرجسة – قد انحصر بنقد للنقد. ولكن هل فعلا ما فعلت

شيئا سوى أن "رددت" على الجابري؟

لا أعتقد... فالواقع أن الجابري قدم لي المناسبة، التكئة، نقطة الانطلاق،

ولكن ليس محطة الوصول. فقد كف مشروعي عن أن يكون مشروعا لنقد النقد ليتحول

أيضا إلى إعادة قراءة وإعادة حفر وإعادة تأسيس. أو هذا ما أرجوه على الأقل.

وحسبي دليلا على ما أقول أن الجابري لم يكتب، مثلا، سوى نصف صفحة، لا أكثر،

ل"يهرمس" كتاب الفلاحة النبطية لابن وحشية ولينسبه إلى علوم "العقل

المستقيل". وهأنذا أكتب نحوا من تسعين صفحة لأعيد بناء هذا الأثر النادر من

الموروث القديم في عقلانيته العلمية السابقة لأوانها تاريخيا." (العقل

المستقيل في الإسلام ص9).







منهجه







يعتمد جورج طرابيشي في مشروعه الضخم على نوعين أو مستويين

للمناهج. الأول خاص بمعالجة المشكلات المعاصرة لقضايا النهضة والحداثة،

والثاني خاص بقضايا التراث ومشروع "نقد نقد العقل العربي". بالنسبة للقضايا

المعاصرة يستخدم طرابيشي منهج التحليل النفسي من أجل نقد الواقع الفكري

والثقافي العربي، يقول في ذلك،







"لا بد، كما في كل مقدمة من وقفتين: واحدة عند المنهج وأخرى

عند الموضوع. وأما المنهج – وهو هنا التحليل النفسي – فقد كنا داورناه بقدر

أو بآخر من اليسر في دراساتنا عن الرواية العربية. وقد كانت المهمة سهلة،

والخصوبة مضمونة نسبيا. فالرواية العربية كانت ولا تزال، في تيارها الأعرض،

رواية سيرة ذاتية. والحال أن التحليل النفسي، الذي رأى النور مع التحليل

الذاتي الذي أخضع فرويد نفسه له، كان ولا يزال بامتياز منهجا لكتابة السيرة

الذاتية أو لإعادة قراءتها.

ولكن الصعوبة التي واجهتنا، في محاولتنا تمديد الخطاب العربي المعاصر على

سرير التحليل النفسي، هي البنية "الموضوعية" لهذا الخطاب، المستقلة ظاهريا

عن ذاتية منتجيه، فضلا عن أن فاعل الفعل في عملية إنتاج هذا الخطاب هو واو

الجماعة، وليس ضمير الأنا المتكلم. ولا يتسع لنا، في إطار هذه المقدمة، أن

نفيض في الكلام عن الكيفية التي أمكن لنا بها أن نتغلب – على ما نعتقد –

على هذه الصعوبة. ولكن حسبنا الإشارة إلى أن الرضات الكبرى في تاريخ

الجماعات والشعوب – ومنها على سبيل المثال رضة حزيران يونيو 1967 – من

شأنها أن تولد سلاسل متناظرة من ردود الأفعال المتطابقة أو الموحدة بحيث

تبدو الجماعة وكأنها تسلك سلوك الفرد الواحد، وبحيث يمكن اتخاذها موضوعا

لعلوم الذاتية البشرية، ومنها التحليل النفسي الذي ما منعه انتماؤه المجهور

به إلى علم النفس الفردي من أن يطور فروعا وشعبا في مضمار علم النفس

الجمعي." (المثقفون العرب والتراث :التحليل النفسي لعصاب جماعي، ص 9)







إضافة إلى ذلك يعتمد طرابيشي على إعادة تأويل النصوص من

خلال فهمها في إطارها التاريخي وسياقها الاجتماعي،







"أنا لا أفسر الحداثة على أنها قطع، فالقطيعة المعرفية شيء،

والقطيعة من النص شيء آخر، والحداثة هي قطيعة معرفية.. وما هي القطيعة

المعرفية؟: أن تتم على مستوى النصوص وفهمها، وإعادة تأويلها، وليس إهمالها،

فنحن أمة تراثية، ملبوسون بالتراث من قمة رأسنا إلى أخمص قدمنا، وبالتالي

لا نستطيع أن ندخل الحداثة عراة من هذه النصوص فهي مؤسسة لكل ما فينا.

إذن حتى ندخل الحداثة لا يجب علينا أن ننقطع من النصوص، ولكن يجب علينا

إعادة تأويلها، وأن نربط النصوص بتاريخها وسياقها، ونفهمها على ضوء حاجاتنا

نحن لا كما فهمها الأقدمون على ضوء حاجاتهم هم، وكما كان يقال: هم رجال

ونحن رجال." (حوار إسلام أونلاين، يوليو 2008)







أما بالنسبة للتعامل مع التراث من خلال مشروع "نقد نقد

العقل العربي"، فيستخدم المنهج التفكيكي من أجل إعادة النظر في الأسس

المعرفية "الإبيستيمولوجية" للنص الجابري، ثم منهجي الحفر الأركيولوجي،

والنقد التاريخي من أجل الوصول إلى الأصول التراثية للمفاهيم والمقولات

الواردة في هذا النص، ثم أخيرا منهج التركيب من أجل إعادة بناء هذه

المفاهيم والمقولات في صورتها الصحيحة بناء على نتائج النقد. ومن أمثله هذا

المنهج النص التالي،







"تقنية التلصيق المفاهيمي التي تمارسها الإبستيمولوجيا

الجابرية تخل بكلا الشرطين معا. فهي تنزع المفاهيم من نسقها الأصلي نزعا

عنيفا وتزج بها زجا لا يقل عنفا في نسيج النسق الجديد. فالإبستيمولوجيا

الجابرية تبضع مفاهيمها من جسم وتخيطها في جسم آخر بدون أي احتراز منهجي،

وبدون صيانة لحرمة أي من الجسمين ولسؤددهما الذاتي، وبدون قلق حتى على مصير

العضو المزروع. فحسبه أن يخاط بإبرة غليظة ولو ظل موضع فصله ووصله داميا

متقرحا.

وبما أن التشبيه، ولو كان تمثيليا، لا يقوم مقام الدليل، فنأت ببرهاننا على

ما نقول،

لقد وجدنا ناقد العقل العربي يستعير، باعترافه، مفهوم النظام المعرفي (الإبستمية)

من فوكو. ووجدناه يستعير، بغير اعترافه، مفهوم البنية اللاشعورية من ليفي-

ستراوس.

وبما أن هذه الاستعارة المزدوجة جاءت لا من مصادرها، بل مفصولة عن سياقها،

فقد توهم ناقد العقل العربي أنه مستطيع أن يلصق المفهومين أحدهما بالآخر

لصق محمول بموضوع، علما بأن مفهوم البنية اللاشعورية يتناقض تعريفا مع

مفهوم النظام المعرفي. فالمعرفة تراكم في الوعي. ومهما يكن لها من معينات

لاشعورية، حتى على صعيد آليات إنتاجها، فإنها لا تكون معرفة إلا بقدر ما

تمثل انتقالا من الوعي إلى مزيد من الوعي. وكما يقول جان بياجيه – وهو كما

سنرى أحد مراجع الجابري – فإن المعرفة، وحصرا بالمعنى الإبيستيمولوجي

للكلمة، هي المعرفة باغتناء المعارف أو "دراسة آليات نمو

المعارف...والانتقال من حالات معرفة أقل إلى حالات معرفة أكثر. بل إذا

أخذنا بعين الاعتبار أن الإبستيمولوجيا هي بالتعريف "معرفة المعرفة"، فإن

حد النظام المعرفي لثقافة ما بأنه "بنيتها اللاشعورية" يلغي الإبستيمولوجيا

– كما رأينا – لصالح الإثنولوجيا ويتراجع بالثقافة المعنية من حالتها

العالمة إلى حالتها العامية، أو بالمصطلح الأرسطي (الذي يحسبه الجابري

سبينوزيا كما رأينا في نظرية العقل) من حالتها الطابعة إلى حالتها

المطبوعة، أو إذا شئنا من تاريخها المكتوب إلى ما قبل تاريخها اللامكتوب."

(إشكاليات العقل العربي 291-292)







الإسلام الحضاري







الموقف الفلسفي الأساسي الذي يدافع عنه جورج طرابيشي في

مرحلته الفكرية الثانية هو ما يمكن أن نسميه "الإسلام الحضاري". فطرابيشي

يتعامل مع الإسلام ذاته، كدين، ومع التراث الإسلامي (بكافة جوانبه الفقهية

والكلامية والفلسفية والعلمية) باعتبارهما تراث الذات العربية. والمنطلق

الفكري الأساسي الذي ينطلق منه في هذا الموقف هو مفهومه عن علمانية

الإسلام. أن الإسلام ليس فيه تقديس سوى للقرآن الكريم، وأن كافة الممارسات

المجتمعية "الإسلامية" الأولى، أي في صدر الدولة الإسلامية، كانت ممارسات

علمانية. ليس هذا فقط وإنما هو يؤسس لموقفه هذا اعتمادا على نصوص القرآن

الكريم والسنة النبوية وممارسات المسلمون الأوائل.

يظهر ذلك بشكل واضح تماما في حواراته المتعددة التي يقرر فيها موقفه هذا،

وفي تحليلاته المتعمقة للتراث في مشروعه "نقد نقد العقل العربي". في حوار

مع مجلة العربي الكويتية (يونيو 1998) يدافع عن هذا الموقف كما يلي،







"وبالفعل القضية هي أننا نحن الذين نتيح لهذا الآخر أن يملأ

فراغ الذات بقدر ما في هذه الذات من فجوات وثغرات، وأعتقد أن هناك ضرورة

لسد هذه الثغرات، كما ان هناك ضرورة لمعرفة أننا كأمة نملك أعرق وأضخم تراث

بين أمم وشعوب العالم ـ حتى التراث اليوناني لا يعد لا من قريب ولا من بعيد

في حجم التراث العربي والإسلامي، والهند على مالها من تراث هائل لا يقارن

حجم تراثها هذا بحجم التراث العربي، وبرغم هذا فنحن الأمة الوحيدة التي لا

تملك معهدا عربيا مشتركا للدراسات التراثية وأعتقد أن الحاجة ماسة لإقامة

مثل هذا المعهد، فهو في تقديري لا يقل أهمية عن الجامعة العربية من حيث

فعاليته على المدى البعيد.

لابد أن نتصالح مع هذا التاريخ القديم، لأننا نحن أبناء هذه الاستمرارية

التاريخية التي بدأت ما قبل الإسلام، كما أننا لا نستطيع أن نفهم الإسلام

دون أن نرجع إلى الجاهلية وإلى ما قبل الجاهلية أيضاً لأن ثمة تراثا قد

يساعدنا على تفهم أنفسنا.

إن العودة إلى الماضي تساعدنا على معرفة هويتنا. فنحن تطور لهذا الماضي

الذي يمتد إلى آلاف السنين قبل الإسلام وبعد الإسلام، والشعوب التي ليس لها

ماض، تخترع ماضيها، ... وهنا أيضا سنلاحظ أننا في عملية بناء الماضي جرى

حتى تجريدنا من ماضينا. وجرى تغريبنا نحو الغرب وفعلا أنا أعتقد أن قضية

الماضي قضية أساسية، ولكنها مشروطة بقراءة حديثة، فنحن نريد الماضي، معاصرا

لنا لا أن نتحول إلى معاصرين له ـ وهنا ألاحظ أن القراءة الحديثة التي

تنطلق من معطيات الحداثة ومن مناهجها لتقيم هذه الاستمرارية مع الهوية

التراثية تستطيع أن تضيف وأن تغني الذات، وسأضرب على ذلك مثالا بسيطا بابن

خلدون الذي هو في نظري المرجع الموضوعي للحضارة العربية الإسلامية، هو

الفعل الأكبر الذي أنتجته هذه الثقافة وجرى اكتشافه بفضل منهجية الحداثة

بعد أن عاش مستبعدا من حقل التداول وكذلك ابن رشد."







ثم، يدافع في نفس الحوار عن الحضارة العربية

الإسلامية وقدرتها على استيعاب الحضارات الأخرى كما يلي،







"بصفتي باحثا في الدراسات التراثية أعود إلى التجربة

التاريخية للعقل العربي الحالي نفسه، ما الذي نلاحظه في هذه التجربة

التاريخية العربية الإسلامية؟ إن تحدي التغيير والاستجابة لم يواجه قط عقلا

كما واجهت العقل العربي الإسلامي نفسه، لماذا؟ لأن هذه السرايا الأولى التي

انطلقت خرجت من قلب الجزيرة، من الحجاز ومن نجد ودخلت فورا في منطقة حضارية

متراكمة سوريا ومصر والعراق وفارس، ما الذي حدث؟ واجهت حضارات وثقافات

عريقة متطورة في حين أن العرب المسلمين في اندفاعتهم الأولى ما كانوا على

نفس هذه الهوية الثقافية. واجه العقل العربي الأول هذا التحدي الحضاري

الكبير، فماذا حدث؟ في الحال استوعبه، هضم كل الموروث الحضاري للمنطقة

وانطلق فيه وأبدع ثقافة وحضارة جديدة.

سأضرب مثالا واحدا على ذلك، من المعلوم أن عرب الجاهلية كانوا يخافون من

البحر، حتى بعد الإسلام حينما أراد عمرو بن العاص أن يبني للجند العرب

مدينة عندما فتح القاهرة قال له عمر بن الخطاب ابنها حيث شئت ولكن لا تجعل

بيني وبينك البحر وهذا معناه أن ممارسة العربي آنذاك كانت تتخوف ولا تتعامل

مع البحر ومع ذلك في مدى عشرين سنة لا أكثر، معاوية الذي أصبح واليا على

دمشق بنى خلال ثماني سنوات من ولايته أسطولا، وبهذا الأسطول حاصر

القسطنطينية نفسها، إذن قدرة هذا العقل عجيبة على استيعاب التراكم الحضاري

ثم تجاوزه بعد ذلك، ولا يأتي القرن الأول للإسلام، حتى يخترع الخليل بن

أحمد الفراهيدي علم العروض وعلم اللغة وذلك في منتصف القرن الثاني، ثم يضع

الشافعي علوم الفقه."





ولا

يكتفي طرابيشي بالدفاع عن الإسلام بالمعنى الحضاري اعتمادا على التحليل

التاريخي وإنما أيضا من خلال تحليل النصوص المرجعية للإسلام، فهو يخطط

للتعامل مباشرة مع النص القرآني. أي للدفاع عن مفهومه للإسلام الحضاري من

مركز الفكر الإسلامي ذاته، وهو القرآن الكريم. في حوار مع موقع إسلام

أونلاين (يوليو 2008) يقول،







"لا لم أستبعد النص، وهو مشروعي في العمل القادم، فكتابي

الجديد الذي أعده يحمل هذا العنوان الكبير، والذي قد يكون فيه قدر من

الجرأة، وربما قد يبدو لبعضهم استفزازيا سميته "الله والرسول: الشارع

والمشرع له" ففي القرآن التشريع لله وحده، وحتى الرسول لا يملك حق التشريع،

واستندت إلى العشرات من الآيات التي تكف يد الرسول عن كل شيء، إلا أن يوحى

إليه، فإذا ما أوحي إليه فقد تكلم الله، وأما إذا ما تكلم الرسول فهو قد

يخطئ وقد ينبهه القرآن {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ

لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}

(الآية 46 سورة الحاقة)؛ لأن الرسول بشر وهذه قيمة كبرى للإسلام وهي بشرية

الرسول، بخلاف الأديان الأخرى التي ألهت النبوة، كما حدث في المسيحية عندما

جعل من المسيح إلها، فإذن في القرآن نفسه هناك ثنائية كبيرة بين الله

والرسول البشر، وبين المرسل الذي هو إله والمرسل إليه الذي هو بشر، وهذا

تمييز كبير موجود. ومن هنا أنا لم أستبعد النص التأسيسي ولكن أفردت له

كتابا جديدا أتمنى أن يتاح لي الوقت لأتابع فيه المشروع الذي بدأته."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

جورج طرابيشي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

جورج طرابيشي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» جورج طرابيشي: محاولة تأصيل العلمانية
» جورج طرابيشي.. دفعُ الزمن المتوقف
» جورج طرابيشي : أسئلة المقدس وعلاقتها بالتاريخ(1)
» الإصلاح الديني والسياسي في فكر "جورج طرابيشي" الاربعاء 25 تموز (يوليو) 2012 بقلم: حسان الجمالي
» جورج طرابيشي: أسئلة المقدس وعلاقتها بالتاريخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
انتقل الى: