لجوء الدولة إلى توظيف الزوايا لتأطير المواطنين في الشارع والتسويق
الإعلامي لما اعتبر نجاحا لمسيرتهم، كما في الدار البيضاء، ينطوي على
مخاطر كبيرة. فالدولة التي تريد أن تبيع للمغاربة دستورا متقدما لا يسمع
فيه لأحد باستغلال الدين أو توظيفه، في الوقت الذي تلجأ هي إلى توظيفه.
الزوايا التي نزلت إلى الشارع لم تكن لتفعل هذا لو لم تتلق ضوءا أخضر من
الدولة. الزوايا التي ظلت لقرون من تاريخ المغرب فاعلا سياسيا، تراجع
دورها منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وأصبح لها دور تربوي وتوظفها
الدولة كلما دعت الضرورة إلى ذلك، كان نظام الحسن الثاني يغدق عليها مكلفا
وزير الدولة بدون حقيبة الراحل مولاي أحمد العلوي بهذه المهمة. كانت هذه
هي سياسة الحسن الثاني، واعتقدنا أنها سياسة ولت إلى غير رجعة، إلى أن
ظهرت بعد التفجيرات الإرهابية ل16 ماي بالبيضاء إذ تم اللجوء إلى الزوايا
لمحاربة السلفيين والإسلاميين.
لكن خروج الفقرا
والمريدون يوم الأحد 26 يونيو 2011 يرددون الأذكار في الشوارع ويحملون صور
الملك ويدعون له بالنصر والتمكين، كان مختلفا. أعاد هذا الخروج للزوايا
دورا سيكون وباء على دولة ينص دستورها على عدم توظيف الدين في السياسة.
ستطالب غدا أو بعد غد بدور أكبر. توظيف الدين في حملة انتخابية مرفوض وغير
مسموح به.
خاطئ من يعتقد أن محاربة جماعة
إسلامية ك"العدل والإحسان" يمر عبر توظيف الزوايا، خاصة الزاوية القادرية
البوتشيشية التي كان عبد السلام ياسين، زعيم العدل والإحسان، قياديا فيها
بل ومرشحا لمشيختها. فالمبدأ يقتضي تغييب الدين عن النقاش السياسي، وللاسف
الشديد ما حدث في الأسابيع الأخيرة هو تنامي هذا التوظيف من قبل "العدالة
والتنمية" والزوايا، في غياب تام لأحزاب تدافع عن القيم الحديثة.
لا يمكن ملء الفراغ بالزوايا، ستكون عواقبه وخيمة جدا على مستقبل مغرب يدعي أنه حداثي.