اصبع في عين اوباما
عكيفا الدار
2011-01-20
اجراءات عرقلة العمل التي يتخذها موظفو وزارة
الخارجية ستسجل في التاريخ كحالة نادرة وفر فيها نزاع عمل على السياسيين
حرجا دبلوماسيا. بسبب اجراءات عرقلة العمل اكتفى الرئيس الروسي ديمتري
مدفديف بزيارة أريحا، حيث التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو
مازن).
واستغل مدفديف زيارته لتأكيد اعتراف موسكو بدولة فلسطينية في
العام 1988. واعلن بان 'روسيا ستواصل تأييد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة
عاصمتها شرقي القدس'.
ووفرت اجراءات عرقلة العمل على رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو الحاجة الى أن يتصبب عرقا الى جانب الضيف من موسكو، في
محاولة لدحض اقرار الاعتراف الروسي بفلسطين. الغاء زيارة الرئيس الروسي
الى القدس، انقذ وزير الخارجية افيغدور ليبرمان من المتعة المشكوك فيها في
تفسير كيف أن 'علاقاته الخاصة' مع الروس تستوي مع الصفعة العلنية التي
وجهتها موسكو لاسرائيل في شرفة بيتها.
في حقيقة الامر، باتت حكومة
اسرائيل معتادة على الضربات الروسية، حتى وان كانت هذه تحت الحزام. فقبل
بضعة اشهر تفرغ مدفديف في اثناء زيارته الى دمشق للقاء رئيس المكتب
السياسي لحماس خالد مشعل، بعد وقت قصير من زيارة ليبرمان الى موسكو.
يمكن
أيضا القول ان الصفعة ما كانت رنانة كما رغب الفلسطينيون في ان تسمع، ذلك
لان الاتحاد السوفييتي اعترف بفلسطين قبل 22 سنة. كان هذا في اعقاب اعلان
الاستقلال الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، واعلان الملك
حسين فك ارتباط المملكة الهاشمية عن الضفة الغربية. ولكن في حينه، كان
الاتحاد السوفييتي عضوا في مجموعة دول اسلامية ودول هامشية، نسبيا، كانت
تعتبر، 'محكومة' من الدول العربية. في تلك الايام البعيدة كانت كلمات
'دولة فلسطينية في حدود 67 وعاصمتها شرقي القدس' تعتبر في باقي دول العالم
وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الاوروبية تعبيرا شبه هاذٍ، ليس له أي
اساس في الواقع.
اليوم روسيا هي واحدة من أربعة اعضاء الرباعية، التي
تتخذ قراراتها، معظمها ان لم يكن كلها، بالاجماع. وبشكل عام الاعضاء
يحرصون على عدم الخروج عن السياسة المتفق عليها في كل ما يتعلق بالنزاع
الاسرائيلي الفلسطيني. اليوم اقامة دولة فلسطينية على اساس حدود 67، مع
تبادل متفق عليه للاراضي، يعتبر في كل العالم الصيغة الحصرية لحل النزاع.
لقد
كانت هذه مجرد مسألة وقت متى سيندفع وباء الاعتراف بفلسطين في حدود 67
ليجتاز حدود أمريكا اللاتينية، ومن ستكون الدولة الاولى التي ستنضم الى
البرازيل وجيرانها. السؤال القادم هو من ستكون أول دول الاتحاد الاوروبي
التي ستسير في اعقاب روسيا هل ستكون هذه اسبانيا، فرنسا، قبرص ام مالطا؟
سؤال
مشوق آخر هو: هل مدفديف دس اصبعا في عين الرئيس الامريكي باراك اوباما ام
ربما اوباما غمز للروس بانه لن يأسف اذا ما بعثوا لنتنياهو برسالة بان
الجمود السياسي لا يعمل في صالحه؟
جواب جزئي على ذلك سيأتي في الايام
القريبة القادمة، عندما ستقرر الولايات المتحدة اذا كانت ستستخدم حق النقض
الفيتو في التصويت في مجلس الامن على مشروع قرار يندد بسياسة الاستيطان
الاسرائيلية. العرب، كما يتبين، اعدوا للامريكيين مناورة لامعة. فقد قرروا
ان يكون هذا بالذات وفد لبنان الذي يرفع اليوم مشروع القرار الى طاولة
المجلس. الامريكيون لا بد يفهمون بان الفيتو من جانبهم على اقتراح حليفهم،
رئيس وزراء لبنان سعد الحريري، سيلقى الترحيب في خندق حسن نصرالله. وعلى
هذا الفيتو يتعين على اسرائيل أن تدفع الثمن.
نتنياهو يتصرف حسب
قاعدة بن غوريون: ليس مهما ما يقوله الاغيار، مهم ما يفعله اليهود. غير أن
نتنياهو ليس بن غوريون والاغيار لم يعودوا ذات الاغيار.
هآرتس 20/1/2011
اصبع في عين اوباما
عكيفا الدار