في العالم العربي ينتظرون الشرارة
صحف عبرية
2011-01-17
تفاصيل أفعال زوجة الرئيس التونسي، ليلى طرابلسي، في
البرقيات التي كشفها موقع ويكيليكس توجت منذ الان الثورة المدنية في تونس
بأنها 'الثورة الاولى لويكيليكس'.
هذا ليس اللقب الوحيد الذي حظيت
به: 'ثورة الفيسبوك'، 'توتير'، و 'يو تيوب'، هذه هي الاسماء التي استبدلت
في الاونة الاخيرة النظرية الكلاسيكية للثورة في تونس: 'ثورة الجوعى'
و'ثورة المقموعين'. ليس صدفة ان الالقاب الاولى، التي تعرض ظاهرا وسائل
تطبيق الثورة، تمنح لها في الغرب، بينما في تونس نفسها يفضلون الاسماء
التي تصف اسباب الثورة: القمع والفقر.
ليست هذه صدفة في ضوء الفهم
بان ازاحة الحكم بثورة مدنية هي اختراع غربي حصري، في أنه لا يُحتمل مثيل
ٌ له في الشرق الاوسط. وعليه، حتى عندما تحدث ثورة في 'الشرق'، ثورة ليست
عسكرية او دينية مثلما في ايران او في السودان، فانها تحاكي الغرب، ان لم
يكن بالملابسات، فعلى الاقل بالوسائل.
من هنا أيضا التوقع في أن
تتطور الثورة في تونس الى وباء معدٍ. أن تنتقل عبر الشبكات الاجتماعية الى
مصر، الاردن، السعودية، ايران، اليمن وسورية. فيها جميعها توجد انترنت،
وفيها جميعها توجد أنظمة قمع وفقر. فيها جميعها معظم السكان شباب، أقل من
ثلاثين، وفيها جميعها توجد 'تطلعات مؤيدة للغرب' ووسائل غربية. وهذه هي
المفاجأة: في ايران جربت الثورة الخضراء، ولم تحدث معجزة. مصر سبقتها
جميعها في استخدام الانترنت ولكن لم تقع فيها ثورة. وعلى ما يبدو لن تقع
فيها ايضا. في الاردن الشبكة هي اجتماعية اكثر منها سياسية، وفي السعودية
تقع ثورات على الانترنت ولكن من أنواع مختلفة.
إذن لماذا في تونس؟
الدولة التي نالت علامات تقدير عديدة جدا في الغرب، والتي يشبه اقتصادها
اكثر من أي دولة عربية اخرى الاقتصاد الغربي المنفتح والمزدهر، مع سياحة
نشطة، مهرجانات افلام وجاز، دين دحر الى الهوامش وقمع بالقوة، حقوق عديدة
للمرأة ومعدل النساء في البرلمان أعلى منه في الكونغرس الامريكي، بالذات
هي خرجت الى الشوارع. السبب هو ان تونس خلقت لنفسها مظهر الشقي، ولكن
الواقع فيها عسير. حزب الحكم يحظى المرة تلو الاخرى بالاغلبية في
الانتخابات. الرئيس، مثلما في دول عربية اخرى، يفوز في الانتخابات بمعدلات
تأييد تتراوح بين 89 في المئة (في الانتخابات الاخيرة) و 99 في المئة.
ملجأ الانترنت ذاك المجال الحواري الذي يسمح بالاعراب عن الرأي بحرية،
اصبح بنفسه أداة بيد الحكم كي يعثر على منتقديه ومعاقبتهم.
ظاهرا،
ظروف كهذه تسود في دول اخرى في الشرق الاوسط ايضا، والسؤال هو كم يقدر
الجمهور قدرته على تغيير الواقع؟ في ايران، العصيان المدني لم يتوقف بعد،
والحركة الخضراء حية وتتنفس. ولكن في ايران الحرس الثوري وملايين متطوعي
البسيج هم قوة شديدة، جزء من جهاز النظام الذي أثبت قدرته على تطهير
الشوارع من معارضي الحكم. هكذا ايضا في سورية، حيث مجال الانترنت ايضا
محصن ضد المعارضين. في مصر، الى جانب القوة العسكرية والشرطية التي
يستخدمها الحكم، يمنح مجال عمل مثير للانطباع للانتقاد الداخلي. ليس فقط
في الانترنت بل وايضا في الشوارع حيث يمكن ان تعقد المظاهرات، والاضرابات
في المصانع والمقالات الانتقادية التي تمكن قراءتها حتى في الصحف
الحكومية. صمام الامان هذا، الى جانب السيطرة المطلقة على اجهزة التجنيد
مثل الاتحادات المهنية، وخلق 'تهديد مشترك' مثل الاخوان المسلمين، يسمح
للحكم بالفصل بين الانتقاد والاحتجاج وبين تحقيق اماني المنتقدين.
ومع
ذلك، فان الامكانية الكامنة التي تعتور فوق وتحت السطح قائمة في كل واحدة
من هذه الدول. وعلى الرغم من أن الثورات ليست وباء معديا، فان تونس حطمت
التقاليد وخلقت واقعا جديدا. لاول مرة خضع الحكم امام الضغط الجماهيري وفر
من الدولة. وليس بسبب انقلاب عسكري. بعد عدة اشهر يُتوقع إجراء انتخابات
للرئاسة في مصر، وهي على ما يبدو ستكون الدولة الاولى التي سيكون ممكنا
فيها اختبار تأثير الثورة التونسية.
هآرتس