عار بلعين
بن درور يميني
2011-01-04
عادت بلعين الى العناوين الصحفية على أثر موت
المتظاهرة جواهر أبو رحمة من سكان القرية. تجري المظاهرات هناك كل جمعة.
وأكثر المتظاهرين وربما كلهم ليسوا نشطاء سلام. فالحديث عن جماعة متطرفة
من الباحثين عن سلب دولة اسرائيل شرعيتها. ويُعززهم كارهو اسرائيل من
الخارج. لن يساعدوا على الاحتجاج على اضطهاد الأكراد في تركيا ولا على
الصين في التبت ولا على المغرب في سهارة. انهم يأتون الى المكان الوحيد
الذي يُمكّنهم من التظاهر، أي اسرائيل.
بيد انه مع كل العداء لكارهي
اسرائيل، فانهم على حق في الحالة المذكورة. لقد رُفع شأن الجدار مرارا
كثيرة الى محكمة العدل العليا. ويوجد قرار صريح على تحريك الجدار. ولا
يُنفذ القرار. يمكن ويجوز الاعتراض على قرارات قضائية. ويمكن أن نجد فيها
عيوبا. بيد انه لا توجد أي صلة بين انتقاد قرارات قضائية وبين الواجب
الأعلى لتنفيذها. من اجل الاخلال بقرار قضائي ثمة حاجة الى ان يرتفع علم
اسود من عدم الشرعية أو عدم الاخلاقية فوقها. وليست هذه هي الحال. وبرغم
ذلك تطأ حكومة اسرائيل قرارا قضائيا بقوة.
يتبين عندما نفحص عن الامر
ان الدولة عاونت مقاولي عقارات تحت غطاء ذرائع أمنية. صودرت ارض فلسطينية،
عامة وخاصة بعلل أمنية. وكانت المصادرة في واقع الامر من اجل اقامة مناطق
سكنية اخرى لم يوافق عليها حتى الآن. وبعبارة محكمة العدل العليا، 'إزاء
الرغبة في ضمان انشاء الحي الشرقي في المستقبل، حُدد مسار الجدار في مكان
ليس فيه ميزة أمنية'. أي انه ليست الذريعة الأمنية المريبة وحدها هي
الكاذبة كلها بل إن الحكاية الحقيقية هي العقارات.
هذه حكاية موديعين
العليا وهي واحدة من المستوطنات الكبرى في المناطق. صودرت من اجل انشاء
المستوطنة اراض من خمس قرى هي نعلين وخربثا وصفّا وبلعين ودير قدّيس. كان
واضحا مع انشاء جدار الفصل ان موديعين العليا ستكون 'في الداخل'، في
الجانب الغربي من الجدار. الحديث عن مستوطنة حريدية أخذت تكبر. ويقتضي هذا
انشاء أحياء جديدة. بيد انها تأتي على حساب مناطق فلسطينية اخرى وخاصة
ايضا. ويقتضي هذا تحريك الجدار نحو بلعين مع زيادة السلب والظلم.
إن
جدار الأمن، أو جدار الفصل ضرورة يقتضيها الواقع. ومن الواضح ايضا ان
الجدار يُحدث مظالم ولا مناص منها احيانا. صودرت اراض كثيرة. وفُصل مئات
الفلسطينيين عن اراضي زراعاتهم حيث مصدر عيشهم. بيد انه يمكن مضاءلة هذه
الاضرار. الجدار ضرورة. لكنه يمكن ويجب مضاءلة هذه المظالم. الظلم في
بلعين صارخ الى السماء لان مسار الجدار خُطط للتمكين من بناء حي آخر، هو
متتياهو الشرقي الذي لم ينشأ بل لم يوافق عليه بعد.
للحملة المعادية
لاسرائيل مئات الدعاوى على اسرائيل تقوم على أكاذيب وأنصاف حقائق. أصبحت
بلعين رمزا لانه يوجد في بحر الأكاذيب قطرات من الحقيقة ايضا وبلعين واحدة
منها. انها قطرة واحدة تصم دولة اسرائيل. اذا حُرك مسار الجدار بهدي من
قرار المحكمة العليا فلن تُحل المشكلات مع نشطاء معسكر الكراهية لانهم
سيجدون نقطة اخرى على الخريطة.
لا توجد أية حاجة الى إحداث مظالم لا
حاجة اليها. ولا حاجة لتجاهل الحقيقة البسيطة. هؤلاء المتظاهرون على حق
احيانا حتى لو كانوا كارهين لاسرائيل. لان مسار الجدار كان يمكن ان يكون
أكثر سلامة. وكان يستطيع أن يمنع مظالم اخرى. ومن يُحدث مظلمة لا تسويغ
لها يساعد من يريد جعل اسرائيل آثمة. لان الاخلال الواضح بقرارات محكمة
العدل العليا لصالح مسار جدار يخدم مقاولي العقارات، كنز عظيم للدعاية
المعادية لاسرائيل. والذنب هذه المرة ذنب اسرائيل.
معاريف 4/1/2011