لا بشرى من دمشق
صحف عبرية
2011-01-04
هل تواجه اسرائيل وسورية تجديد التفاوض؟ وهل تنوي
سورية مقابل اعادة هضبة الجولان ان تتخلى عن صلاتها بايران وحزب الله؟
اسمحوا لي أن أُبرد الحماسة شيئا ما. فيما يتعلق بوجود قناة سورية
اسرائيلية، لم تشتمل الردود على النبأ في القدس ودمشق على إنكار جارف، وقد
توجد قناة لنقل رسائل بوساطة امريكية بين العاصمتين. هذه القناة تخدم
الجانبين. فهي تُقلل الضغط عن نتنياهو في ضوء الجمود مع الفلسطينيين،
والضغط عن الاسد في ضوء علاقاته بايران وحزب الله والاتهامات المتوقعة من
قبل فريق التحقيق في مقتل الحريري. لكن هل هذا حقيقي؟.
مدة بضعة اشهر،
حتى كانون الاول (ديسمبر) 2008، أجرت اسرائيل وسورية اربع جولات 'محادثات
تقارب' بوساطة تركية. وبفضل ذلك 'الإحلال' الذي منحه اولمرت للاسد تحسنت
مكانة سورية الدولية والاقليمية. فقد تخلت الولايات المتحدة وفرنسا وعلى
أثريهما العربية السعودية ايضا عن إقصاء دمشق وبدأت تعامل سورية باعتبارها
دولة رئيسة ذات قدرة على التأثير في ساحات مختلفة في الشرق الاوسط. وكان
ذلك ايضا عن طموح الى قطعها علاقتها بايران.
لكن سورية لم تُغير الى
الآن سلوكها السلبي. ففي السنة الاخيرة فقط أشارت دمشق في عدة فرص الى ان
تسوية سلام مع اسرائيل ليست خيارا جذابا كما كان في الماضي، وحتى لو خرجت
من القوة الى الفعل فانها غير مستعدة كما كانت الحال في الماضي لتطبيع
كامل. وقد أعلن السوريون ايضا بأنهم لن يتخلوا عن 'الشراكة الاستراتيجية'
مع طهران حتى لو وقع اتفاق سلام مع اسرائيل. واسوأ من كل شيء ان سورية
تحولت من 'انبوب' لنقل الوسائل القتالية من ايران الى حزب الله الى مزودة
للمنظمة الارهابية بوسائل قتالية متقدمة مباشرة بل انها تُدرب نشطاءها
داخلها.
من المحتمل ان امكانية قطع العلاقات أو تغيير طابعها على
الأقل، بين سورية وايران، يُثار في كل نقاش تجريه اسرائيل يتعلق بالمزايا
المحتملة لاتفاق سلام بين الدولتين. إن تغيير دور دمشق قد يضائل بحسب هذه
الرؤية التهديد لدولة اسرائيل. فسيصعب من جهة على القدس ان تدخل تفاوضا
كهذا إن لم تكن مقتنعة بأن هذا الأمر احدى نتائجه. ومن جهة اخرى، بدء
التفاوض السياسي بل التوقيع على اتفاق سلام لا يضمن ان تُبرد ايران وسورية
علاقاتهما.
إن سوريا معنية بتحقيق سلسلة مصالح منها اعادة الجولان
بوساطة تسوية تكون في مصلحتها. وعلى العموم ليست هي عضوا طبيعيا في المحور
المتطرف، فهي دولة علمانية وهي لا ترفض بخلاف ايران وحزب الله وحماس،
امكانية التوصل الى سلام مع اسرائيل.
إن وضعها الاقتصادي الصعب، وعدم
الوضوح المتعلق بسياسة الولايات المتحدة معها، والضربات التي تلقتها من
اسرائيل وابتعاد الخيار السياسي في نظرها، قوّت على نحو طبيعي علاقة دمشق
بطهران. هل تُغرق مسيرة سياسية وجه الارض بتضارب المصالح بين سورية
وايران؟ هل تُغير سورية مع الوقت شكل علاقتها بايران وبحزب الله؟
في
ضوء سلوك الاسد يبدو انه غير معني بذلك في هذه المرحلة، لا على حساب
علاقته بايران وبحزب الله. يحتمل من مسيرة سياسية كما حدث في الماضي ان
تزرع الشك بين دمشق وطهران لكن سيصعب على السوريين في نهاية الامر ان
يقطعوا تماما هذه العلاقات التي تُثبت نفسها منذ ثلاثة عقود، لمصلحة وعود
بتسوية ما.
' باحث في معهد ابحاث الامن القومي في جامعة تل ابيب
معاريف 4/1/2011