[rtl] تظهر حرب الشائعات في وقت الأزمات، وفي الفترات التي تسبق الانتخابات. وتعد أسلحة تلك الحروب واحدا من أخطر الأسلحة، التي ظهرت بعد ثورة الـ 30 يونيو، ويصنفها البعض من أقوى وسائل التدمير المعنوي والمادي، لأنها تستهدف النظم الحاكمة، واستقرار المجتمع.[/rtl]
[rtl]وتظهر خطورة تلك الحرب في الوقت الراهن في تغير وسائلها. ففي الماضي، كانت تستند إلى أخبار من مجلات، أو صحف صفر، أو إذاعة، أو تلفاز. أما اليوم، فقد تطورت الوسائل، وأصبحت أكثر سرعة في التداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، وتويتر، وانستجرام ). تسبب الاختلاف بين الأفراد أو الجماعات، أو بين الأحزاب وبعضها، أو بين قوى سياسية والسلطة، في زيادة معدل استخدام الشائعات، طلبًا للانتصار على الخصم. فهذا الاستخدام لجأت إليه أخيرا بعض الأحزاب السياسية، وبعض المرشحين في الانتخابات الرئاسية، والتشريعية، أو المحلية في المنطقة العربية لتغيير توجهات الناخبين.[/rtl]
[rtl]لقد عرّف لتشارلز اندال الشائعة بأنها عبارة عن رواية تناقلتها الأفواه دون أن ترتكز على مصدر موثوق يؤكد صحتها. وعرّفها جيمس دريفر بأنها عبارة عن قصة غير متحقق منها في المجتمع، ويزعم فيها حدوث واقعة معينة. وأشار ليون فستنجر في نظرية التنافر المعرفي إلى قوله إن استقبال الأفراد، أو الجماعة لمعلومات غامضة، أو غير كافية، أو غير مناسبة، أو متناقضة تخلق لديهم حالة من مظاهر سوء الإدراك والفهم لمجريات الأحداث، مسببة حالة من الارتباك والفوضى. [/rtl]
[rtl]- أوقات الظهور: [/rtl]
[rtl] تبدو الأوقات التي تسبق الانتخابات هي الأكثر انتعاشا لحرب الشائعات. ومن أشد حرب الشائعات، التي ظهرت في الفترة الأخيرة في مصر، هي الحرب التي شنتها جماعة الإخوان على مصر، والتي كان من أهم وسائلها بعض النشطاء من الشباب، وعدد من وسائل الإعلام. فقد أنشأت الجماعة، من أجل نجاح تلك الحملة، وحدة إعلامية متخصصة في نشر الشائعات على مصر، هدفها نشر الشائعات، وفبركة الأخبار. وتنقسم تلك الوحدة إلى وحدة داخلية تهدف إلى نشر الشائعات، والأخبار المغلوطة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المحلية والناطقة باللغة العربية، ووحدة أخرى تقوم بالمهمة نفسها، لكن باللغة الإنجليزية، وتقوم بإرسال ما تنتجه من أخبار ومعلومات لوسائل الإعلام والصحف، ووكالات الأنباء العالمية .[/rtl]
[rtl]منذ 30 يونيو، نشّطت كتائب الإخوان من دورها ضد مصر، بدءاً من شائعة حدوث انقسامات في الجيش المصري، وتم تداول شائعات أيضا حول تسريح مليوني موظف من الجهاز الإداري للدولة كشرط من صندوق النقد الدولي لمنح البلاد قرضاً قيمته 12 مليار دولار. وقد حاول التنظيم الدولي للإخوان أيضا استغلال إصابة الحارس الشخصي للرئيس السيسى فى أثناء التدريبات العسكرية له في الترويج بأنه كان هناك مخطط لاغتيال الرئيس، وغيرها من الشائعات الكاذبة. [/rtl]
[rtl]وقد وصلت حرب الشائعات إلى حدّتها، خاصة بعد تصريح وكالة "أنسا" الإيطالية بأن "الرئيس عبد الفتاح السيسى الأوفر حظا للفوز بانتخابات الرئاسة المصرية عام 2018 لولاية ثانية"، وإعلان أحزاب سياسية ومؤسسات رغبتها في استمرار الرئيس السيسى في الرئاسة، حيث بدأت الميليشيات الإلكترونية للإخوان مزاولة نشاطها المعتاد، ونشر الشائعات، ونشرت على صفحاتها أنباء عن ترشح جمال مبارك، نجل الرئيس الأسبق، وتداول النشطاء شائعة تتضمن أن المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، تم عزله عن منصبه نتيجة كشفه لفساد داخل أجهزة الدولة يقدر بـ 600 مليار جنيه. [/rtl]
[rtl]- الحالة التونسية:[/rtl]
[rtl]بدأت حرب الشائعات في تونس ضد الرئيس الباجي قائد السبسي لمنع ترشحه لفترة رئاسية ثانية. فقد روج الرئيس السابق لتونس، منصف المرزوقي، شائعة بأن "الباجي" فاز بالانتخابات الرئاسيّة سنة 2014، بعد أن تعهّد بقانون المصالحة الاقتصادية والمالية، الذي يتجاوز جميع الانتهاكات والجرائم الاقتصادية التي ارتكبت سابقا في حق البلاد، وقال إن قانون المصالحة الاقتصادية والمالية لقي معارضة قوية من قبل الشعب والهيئات الدولية على أساس أنه غير مقبول أخلاقيا وسياسيا، مهدّدا بمعارضة هذا القانون، خاصة أنه يعد خطرا على تونس، حسب تعبيره. وأكد أنه يجب تنظيم احتجاجات شعبية وسلمية للتعبير عن رفض قانون المصالحة.[/rtl]
[rtl]ومن الشائعات حول الرئيس التونسي اتهامه بأنه يمهد لخلافة نجله لتولي الحكم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه نفى ذلك بمقولة إن تونس ليست مملكة. وترددت عبر مواقع التواصل الاجتماعي شائعات حول أن الحياة السياسية في تونس تشهد اضطرابات، وعدم استقرار، وصعوبات اقتصادية واجتماعية من أجل بلبلة الرأي العام، والتأثير فى قرار الشعب لانتخاب الرئيس السبسي مرة ثانية.[/rtl]
[rtl] وقد حاولت بعض الأطراف ترويج الشائعات منذ انطلاق حملة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في مكافحة الفساد، وسرت بعض الأخبار الزائفة كالنار في الهشيم، منها تداول شائعة مفادها وفاة رجل الأعمال شفيق جراية، أو نشر خبر مفاده إصدار بطاقة جلب في حق الإعلامي سمير الوافي. وتعمد بعض الصفحات الاجتماعية الحديث عن مصادرة أملاك الإعلامي صافي سعيد، وأخرى تتناقل أخبارا مفادها هروب سليم الرياحي، وبعض القيادات السياسية، أو نواب البرلمان، إلى جانب الحديث عن وجود قائمة تضم المئات سيتم إيقافهم. [/rtl]
[rtl]- الحالة الجزائرية:[/rtl]
[rtl] أما الجزائر، فقد تشهد قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، عام 2019، أشد حروب الشائعات، حيث بدأت الأحزاب الإسلامية، والعلمانية في نشر العديد من الشائعات حول وفاته وتدهور صحته.[/rtl]
[rtl]فخلال الأشهر الثمانية الماضية، تزايد حجم الشائعات بهدف زعزعة استقرار الجزائر. واختزل دور العديد من الأحزاب، وكثير من الشخصيات العامة في الترويج للشائعات، والتربح منها انتخابيا. فقد أثار القيادي المعارض محسن بلعباس شائعة، مضمونها "أنه يصعب، في ظل الوضع الحالي، التكهن بمن سيتم اختياره ليكون رئيسًا للجزائر"، تاركًا الباب مفتوحًا على إمكانية ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وظهرت شائعة تروج ترشح رئيس الوزراء عبد المالك سلال في الانتخابات الرئاسية القادمة، ووجود خلاف بين مؤسسات النظام الجزائري حول خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.[/rtl]
[rtl]وروجت عدة تسريبات أن جناحًا في السلطة الحاكمة، يرمي إلى تهيئة عبد المالك سلال لتحضيره لانتخابات الرئاسة المقبلة لمنافسة مدير ديوان الرئاسة الحالي أحمد أويحيى. وتداولت شائعات، عبر مواقع التضليل الإلكتروني، وجود تحالف بين الجزائر والكيان الصهيوني، مما أثار غضب الشعب الفلسطيني، ولم تثبت صحة هذا الادعاء. [/rtl]
[rtl]مما سبق، يكون من الضروري على مؤسسات تلك الدول ومواطنيها فهم الدوافع النفسية والثقافية التي تفرز هذه الشائعات المتواصلة، التي تدفع البلاد إلى حالة من القلق، وعدم الاستقرار، وبلبلة الرأي العام. ولابد من البحث عن حلول لمكافحة الميليشيات الإلكترونية عن طريق هيئة رقابية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومكافحة الشائعات، ووضع قانون يجرم ترويج شائعات لها الأثر في تقييم الأنظمة السياسية الحاكمة[/rtl]