03 يناير 2014 بقلم
موسى برهومة قسم:
الفلسفة والعلوم الإنسانية حجم الخط
-18
+ للنشر:شكَّلت الفوضى الفكرية في الفيزياء الجديدة في الربع الأول من القرن العشرين، وإرهاصاتها الفلسفية الوضعية، الخلفية التي نشأت فيها فلسفة كارل بوبِّر
(1) في الثلاثينيات.
ويمكن القول، إن فلسفة العلوم المعاصرة متصلة اتصالاً مباشراً بالتغييرات الأفهومية الجذرية، التي أدخلتها نظرية أينشتاين في النسبية، الخاصة والعامة، وميكانيكا القسيمات الكوانتية. وكان لهذه الثورات في التصور الفيزيائي للكون أثر على العلماء أنفسهم، فتحوَّلوا من دون التخلِّي عن ممارساتهم العلمية، إلى فلاسفة ومنظِّري معرفة، علَّهم يمسكون بالأمواج العاتية التي بدأت تحيط بعلمهم منذ أواخر القرن الماضي.
إن بولتزمان، واضع مبادئ الترموديناميكا thermodynamics، وهيرتز، صاحب نظرية ذبذبات الراديو، وأينشتاين نفسه، وغيرهم من كبار فيزيائيي تلك الحقبة، أحسوا بأن الدور المتزايد للرياضيات النظرية في تشكيل الفرضيات والقوانين العلمية يطرح بإلحاح مسألة العلاقة بين المفاهيم المجردة – وهي مادة الفكر العلمي – والظاهرات الطبيعية المحيطة بالإنسان.
(2)وبطبيعة الحال، لم يتأخر الفلاسفة عن اللحاق بالركب الإشكالي، وبادروا إلى وضع تصورات وحلول لتلك المشكلة، آخذين في الاعتبار الوضع الجديد الناشئ عن الدور الأساسي للتجريد الرياضي في الفهم العلمي للطبيعة.
وكان الاتجاه الوضعي، أو ما يُعرَف بالوضعية positivism في نظرية المعرفة، خليطاً هجيناً من العلم والفلسفة. بيْد أن من العلماء والفلاسفة، من رأوا أن الاعتقاد الساذج بوجود علاقة مباشرة بين النظريات العلمية والواقع الطبيعي لا يمكن القبول به من دون مراجعة جدِّية.
لقد أدرك بوبِّر أن الوضعيين بنوا نقدهم للواقعية العلمية على مفهوم ضيِّق للحقيقة، حقيقة الأجسام والحركات والألوان والأصوات المحيطة والمدركة إدراكاً مباشراً بواسطة الحواس.
إلا أنه لم يعمد إلى مواجهة ذلك التصور بتصور مقابل للحقيقة يجعلها قائمة في النظريات الفيزيائية المجردة، بل ذهب إلى القول بعدم قبول إضفاء الحقيقة على أية معرفة، سواء كانت حسية أم نظرية، قائلاً إن كل المعارف البشرية في الظاهرات تقبل الدحضrefutation، لكنها لا تقبل البرهان؛ وإن نمو المعرفة العلمية ليس عملية تراكم متواصل للحقائق بقدر ما هو إزالة مطَّردة للأخطاء. إن عدم إضفاء الصدق على أي من المعلومات، كان الوسيلة التي اعتمدها بوبِّر لإلقاء الشك حول صدقيَّة المعلومات الأكثر شفافية لدى الوضعيين، وهو يسخِّر المنطق الصوري لهذه الغاية، مثلما يسخِّر التطورية الداروينية للهدف ذاته، الذي هو النيل من صفة الإطلاق في صحة الأوصاف الناتجة من الملاحظات العيانية والحسية.
(3)ولكن، ما الذي يميز الخطاب العلمي عند بوبر عن غيره من أشكال وأنماط الخطاب المعرفي التي ينتجها الإنسان؟
للإجابة عن هذا السؤال، لابد من البدء أولاً بموقفه من إشكال الاستقراء، فقد كانت مسألة الاستقراء والإشكالات المنهجية التي طرحها في تاريخ العلم والفلسفة، نقطة انطلاق تفكيره وأرضية تأسيس مشروعه الإبستمولوجي. ففي كتابه الأشهر "منطق الكشف العلمي"، نلاحظ تركيزاً واضحاً على بحث المسألة الاستقرائية، ومناقشة نقد ديفيد هيوم لها. ومن المعلوم أن هيوم انتهى إلى القول بأن الاستقراء لا يقبل التبرير العقلي، فبما أن السببية هي مجرد عادة ذهنية ناتجة عن اقتران، وليس لها أية حقيقة أنطولوجية على مستوى الواقع، فإن المعرفة العلمية التجريبية هي، بسبب ارتكازها على السببية، لا يمكن أن نزعم لها صفة الحقيقة.
هذه الشكيّة الهيوميّة لم يقبلها بوبر، مثلما لم يقبل النزوعات الشكيّة عامة، تلك التي تنتهي إلى موقف شاكّ في وجود العالم ذاته، بل إن بوبر يستهجن حتى ذلك النقاش الذي ساد الفلسفة حول وجود العالم، حيث يؤكد ساخراً من هذا الموقف الشكي على أن النقاشات التي شهدها تاريخ الفكر الفلسفي حول وجود العالم هي "أكبر فضائح الفلسفة"، فمجرد طرح وجود العالم محل استفهام وشك هو ليس بحثاً معرفياً، بل لا يستحق وسماً آخر سوى الفضيحة.
وفي تحديده لـ "مشكلة الأسس الإمبريقية"، يعتقد بوبر بأنه إذا كان مبدأ قابلية التكذيب يمكن أن يطبق كمعيار للتمييز، إذن فسوف يكون متاحاً أن ننظر إلى القضايا الشخصية على أنها تستخدم كمقدمات في تكذيب الاستدلالات. ومن ثم، فمعيارنا يبدو وكأنه تحويل للمشكلة فحسب، لأنه يرتد بنا إلى الوراء من السؤال عن الخاصية الإمبريقية للنظريات إلى السؤال عن الخاصية الإمبريقية للقضايا الشخصية.
ومع ذلك، فإنه في هذه الحالة ُنعتبر أننا قد توصلنا لشيء ما، لأنه في ممارسة البحث العلمي كثيراً ما يحدث أن يكون التمييز ملحاً بصورة مباشرة فيما يتعلق بالأنساق النظرية، بينما في حالة القضايا الشخصية، نجد أن الشك في خاصيتها الإمبريقية نادراً ما ينشأ. إنه من الصحيح أن تحدث أخطاء في الملاحظة تفضي إلى قضايا شخصية كاذبة، لكن العالم نادراً ما تتاح له الفرصة لكي يصف قضية شخصية كقضية لا – إمبريقية أو ميتافيزيقية.
(4)ويحاول بوبر أن يرد على منتقديه، محاولاً الإجابة عن كيفية تبرير القضايا العلمية، إذ يرى بأنه إذا كان مطلبنا أن القضايا العلمية يجب أن تكون موضوعية، إذن فالقضايا التي تنتمي للأساس الإمبريقي للعلم يجب أن تكون موضوعية؛ أي قابلة للاختبار الذاتي المتبادل؛ ومن ثم فقابلية الاختبار على نحو ذاتي تتضمن دائماً قضايا أخرى قابلة للاختبار، يمكن أن تستنبط من القضايا موضع الاختبار. وهكذا، فإنه إذا كانت القضايا الأساسية بدورها قابلة للاختبار الذاتي المتبادل، فلن تكون هناك قضايا نهائية في العلم أو قضايا لا يمكن اختبارها، ومن ثم فلن يرفض أحدها من حيث المبدأ، عن طريق تكذيب بعض النتائج التي يمكن أن تستنبط منها.
(5) لذا، يؤكد بوبر أن العالم موجود، وأن المعرفة العلمية هي بالأساس معرفة هذا العالم، لكن بوبر لا يصل إلى القول بأن هذه المعرفة تبلغ إلى معرفة حقيقة الوجود/العالم ذاتها، بل إنه يقترب هنا، كما يقول الفيلسوف الفرنسي جاك بوفريس، من المفهوم الكانطي للمعرفة المحدودة بحدود عالم الظاهر، وعدم بلوغها إلى "الشيء في ذاته". فكما يقول الفيلسوف الإغريقي هيراقليط: "إن الطبيعة تحب الاختفاء"، وهذه الحقيقة المختفية، حسب كانط وبوبر، لا سبيل إلى إظهارها وكشفها تماماً.
(6)في تحديده لمنهج العلم، يرفض صاحب كتاب "عقم المنهج التاريخي" حصره بكونه استقراء، حيث يشير إلى أن المنهج العلمي في حقيقته منهج اكتشاف، والمنطلق في التفكير العلمي ليس الملاحظة، بل الفرضية. والاشتغال المعرفي للعالم هو في جوهره طرح لفرضيات ومحاولة تفنيدها وتخطئتها، للوصول إلى الفرضية التي تقاوم التفنيد والنقض فتصير متبناة، ولكنها تبقى أيضاً محل درس من أجل تفنيدها لبلوغ فرضية أفضل في فهم الواقع.
تلك هي الصيرورة المعرفية والبحثية للعلم والممارسة العلمية، ومن ثم فالنظرية لا تكون علمية إلا إذا كانت قابلة لإنجاز اختبار لتفنيدها؛ بمعنى أن النظرية تكون مقبولة علمياً في لحظة ما بتحقق شرطين فيها، وهما: أنها قابلة للتفنيد، لكن لم تفند بعد. وهذا خلافاً للموقف الإبتسمولوجي التجريبي الاستقرائي، الذي يعد النظرية علمية بسبب كونها متحققة تجريبيًا، حيث إن هذه النزعة الاستقرائية توحي بانغلاق العلم ووثوقيته، ولا تفتح المجال أمام أفق البحث العلمي.
والقول بأن نظرية ما نظرية علمية، لأنه تم إثباتها أو التحقق منها تجريبيًا، قولٌ مختل حسب بوبر، لأن قوانين العلم هي أحكام كلية. وبوصفها كذلك، فإنه يستحيل أن نتأكد منها بواسطة التجربة، لأن التجربة لا تعطينا سوى حالات مفردة، تبقى مهما تعددت وكثرت دون المستوى الكلي، لذا فالتجربة لا تثبت، بل كل ما في إمكانها أن تفعله هو أن تفند وتدحض.
(7)في بداية كتابه "منطق الكشف العلمي"، يستعمل بوبر مثاله الشهير المتصل بطائر البجع. فعندما نقول، إن جميع طيور البجع بيضاء، فهذا قانون كلي مستخلص من ملاحظات، لكن هل رأينا حقاً كل الطيور؟ بالتأكيد لا. فمهما تعددت ملاحظاتنا تبقى ملاحظات لعدد محدود من طيور البجع، لا لكلها. ومن ثمّ فلا معنى للقول إن التجربة تثبت لنا أن كل البجع أبيض اللون، ولا معنى لأن يصطاد العالِم طائر بجع آخر فيقول هذا أيضاً أبيض. وبالتالي، فالحكم الكلي "كل البجع أبيض" مثبت ومتحقق بفعل الملاحظة التجريبية، لا معنى لذلك لأنه ليس ثمة عدد من التجارب بإمكانه أن يثبت نظرية ما، بينما تكفي تجربة واحدة لتفنيدها؛ فلو وجدنا طائر بجع ولو واحداً غيرَ أبيض (أسود مثلاً)، فإن هذه الملاحظة التجريبية الواحدة كافية لدحض النظرية وتفنيدها. ومن ثم، فالنظرية تبقى صالحة ما دامت لم تفند، وليس لأنها متحققة تجريبياً، لأن التجربة هي فعل استقرائي جزئي.
ولدى معاينته مشكلات العلم وأهدافه ومسؤولياته، يتناول بوبر حركة فرنسيس بيكون، منتقداً منهجه في الملاحظة والاستقراء ورؤيته للعلم، وينتقل بعدها الى رؤيته الخاصة للعلم التجريبي مركّزاً على معيار القابلية للتكذيب، أو ما يطلق عليه معيار الاختبار. كما يتناول بوبر المشكلات ودورها في العلم وأهميتها بالنسبة لعلم مناهج البحث أو نظرية المعرفة العلمية، حيث يبين أن ثمة تناقضاً صميماً يواجه نظرية المعرفة، وهو معرفتنا الشاسعة والنافذة والتفصيلية لوقائع لا حصر لها، في مقابل جهلنا غير المحدود للعديد من جزئيات المعرفة.
(8)وما يميز المنهج التجريبي- ويجب التشديد على ذلك- هو طريقته في تعريضه للتكذيب بكل طريقة يمكن تصورها للنسق موضع الاختبار؛ أي في انتقاء الأنسب، بتعريضها كلها لأعنف نضال للبقاء. وهذا الابتهال الخطابي للاصطفاء الخاص والمجاز التطوري للنهج، هو على الأغلب الوصف الأهم لمجمل مشروع بوبر، فاقتراحه يقوم على اللاتناظرية بين قابلية التحقق وقابلية التكذيب التي تنتج عن الصورة المنطقية للمقولات الكلية، "كل س هو ع"، الذي لا يمكن استقاؤه من مقولات شاذة، ولكن يمكن نقضه بواسطة مقولات شاذة.
(9)ويستعمل كانط كلمة "ذاتي" أو "شخصي" للدلالة على مشاعرنا أو قناعتنا بدرجات مختلفة، ولهذا يؤكد بوبر على أن النظريات العلمية لا يمكن أن تكون أبداً قابلة للتبرير أو التحقق، ولكنها مع هذا قابلة للاختبار. "لذا سأقول إن موضوعية المقولات العلمية متضمنة في حقيقة أنه يمكن أن تُختبر من قبل أشخاص عديدين".
(10)وفي ضوء ذلك، يمكن لنا، في حال رغبنا، أن نميز بين أربعة خطوط، يمكن على أساسها فحص النظرية theory.
أولاً: هناك المقارنة المنطقية بين استنتاجاتها، والتي يمكن بها اختبار مدى الاتساق الداخلي للنظام وثباته.
ثانياً: هناك التحقيق في الشكل المنطقي للنظرية، بهدف تحديد ما إذا كانت هذه النظرية تحمل سمات النظرية الإمبريقية (التجريبية) أو النظرية العلمية، أو ما إذا كانت، على سبيل المثال، توتولوجية (تكرار للمعنى فائض عن الحاجة).
وهناك ثالثاً، مقارنة النظرية مع النظريات الأخرى، والتي تهدف بشكل أساسي إلى تقرير ما إذا كانت النظرية يمكن أن تشكل تقدماً علمياً في حال اجتازت اختباراتنا المختلفة.
وأخيراً، هناك اختبار النظرية بواسطة التطبيقات الإمبريقية للاستنتاجات التي يمكن اشتقاقها منها.
(11)وقبل النظر في هذه الفئات الأربع، يتعين بيان ما يعنيه بوبر، بشكل عام، بالنظرية.
بالنسبة لبوبر، تتكون النظرية من مجموعة من العبارات statements، بعضها تعتمد على عبارات أخرى، وبعضها مستقلة عن أية عبارات. ويمكن تصنيف هذه العبارات وفق مستويات levels؛ إذ تكون عبارة ما في مستوى أدنى، إذا ما كان من الممكن اشتقاقها من عبارات في مستوى أعلى. سوف نسمي عبارات المستوى الأدنى، والتي تعتمد على، أو يمكن اشتقاقها من عبارات المستوى الأعلى "تابعة" dependent. ولعبارات المستوى الأعلى خصيصة الفرضية hypothesis، من حيث علاقتها بالعبارات المستقلة في المستوى الأدنى. أما العبارات التي تكون في المستوى الأدنى، فهي تدعى "العبارات الأساسية" basic statements، والتي تستجيب لحقائق محددة مفردة (بما فيها "الشروط البدئية" initial conditions) أو المحمولات predications.
العبارات في المستوى الأعلى "العبارات الكونية" universal statements، فإن علاقتها بالعبارات الأخرى تشبه كثيراً الطريقة التي تتصل بها البديهيات axioms بالنظريات في علم الهندسة. ويقال إن العبارات في المستوى الأعلى "تفسر" عبارات المستوى الأدنى التابعة.
لدينا نوعان مختلفان من العبارات، واللذان يشكل كلاهما مكونات ضرورية لاستكمال التفسير المقبول، وهما (1) العبارات الكونية؛ أي الفرضيات حول شخصية القوانين الطبيعية، و(2) العبارات المفردة singular statements التي تنطبق على الحادثة المعنية بعينها، والتي سوف ندعوها "الشروط البدئية". إنها العبارات الكونية في ارتباط مع الشروط البدئية هي المكان، حيث يمكن لنا أن نشتق deduce عبارة مفردة بالاستدلال، ... أي محمول محدد مفرد.
أما الشروط البدئية، فتصف ما يدعى عادة "السبب" cause في الحادثة المعنية، بينما المحمول يصف ما يدعى عادة "النتيجة" effect.
(12)ويمكن القول، إن النظام النظري بمقدوره أن يصبح حقيقة داعمة لذاتها إذا ما كانت مجموعة من العبارات؛ أي البديهيات، التي تمت صياغتها، حيث تفي بالمتطلبات الأربعة التالية:
(أ) ينبغي أن يكون نظام البديهيات خالياً من التناقض (سواء كان التناقض الداخلي أو التناقض المتبادل). ويناظر ذلك مطلب ألا تكون أية عبارة مختارة عشوائياً قابلة للاشتقاق منها.
(ب) يجب أن يكون النظام مستقلاً؛ بمعنى أنه لا ينبغي أن يضم أية بديهية قابلة للاشتقاق من البديهيات الأخرى. (وبكلمات أخرى، يمكن للعبارة أن تعتبر بديهية فقط إذا كانت غير قابلة للاشتقاق منها ضمن سياق بقية النظام). هذان الشرطان يعنيان نظام البديهيات على هذا النحو، فيما يتعلق بالعلاقة بين نظام البديهيات ومجمل النظرية.
(جـ) ينبغي للبديهيات أن تكون كافية لاشتقاق العبارات كافة، التي تنتمي إلى النظرية التي ينبغي جعلها داعمة لذاتها.
(د) يتعين على البديهيات أن تكون ضرورية للغاية نفسهان، وهو ما يعني أنها ينبغي أن لا تنطوي على افتراضات فائضة عن الحاجة.
إن للتحقيقات من هذا النوع أثراً بالغاً على مشكلة إمكانية الخطأ. إنها تجعل من الواضح، لماذا يمكن ألا يؤثر تكذيب عبارة مشتقة منطقية على كامل النظام، وإنما على جزء منه فحسب، والتي ربما يمكن اعتبارها في هذه الحالة خاطئة.
(13)