09 يونيو 2013 بقلم
عبد العالي المتقي قسم:
الدين وقضايا المجتمع الراهنة حجم الخط
-18
+ للنشر:مفهوم الحق الطبيعي وفلسفة حقوق الإنسان في الفكر الغربي - مقاربة أولية
يعد مفهوم الحق الطبيعي بروافده المتعددة من الأصول المؤسسة لفكرة حقوق الإنسان في الفكر الغربي، والتي تستمد جذورها النظرية من مفهوم القانون الطبيعي الذي ترتبط به ارتباطًا جدليًا، فالحقوق الطبيعية للإنسان كالحياة والحرية والمساواة هي تشريع للقانون الطبيعي باعتباره مصدرا أساسيًا للحقوق الثابتة للأفراد. ومفهوم الحق الطبيعي تعبير قانوني لرؤية فلسفية تبلورت في القرن الثامن عشر، ينادي بأن للفرد في آدميته حقوقًا يستمدها من طبيعته، وهي ثابتة لا تنتزع، ويفترض ألا تنتزع من أي فرد، وهي حقوق لا يمنحها المجتمع المتمدن، وإنما يعترف بها ويقرها، باعتبارها شيئًا نافذ المفعول في العالم أجمع، ولا تستطيع أي ضرورة اجتماعية أن تسمح لنا أن نلغيها أو نهملها.
[1]ويتأسس مفهوم الحق الطبيعي في التصور الحديث على جملة أسس منها:
أولاً:مساواة الجميع في هذه الحقوق "فللطبيعة قوانينها التي يخضع لها كل إنسان، فالجميع متساوون مستقلون، وليس لأحد أن يسيء إلى أخيه في حياته أو صحته أو حريته أو ممتلكاته"
[2].
ثانيًا:أن الحقوق الطبيعية للأفراد سابقة على الوجود القانوني والسياسي لأن الأفراد يولدون بحقوقهم الطبيعية، وعند نشأة المجتمع المتمدن يأخذون معهم حقوقهم الطبيعية إلى وضعهم المدني التعاقدي.
[3]ثالثًا:أن الحقوق الطبيعية تقتضي اعتبار الحرية هي أساس الوجود الإنساني.
ولقد تبلورت هذه الأسس في الأدبيات الأولى لحقوق الإنسان في الفكر الغربي، فقد جاء في ديباجة تصريح الاستقلال الذي أعلنته المستعمرات الأمريكية الثلاثة عشر بتاريخ الرابع من تموز 1776م أن:"جميع البشر خلقوا متساوين، وأن خالقهم منحهم حقوقًا ثابتة لا يمكن التنازل عنها، من بينها الحق في الحياة والحق في الحرية والحق في تحقيق السعادة. وأن الحكومات شكلها الناس لكي تصون هذه الحقوق، وتستقي سلطاتها العادلة من قبول المحكومين لها، وحيثما يكون هناك شكل من الحكم مدمر لهذه الغايات، فإن من حق الشعب أن يغيره أو أن يلغيه أو يرسي نظام حكم جديد تقوم دعائمه على مثل هذه المبادئ، وأن ينظم سلطاته في الشكل الذي يتراءى له أنه من المرجح أن يحقق أمنه وسعادته".
وورد في المادة الثانية من الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن 26 غشت 1789 :"
الهدف من أي تجمع سياسي هو الحفاظ على الحقوق الطبيعية للإنسان التي لا تسقط بالتقادم، وهذه الحقوق هي الحق في الحرية والحق في الملكية والحق في الأمن والحق في مقاومة الاضطهاد".
ولقد خصصت الفصول الأولى من البيان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10 دجنبر 1948 للحديث عن الحقوق الأساسية للأفراد ومنها الحق في الحياة والحرية والأمن على النفوس دون أي تمييز وتأمين المحاكمة العادلة ( الفصول 1 و2و3و6و7و8و9و10و11و 12).
وجاء في الفقرة الأولى من إعلان فيينا لحقوق الإنسان بتاريخ 25 يونيو 1993 :"
إن حقوق الإنسان والحريات الأساسية هي حقوق يكتسبها جميع البشر بالولادة، وإن حمايتها وتعزيزها هما المسؤولية الأولى الملقاة على عاتق الحكومات".
نخلص في هذه المقاربة الأولية إلى أن مفهوم الحق الطبيعي من المفاهيم المؤطرة لفلسفة حقوق الإنسان في الفكر الغربي في بعدها القانوني والفلسفي، وأنه يعتبر من المداخل الأولية لفهم تطور منظومة حقوق الإنسان في الفكر الغربي.