** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

  بعد الظهر مع.. خورخي لويس بورخيس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمادي
فريق العمـــــل *****
حمادي


عدد الرسائل : 1631

تاريخ التسجيل : 07/12/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

	  بعد الظهر مع..  خورخي لويس بورخيس  Empty
18072014
مُساهمة بعد الظهر مع.. خورخي لويس بورخيس

بعد الظهر مع..
خورخي لويس بورخيس 
	  بعد الظهر مع..  خورخي لويس بورخيس  BorgesJL
 
ترجمة: أحمد فاضل 
 
 
 
 
 
 
في كل مرة يمر عليّ اسم الأرجنتين يتبادر إلى ذهني خورخي لويس بورخيس الذي طالما كنت مترددا بالسفر إليه بسبب ذلك النظام اليميني الذي كثيرا ما يأخذ بعنف السلطة لتثبيت دعائم حكمه ، ومع كل ذلك التوجس والخوف الذي حاولت أن أزيلهما وأرحل إليه لفرصة لقاء كاتبي المفضل هناك الذي اكتشفت من خلاله وجهه الآخر الذي لم يعرفه أحد من قبل  .
كنت في الخامسة والعشرين من العمر أعيش في أمستردام كان ذلك في العام 1976 عندما فكرت بالهرب من الشتاء الهولندي القارس مع أحد الأصدقاء والسفر عبر أمريكا الجنوبية لمقابلة بورخيس ، كان منتصف تلك السنة يشكل وقتها أخطارا جسيمة لمن يفكر بالسفر إلى تلك القارة التي كان يتواجد في دولها عدد كبير من الأنظمة العسكرية الشوفينية ، حيث أوقف جنود مدججون بالسلاح ولمرات عدة قافلتنا عند حواجز الطرق وقد شاهدت بعضهم وهم ينهبون حافلات أو شاحنات كانت تسير معنا ما اضطر سائقنا إلى تغيير خط سيره من خلال دولة البيرو وبوليفيا وصولا إلى شمال الأرجنتين ، من هناك سمعنا شائعات أنه في ظل المجلس العسكري الحاكم والذي أطاح بالرئيس المنتخب قانونيا إيزابيل بيرون اختفى عدد كبير من الناس ، لذلك كنا غير مدركين أننا نخطو إلى منتصف الحرب القذرة هناك ، ومن خلال رصدنا لتلك الأخبار تبين لنا أن أكثر من 30000 ألف طالب ومثقف ونقابي قتلوا ، لذلك قررنا الاستمرار بالسير إلى الجنوب حيث كنا على موعد مع الإفطار في مقهى بالقرب من محطة السكك الحديدية في خوخوي حيث اشترينا تذاكر لقطار منتصف الليل الصاعد إلى بوينس آيرس والذي أوصلنا صباح اليوم التالي حيث ذهبنا إلى إحدى الصحف اليومية المعروفة مستفسرين عن عنوان بورخيس الذي كان يعتبر من أكبر الكتاب هناك آنذاك ولا بد أنهم يعرفون عنوانه جيدا ، علمنا بعدها أنه يحاضر في منستيرو ديل أودتورو وهو مركز اجتماعي وثقافي مهم في العاصمة ، حيث تضمنت المحاضرة فيه على دور الأسطورة في الأدب العالمي ، صاحبي الذي رافقني السفر لم يكن متحمسا للذهاب إلى هذا المركز الذي يقع على رأس شارع جميل تصطف على جانبيه أشجار البرتقال فذهبت وحدي إليه وعندما وصلته لم يكن هناك أحد في مكتب التذاكر أو الصالة المفضية إلى المسرح ، حاولت تعقب شخص ما مر من أمامي بسرعة متجاهلا مساعدتي ، اقتربت من باب المسرح فتحته كان الظلام يخيم على المكان ولولا مساعدة اثنين من الفنيين لي للبثت واقفا كالتمثال تبينت بعدها أنه شبح بورخيس على شاشة عرض الشرائح والصور ، فاندفعت إلى المقاعد الأمامية كي أكون قريبا منه فوجدته يترك تلك الشاشة ليجلس على طاولة قريبة منها ، كان في أواخر السبعينات ، أصلع ، بشرته بيضاء ، وهو يتحدث بانت من فمه أسنان كاذبة فأردت أن أجلب انتباهه حيث خطوت نحوه وقلت بصوت جهوري :
 
-مرحبا سنيور بورخيس !
 
قلتها بالإنكليزية لأنني أعرف أن بورخيس يتكلمها بطلاقة ، لكنه صمت حيالها حتى لم يلمح ولو بابتسامة تضيء وجهه الشاحب ما استدعى بعض الفنيين الموجودين داخل المسرح أن يأمروني بالسكوت فأشرت بيدي أن :
-سامحوني .
انتقل بورخيس بعد أن سمعني أنهي ضوضائي ليكمل تلاوة مقتطف من قصيدة لم أتمكن من التعرف على لغتها وعندما انتهى من محاضرته هرولت باتجاهه أسأله :
-سيدي .. ما هي اللغة التي كنت تتكلم بها ، العبرية ؟
لا .. سكسونية ، وكانت أبياتا شعرية من الإنكليزية القديمة ( بيوولف ) وهو العنوان التقليدي لملحمة قديمة وأنت تعرف أن ساكسون أتى من فريزلاند في هولندا .
قلت :
- نعم ، في الواقع أنا أسكن هناك .
- أنت لطيف جدا ، هل قرأت لي؟
- أكثر أعمالك ...
كنا ما زلنا نتحدث عندما رصدت جنديين وهما يسيران باتجاهنا ما دفع بورخيس أن ينهي الحديث معي وقد لاحت منه ابتسامة مصطنعة سار معهما بعد ذلك حتى الشارع .
في الساعة السابعة والنصف من صباح اليوم التالي عدت مرة أخرى لتكملة محاضرة بورخيس بعدما كنت قد حصلت البارحة على واحدة من التذاكر التي تمكنني من الدخول إلى المسرح ، كان هناك أمامي نصف ساعة استبقت فيها الحضور مع أن الناس بدأت أعدادهم تتضاعف مع شدة انزعاجي برؤية عدد من كبار ضباط الجيش يتواجدون بنفس المكان ، فجأة وجدت أحد الجنود وهو يحمل رشاشة كلاشينكوف يتطلع لي بحذر ورأيت بورخيس مع أحد الضباط يهمان بالدخول وعندما حاولت التقرب من باب المسرح سمعت صوتا يقول لي :
- أنت وحقيبتك ، تعال معي!
شعرت بالاحمرار يعلو وجهي وأنا في طريقي إلى الممر الطويل الواقع خارج القاعة الكبرى للمسرح وشاهدت اثنين من رجال الشرطة وهما يرتديان ملابس مدنية يقفان بباب أحد الحمامات الرجالية أمراني أن أدلف إلى الداخل وإفراغ حقيبتي هناك ، وبتردد دفعت الباب وقمت بإفراغ حقيبتي بعد أن وجهت كلامي إلى الحارسين اللذان صاحباني إلى داخل الحمام :
-انظروا ، أنا صحفي أعمل في صحيفة تايمز أوف لندن ، صدقوني سأصف كل ما حدث ويحدث في هذا البلد وفي هذه القاعة بالذات !
تجاهل رجال الشرطة كلامي وبعد التحقق مما كنت أحمله في الحقيبة وجواز سفري أشارا لي بإمكانية عودتي إلى القاعة :
- سنيور ريتشاردسون ، قالاها بلغة مهذبة .
ومع شعوري بالإهانة ، لكنني حاولت أن أتناسى كل شيء من أجل بورخيس الذي شاهدته يقف أمام كاميرات التلفزيون رافعا يديه بالتحية وهو يقول:
- غراسياس ، سنيورس
وسرعان ما ضجت القاعة بالتصفيق حيث أكمل حديثه :
- أريد أن أهدي هذه المحاضرة إلى قواتنا العسكرية التي خاضت بشجاعة معركة قوية وحاسمة لإنقاذنا من التخريب الذي كان يهددنا ويضع بلادنا على المحك .
عرفت بعد مدة طويلة لماذا منع بورخيس من حصوله على جائزة نوبل للآداب ، كان ذلك بسبب آرائه الرجعية التي أسف عليها فيما بعد ، ومع علمي أني لن أستطيع اللقاء به أردت أن تحتفظ ذاكرتي بآخر صورة له وهو يجلس وحده على الطاولة التي قام من ورائها بعد ذلك للخروج من القاعة فاندفعت وراءه ، لكنه وبمعية ثلاثة من الجنود شق طريقه خارج المبنى من دون حتى أن القي بتحيتي عليه .
بعد سنوات من لقائي ببورخيس ، وعلى الرغم من أنني لم أحقق ما كنت أصبو إليه من لقاء موسع معه ، إلا أنني نجحت في تحقيق هدفي حتى لو لم أتمكن أن أمحو من ذاكرتي تلك الصورة الفظيعة التي وجدتها عنه وهو يكرم من قبل الجيش الأرجنتيني الوحشي ، لكنه يبقى دائما بالنسبة لي على الأقل الرجل الذي لا يمكن أن ننسى ما قدمه للأدب العالمي .
*باتريك ريتشاردسون ولد في 27 مارس 1946 ، هو كاتب وصحفي كثير السفر والتجوال لأكثر من 40 عاما ، عمل في عديد الصحف الإنكليزية منها الغارديان ، الديلي تلغراف ، صنداي تلغراف ، صنداي تايمز ، و هيرالد .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

بعد الظهر مع.. خورخي لويس بورخيس :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

بعد الظهر مع.. خورخي لويس بورخيس

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
انتقل الى: