الاتجاه المعاكس: من منزل عال إلى خفض؟
أحمد عمر
2012-10-10
ظهر
محمد مرسي في 'ذكرى أكتوبر العظيم' أو في ذكرى 'تأبين الفساد العظيم'
ظهورا ملحميا، على خلاف ما يعتقد المعارضون والنقاد، شكليا على الاقل. وبرز
للشعب القهّار - نسبة إلى القاهرة- أعزلا من الكرافة، وليس معنى هذا انه
عمل بنصيحتي التي أرسلتها في هذا العمود بالبريد الزاجل والطائر الميمون،
لكن القناة الاسترالية الرسمية اللئيمة لاحظت مثلي انه يتعثر بها، الأغلب
أنّ الصعيدي يتضايق من الزي الرسمي وينشغل بها، وربما يظهر في إحدى
'الذكريات' القادمة - العبور الثالث مثلا - بالجلابية المصرية!
وستكون
وقتها ثورة من نوع آخر. يخطر للمشاهد أن يحكم على الخطبة بأنها في أفضل
الأحوال خطبة عضو مجلس شعب باسل، أو عضو بلدية شجاع، ويمكن أن يصفها
بالمملة بسبب التفاصيل والأرقام والنسب المئوية، لكني فرحت بتفاصيل
المكافآت المالية، التي يرى آخرون أنها إقلال من موقع الرئاسة، فقد دافع
الرئيس عن نفسه كمتهم، لكن صفة الملحمية جديرة بذلك الظهور الأعزل في
الملعب الأخضر، فهو يصول ويجول واثقا من نفسه، ويجدل في الخطاب بين الكثير
من حبال هموم الداخل والماضي والقليل من أمراس تحديات الخارج والمستقبل،
لكن المعارضة المصرية تريد منه أن يحلب النملة كما يفعل احمد منصور في
برنامجيه شاهد على العصر وبلا حدود فيكاد المشاهد أن يشفق على ضيفه من شدة
البأس وحمّى الوطيس. وقد جاهدت العربية في الإزراء بانجازات مرسي بعد مائة
يوم من توليه عرش مصر بعد القنوات السورية: فسنة من الفراعين، فهو لم يحقق
سوى أربع وعود فقط من أصل 64 وعدا قطعها على نفسه، و تبنت مقياس 'مرسي
ميتر' لقهر الفساد في ثلاث قروء ازدادوا عشرا، وذكرت نسب استفتاء لا نعلم
كيف تمّ متحها وابساسها. وفعل 'تمّ' هو أكثر فعل 'يتم ' استخدامه في
الرسائل الإخبارية الفضائية في الثورة السورية: 'تم' إسقاط طائرة، 'تم'
تحرير مخفر .. وفعل 'تم' .. موروث من عصر الاستبداد الذي كان الشعب فيه تام
العبودية، والحال أننا عبرنا مرحلتين؛ الأولى هي المرحلة المرحومة قبل
الربيع العربي التي كان فيها الطاغية العربي 'لا يسأل وهم يسالون'، ثم حاله
وهو يسابق عقارب الثواني السامة في الإصلاح والترميم في الوقت المستقطع من
لحم الشعوب، فحقّ فيه قول الشاعر ( من البحر الطويل الأهبل):
إن لم يكن فيك خير والزمان شرم برم
فلا خير منك والزمان ترلللي
وكسة الاتجاه المعاكس
الحلقة قبل الماضية التي كان موضوعها القوميون العرب التي اقل ما يقال
فيها أنها رديئة، خلال مسيرة البرنامج الشعبي المعروف، ليس لأن مقياس 'فيصل
ميتر' اخفق في انتخاب ضيفين متساوين في الشدة ومختلفين في الاتجاه كما في
قوانين الهندسة والأشعة بل لأن مدير البرنامج تجاوز 'الحد بين اللعب
والجد'، والهوى والمهنة، ففرط علينا فروطا. أسرف ربان البرنامج في زجر
الضيفين وتعنيفهما زجرا منكرا يصل إلى حد الإهانة .. وقد مشت فضائية مصر 25
يناير إلى إحداث برنامج مشابه فاستضافت الطبيب الجراح عمرو شريف ضد رجل
قدمته بهذه الصفة: أشهر ملحد عربي وهو سمير بغدادي، وكان الفرق هائلا بين
الخصمين. شكليا كان الطبيب الجراح ينظر وراءه إلى شاشة السكايب كلما أراد
أن يرى خصمه الملحد الظريف المقيم في السويد والذي يلثغ بالراء ويتمنى أن
يثبت احد وجود الله حتى يكون مؤمنا!!
لإنقاذ برنامج الاتجاه المعاكس من السقوط، لا بد من شروط ثلاث:
الأول
والثاني والثالث هو الترفع 'عن ندى كل جبس' كما يقول البحتري في سينيته
الشهيرة. وإلا تحول البرنامج من نحس إلى نحس. ومن نكس إلى وكس.
تقاسيم على الريموت كونترول
لم
تتفق الفضائيات على توحيد تسمية القرية التركية التي مضغت فيها قذيفة
سورية أما وأطفالها الأربع مضغا؛ هل هو 'اكشاكالا' - وهو الاسم بعد اكساء
أتاتورك تركيا مقامع العلمانية بالحديد والإكراه، فحظرت استخدام حرف 'القاف
الرجعي العربي' واستبدلته بالكاف الأوربي الخواجاتي- أم اقجة قلعة؟ وهو
الاسم التقليدي العثماني..
تجمد الريموت كونترول عند أغنية مندوب حزب
البلشفيك في مجلس الشعب السوري ، في الإخبارية السورية التي تحولت من
الحقبة التجريبية الطويلة إلى الاستقرار والاستمرار من غير أن يتغير فيها
شيء سوى شارتها ورايتها، فقد كرر المندوب البلشفيكي مفردات من عصر الخشب
الجوراسيكي؛ وهي: القروسطية، الرأسمالية، البورجوازية، الاستعمار.. في حصة
النشيد المدرسي.
يخيل إلي أن اشهر شخصية بريطانية بعد روبين هود هو جيمس
بوند التي تحتفل الأوساط الفنية البريطانية بالفلم التاسع عشر له! جيمس
بوند اشهر من مؤلفه ايان فلمنغ، وقد شاهدنا الملكة نفسها سعيدة برحلة مع
دانيال كريغ في طائرة بوند. انه سحر السينما التي تجعل الحبال حيات تسعى!
فلم 'نهاية شعب' على الجزيرة' يرثي شعب الاسكيمو الذي دمره زمهرير
الاشتراكية السوفيتي، فشعب 'تشوكودكا' الذي عاش على صيد الحيتان وعجول
البحر والدببة، مشفوعا بالاشتراكية الفطرية 'البدائية'. بات صاحب الأرض
ممنوعا من الصيد إلا برخص مختومة بالشمع الأحمر من الإمام لينين، والشعب
يقضي نحبه بطرق ثلاث: جوعا أو انتحارا أو إدمانا على الفودكا التي لم يكن
يعرفها إلا بعد 'فتح' الاسكيمو بجرافات الايدولوجيا الاشتراكية. ومثله فلم
'رحلات بروس باري' على الجهة الأمريكية التي تبعد ستين ميلا. فالشعب الخاضع
للجهة الأمريكية أفضل حالا بقليل، والحرية أكثر، والقوانين ارحم لكن الغول
المسكر يفترس أكباد الشعبين، اللذين طحنتهما سنابك الاشتراكية السوفيتية
وحوافر الامبريالية وهددتهما بالانقراض .
فاز هوغو تشافيز بالولاية
الرابعة، والولاية مدتها ثلاث سنوات، وقد فاز بنسبة 54 بالمائة وهي نسبة
معقولة لا تحيله إلى رب أو اله ، كما نسبة 99 بالمائة ..! فنزويلا مقبلة
على خريف لاتيني.
رسالة فضائية استفهامية: لم لا تسقط قذائف سورية 'صديقة' على الجانب الإسرائيلي أيضا كما تسقط على تركيا والأردن!
شتان
بين أداء رولا حيدر في اورينت و سلوك رولا ابراهيم في الجزيرة، فرولا
اورينت هادئة، مستقرة، مطمئنة لا يشتكي منها قصر ولا طول.. إما رولا
الجزيرة فتقوم بواجبها الإعلامي الصارم كما لو انه 'واجب جهادي'، ربما حتى
لا يطمع الذي في قلبه مرض، او يحلم حالم بأن تحمل السلم بالعرض!!
كاتب من كوكب الأرض