ظهور صالح.. زلزال يهز اليمن
رأي القدس
2011-07-07
ظهور الرئيس اليمني على شاشة التلفزيون للمرة الاولى
منذ تعرضه، ومسؤولين آخرين، لعملية اغتيال من خلال عبوة ناسفة اثناء أداء
صلاة الجمعة في مسجد الرئاسة جاء بمثابة 'زلزال' كبير ستكون له انعكاساته
الخطيرة على الحياة السياسية في اليمن والصورة التي ستكون عليها في
المستقبل القريب.
الرئيس علي عبد الله صالح بدا في صحة جيدة رغم الكسور
وآثار الحروق التي بدت ظاهرة للعيان على جسده واطرافه، ولكن التعافي الصحي
قد لا يعني التعافي السياسي الفوري، رغم حالة البهجة التي عمت اجزاء عديدة
من اليمن احتفالاً بظهوره من قبل انصاره الذين عبروا عن هذه البهجة باطلاق
النار والالعاب النارية.
الظهور التلفزيوني القصير والعفوي، بدد الكثير
من الشائعات التي انتشرت في الشارع اليمني حول وفاة الرئيس، خاصة ان
اخباراً كثيرة جرى تداولها حول قرب ظهوره او القائه خطاباً الى الشعب
اليمني تبين عدم صحتها، وهو امر عزز النظريات التآمرية حول هذه الوفاة.
من
الطبيعي ان تثير الحروق والكسور واللهجة الحزينة لكلمات الرئيس علي عبد
الله صالح بعض التعاطف في اوساط قطاع من اليمنيين المستقلين، او بالاحرى
غير المسيسين، فلا احد يشمت في الموت او المرض، ولكن هذا التعاطف قد لا
يعمر طويلاً مع مرور الوقت.
المعارضة اليمنية الممثلة باللقاء المشترك،
رحبت بعودة الرئيس ولكن كمواطن عادي، وهو امر يبدو متناقضاً مع ما جرى
طرحه في هذا الخطاب من افكار وتلميحات تؤكد ان الرئيس صالح متمسك بالسلطة،
ولا يريد مغادرة كرسي الحكم مطلقا، في الوقت الراهن على الاقل.
كان
لافتا ان الرئيس اليمني تحدث عن ترحيبه بالشراكة السياسية 'على اسس
الديمقراطية وعلى اساس حرية الرأي والرأي الآخر، وليس قطع الطرقات واخافة
السبيل'، مشددا على انه يريد ان يكون القاسم المشترك هو 'الحوار وليس لي
الذراع'.
هذه اللغة ليست لغة رئيس يريد ان يتنازل عن الحكم ويحزم
امتعته استعدادا للرحيل الى المنفى، وانما لغة رجل يريد ان يستمر فيه
لاطول فترة ممكنة، فهو لم يذكر مطلقا المبادرة الخليجية التي تنص على
تسليم السلطة لنائبه لمدة ستين يوما تجرى بعدها انتخابات رئاسية
وبرلمانية، مما قد يفسر على انه لم يعد يلتزم بها، وهو الذي قبل بها كاملة
بعد تعديلها اربع مرات تجاوبا مع تحفظاته التي ابداها اثناء لقاءاته مع
السيد الزياني امين عام مجلس التعاون الخليجي والوفد المرافق له.
المشهد
اليمني، وبعد هذا الخطاب، مرشح للعودة الى المربع الاول مجددا، اي تصاعد
حدة 'حرب المظاهرات' بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه، وبما قد يؤدي الى انهيار
حالة الهدنة التي جرى التوصل اليها بوساطة سعودية بعد ذيوع نبأ محاولة
الاغتيال.
الرئيس علي عبدالله صالح سيعمل على توظيف حروقه وكسوره
وعملياته الجراحية الثماني من اجل خدمة هدفه الازلي في البقاء في السلطة
وافشال الثورة الشعبية التي تستهدف الاطاحة بحكمه، واذا تعذر ذلك فشقها.
ويبدو ان مخططه هذا اعطى بعض ثماره فورا على شكل احتفالات انصاره بسلامته
وحالة الذهول التي سادت اوساط معارضيه في المقابل.
ايام الرئيس اليمني
القادمة صعبة، وكذلك ايام اليمن بشكل عام، فاذا كان النظام اليمني قد صمد
لعدة اسابيع في ظل غياب رئيسه، فانه قد يصمد اسابيع او اشهراً اخرى بعد
عودته، وهذا ليس فأل خير بالنسبة الى المعارضة والمتظاهرين في ميادين
التغيير للاطاحة بالنظام في معظم المدن اليمنية.
الشعب اليمني يتمتع
بطول النفس عندما يتعلق الامر بتحدي 'عض الاصابع'، والشيء المؤكد انه، وهو
العنيد بالتمسك بمواقفه، قد لا يصرخ اولا.