صائب عريقات هو بشكل عام متحدث حذر. على مدى السنين ظهر في شبكات التلفزيون
في العالم واستخدم ادعاءات وضعت لتجنيد عطف المشاهدين الامريكيين. فضلا عن
ذلك كانت له علاقات ممتازة مع وسائل الاعلام الاسرائيلية التي سمحت له
بادخال الاقتباسات الى الصحف. وكان يعرف دوما أي لغة ستنجح مع الاسرائيليين
وماذا يوجد خارج الاجماع.
هذا الاسبوع كتب عريقات في صحيفة 'الغارديان'
البريطانية عن الموقف الفلسطيني في مسألة عودة اللاجئين الى اسرائيل.
بداية، يروي بان اسرائيل خلقت مشكلة اللاجئين: 'حقيقة ان اسرائيل تتحمل
المسؤولية عن خلق اللاجئين تتجاوز كل جدل'.
في الرواية التي يصفها لا
يوجد اجتياح لستة جيوش عربية لاسرائيل في 1948، ولا يوجد طرد اكثر من 800
الف لاجئ يهودي من الدول العربية. رغم ذلك، فان عريقات يطالب بـ 'حق
العودة' للفلسطينيين. عن كم لاجئ يتحدث عريقات؟ 'اليوم، اللاجئون
الفلسطينيون يشكلون اكثر من 7 ملايين نسمة في العالم'.
لهذا الموقف
قدرة على تفجير المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين. في الماضي قال
الفلسطينيون للاسرائيليين ان معظم اللاجئين لن يرغبوا في العودة الى
اسرائيل، وسيفضلون البقاء في بلدان سكنهم. عريقات لا يقول ذلك في مقاله.
وهو يعرف بان مبادرة السلام العربية تمنع صراحة استقرار اللاجئين
الفلسطينيين في الدول التي يتواجد اليوم فيها الكثير منهم.
يفهم من
المقال ان الفلسطينيين لا يبدون أي مؤشر على أنهم يوشكون على التنازل عن
'حق العودة'. احد اسباب هذا الموقف المتصلب انكشف مؤخرا في تحليل أجراه
العقيد احتياط يونتان دحوح هليفي، وكشف فيه النقاب عن ان عريقات القى
خطابين بالعربية في مؤتمرين لفتح في 2009 قال فيهما ان 'حق العودة' هو حق
شخصي لكل لاجئ ولا يمكن لأحد أن يساوم عليه في المحادثات. كل اتفاق لا
يحترم هذه الحقوق سيفشل، كما أجمل عريقات.
لماذا كلف عريقات نفسه عناء
الدخول في تفاصيل موقفه؟ يحتمل أن يكون قرر تبني خط متصلب لانه يرى نفسه
خليفة لابو مازن، ويريد ان 'ينسجم في خطه' مع الجمهور الفلسطيني. ولكن اذا
كان هذا هو الحال فلماذا نشر اقواله في صحيفة بريطانية؟ تفسير اكثر منطقية
هو ان عريقات يعرف ان لحظة الحسم بالنسبة لاسرائيل والفلسطينيين قريبة.
يحتمل أنه يقدر بان اقتراحا دوليا أو امريكيا سيوضع قريبا على الطاولة
وسيطالب به الفلسطينيون بالتخلي عن 'حق العودة'. وهو يوضح بانه يأمل بان كل
اقتراح دولي مستقبلي يأخذ بالحسبان بان موضوع اللاجئين ليس قابلا للتفاوض.
اذا
كان صحيحا ان لحظة الحقيقة تقترب، كيف تخطط لذلك اسرائيل؟ بداية على
المستوى التصريحي على اسرائيل أن توضح مواقفها دون كشف كل الاوراق. الصمت
الآن سيفسر كموافقة على الافكار التي يتم تداولها في الغرب بالنسبة لخطوط
67 ومن شأنها أن تكون جزءا من خطة سلام. هذا هو الوقت للحديث عن الخطوط
الحمراء لاسرائيل، عن حدود قابلة للدفاع وعن قدس موحدة.
ثانيا، رغم
الضغط من جانب ادارة اوباما للحصول على اجوبة من جانب اسرائيل في موضوع
الحدود، فالمنطقي ان رئيس الوزراء يصر على انه قبل ان تخرج اسرائيل
الخرائط، على الفلسطينيين أن يوضحوا موقفهم في موضوع اللاجئين. فلماذا
تتحمل اسرائيل ذنب عدم الجاهزية لتنازلات اقليمية حين يكون عريقات منذ الآن
يخرب على فرص الاتفاق بمواقفه غير المساومة بشأن 'حق العودة'؟
اسرائيل
اليوم 17/12/2010