حياة فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1546
الموقع : صهوة الشعر تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض تاريخ التسجيل : 23/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | كتاب رقعة الشطرنج الكبرى | |
زيغينو بريجينسكي
| | كتاب رقعة الشطرنج الكبرى على مدى ال233 صفحة التي يستغرقها الكتاب يتصدى بريجنسكي، أحد أهم الاستراتيجيين الأميركيين، لعرض موقع الولايات المتحدة كقوة عالمية وحيدة حاكمة. وتضاف الى أهمية المؤلف عناصر مكملة لأهمية الكتاب وهي: 1. صدور الكتاب العام 1997 اي في الفترة التي اتهمت فيها الولايات المتحدة بعدم امتلاكها لرؤية استراتيجية واضحة. وبأن السياسة الأميركية تتعامل مع الأحداث العالمية بصورة تكتيكية. 2. تكتسب كتابات بريجنسكي مصداقيتها من كتاب سابق له صادر في العام 1986 يرى فيه أهمية استراتيجية للحزام الأوراسي من اجل احتوء روسيا والصين. وها هو يعيد التأكيد على أهمية هذا الحزام بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. 3. انه يعرض وجهة نظر مخالفة للآراء السائدة لدى الجمهور (الميديا) كمثل نهاية التاريخ وصدام الحضارات وترشيحات أوروبا للعب دور البديل. 4. انه صادر قبل حرب كوسوفو والتغيرات الاستراتيجية الناجمة عنها. وهي تغيرات بدا المؤلف وكأنه يستبقها ويتنبأ بها. مما اعطى للكتاب المزيد من الأهمية. ولكن ماهي محتويات الكتاب ومحاوره وأفكاره الرئيسية؟. أ- انتخاب عدو لأميركا بطريقة الصواب والخطأ. وطريقة الصواب والخطأ تقتضي تجربة مختلف الاحتمالات لغاية مصادفة الاحتمال الصحيح. ويبدو المؤلف وكأنه يستبعد كافة الاحتمالات المطروحة دون ان يجد الاحتمال الصحيح. وان كان يؤكد ضرورة وجوده. فالاتحاد الأوروبي بعيد جدا" عن ارساء قواعد الائتلاف الصحيحة بين اعضائه. حتى ان قراء فرضية جاك آتالي (مستقبلي فرنسي) ،حول قيام الاتحاد الأوروبي كقطب بديل، يجدون في آراء بريجنسكي وتحليلاته ازدراء" ليس بآتالي وحده وانما بكل من قبل هذه الفرضية. ولو نحن راجعنا سلوك دول الاتحاد الأوروبي اثناء حرب كوسوفو وموافقتها على تعديلات حلف الناتو لوجدنا ان المؤلف كان مدركا" لهذه النتيجة قبل سنتين من وقوعها. بل اكثر من ذلك فان برجينسكي يرى في تعزيز السيطرة الأميركية على حلف الناتو جسرا" للعبور الى القوقاز. كونه يرفض رفضا" قاطعا"فرضية قدرة دول الناتو على تصدير الليبيرالية الى ما وراء بحر قزوين والحزام الأوراسي. ثم ينتقل المؤلف لبحث احتمال لعب اليابان لدور القطب البديل. فيستبعدها أيضا" لجملة اسباب منها: خلافاتها مع محيطها وحاجتها الملحة للآخرين عدا عن مشاكلها الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية وانتهاء" بمجاورتها للصين. والصين بدورها مستبعدة من قبل المؤلف (أقله على المدى المنظور كما يقول) وذلك لأسباب متداخلة اهمها تناقضاتها بين نظام متشدد وانفتاح اقتصادي مقنن وبين الفوارق بين سكانها على صعيد المستوى المعيشي والرفاهية ونمط الحياة اليومية. وأيضا" التناقضات الدينية والفكرية بين سكانها. مع ايلاء المؤلف الأهمية الأكبر لاعتقاده بعجز الصين عن الاحتفاظ بمعدل التنمية الراهن والذي يعتبرشرطا" ملزما" لامكانيات تطورها وفق التزامها بخطة انفاق عسكري ضمن الحدود الراهنة ( سوف تضطر لزيادة الانفاق العسكري لو انها سعت للعب دور القطب البديل). ويصل الى تشبيه الأوضاع الاقتصادية الراهنة للصين بمثيلاتها في الاتحاد السوفياتي المؤدية لانهياره. ةبهذا يتطرف برجينسكي في استبعاده للصين وصولا" لايحائه بقرب انهيارها وفق النموذج الكارثي السوفياتي. ويصل الكاتب الى اندونيسيا الغارقة في فقرها وفي تعددية اعراقها بما يكفي لاستبعادها ايضا". أما الهند فهي تداري فقرها وزيادتها السكانية بملكيتها للسلاح النووي. الذي يؤهلها لمجابهة الصين ( اي انها في حالة احتواء مزدوج- بحسب القاموس السياسي الأميركي وان تجنب المؤلف استخدام هذا المصطلح). ومع ذلك فهو يرى ان من مصلحة الهند ان تبقي على علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة. ب - الحزام الأوراسي
بعد هذه الاستبعادات المتتالية يصل المؤلف بقارئه الى نتيجة قوامها الضعف الآسيوي الشامل. وهو اذ يستعير كناية "رقعة الشطرنج الكبرى" للقارة الآسيوية فهو يجد انها مليئة بالبيادق مما يجعلها قابلة للانفجار على دفعات متتالية. وهو يستعير لهذه التفجيرات مصطلح "البلقنة". مؤكدا" ان تناقضات الدول ال 35 ،التي تؤلف الحزام الأوراسي، كفيلة بتفجير سيرورة بلقنة اكثر حدة من البلقنة الأساسية. وبمعنى آخر فانه يكشف عن منطقة متفجرة تضم 400 مليون انسان مهددين بالوقوع ضحايا الحروب والصراعات ( تقتضي التدخل الانساني الأميركي لانقاذهم. انها كوسوفات جديدة تحتاج لدورات تربوية بالاسلحة الميركية المتطورة.-لم يقل المؤلف ذلك الا انه التفسير الوحيد لطرحه- وعلى غرار كوسوفو فان التدخل الانساني يحتاج الى طلبات رسمية للتدخل على ان تأتي من دول المنطقة الأقوى! بما يعادل تورط هذه الدول وخضوعها لشروط الحلول الانسانية الاميركية). هذا ويهتم المؤلف بتحديد المنطقة الأوراسية الأهم استراتيجيا" (لاحتوائها على ثروات نفطية وذهب) فيجدها تضم الدول التالية: تركيا وايران وكازاخستان وقرغيستان وطاجكستان وأوزبكستان وأذربيجان وأرمينيا . (بالتالي فان الصراعات التي تفتح ابواب التدخل الاميركي يجب ان تكون في بعض هذه البلدان). خلاصة القول ان المؤلف يركز على الفراغ الاستراتيجي الهائل في هذه المنطقة من رقعة الشطرنج الكبرى. وهي منطقة ثروات ضخمة لايجوز اهمالها. وان كانت من اعمال الاتحاد السوفياتي الزائل ووريثه الاتحاد الروسي المتعثر. حيث تميل روسيا تاريخيا" نحو الاتجاه الامبراطوري. مما يجعل آمال الديموقراطية،خصوصا" بالمفهوم الأميركي، مستبعدة. وبالتالي فان على الولايات المتحدة ان تتصرف. أهمية هذا الكلام انه يأتي في اطار منحى فكري-استراتيجي يشكل تيارا" خاصا" به. كما أنه يأتي قبل حرب كوسوفو. التي نرى فيها اليوم اختبارات متداخلة. واحد للقدرة الروسية (اصيبت بالشلل ولم تتدخل بالرغم من الضغط الشعبي الروسي. وذلك مقابل الافراج عن قرض لروسيا من البنك الدولي مقداره 50 مليار دولار فقط- أي ما يعادل 25% من التوظيفات الأميركية في القوقاز). كما تضمنت حرب كوسوفو اختبارات لتركيا (امتنان للتدخل الاميركي) والصين (التي اظهرت ردة فعل عنيفة على قصف سفارتها في بلغراد- لكنها قابلة للاستيعاب والاحتواء). بالاضافة الى دول العالم الاسلامي (اصلاح طرح صدام الحضارات) والاتحاد الاوروبي (امكن دفعه للتراجع عن بعض مواد ميثاقه لصالح تعديلات الاطلسي الاستراتيجية. وهو تعديل بالغ الضرر بمستقبل اليورو) وأخيرا" ايران (التي بين اختبار كوسوفو امكانية البدء بمحاولات احتوائها ووضعها خارج دائرة التجاذبات). وهذه النتائج مجتمعة تصب في تصورات بريجنسكي الاستراتتيجية. فهل يصح بعد ذلك أن ننفي وجود استراتيجية أميركية واضحة ومحددة؟. وهل يجوز الفصل بين حرب كوسوفو وحرب تيمور والحروب الاوراسية القادمة؟. وهل لنا ان نراجع بحثا" عن الطرف المستفيد من اندلاع هذه الحروب؟. ج- الصراع بين مدرستين
منذ اواسط الثمانينيات توزعت وجهات النظر الاستراتيجية في اميركا على تيارين رئيسيين هما: 1. التيار الانعزالي: ويدعو الى العزلة الاميركية لاجراء ثلاثة اصلاحات اساسية في النظام وهي: أ. تراجع الحصة الاميركية من الناتج الاقتصادي العالمي. وتنامي حصص اليابان واوروبا الغربية والدول الصناعية الحديثة من هذا الناتج. وب. تراجع النفوذ السياسي الاميركي كنتيجة لتراجع النفوذ الاقتصادي. وج. عدم جواز الاستمرار في الانفاق العسكري لأن اقتران هذا الانفاق مع التراجع الاقتصادي انما يعني بداية النهاية للولايات المتحدة. 2. التيار الدولي: القائل بأن الحفاظ على الدور الاميركي القيادي للعالم الحر يقتضي تقديم هذه التضحيات الاقتصادية. شرط قدرتها على التجدد والتطور بما يحفظ لها القيادة والنجاح في اختباراتها. فاذا ما حصل ذلك فان هذه السلطة تعوض الاقتصاد. وكسب التيار الدولي معركته تدريجيا". اذ انهار الاتحاد السوفياتي وبرزت الولايات المتحدة كقطب عالمي أوحد ثبت نجاحه في اختبار القوة. ثم فاز هذا التيار بالضربة القاضية العام 1998 عندما بدأ الاقتصاد الاميركي بتحقيق الفوائض للمرة الأولى منذ العام 1956. وها هو مشروع بريجنسكي لبلقنة الحزام الأوراسي يعد الاقتصاد الاميركي بارباح خيالية وبحصة غير مسبوقة للولايات المتحدة في الناتج الاقتصادي العالمي. لكن هذا كله لايعني البتة اهمال التيار الانعزالي والتنكر له. فقد اثبت هذا التيار صدقيته عندما عجزت الولايات المتحدة عن الموافقة على الانزال البري في كوسوفو. وهو عجز احرجها كونه يعكس انعزالية المواطن الاميركي المقترنة مع رغبته الملحة بالرخاء. وعلى هذا الاساس رأينا الولايات المتحدة تتجنب التدخل في مسألة تيمور الشرقية تاركة قيادة القوات فيها لأوستراليا. كما وجدناها غائبة تماما" عن الصراع في الشيشان (انسحبت منه بعدما تبين ان مخزونه النفطي اقل كثيرا" من المتوقع). ولعل المراوحة بين هذين التيارين تفسر لنا تأرجح طروحات المؤلف وتفاوتها بين الاستخفاف الظاهري بالاعداء المقترحين وبين التحذير الضمني من خطرهم واحتمالات مصادمتهم للولايات المتحدة. ولقد تجلت هذه المراوحة اكثر ما تجلت في تحليل المؤلف لموقف روسيا ومستقبلها حيث تساءل صراحة هل هي صديقة ام عدوة؟ وهل ينبغي علينا مساعدتها والى أية حدود؟. د- ما لم يقله بريجنسكي
هل يقدم مؤلف مثل بريجنسكي على تقديم عرض كامل لرؤيته الاستراتيجية في كتاب موجه للجمهور؟. وان هو رغب في ذلك فهل هو يستطيع تجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة له ولغيره من مالكي المعلومات غير الشعبية؟. والجواب هو لا بالطبع. فالمحظورات باتت شبه محددة وان اختلفت باختلاف المواضيع. لذلك وانطلاقا" من المسائل المطروحة في الكتاب نجد انه من حقنا كقراء أن نطرح جملة اسئلة تتداعى الى الذهن في سياق متابعتنا لتحليلات بريجنسكي ولعل اهمها التالية: 1. تشكل أوستراليا استنساخا" على طريقة النعجة دوللي للةلايات المتحدة. وذلك بسبب تشابه ظروف النشأة والموزاييك السكاني والمنطلقات السياسية. وهذا ما جعل الأميركيين (وفي مقدمتهم نيكسون في مذكراته) يرون أوستراليا نسخة عنهم باقية بعد زوالهم. ومرشحة لخلافتهم. وتأكد ذلك في العام 1999 عندما دعيت أوستراليا للانضمام الى حلف الاطلسي. وعندما عهد اليها بقيادة القوات الدولية في تيمور الشرقية والبقية تأتي. وهنا يطرح السؤال: لماذا تجاهل المؤلف أوستراليا كبديل للولايات المتحدة مع انها بديل غير عدواني؟. 2. المؤلف بولوني الأصل وهو على اطلاع معمق على دور الفاتيكان في مساعدة بولندا الكاثوليكية على تحسين مستوى معيشتها أثناء الحكم الشيوعي. ومن ثم لاحقا" على دوره في اخراجها من الشيوعية ومساعدتها على التكامل في المجتمع الاوروبي الغربي. عدا التسهيلات التي أمنتها الكنيسة للمهاجرين البولون في انحاء العالم. وعليه فأن الاتحاد الاوروبي المتعثر لا يتعارض مع وجود تجمع كاثوليكي أوروبي قابل للتعولم وقادر على لعب دور مؤثر في السياسة العالمية.والأميركيةالداخلية أيضا" فلماذا هذا التجاهل؟. 3. ان ما يخيف الولايات المتحدة من الصين هو انبعاث قوميتها وليس نظامها الاشتراكي الحالي. فلماذا تجاهل المؤلف امكانية تحويل هذا النظام في الاتجاه القومي؟. وهو تحول كان نيكسون قد حذر منه في مذكراته معتبرا" ان المشاعر القومية في الصين عميقة بحيث تملك القدرة على على تجاوز كل التناقضات والخلافات. وهو أعرب عن دهشته من الاحترام الذي أظهره ماو تسي تونغ تجاه خصمه شان كاي تشك ( متجنبا" ذمه أمام اميركي غريب). واليوم نحن أقدر على اكتشاف ما حاول المؤلف اخفاءه وتجنبه اظهار علائم القوة الصينية. وهي العلائم التي تبدت للجمهور،بعد صدور الكتاب، في مشاهد غاية في الصدق. منها احتجاج التايوانين (حلفاء اميركا) على قصف السفارة الصينية في بلغراد. ومنها أيضا" تجنب حلف الأطلسي (عبر تعديلاته الاستراتيجية) الاعلان عن وجود مصالح له في المنطقة المحيطة بالصين وعلى تخومها. 4. ان الولايات المتحدة لاتزال ترتعد خوفا" من سيطرة الجنرالات الروس على السلطة. لأن هؤلاء مستعدون لفتح ابواب ترسانتهم العسكرية لدول العالم الثالث لتجنب الواقع الاقتصادي المذل لبلادهم. ولعل توريط هؤلاء في حرب الشيشان خطوة على طريق الخلاص منهم. 5. ان توازن الرعب القائم في الشرق الأوسط لم يعد مريحا" للولايات المتحدة بعد أن تولت قواتها العسكرية تأمين مصالحها في المنطقة. بحيث باتت المنطقة مصدر احراج وانهاك للأدارة الأميركية. فتكاليف الدعم لاسرائيل والحصار للعراق والتعويضات التابعة لهما باتا يشكلان عبئا" على الخزانة الأميركية. وكان السلام أحد أسهل وأقرب الحلول لهذه المشكلة. لكن قناعة أميركية ترسخت ومفادها أن السلام الأميركي مرفوض من جميع الأطراف. خصوصا" بعد أن فقد مصداقيته في مفترقات عدة. منها المسار الفلسطيني الذي وصل الى حدود الاحتيال والابتزاز الاسرائيلي تحت رعاية أميركية عبر عرابة (أولبرايت) تقود جوقة عرابين يهود في الادارة الاميركية. وهذاالواقع يتطلب تدخلا" اميركيا" حاسما" لفرض تسوية (لأن السلام مرفوض) تحول الشرق الاوسط الى الحرب الباردة ريثما ترسخ الولايات المتحدة أقدامها في الحزام الأوراسي. حيث استثماراتها القوقازية تبلغ حدود ال200 مليار كولار مقابل 40 مليار لاسرائيل. وتلك البلاد كانت بلاد المتهودين الخزر. فهل يمكن للمؤلف أو غيره ان يخبرنا عن موقف الاسرائيلي من العودة الى ارض الخزر لو هي أمنت له رخاء" أفضل مما يحصل عليه في أرض ميعاده؟. Home | زبيغنيو بريجنسكي منتقدا الإدارة الأميركية وصلنا إلى أدنى مستويات الصدقية في العالم. كيف تراجعت مكانة الولايات المتحدة المعنوية في العالم؟. وكيف يمكن للإدارة الأميركية الحالية إصلاح الخلل؟. وما هي نقاط الضعف الأساسية في عملية اتخذا القرار؟. وما هي حال الجهد الاستخباراتي الأميركي؟. وما هي مشكلة المقارنة الأميركية الحالية لكل من الوضع العراقي والصراع العربي الإسرائيلي؟. وما هي مسؤولية الاستيطان اليهودي في تعقيد عملية السلام على المسار الفلسطيني؟. هذه الأسئلة تصدى لها زينغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق خلال ولاية الرئيس جيمي كارتر ( 1976 – 1980) وحاليا عضو مجلس أمناء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن CSIS) ومعلوم أن بريجنسكي يعتبر في الوسط الأكاديمي الأميركي والعالمي. وفي عواصم القرار الكبرى. أحد أعلى المراجع والخبرات في ميدان العلاقات الدولية. والفكر الاستراتيجية والجيوسياسي . ففي حديث أدلى به أخيرا خلال إحدى الندوات في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية. أعتبر بريجنسكي أن صدقية الولايات المتحدة في العالم تراجعت في السنتين الأخيرتين إلى مستويات لا سابق لها ويعزو هذا التراجع إلى سلسلة إخفاقات في رؤية الإدارة الأمريكية الحالية لقضايا العالم. وفي نقص المعالجات المتوازنة لأزمات معقدة وخطرة مثل أزمة الشرق الأوسط. ماذا يقول بريجنسكي؟. واستخلاص أهم ما قاله كالآتي. ردا على سؤال حول قوله خلال محاضرة سابقة ألقاها في واشنطن. إن مكانة الولايات المتحدة الدولية بلغت أكثر مستوياتها انخفاضا. أعلن أن من الواضح تماما أن الولايات المتحدة باتت إثر نجاحاتها العسكرية في كل من أفغانستان والعراق. والقوة الوحيدة التي تلمك قدرات عسكرية عالمية. فليست هناك دولة أخرى تملك قدرات بهذا الحجم. لكن المفارقة هي أنه في الوقت نفسه. واستنادا إلى مؤشرات كثيرة. وإلى استطلاعات الرأي عبر العالم وإلى ردود فعل الحكومات الأجنبية. وإلى تقارير الصحافيين الأميركيين المنتشرين في العالم. يمكن القول إن أميركا تفتقر إلى الصدقية الدولية التي تتماشى مع مكانتها وإمكاناتها. مما يجعل هذه المكانة . بالمعنى السياسي . تقف في نقطة منخفضة لم يسبق أن بلغتها في أي وقت مضى., لقد كان الجزم المطلق بأن العراق يملك أسلحة دمار شامل. سببا أساسيا لتدمير الثقة بالولايات المتحدة وبكلمتها في العالم. وفي يقيني أن هذا الأمر يشكل تطورا خطيرا يؤثر سلبا على دور الولايات المتحدة في العالم. كيف يمكن إصلاح الخلل؟. أجاب بريجنسكي: " الخطوات عدة لتحسين الصورة. أولا: عودة صريحة للسياسية الخارجية الأميركية إلى منطق الاعتدال انطلاقا من التوافق consenus) الحربي ( جمهوري – ديموقراطي ) في صوغ تلك السياسة . والمسألتان تتزامنان حكما. فالسياسية الخارجية الأميركية صبغت في المرحلة الأخيرة بتوجه متطرف من داخل الحزب الجمهوري نفسه. واتخذت القرارات على خليفة النظرة المسيحية ( البروتستانتية ) الأصولية. وبقراءة من المحافظين الجدد. ثانيا: علينا أن نتشاور بكثافة مع الحكومات الأجنبية. وألا نتصرف على قاعدة أن من ليس معنا فهو أوتوماتيكيا ضدنا. إن هذه المقارنة التي تلغي مساحة التوافق في العلاقات الدولية. هي تدمير للذات. ثالثا: علينا أ، نعيد إحياء الأجهزة الاستخباراتية بشكل يجعلها تقدم معلومات موثقة تكون قاعدة لعملية اتخاذا قرارات ذكية. ولا تكون قائمة على مبدأ أسوأ السيناريوهات. وهذا من شأنه أن يعيد اعتماد الحكومات الأجنبية على أحكامنا وتحليلاتنا في عملية صوغ سياستها". وفي العملية السياسية في العراق .رأي " أن نقل السيادة إلى العراقيين خطوة إلى الأمام ولكن كان الأجدى ولصديقتنا أن تقدم على العملية قبل الآن. وفي هذا المجال أذكر أنني اشتركت قبل أشهر عدة في مداولات على أعلى مستويات القرار في واشنطن للبحث في الخطوات المقبلة في العراق. وكنت أحد الذين اقترحوا على الإدارة الحالية المسارعة إلى إطلاق العملية السياسية عبر مباشرة نقل السيادة في نهاية صيف 2003 لكن وجهة نظرية التي كان عدد من الخبراء المستقلين الآخرين يشاطرونني إياها. وضعت جانبا ولم يؤخذ بها بتاتاً. وبما كان السبب في تلك اعتقاد المسؤولين عن الملف العراقي أن نقل السيادة سيبدد السيطرة الأميركية على العراق باكرا" وردا على سؤال عن رأيه في الهاجس الأميركي الحالي بالحرب على الإرهاب قال: " لا يمكن عزل الإرهاب عن الظرف السياسي. والتاريخي والاجتماعي. لقد تعاملت العديد من الدول في السابق مع الإرهاب. وما يجعل الإرهاب الراهن خطرا. وتوسله أسلحة فتاكة ومدمرة. هذا بالذات ما يجعل من الضروري معالجة المسألة بذكاء. وبنظرة أوسع وأشمل فلا ينبغي تحليل الإرهاب بأدوات الدين. أو العقائد كما لا يجوز نشر حالات الذعر بين الناس بشكل دوري كما نشهد الآن" فلسطين والعراق / وهل يرى تقدما في جهود السلام في الشرق الأوسط منذ حرب العراق؟ أجاب: أولا: إن الأزمات في الشرق الأوسط مترابطة. وبالطبع إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والوضع في العراق متفاعلان إلى أبعد الحدود. وهذه حقيقة راسخة. وفي اعتقادي إن الإدارة الأميركية تراجعت عن ممارسة أي جهد حقيقي وجدي في سبيل السلام في الشرق الأوسط واسم الحرب على الإرهاب منحت دعما منحازا تماما لجهة واحدة هي في اعتباري أكثر الحكومات الإسرائيلية فمعا التي تطبق سياسات مناقضة تماما مع سياسات إسرائيلية سابقة كتلك التي اتبعها على سبيل المثال رئيس الوزراء الأسبق أسحق رابين. وأزعم أن رابين لو كان اليوم على قيد الحياة لما وصلت إسرائيل إلى هذا الحد من العزلة الدولية التي تعانيها الآن. ولما وصلت الأمور بين الشعبين إلى هذا المستوى من التدمير المتبادل الذي نشهده منذ سنتين . وإني اعتقد أن السطحية والغموض في المواقف الأمريكية. شكلا مظلة مثالية لتطورات في غاية السلبية. أما شعاع الأمل لدى فمصدره أن الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على السواء يدركان أن عليهما التحول عن التطرف. وأملي أن تستطيع "وثيقة جنيف" الاستحصال على دعم دولي كبير لتشكل زخما جديد للسلام في المنطقة . وإني على ثقة أن الأكثرية الساحقة من اليهود الأميركيين هم الليبراليون وواسعو الأفق والتفكير. وعندما يرون أن ثمة بدائل جديدة. سيبدءون مساندة أي جهد حقيقي لصنع السلام. أما إذا لم يحصل تقدم في عملية السلام بسرعة فخوفي أن حل الدولتين سينهار في غصون عام من الآن نظرة زيغنيو بريجنسكي الدراماتيكية إلى الواقع الشرق الأوسطي تستدعي منا وقفة تأمل في وجهات نظر أميركية مختلفة عن سياسات الإدارة الحالية. | زبغنيو بريجنسكي يحذر من انهيار أميركا في الشرق الأوسط الكبير. أقطاب في الإدارة مصابون بالعمى الإيديولوجي والاستراتيجي. قال مستشار الأمن القومي السابق زيغنيو برجنسكي " إنه يتوقع تغييرا في السياسات الأميركية الخارجية إذا ما أعيد انتخاب الرئيس جورج دبليو بوش، وهذا هو المرجح لأن الحزب الديموقراطي لم يقدم مشروعا بديلا ومتكاملا يمكن أن ينقذ الولايات المتحدة من سلسلة الأخطار التي وقعت فيها الإدارة. وأوضح أنه كمستشار سابق للرئيس الديموقراطي جيمي كارتر يفضل أن يبقى في صياغة رأيه بعيدا عن أي مؤثرات حزبية معتبراً أن خطأ الرئيس بوش الحقيقي هو في محاولة تفرده ،واصفا بعض أركان الإدارة بالعمى الإيديولوجي والاستراتيجي على السواء. وعلى هذا الأساسي فإن تمكن وزير الخارجية كولن باول من البقاء في منصبه رغم الضغوط الهائلة التي تعرض لها لدليل على إمكانية حصول تحول في المسار العام للسياسيات الخارجية. واستعاد بريجنسكي بعضا مما ورد في كتابه الأخير " الخيار الحقيقي" ليقول إن على القادة في الولايات المتحدة أن يكونوا على وعي تام بعدم التشبه بالإمبراطورية الرومانية التي كانت تستخدم فيها مصطلحات قريبة جدا من المصطلحات التي تصدر عن مسؤولين في واشنطن مثل " الدول المارقة" و " محور الشر" و " الجماعات الإرهابية"...الخ. ملاحظا أن الغطرسة التي كانت تمارسها روما أدت بالإمبراطورية إلى الانهيار، وعلى هذا الأساس فهو يدعو إلى أن تكون أميركا مدينة على جبل " كما ورد في العظة الأخيرة للسيد المسيح" مدينة مشعة وفي سلام مع العالم، لا قلعة على جبل" معزولة وكئيبة وتستقبل جثث جنودها على وقع الموسيقى الجنائزية. الانهيار: اللافت أن بريجنسكي استخدم في كتابه التعبير نفسه الذي استخدمه الباحث اللبناني طارق متري كعنان لكتاب صدره له أخيرا، " مدينة على جبل" عالج فيه مسألتي الدين والسياسة في أميركا، وقدم له الصحافي غسان تويني. وحذر بريجنسكي من أنه إذا لم يحدث تغيير في سياسة الإدارة فإن أميركا ستنهار. في ذلك المصطلح الذي لم يأخذ بالاعتبار الكثير من الحقائق الجغرافية والتاريخية والإنسانية، وهو " الشرق الأوسط الكبير"، مشيراً إلى أن الروس يبدون شديدي الانزعاج مما يدعونه الحصار الذي يفرض عليهم عبر أوروبا الوسطى ( الشرقية ) وآسيا الوسطى ( الشرقية) وهم قادرون على إلحاق الأذى بالاستراتيجية الأميركية في تلك المناطق. لا سيما المناطق الآسيوية الشديدة التعقيد. سواء تعاونوا مع الصينيين الغاضبين بدورهم أم لا. ولم يستبعد أن يدعم الروس الإسلام المتشدد في بعض الجمهوريات رغم أن ذلك قد يؤثر على وضع الشيشان، ولكن الرئيس فلاديمير بوتين لا يريد لبلاده أن تتحول إلى برازيل أخرى غارقة في أوقيانوس من المشكلات ودون أن تكون لديها أي فاعلية استراتيجية على الإطلاق. ورأى بريجنسكي الذي يعتبر أبرز الباحثين المستقبليين في الولايات المتحدة أن الخطأ القاتل الذي ارتكبه الرئيس جورج بوش هو أنه أدار ظهره للحلفاء الأوروبيين. لا بل إنه وبنصيحة رديئة من مستشاريه طبق خطة ، على جانب كبير من البلاهة ، لتجزئة القارة ( أوروبا القديمة وأوروبا الجديدة). ظناً منه أنه بهذه الطريقة يستطيع أن يحمل الأوروبيين على السير في ركابه. ولكن الذي حصل في إسبانيا حيث كان السقوط المدوي لخوسيه ماريا أزنار الذي أدخل بلاده في التحالف القائم في العراق، يفترض أن يشكل أمثولة للذين لا يفقهون ما هي أهمية أوروبا الموحدة بالنسبة لحماية مستقبل أميركا. الصين تبتلع أميركا ويرى بريجنسكي أن الصين تستطيع في العقود القليلة المقبلة أن تبتلع أميركا إذا لم يتم إحداث تعديلات أساسية في الرؤية الاستراتيجية. بحيث يعاد تفعيل التحالف مع أوروبا، مستغربا الرفض الأميركي لانضمام دولة عملاقة مثل ألمانيا إلى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. فواشنطن هي التي تقول إن العالم الذي أنتجه مؤتمر يالطا شباط 1945 ) قد انتهى. ومع ذلك فهي تتمسك ، بالنسبة إلى العضوية الدائمة في مجلس الأمن ، بالتوازنات التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، كما لو أن دولا مثل ألمانيا واليابان لم تخرج من الرماد، وكما لو أن دولا مثل الصين والهند لا تضم نصف البشرية وبإمكانات لا توجد مجالات للاستهانة بها. وقال بريجنسكي إن البعض يحاولون المزج بين عملية صوغ السياسات وبين مفاهيم ميتا فيزيقية مثيرة للجدل. فإذا كان هناك من يعتبر أن النصوص المقدسة تشكل أساسا في الرؤية السياسية ، لا بد من أن تستغرب كيف يكرس هؤلاء الانغلاق وبناء علاقات ملتبسة بل وعدائية مع العالم. وتابع قائلاً إنه لا يمارس الوصاية على أحد وأنه لا يملك لا النية ولا القدرة على أن يفعل ذلك. ولكن من المنطقي عندما تفشل رؤية معينة أكثر من مرة وفي أكثر من مكان، تغيير أصحاب هذه الرؤية. ,إذا كان لريتشارد بيرل أن يتنحى بعدما اكتشف مدى الضرر الذي يلحقه بالمؤسسة، فإن هناك آخرين كثيرين يفترض أن يخدموا رئيسهم ويبتعدوا. وإن كان من المؤكد أن الحقبة الانتخابية قد لا تكون المساحة الزمنية المناسبة لأي مواقف دراماتيكية حتى ولو كانت تخدم المصالح العليا للولايات المتحدة. ديمقراطية مريخية ومع أن بريجنسكي يظهر الكثير من الجدية وكلما بدرت عنه إشارة ساخرة. فهو لم يتردد ، لدى الحديث عن تسويق الديمقراطية كسلعة جاهزة للاستهلاك، عن التساؤل ما إذا كانت المركبات الفضائية التي سترسل إلى المريخ ستحمل معها منشورات تدعو إلى الديمقراطية فوق الكوكب الأحمر، ودون أن يعني هذا أنه راض عن أداء العديد من الأنظمة في العالم الثالث وحيث يسود التحجر والانتهاك المنظم لحقوق الإنسان. لكنه يعتبر أن باستطاعة الولايات المتحدة أن تساعد على نشر الديمقراطية بطريقة تأخذ بالاعتبار أن مهمتنا إنسانية وحضارية بالدرجة الأولى. لا بمنطق قاذفات القنابل. ولم يتوقع بريجنسكي أي خطوة نحو السلام في الشرق الأوسط في غضون الأشهر السبعة المقبلة، لكنه لم يستبعد تجميداً للوضع. لأن الإبقاء على وتيرة العنف سيخلف آثارا كارثية. مؤكداً على ضرورة أن يضغط الرئيس جورج بوش شخصيا على رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون للحد من الإفراط في العنف. وهنا استدرك بريجنسكي قائلا إنه من الصعب أن يصغي الرئيس إلى نصائح من هذا القبيل لأن للمعركة الانتخابية معاييرها التي لا تدخل في منطق التحليل الأكاديمي للموقف السياسي. |
| |
|