سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3149
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | الفصل الأول من مشروع رواية. | |
لفصل الأول: قمة اللاعودةالريح كانت تعصف بجنبات الجبل، وصوت صفيرها يصم الآذان. في تلك اللحظة الحاسمة، كان يقف على قمة العالم، أو هكذا شعر. قمة الجبل كانت شاهقة، حدّ أن السحب المتناثرة بدت وكأنها على وشك الابتلاع. كانت عيناه مثبتتين على الأفق البعيد، حيث يلتقي السماء بالأرض في خط غير مرئي، وفي قلبه، كان هناك شعور مختلط ما بين الانتصار والفراغ.لقد وصل إلى هذه النقطة بعد مسار طويل، مليء بالتحديات والقرارات المتسرعة. حياته كانت سلسلة لا تنتهي من المغامرات، والمخاطر كانت رفيقته التي لم تفارقه قط. منذ طفولته وهو يلهث خلف شيء أكبر من الحياة ذاتها، وكأن هناك نداءً داخليًا يدفعه دومًا إلى المزيد. المخاطرة كانت جزءًا لا يتجزأ من وجوده، مغروسة في روحه كما لو كانت قدَرًا محتومًا.لكنه لم يكن دائمًا هكذا. في يوم ما، كان شابًا يحمل أحلامًا أكثر بساطة، حلم بحياة عادية، امرأة يحبها، أطفال يملؤون صمته بضجيجهم اللطيف. لكنه، ومع كل مغامرة، كان يفقد جزءًا من هذا الحلم، يبتعد عنه رويدًا رويدًا، وكأن كل خطوة نحو القمة كانت تُسقط حلمًا آخر من ذاكرته.اليوم، وهو واقف هنا على هذه القمة، استرجع حياته كأنها شريط ذكريات. لماذا لم يتوقف؟ لماذا لم يأخذ لحظة للراحة؟ هل كان يهرب من شيء؟ أم كان يحاول إثبات شيء ما للعالم أو لنفسه؟رفيقة حياته الحقيقية لم تكن امرأة، بل المخاطرة. كانت هي الرفيقة الوحيدة التي لم تخنه أبدًا، التي حافظت على وجودها الدائم بجانبه، تقدم له الإحساس بأنه لا يزال حيًا، لا يزال قادرًا على أن يشعر.لم يكن أحد يعرفه تمامًا، ولا حتى هو نفسه. أصدقاؤه كانوا يظنون أن جنونه هو جزء من شخصيته، لكنهم لم يفهموا أنه ربما كان يحاول، طوال الوقت، الهروب من ذلك الفراغ الذي يسكن داخله، الهروب من نفسه.بينما كان يقف هناك، بدأ يشعر بثقل الجبل أسفل قدميه، وكأن الأرض نفسها تتنفس معه. لأول مرة في حياته، لم يكن واثقًا مما يريد. كان هذا الانتصار، هذه القمة، هذا الصمت العميق، شيئًا لطالما حلم به، لكنه لم يمنحه الشعور الذي كان يبحث عنه. في لحظة غريبة، أدرك أن الحياة كانت تدور دائمًا حول البحث عن شيء مفقود، شيء لا يعرف اسمه حتى.حينها، تذكر المرأة التي أحبها يومًا، تذكر دفء حضنها، ورائحة الخبز التي كانت تفوح في بيت صغير بعيد عن صخب العالم. كان يمكنه أن يعيش تلك الحياة، حياة العائلة والأطفال، لكنه ترك كل ذلك وراءه منذ زمن بعيد، معلقًا قلبه بين الجبال والوديان.الآن، وهو يقف على قمة هذه الجبال، أدرك أنه فقد الكثير في سعيه نحو القمم. لكن ذاكرته القصيرة، تلك التي كانت تنقذه من الغرق في دوامات الندم، أسعفته مجددًا. كما كان يفعل دائمًا، قرر أن يبدأ من جديد. سيترك كل شيء خلفه، كما فعل في كل مرة.لكن هذه المرة كانت مختلفة. كانت هذه القمة أكثر وحشية وأكثر انعزالًا. لم يكن هناك طريق للعودة، والريح تعصف من حوله وكأنها تحاول دفعه إلى الهاوية. ومع ذلك، لم يكن خائفًا. على العكس، كان يشعر بتحرر غريب.ربما، بعد كل هذا الوقت، أدرك أخيرًا أن المغامرة الحقيقية ليست في الوصول إلى القمة، بل في قرار الوقوف هناك، في الصمت الذي يلي كل انتصار، وفي الفراغ الذي يعقب كل حلم يتحقق.لم يتبق له شيء ليخسره. لكنه كان على وشك اكتشاف أن القمة الحقيقية، تلك التي لطالما سعى للوصول إليها، ليست في الجبال ولا في المغامرات، بل في داخله | |
|