ل علماء في وكالة ناسا على تطوير “محرك اعوجاج” مماثل للذي يظهر في أفلام (ستار تريك)، والذي قد يسمح للمركبات الفضائية بالسفر إلى النجوم بسرعة أكبر من سرعة الضوء، حيث يعمل حالياً الدكتور (هارولد وايت)، وهو فيزيائي في مركز جونسون للفضاء التابع لناسا، على إجراء البحوث لخلق تشوه في الحيز المكاني والزماني (الزمكان)، يسمى بالـ “الفقاعات الإلتوائية” يمكن من خلالها السماح لسرعة المركبات الفضائية بأن تتجاوز سرعة الضوء.
يعمل هذا الاعوجاج على إضعاف نسيج المكان والزمان، مما يسمح للكائن الذي يقع في داخله بالسفر لمسافة أكبر وبوقت أقصر، وهذا من شأنه أن يسمح للسفينة الفضائية بالتغلب على أحد قوانين الفيزياء الأساسية ، والتي تقول بأنه لا شيء يمكنه أن يتجاوز سرعة الضوء، وقد بدأت هذه الفكرة أساساً من تصنيع محرك اعوجاجي كجزء من سفينة Star Ship Enterprise في مسلسل الخيال العلمي (ستار تريك)، ليسمح لافراد الطاقم الفضائي بالتنقل بين العوالم البعيدة التي كانوا يهدفون لاستكشافها.
بحسب الدكتور (وايت)، فإن الفقاعات الاعوجاجية ممكنة من الناحية النظرية، وقد بدأ الدكتور بالفعل بالعمل على خلق فقاعات اعوجاجية لأول مرة في المختبر، كما بدأ الباحثون بالفعل بإجراء التجارب، واستطاعوا الوصول إلى بعض النتائج التي تشير إلى أنهم يحرزون تقدماً نحو إمكانية خلق هذه الفقاعة الاعوجاجية، إلّا أن إحدى المشاكل الأساسية التي واجهتهم كانت معرفة مقدار الطاقة التي يحتاجون إليها لإنشاء الالتواء في الفضاء، ولكنهم توصلوا لإيجاد آليتين قد تستطيعان التقليل من كمية الطاقة التي قد يحتاجون إليها لإنشاء الإلتواء في الفضاء، وهذا الانخفاض الكبير في كمية الطاقة التي يتطلبه خلق الالتواء، هو ما شجع الباحثين على المضي قدماً لتوليد هذا النوع من الظواهر في المختبر.
هذا النوع من الظواهر لا يمكن تطبيقه بشكل مباشر على أي سفينة فضائية، حيث يجب على العلماء أن يقوموا بإيجاد دليل على وجود قانون فيزيائي يتيح مثل هذه الإمكانية، وهذه هي الخطوة الأولى التي يجب تطبيقها للانتقال من قوانين الرياضيات إلى التجربة القائمة، حيث إن التجارب التي تم إجراؤها في الماضي لمحاولة كسر سرعة الضوء، أثبتت فشلها جميعاً في نهاية الأمر، حتى أن ألبرت أينشتاين اقترح أنه لا يوجد شيء يمكن أن يسافر أسرع من سرعة الضوء في الفراغ، حتى جاء علماء في (CERN) التي تقع بالقرب من جنيف، وفاجأوا العالم قبل عامين بإعلانهم عن اكتشاف جسيمات يمكنها أن تتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ولكنهم لاحقاً عادوا وأعلنوا لاحقاً أنهم كانوا قد ارتكبوا خطأ في الحسابات، وأن تلك السرعة الزائدة كانت راجعة إلى وجود خلل في معدات التوقيت.
حتى الآن، لم يتمكن الجنس البشري من الوصول إلى أبعد من حدود مجرتنا الشمسية، أي لحوالي 11.6 مليار كيلومتر من الأرض، فعلى الرغم من أن المركبة الفضائية (1 Voyager) التي تم إطلاقها في عام 1977، تعتبر حالياً أول مركبة بشرية وصلت إلى خارج نظامنا الشمسي، إلّا أن وصولها إلى أقرب نجم إلينا (الفا سنتوري) سيتطلب 75,000 سنة، أي ما يعادل حوالي 4.3 سنة ضوئية، ولكن الدكتور (وايت) يشير إلى أن وضع المركبة الفضائية داخل فقاعة اعوجاجية، سيمكنها من السفر لمسافات أكبر دون الحاجة إلى كسر سرعة الضوء، حيث أن الفقاعة ستقوم بضغط المكان والزمان أمامها، وتوسيع المجال من ورائها، مما سيجعلها تنزلق من خلال دوامة زمكانية، تسمح للمركبة الفضائية بالسفر لمسافات أبعد وبمعدل أسرع بكثير من قبل.
يقوم الدكتور (وايت) بالإعتماد في عمله على ما قدمه عالم مكسيكي يدعى (ميغيل شلكوبيري) والذي أشار أنه سيكون من الممكن تحقيق هذا الإعوجاج في الفضاء إذا كان الجسم المسافر ذو كتلة سلبية، لذلك يعتقد الدكتور (وايت) أنه يجب إحاطة المركبة الفضائية بحلقة من مادة غريبة معروفة باسم طاقة الفراغ السلبية، حيث كان الباحثون قد وجدوا أنه من خلال تغيير شكل الفقاعة وزيادة أو انقاص شدتها، يمكن التقليل من كمية الطاقة التي ستكون مطلوبة لخلق تلك الفقاعة.
يقوم الدكتور (وايت) وفريقة حالياً باستخدام المختبر الذي تم استخدامه في تطوير التكنولوجيا التي استعملت في بعثات أبولو الفضائية في ستينيات القرن الماضي، ويعمل الدكتور وفريقه على تطوير المشروع الذي تمت تسميته ((Eagleworks، باستخدام حلقات مكثف عالي التوتر، يتم شحنها وتفريغها كلما تم إطلاق ضوء ليزري عبر مركزها، وبعدها يتم تغيير الطريقة التي يمر من خلالها الضوء عبر الحلقات، حيث أن مرور الفوتونات خلال حلقات التوتر العالي، يشير إلى إمكانية مرور الفوتونات من خلال فقاعة الاعوجاج، وقد أظهرت تجارب الفريق أن مرور الفوتونات ضمن فقاعات الاعوجاج ممكن، إلّا أنه وبالوقت ذاته فإن هذه النتائج لا تزال غير قاطعة، لذلك فإن الفريق سيواصل تحقيقاته، علماً أن إتمام هذه المهمة قد يستغرق من 20 إلى 200 سنة قبل أن يمكنوا من إنشاء مثل هذه المركبات الفضائية.
مؤخراً، قام الدكتور (وايت) وزملائه، بتقديم تصور لما يمكن لمحرك المركبة الفضائية أن يبدو، حيث يشبه شكل المركبة شكل كرة القدم الأمريكية، وسيكون الطاقم والمعدات محاطين بواحدة أو إثنين من الحلقات التي ترتبط بالمركز عن طريق أعمدة متعددة، وستكون هذه الحلقات مكونة من مادة غريبة من شأنها أن تولد مجال اعوجاجي، وتسمح أيضا للمحركات بدفع المركبة الفضائية إلى الأمام.
في حين أنه قد يكون لا يزال هناك وقت طويل جداً قبل أن يصبح السفر بين النجوم أمراً ممكناً، إلّا أنه وفي حال التوصل لتطبيق هذه التقنية على أرض الواقع، فإن استخدام الفقاعات الاعوجاجية للسفر نحو الفضاء قد يقلل من الوقت الذي يستغرقه السفر في نظامنا الشمسي، وقد يعمل على تقصير المدة التي تستغرقها الرحلات الفضائية من سنوات لأسابيع أو أشهر.