في الهاوية، ألتقط أنفاسي كحبات الشّعير، أرفعها قرباناً، للآلهة الصّائمة في السّماء وأهوي كجاذبية صمّاء؛ أشاهد دمع الهواء، أرى الأرض تلطم بالصّخر جبين الماء، أهوي كشيطان محروق الجناح ولا أتنزّل.
في الأرض السّابعة أشرب أنخاب الحمض، أُذيب الذّاكرة البلهاء، أفطر على خبزٍ من خيانة، فيما الآلهة هناك - إنْ بقي لنا هنا / هناك- تتلمظ أضلع صدري وترمي قلبي كنيزك، يشعّ كقطرة منيِ على حافة نصل الحياة.
“عندما تدفُن موتاكَ،
نظّف أسنانهم جيداً،
لأنّهم يبتسمون ابتسامة أبدية،
بعد أنْ يكشط الفناء حزن جلدِهم”
دعني من النصائح أيّها الصّوت العلوي، أنا مشغول بخلق نول الموت، يلزمني عظمتي السّاعد والسّاق، بحثتُ عنهما طيلة نهارين سقطا من حساب أيام الخلق في أوّل الزّمان، عندما كان الإله، يثني على عمله بأنّه حسنٌ.
هؤلاء الأولاد الذين تربوا على مسحوق البارود، لا يجزعون، فتراهم في مكبّ الموت قبل الديدان، اللعنة عليهم، يملؤون أكياس عيونهم، بالعظام واللحم المحروق والأشلاء، حتى ينهار بغل النّظر من ثقلها.
كلّ ما أريده عظمتي ساعدٍ وساق؛ ليصبح نول فرانكشتاين جاهزاً، لأحيكَ كفناً لجثة الموت العارية هناك، التي أنكرها الذباب الأزرق.
في حوض المكبّ يكثر شجر العورات،
يزدهر على صديد صافٍ كالألم الفرات،
أربي على ورق نعواته، دود الحرير،
نعم،
لا تعجب أيّها الصّوت العلوي،
فالحرير قيامة الخادرات،
نعومة القتل لحيوات نائمة تحلم بالطيران،
فالهواء كالعذراء لم يفضّه جناح منذ الكثير من: “في البدء كان الكلمة”؛
والحرير أبهى كفناً، أدْفُن فيه، هذا الموت الملقى هنا أو هناك.
............
- أيّها الشّقاء، أيّها الولد، الذي تظهر خصيتيه كقنبلتين، هل لكَ أن تعطيني عظمتي ساقٍ وساعد، مقابل برميل من الحنينْ؟.
- وما الحنين أيّها النسيان؟.
- الحنين، جثّة ضخمة، كأنّها المكبّ.
يحدّق الولد، بساعدي وساقي المعلقين على حدٍّ لم تدرؤه الشّبهات، بقطب زرقاء، بعد أن أنزل كيس عينيه من الأفق الدّبق؛ أخذ ساقي وساعدي، مزّق عنهما ورق اللحم القذر من الحبر، حتى استوى العظم، أبيض كالإله، أكمل بهما آلة الحياكة وبدأ الحرير، يُبصق منها كجرائد المساءْ.
قعد الولد قربي: أيّها الحيّ، هل صوتكَ يعرف الغناء؟ أخرج من جرحٍ في بطّة ساقه التي فاتتها هجرة الطيور،عظمة الظنبور، بدت كناياً، نظّف ثقوبه المغلقة بالدّم المتخثر، بمسمار آمان القنبلة ورح ينفخ في الصّور لحناً عذباً، عذابْ.
طرقتُ أغني فيما الأولاد، ينزلنَ أكياس عيونهم، كالدّم/ع: عظامي كقصب النايات أيّها الحنين/ عظامي كقصب الناياتْ...