"خوان ميرو: سلم الهروب" في بريطانيا
يعتقد بأن خوان ميرو ربما كان رسام المشاهد الحلمية الغامضة والمناظر السريالية المتخيلة. لكن ثمة معرض ضخم في متحف "التيت مودرن" وهو الأول من نوعه لأعمال الكاتب منذ عام 1964، سوف يظهر الفنان وهو منهمك في السياسة كونه كتالونياً فخوراً ويوجه النقد إلى النظام القومي في إسبانيا.
إن المعرض المسمى "خوان ميرو: سلّم الهروب" سيفتتح في نيسان ويعرض حسب راعي المعرض ماثيو غيل "150 من أعماله المدهشة" وأغلبها لم تعرض من قبل في المملكة المتحدة.
ومن بين اللوحات "الحقل" المؤرخة من 1921-1922 وتعد من بين روائع الفنان المبكرة. كان أرنست همنغواي قد نصحته غيرترود شتاين أن يشتري الأعمال الفنية، حتى لو أنه وزوجته هادلي كانا يتصارعان للحصول على الملابس، وقد أراد أن يشتري اللوحة وتنافس مع صديقه الشاعر إيفان شيبمان. لهذا قامرا بأسلوب همنغواي نموذجي من أجل الحق في شرائها. ويستذكر همنغواي:" رمينا النرد وربحت أنا ،ودفعت أولاً أربعة آلاف ومئتين وخمسين فرنكاً أكثر مما دفعته لشراء لوحة في أي وقت مضى". وقد أهدتها أرملة همنغواي وزوجته الرابعة ماري إلى المتحف الوطني للفن في واشنطن.
إن لوحة "الحقل" هي وصف دقيق للحياة الريفية في منطقته – وهي تظهر ،حسب غيل" " ميرو وهو منهمك في المنظر الطبيعي حوله كطريقة للحصول على فهم لما يعني أن تكون كتالونياً" هذا العمل ومعه أعمال أخرى مثل رأس فلاح كاتالوني – 1925 تصور رجل في قبعته الكتالنونية الحمراء أي برنيطة تظهره منهمكاً تماماً حسب غيل في "وعي مبكر باستقلال كتالونيا"
وحين أصبح الموقف السياسي أكثر توتراً مع اشتداد الحرب الأهلية الاسبانية كان هناك كما يقول غيل :"حس بالقتال في انهماك ميرو بالسياسة" وعلى الرغم من أن لوحاته لا تحتوي على خيال سياسي واضح إلا أنها كانت ،حسب غيل، غالباً ما تخلق والأحداث السياسية في ذهنه كما توضح دفاتره ورسائله. ولوحته "حياة ساكنة مع حذاء قديم"-1937 رسمت ،فيما يدعوه غيل، " التلوين الكابوسي" وتظهر شوكة طعام تحوم متوعدة حول لب تفاحة وعلى وشك أن تتوغل فيها بشيء من العنف. يقول غيل:" إنها تصوير سام للحرب الأهلية".
في تلك السنة رسم صورة لحملة سياسية علنية "ساعدوا إسبانيا" وفيها كتالوني يرتدي البرنيطة ويمسك قبضته بتحية شيوعية. كما عرض جدارية كبيرة اسمها "الحاصد" في جناح الجمهورية الأسبانية في المعرض العالمي في باريس إذ عرضت فيه أيضاُ لوحة "الغورنيكا" لبيكاسو. وهذه اللوحة انتقلت في جولة عالمية مع لوحة الغورنيكا – وهي اللوحة التي فعلت الكثير كي تسلط الضوء على محنة أسبانيا في الحرب الأهلية- لكنها ضاعت بصورة غامضة وتوجد فقط بالأبيض والأسود في الصور الفوتوغرافية.
يقول غيل:" نحاول أن نتجنب فكرة أن ميرو كان ممون الغرابة. فهذه اللوحات لا يمكن أن تحمل صفة الغرابة. إنها لوحات في منتهى القوة والألم"
ميرو الذي عاش في فرنسا وعمل مع السرياليين عاد إلى أسبانيا في عام 1940 إذ عاش، حسب ماركو دانيل أحد رعاة المعرض، في نوع من المنفى الداخلي" بينما مكانته ازدادت في الخارج. في الخمسينات كان له أثر كبير على فناني التعبيرية التجريدية في الولايات المتحدة؛ وأعاد التحية في أعماله اللاحقة بسلسلة من اللوحات التي تشبه أعمال بولوك بعنوان "ألعاب نارية" من عام 1974 التي تظهر الفنان الذي يبلغ الحادية والثمانين وهو يقذف الصبغ على القماشة؛ أو سلسلة لوحاته المسماة " قماشة محترقة" في عام 1973 والتي من أجلها حسب غرينبرغ " شرط قماشاته وصب الكازولين عليها وأحرق فيها النار في ظروف لا تناسب الصحة والسلامة الحديثتين – مع مساعد يقف مع ممسحة ودلو".
واستمرّ أيضاً في الانهماك بالسياسة، فمثلاً سلسلة أعماله المسماة "أمل رجل متهم"-1974 تشير إلى الحكم بالإعدام بالمخنقة على فوضوي يبلغ من العمر خمسة وعشرين سنة يدعى "سلفادور بويغ" والتي أصبحت قضية عالمية ومركز المعارضة للحكومة القومية.
وسوف ينتقل المعرض الذي ينظم بالتعاون مع مؤسسة خوان ميرو إلى برشلونة والمتحف الوطني للفن في واشنطن.