** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 ثورة الشعوب وأفول الأساطير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زمرودة
مرحبا بك
مرحبا بك
زمرودة


عدد الرسائل : 71

تاريخ التسجيل : 26/10/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

ثورة الشعوب وأفول الأساطير  Empty
09022011
مُساهمةثورة الشعوب وأفول الأساطير

عندما يتحول الفضاء الافتراضي إلى آلية للثورة على الواقع المادي، أي عندما يصير الافتراضي إنجازا واقعيا، بتعبير جون بودريار ( (les stratégies fatales، فإنه سيفضي لا محالة إلى الانذهال والانفلات من كل الضوابط الاعتيادية لصناعة الحدث وتشخيصه وقراءته.

فتدبير
"الواقع" وفق منطق وهواجس الدولة والنظام العام يسعى إلى جعله باستمرار
واقعيا أكثر فأكثر، ويتأتى لها ذلك بالتحكم في حركيته وتحولاته وتفاعلاته
عبر ضبط توجهات الأفراد وحريتهم وممارساتهم، وذلك عبر سن قوانين الحريات
العامة والأحوال الشخصية والصحافة والتحكم في الممارسات السياسية
والنقابية، وفي النشاطات الاقتصادية...بيد أن أكثر آليات الضبط والتحكم
وصناعة الواقع نجاعة هي التحكم في التفاعلات الاجتماعية وفي فعل "التجمهر"،
ليس في أشكاله المادية والجسدية فقط، تلك التي تزعزع الشرعيات والقوانين
وتنتهي إلى العنف والانفلات من ضوابط الهيمنة والسيطرة، بل في صيغه الفكرية
والإيديولوجية أيضا، سواء المؤطرة أو العفوية. فما يهدد النظام هو التقاء
الجماهير، والتفاعل العفوي للواقع.


فنظام
الدولة يوظف السلطة وآليات الهيمنة لإبقاء واستمرار الواقع، ومن تلك
الآليات تشتيت الأفراد وتفريق الجماعات عبر مؤطرات إيديولوجية وتنظيمية،
كالأحزاب والنقابات والجمعيات التي ت
ُسهل
التوجيه والتحكم وخلق مساحات "للصراع المشروع" حول الحكم والثروة والقيم.
إنه إطار الدولة التي تنتظم في حكومة ومعارضة، وباترونا وشغيلة، وأجهزة
الاستغلال والهيمنة مقابل الإطارات الحقوقية والمدنية ...حيث تبقى الشعوب
مؤطرة، أو بالأحرى رهينة، داخل هذه الانتماءات والصراعات القابلة للضبط.
لكن يبدو أن زمن الواقعية السياسية والاجتماعية لهذه المعادلات والمؤطرات
والأشكال "الشرعية" للحرية والهيمنة صار يتراجع لصالح الافتراضي والعفوي
والمباغت، حيث يتأكد مع الأحداث والثورات والانتفاضات الشعبية التي نشاهد
أطوارها أن الشعوب لم تعد في حاجة إلى الوساطات، سواء التنظيمية أو
الإيديولوجية التي فقدت شرعيتها ومصداقيتها، كالأحزاب والنخب والقيادات، من
أجل التعبير عن مطالبها وطموحاتها في التغيير والكرامة والتقاسم العادل
للثروة والسلطة، ذلك أنها اختارت الالتقاء في فضاء الافتراضي للانفلات من
الرقابة والتسييج المفروض، والانطلاق منه إلى الواقع لمواجهة السلطة وجها
لوجه.


لقد كان ولا يزال هاجس السلطة
هو ضمان استمراريتها، وذلك تحت مسميات عديدة كحفظ الأمن العام و صيانة
الاستقرار، وقد تتبعنا كيف أقدم على ذلك نظاما الحكم في تونس ومصر بشكل
متصلب، عبر منع التواصل أو تقنينه والتحكم في التقارب عبر العزل ومنع
المفعول الوسائطي، وذلك للحيلولة دون التجمهر الافتراضي، فكانت النتيجة هي انتفاضة الشعوب وقلب الواقع، لأن اللا
ّتواصل، كما كان قد خلص إلى ذلك خبير الوسائطية بيير بابان (langage et culture des médias)، هو الحرب.

نحن إذن
أمام أحداث وثورات من نوع مغاير ستفضي لا محالة إلى واقع جديد تؤسسه
تعاقدات جديدة ما بين الحاكم والمحكوم، مادام الحكم سيبقى قائما. انتفاضات
تولدت من رحم "الافتراضي"، واندلعت في واقع الحرب والاستبداد الذي تفرضه
الأنظمة الحاكمة على الأفراد والشعوب. ثورات لم تؤطرها أحزاب ولا نقابات
ولا جماعات، ولم توقدها إيديولوجيات ثورية ولا معارضات، وانتفاضات صنع
شرارتها شباب لم يعد يستسيغ "ح
گرة"
الحكام والمستغلين، فاندلعت بعفوية وحرية من على صفحات وسائط التواصل التي
حررت أحلام الجماهير من قبضة واقع محدداته الأساسية هي المنع والتأجيل
واللا
ّتواصل.

لقد
خرج التونسيون والمصريون، وسيليهم آخرون لا ريب، من "واقعية"، أو بالأحرى
أساطير، علاقة الحاكم بالمحكوم، والشعب بالدولة، والرعية بالراعي، وما
يحكمها من إطارات تنظيمية ومحددات للانتماء، فتحرروا بشدة من واقع السيطرة
عبر بوابة "الافتراضي" التي تستضيف الجميع بسخاء وحرية وتوحده ضد خصمه
الأكبر الذي هو اللا
ّتواصل واللاّديموقراطية واللاّحرية واللاّكرامة،
وذلك دون تفييئ أو تفريق إيديولوجي أو سياسي أو مصلحي، وقرروا أن يتجهوا
جميعا نحو مستقبلهم المشترك لانتزاعه من قبضة التأجيل . وقد تابعنا كيف
استطاع المتظاهرون الذين يقودهم الشباب الغاضبون، تشكيل لجان شعبية في
محاولة لتنظيم أنفسهم والتصدي للانفلاتات التي تهدد بنسف أو استغلال
انتفاضتهم، سواء كانت تخريبية أو انتهازية، كشعارات بعض الجماعات والأحزاب
أو الولاءات لبعض الأشخاص، مما يوحد الحركة الاحتجاجية في مواجهة الحاكم.


يتضح أن زمن الانتدابات السياسية والوساطات التنظيمية بدأ يولي ولو لمرحلة حاسمة، فالشعوب قررت مواجهة الدولة بشكل "أبوكالبتيكي" apocalyptique لتحقيق
طموحاتها المؤجلة في الكرامة والحرية والعدالة والاعتبار. فبعد عقود من
الديمقراطية الشكلية والانتخابات المغشوشة، والمؤسسات الواهية والوسطاء
الانتهازيين، والبرلمانات والحكومات الساخرة، وما صاحب ذلك من أوهام
الاستقرار والسلم، و واقع الاستبداد الأعمى، قررت الشعوب أن تأخذ بزمام
قدرها ومصيرها.


لقد
لاحظنا كيف أن أساطير الحكم التي تصل حد التأليه، لم تعد صالحة لنيل ثقة
الشعوب أو تأجيل انتفاضتها، حيث استطاع الافتراضي أن ينزع عن الواقعي
قدسيته المزعومة ويبعث في الأفراد "غريزة الحياة" وفطرة الوجود بالفعل.
فأساطير الهيمنة التقليدية من قبيل صور "القائد الحكيم" مقابل " الشعب
القاصر"، و"البلد العظيم"، و"النظام والشعب العريق"، و"المؤمن الصبور"...،
لم يعد لها مفعول في المتخيل الشعبي الجديد الذي يتغذى يوميا من الفضاء
الافتراضي والوسائطي، وما يعج به من صور ونماذج ورموز الحداثة والحرية
والاستهلاك والحلم، والرغبة في الحياة.


قد
تعود ثقة الأفراد والشعوب في الأحزاب والنقابات والمؤسسات، وفي الدول
والحكومات، بعد حين، لكن المؤكد أن ذلك لن يتم إلا بعد أن تصير ممثلة فعلية
لهم، تعبر بشكل مباشر ونزيه عن طموحهم في الكرامة والحرية والعدالة
الاجتماعية، لا مجرد وساطات تنظيمية للحكام والفئات المستغلة، وألوان
ممسوخة تأثث فضاء "السيرك السياسي"، أو معابر فاسدة وحناجر انتهازية تذر
الرماد في العيون والأذان والعقول، وتؤجل التوق الجارف للحرية وإرادة
الحياة.


إن
أسلوب الدساتير المفروضة، وهيمنة الفئات المحظوظة، والنخب الفاسدة،
والاستغلاليات المتوحشة، وبلاغة السياسات والمشاريع الرشيدة، والمنح
الكريمة، ولعبة التواطؤات المفضوحة، وخطابات التاريخ والهوية
المزورة...وغيرها من طقوس وخمائر وصفات الحكم وآليات الهيمنة، لم تعد تنطلي
على الأفراد والشعوب التي تحرر شبابها من هواجس الماضي والخوف والخنوع
الأسطوري، وصار يتطلع بحزم وجودي وعنفوان حالم إلى تقرير قدره الفردي
والجماعي.


لعلها
مرحلة جديدة في حياة الشعوب ومفهوم الدولة تتشكل، ستفضي لا محالة إلى
إعادة صياغة معادلات السلطة والحكم، والتأسيس لتعاقدات مغايرة ما بين
الشعوب والحكومات، وذلك وفق منطق ومسوغات جديدة للشرعية والمشروعية
السياسية، والتقاسم العادل للثروة والسلطة، يمسك المواطنون – وليس الحاكمون
- بزمام ضوابطها والتزاماتها، وبحرية قبولها أو نقضها وتغييرها، وذلك وفق
متطلبات الصالح العام والمستقبل المشترك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

ثورة الشعوب وأفول الأساطير :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

ثورة الشعوب وأفول الأساطير

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
انتقل الى: