لبنان: فشلت المبادرة.. والقادم اسوأ
رأي القدس
2011-01-11
عندما يعلن العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني
اللبناني الحر والحليف الابرز لـ'حزب الله' اللبناني عن فشل المبادرة
السعودية السورية حول لبنان، فان هذا يعني ان القرار الظني الصادر عن
المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري على وشك
الصدور، وان اتهامه لعناصر من 'حزب الله' بالتورط في عملية الاغتيال هذه
بات مؤكداً.
هذا خبر سيئ للبنان بكل تأكيد سيؤدي الى مضاعفة حالة القلق
التي يعيشها اللبنانيون جميعاً، بل والمنطقة العربية بأسرها، ومقدمة
لتصعيد سياسي قد يتطور الى مواجهات عسكرية دموية في نهاية المطاف وفق مخطط
مرسوم بعناية.
ساورتنا الشكوك طوال الاشهر الماضية بوجود مبادرة سورية
سعودية في الاساس، وحتى لو سايرنا الكثيرين واقررنا بوجودها، فان قناعة
راسخة تبلورت لدينا بان المعادلة (س. س) اي السعودية السورية ليست الوحيدة
القادرة على حسم الامور في لبنان، فهناك المعادلة الاسرائيلية الامريكية،
وهناك النفوذ الايراني، وهناك الدور المصري، وكل معادلة او دور له مصالحه
واجنداته في لبنان، قد تتقاطع او تلتقي بالادوار والمعادلات الاخرى،
بالسلب او الايجاب.
مستقبل لبنان وليس فقط المبادرة السورية السعودية
يتقرر في واشنطن، ولذلك لم يكن غريباً او مفاجئاً ان يعلن العماد عون عن
فشل هذه المبادرة التي علق عليها اللبنانيون الكثير من الآمال للخروج من
ازمتهم والوصول الى بر الامان، بعد اجتماعات مكثفة عقدها السيد سعد
الحريري رئيس وزراء لبنان وولي الدم مع كل من الرئيس الفرنسي نيكولا
ساركوزي، والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ووزيرة الخارجية
الامريكية هيلاري كلينتون في نيويورك حيث يتواجد العاهل السعودي للعلاج.
الرئيس
الفرنسي اكد بعد لقائه مع السيد الحريري دعمه الكامل للمحكمة الدولية،
وضرورة استمرارها في اداء دورها في الكشف عن المتورطين في عملية الاغتيال
وتقديمهم للعدالة، وكذلك فعلت السيدة كلينتون، وهذا يعني رفضاً كاملاً
وواضحاً لاي مبادرة تريد غير ذلك.
العاهل السعودي هاتف الرئيس بشار
الاسد، وابلغه ان هناك مطالب للحريري، وان هناك حدودا للدور السعودي، ومع
تسليمنا بان هناك حدودا للدور السعودي، فان مطالب السيد الحريري هي مطالب
امريكية وفرنسية بالدرجة الاولى، والرجل قد لا يزيد دوره عن 'ساعي بريد'
فقط.
السيدة كلينتون حسمت الامور ونسفت المبادرة السعودية السورية من
جذورها، عندما قالت انه يجب صدور القرار الظني اولا عن المحكمة الدولية ثم
بعد ذلك يتم التفكير بالتسويات، فهذه المبادرة كانت تريد الغاء القرار
الظني او تأجيل صدوره الى اجل غير مسمى كحل للازمة اللبنانية، وتجنب أخطار
ما بعد صدور القرار المذكور.
المحكمة تشكلت في الاساس من اجل تجريم
'حزب الله' واستفزازه تمهيدا لاظهاره بمظهر عدم التعاون مع قرارات الشرعية
الدولية وبما يبرر الحرب الاسرائيلية المتوقعة ضده في اي لحظة.
حزب
الله سيرفض تسليم اي من المتهمين الذين سترد اسماؤهم في القرار الظني،
هكذا اعلن السيد حسن نصر الله واكد في اكثر من خطاب اخيرا، وهذه اول خطوة،
بل الخطوة الاكبر على طريق التجريم وخلق الذرائع. وحتى لو سلم المطلوبين
فهناك خطوات اخرى اكثر استفزازية.
الحكومة الامريكية اعطت اللبنانيين
اجازة قصيرة من القلق عندما اجلت مسألة افشال المبادرة السعودية السورية
الى مرحلة ما بعد اعياد الميلاد ورأس السنة، لكي يحتفلوا كعادتهم دائما في
مثل هذه المناسبة، والآن انتهت الاعياد واحتفالاتها وبدأت مرحلة التصعيد،
فالحرب قادمة بقرار امريكي ـ اسرائيلي وبمساندة بعض العرب، واللبنانيين
منهم خاصة، بالاختيار او بالاكراه.