سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3149
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | لماذا نحتاج إلى النخب؟ | |
أضيف في 02 يناير 2011
بادئ ذي بدء فإن مصطلح النخبة يفهم عندنا فهما خاطئا حيث غالبا ما يربط بالامتياز السياسي، أو الاجتماعي، أو الطبقي من جهة، وبالانفصال عن الناس، والعزلة أيضا. إن هذا الفهم هو المشكلة، وربما إليه يعود السبب في عدم التخطيط لتكوين النخب في مجتمعاتنا. فالنخبة تختلف عن مفهوم التيار في الدلالة، وفي الوظيفة. فالتيار السياسي، أو الفكري، أو الديني يتسم بالتطابق الأيديولوجي والعقائدي.
وبسبب هذا التطابق يفتقر التيار إلى الجدل، والاختلاف، والتنوع في وجهات النظر، وفي البرامج. أما النخبة أو النخب فإنها تتميز بالإبداعية في ميادين العلم، والفكر، والآداب، والفنون، والسياسة، كما تنفرد بخاصية التنوع وبروح النقد والجدل. وهنا أريد أن استخدم بعض مصطلحات عمانويل كانط لتوضيح التمايز بين النخبة، وبين التيار كمفهومين.
فالنخبة هي أشبه بالأحكام التركيبية، أما التيار فهو شبيه بالأحكام التحليلية. فالأحكام التركيبية تملك الخاصية التوسعية التي تزداد بها المعرفة حسب كانط أما الأحكام التحليلية فهي تفسير، أو مجرد تحصيل الحاصل، وبذلك فإنها، وفقا لفيلسوف ألمانيا، "لا تضيف إلى مضمون المعرفة.
وهكذا فالتيار السياسي مثلا يتشبث بمجموعة من الأفكار الجاهزة سلفا والتي يكون عليها إجماع أعضاء هذا التيار. وبذلك يصبح هذا الإجماع جدارا أصم يحول دون رؤية البدائل الجديدة. أما النخبة فإنها تعمل بشكل إبداعي، وبمناهج متنوعة، وتبتكر لنفسها عائلة من الأفكار، والتصورات، والرؤى التي تتجاوز نفسها باستمرار فضلا عن خلق آليات الممارسة التي تتعدل على ضوء التجربة.
على أية حال فإن بلداننا ليس لها مخطط لتكوين النخب في الاقتصاد، والفكر السياسي، والتنظيم الاجتماعي، والبناء الثقافي، والهندسة المعمارية للتربية والتعليم وهلم جرا. إن صيغة الحشد، أو صيغة التيار المغلق، أو الفرد المنعزل، وغير المكون تكوينا علميا، وصيغة الشعبوية الفارغة من الفكر، ومن روح التقنيات العلمية والجمالية هي السائدة في بلداننا.
وفي الواقع فإن تأسيس النخب لا يجيء من فراغ، بل إنه يتأسس على المؤسسات ذات الطابع التكويني في شتى المجالات بدءا من الفلاحة، والزراعة، والتعليم، والتنظيم، والتسيير، وإدارة السياسة، والحكوماتية إلى مجالات الطب والصحة، والرياضة، والعلوم، والفنون، والمعمار، والبيئة، والصناعات وغيرها من الحقول والاختصاصات.
إذن، هناك ضرورة لتكوين النخب التي تهندس السياسة، والمجتمع، والأزمات، والفكر المرتبط بالتنمية إلخ. ولا بد من توفر شرط ضروري وهو تحويل هذه النخب إلى قوى مبدعة للصنائع بما في ذلك الفلاحة مثلا التي يعتبرها ابن خلدون صناعة وعلما بامتياز. وفي هذا السياق أردت أن أسبر بعض آراء المثقفين بخصوص عدم إنشاء الثقافة السياسية والاجتماعية، والتربوية ببلداننا، والخاصة بصنع النخب القادرة على ممارسة الهندسة النظرية والعملية للنهضة في كافة نواحي الحياة.
وبهذا الصدد تحدثت مع مولود علاك، الإعلامي ودارس الفلسفة الجزائري الذي انخرط ولا يزال ينخرط في عدة حصص إذاعية بالإذاعة الوطنية الجزائرية ذات الصلة بالفكر المؤسس لمبادرات قصد تفعيل التصورات لبناء النخب المفكرة والمخططة لمشاريع التطور للخروج من التخلف؛ لقد سألته هذا السؤال: لماذا تعذر تأسيس النخب الطليعية فكرا وممارسة في مجتمعاتنا؟ فأجاب هكذا: "لم يؤسس للنخب الفاعلة في مجتمعاتنا الإطار والمناخ المناسبان لممارسة وظيفتها المتمثلة في قيادة وتوجيه المجتمعات في مختلف المجالات.
إن الذي حصل هو إبعاد الفرديات المتفوقة كل في مجالها وتخصصها. إن هذه الفرديات هي التي يمكن أن تكون نواة لتشكيل النخب. وهنا لا بد أن نشير إلى الحصار والاختناق اللذين مورسا ولازال يمارسان على هؤلاء الأفراد، إن هذا الحصار والاختناق يعودان إلى غربة هؤلاء الأفراد في مجتمعات محكومة بالتخلف وبالثقافة التقليدية والشعبوية. وثمة حصار آخر من طرف القبيلة، والجهوية، والطائفية الحاكمة".
| |
|