ترجمة: سعيـد بوخليـط (المغرب)تقديـم:
|
Michel Foucault par Ivan Korsario |
لقد مرت الآن ثلاثون سنة، على وفاة ميشيل فوكو، كان ذلك يوم25 يونيو1984، كم مدهش عدد المباريات والدراسات وكذا المجلات المتخصصة والمؤلفات، التي خلدت الذكرى. طبعاً، يندرج الفيلسوف ضمن مؤلف المقرّر المدرسي لأقسام الباكلوريا، بنفس درجة سبينوزا وكانطوكيركجورد، ثم حسب بعض نتائج تجمعات التصنيفات الثقافية، يعتبر فوكو المفكر الفرنسي الأكثر حضوراً ودراسة. مع تمتعه بامتياز، فعوض أن يخفت صوته مع مرور الوقت، يمضي الآن فوكو، أبعد مما كان عليه الحال قبل ثلاثين سنة. يكمن، السبب بلا شك، في دروسه بكوليج دو فرانس، الصادرة بعد وفاته، التي وسّعت كثيراً مشروعه، منتقلاً بين الحقول الأكثر تنوعاً: الطب،الأدب، القانون، الدراسات السوسيولوجية للاختلاف الجنسي ثم الهندسة.
لكن بكل تأكيد، من خلال كون فكر فوكو يفرض نفسه، كمفتاح لقراءة الزمن الحاضر. فإذا كان الأخير، فسيفساء ضخمة بتنظيماته السياسية والقانونية والاقتصادية ومؤسساته، المتعلقة بالسلطة والعلوم والمعارف وبناه العقلية الماسكة بالأشخاص، ثم يتناولون بواسطتها ذواتهم، فسيكون فوكو الصانع الذي لا يكلّ، مشتغلاً خلفها، مفككاً، ومعيداً تأليف خيوطها، مبيناً "جينيالوجيتها"، بالتالي، جعلها مرئية.
هل فوكو أمريكي؟ ثلاثون سنة مرت على وفاة المفكر، صاحب الاسم الأكثر انتشاراً في العالم.الفيلسوف، الذي تلاءمت عنده الدراسات الثقافية والمزعجة، فانصهرت، وعبر المصفاة التي يعود فكره إلينا، استطاع المرور إلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
غير أن المكتبة الوطنية الفرنسية، بمساعدة خواص أغنياء، يهتمون بالفنون والآداب، تمكنت من إتمام عملية شراء أرشيفات استثنائية، بمبلغ 3.8 مليون: من بين أشياء أخرى، سنقف على3700 ورقة لمجموعة مسودات [حيث الجزء الأخير من تاريخ الجنسانية: اعترافات الجسد]، ثم 29 مذكرة، ليومياتفوكو الفكرية. جملة وثائق، وُجدت في بيته لحظة وفاته: فهل يمكننا المداعبة بتعجرف، قائلين، بأنه تراث، لن يكون قط في حوزة جامعة كاليفورنيا في بركلي!!
عاد ميشيل فوكو من أمريكا، مواصلاً مساءلة القضايا المهيكلة لـ"الليبرالية المتقدمة''، بمعنى حينما تدعي الأخيرة إبطالها، أو تحريرنا: نظام، مراقبة، جنسانية، هوية… المبرر الذي من أجله يظل درسه جوهرياً كي نفهم عالمنا.
منذ أيام فقط، وكأن الأمر بمثابة هدية للاحتفال بذكرى ميلاده، فقد منح أقرباء فوكو لهذا المنبر الإعلامي [المقصود لبيراسيون]، بعض الأشرطة التي تحوي آخر حوار للفيلسوف.
لقاء أجري مع فوكو يوم 29 ماي 1984، من طرف أندريه سكالا وجيل باربيديت، أياماً قليلة قبل دخوله المستشفى، حيث توفي يوم 25 يونيو نتيجة مضاعفات إصابته بداء السيدا.
استجابته لإجراء هذا الحوار الأخير، رغم حالة الإنهاك التي كان يعانيها، تمثل حتماً، عربوناً للصداقة التي يكنها لـ جيل دولوز،لأن أندريه سكالا أحد محاوريه، كان من أقرباء دولوز. لم، تتأتى لـ فوكو،إعادة قراءة الحوار، بل عهد به إلى رفيقه دانييل ديفيز، كي يسهر على تنقيحه وإخراجه في صيغة مقبولة. الأخير، أورد فقرات منه بين طيات عمله المعنون بـ:[أقوال وكتابات]. الصادر عشر سنوات بعد ذلك. أيضاً، مقاطع منه نشرتها صفحات المجلات الأدبية يوم 28 يونيو1984، تحية لذاكرة الفيلسوف.
تحدث فوكو في هذا الحوار، عن قضايا الذات والجنسانية وأسلوب الوجود. بعض فقرات الشريط المسموع لا نلتقطها جيداً، مقارنة مع ثانية، نسمع معها الفيلسوف ضاحكاً وأحياناً يسعل.