[rtl]
ترجمة ميلود خيزار[/rtl]
|
Death and the Maiden, by Hans Baldung Grien |
[rtl]
في "الأدب والشّر"، الصّادر عام 1957 متناولاً مجموعة مقالات نشرت بداية بمجلة "نقد"، يكوّن جورج باطاي (1897-1962) فكرة موجعة وواخزة متعلّقة بحرّية "كيان" كلّ إنسان في مواجهته للضّغوط التي «تفرضها حرية الآخرين».[/rtl]
[rtl] هذا الخط الفكري، المتداول على نطاق واسع من قِبل الفلسفة، والشّهوي من نواح كثيرة، لم يكفّ عن توجيه حياته وأعماله.[/rtl]
[rtl] هذه الحريّة التي أُريدَ لها أن تكون في حالة فلتان، بفهمها على أنّها سيادة، هي في مركز هذه الاختلافات الفلسفيّة، هذه التجاوزات السّوسيولوجيّة، هذه التّأشيرات الأنثروبولوجية وبالطّبع، هذه الإفضاءات الأدبيّة التي لا تتردّد في ممارسة "الخلاعة"، و الأدب "البُرازيّ" والفساد للدّلالة على جوهر الرّابطة الاجتماعيّة التي تستنزف أفعالها في متخيّلات عديدة الأشكال، والأكثر فضائحية منها.[/rtl]
[rtl] ثلاثة منظورات ترتسم بقراءة هذه الدّراسة، والتي تسمح باستيعابها وفق مراحل تحليليّة عديدة. للوهلة الأولى، يتعلّق الأمر تحديداً بمساهمة نقدية أدبيّة تطبيقيّة على عدد من أعمال وسِير لكتّاب يتمثّلون إشكاليّة الحريّة هذه في مواجهتها المستمرّة للشّر، بهذا التّجسيد المبتكر بكلّ عناية لـ "نحن- ذاتنا" مصطدماً بمبادئ أخلاقية تشدّه وتضمن له هكذا بعض الصّلابة. تهتم الدراسة بثمانية كتاب جسّدوا، حسب باطاي، هذه الحرية المذنبة: اميلي برونتي، شارل بودلير، جول ميشلي، وليم بليك، دوناتيان دو ساد، مارسيل بروست، فرانز كافكا وجان جينيه. وفي خطوة تالية يتعلّق الأمر بمقالة عاكسة للإنتاج الأدبي الخاصّ لمؤلفه، والذي نُشر جزء منه خُفية وبأسماء مستعارة عديدة(1). ثمّ وفي مقال ثالث، والذي يُعدّ بالنّسبة إليه فرصة لاستكشاف فورة الواقع في الخيال، يفحص عقد العلاقة المقامة بين فكرة وجود شرّ جنسي وبين فكرة أدب سيادي، لإظهار التّنامي السّوسيولوجي للعمل الأدبي المنخرط تحت هذا السّجلّ، بعيداً عن هذه المتاهات السّيكولوجية والتي من شأنها أن تدعم تواصلاً ممكناً بين المؤلّف والمتلقي.[/rtl]
[rtl] بدايةً سأمتنع عن تناول البُعدين الأوّلين للمقال موضوع البحث: البُعد المرئي، للتّحليل النّقدي الممارس على الأعمال المعنيّة أو للتّعليقات التي تناولتها؛ والبُعد الخفيّ، للتأمّل الأدبيّ والشّخصي. سأكتفي فقط بالبُعد الثّالث والذي هو ليس أقلّ أهميّة: ذلك الذي يكثّف بشكل ما كلّ سّوسيولوجيا باطايبمجموعة مفاهيم- مفاتيح تُحيل إلى بعضها البعض. بالفعل، كدراسته المتعلّقة بالإيروسيّة المنشورة في العام ذاته(2)، يجب أن تُفهم، و بالّدرجة ذاتها، دراستُه "الأدب و الشرّ" في ضوء "خطوط القوّة"، ولكن أيضا "الشّقوق والكسور" [المعرفيّة أو الموضوعاتية] التي شكّلت الجهاز النّقدي لسوسيولوجيا باطاي في النّصف الثّاني من حياته.[/rtl]
[rtl] يقدّم المؤلف لملاحظته على الغلاف الخلفي [أوّل اتّصال بالقارئ الذي يتعامل مع الكتاب – الشّيء] بمثابة إدراج أو تحذير لتحديد مساحة الفرق بين الحيوان والإنسان، انطلاقاً من شرط مراعاة هذا الأخير لتوجيهات القواعد التي توفّر منهج السّلوك والمحظورات التي تشكّل جملة مثبّطات(3).[/rtl]
[rtl] إذا كانت هذه الأخيرة تفرض نفسها في المقام الأوّل كحدود يسعى ضمنها الاجتماعي إلى تنظيم نفسه وبالتّالي تفادي الوقوع في التّلاشي الفادح لمسألة استمراره، إلّا أنّها تظلّ غامضة، لأنّها تحيل إلى واجب الإنسان في تخطّيها وانتهاكها وسلوك مسارات محظورة. بحيث لا يعكس هذا الانتهاك جهلاً لدى من يموت بل نوعاً من الشّجاعة. هكذا، وكما يؤكّد باطاي في دعوة الإدراج، «الشّجاعة الضّرورية للانتهاك هي بالنّسبة للإنسان إنجازٌ» نعثر عليه في الحياة بشكل عامّ، وفي التّجربة الاحتفاليّة(4)، في الثّورة السّياسية والنّشاط الإيروسي والضّحك والإحراج، والقتل ولكن في الأدب أيضاً، وبخاصّة في الشّعر، الذي يمارس باستمرار دائريّة الإعجاب والتخلّي في اختراع الشرّ، يعني عند مشارف اكتشافه ونداء مسالكه الصّعبة. الشرّ هو، أساساً، تحدٍّ إزاء الموت الذي يجذب ويمدّد الحياة للقطع مع كلّ شيء.[/rtl]
مزيد من المعلومات »