** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 تفكيك بنية الخطاب الدينى/ البورد (قريش) نموذجا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عبد الله
مراقب
مراقب
avatar


التوقيع : تفكيك بنية الخطاب الدينى/ البورد (قريش) نموذجا  Image001

عدد الرسائل : 1530

الموقع : في قلب الامة
تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

تفكيك بنية الخطاب الدينى/ البورد (قريش) نموذجا  Empty
19082012
مُساهمةتفكيك بنية الخطاب الدينى/ البورد (قريش) نموذجا

هنا تلخيص لكتاب المفكر المصري الكبير نصر حامد
أبوزيد في "نقد الخطاب الديني" مساهمة منا في دفع هذا الحوار .. لكم الود
.. التلخيص وجدته في موقع من المواقع لا احتفظ به الآن فالمعزرة ...



هي
محاولة لفهم ودراسة كتاب نقد الخطاب الديني للدكتور نصر حامد ابو زيد
والذي اثار موجه من الغضب والغضب المضاد والتكفير .... وقضيته اشهر من ان
نذكرها هنا
لكن المهم هو الموضوع الذي تعرض اليه نصر حامد ...محاولا
تلخيص الافكار الاساسية به ..... ثم نطلب منقاشتكم مدى صحة او خطأ الكاتب
..... مع اعترافي مسبقا ان تلخيص مثل هذا الكتاب هو امر شاق وربما يكون
هناك اجحاف بحق هذا الطرف او ذاك
تحياتي لكم جميعا


الاولى
ينطلق
الكاتب في دراسته على اخذ الخطاب الديني موضوعا متكاملا دون اخذ التفرقة
الاعلامية بين الخطاب الديني المتطرف والخطاب الديني المعتدل لأن الكاتب
يعتبر ان الفرق هو في الدرجة لا في النوع والدليل ان الباحث لا يجد فرقا او
اختلافا بينهما من حيث المنطلقات الفكريه او الاليات .ويتجلى التطابق
بينهما اعتمادهمها على عناصر اساسيه ثابته غير قابلة للنقاش او الحوار او
المساومة ويأتي في مقدمتهما عنصران جوهريان هما (( النص )) و (( الحاكميه
))
كذلك يتطابقان من من حيث الاليات التي يعتمدان عليها في طرح
المفاهيم وفي اقناع الاخرين واهم هذه الاليات التي تجمع المتطرف مع المعتدل
هي
1) التوحيد بين الفكر والدين والغاء المسافه بين الذات والموضوع
2) تفسير الظواهر كلها بردها جميعا الي مبدأ او علة اولى تستوي في ذلك الظواهر الاجتماعيه او الطبيعيه
3)
الاعتماد على سلطة السلف او التراث وذلك بعد تحويل النصوص التراثية ( وهي
نصوص ثانوية ) الي نصوص اوليه تتمتع بقدر هائل من القداسة لا تقل في كثير
من الاحوال عن النصوص الاصلية
4) اليقين الذهني والحسم الفكري القطعي ورفض اي خلاف فكري ...الا اذا كان في الفروع والتفاصيل دون الاصول
5) اهدار البعد التاريخي وتجاهله ويتجلى ذلك في البكاء على الماضي الجميل يتساوى في ذلك عصر الخلافة الراشده والخلافة العثمانية
بهذا يحدد الكاتب اسس نقد الخطاب الديني من حيث المنطلقات وهما الحاكميه والنص والاليات الخمس المذكورة اعلاه
يفرغ الكاتب مساحة كبرى لاثبات انه ليس هناك اختلاف بين المعتدل وبين المتطرف ما داما ينطلقا من نفس المنطلقات ويستعملا نفس الاليات
وياتي بامثلة كثيرة تدعم رؤيته هذه وهي كثيرة وطويله لكن احاول وضعها على شكل نقاط لسهولة القراءة
اولا
-.. حدثت في مصر بعد اغتيال السادات نوع من الحوار الاعلامي بين المعتدلين
والمتطرفين سواء في الصحف او الاذاعة او التلفزيون ويصف الكاتب الحوار
بأنه مثل حوار الصم او حوار الصوت والصدى .....ففي احدى هذه الحوارات سأل
احد امراء الجماعات الاسلاميه استاذا جامعيا عميدا لاحدى الكليات العلميه
السؤال التالي :- لمن الحاكمية ؟؟ فكان جواب الدكتور حاسما وقاطعا ((
الحاكمية لله )) رددها ثلاث مرات... ثم يستدرك بان اخذ يعدد مظاهر الايمان
في مصر وبلغ به الحماس في تدين المصريين انه في صلاة الجمعة يؤم مسجد
الكلية مئات من الطلبة (( ناسيا ان يوم الجمعة هو عطلة رسمية )) وايضا يمنع
الدخول الي الكليات يوم الجمعه
اذن هذا اتفاق في المبدأ , ولم يتلعثم
الدكتور في مبدأ الحاكميه وانما تردد في مبدا تكفير المجتمع لما يترتب عنه
من تكفير للسلطه السياسية

حتى لا نطيل هناك فصل كامل موثق يقارن
به الكاتب بين الخطاب المتطرف والمعتدل .....ويؤكد به انه لا يوجد اختلاف
في الجوهر بين الاثنين
لكن للضرورة فقد كتبت هنا بداية نقد اليات الخطاب وهي النقطة الاولى من الاليات الخمس
اولاً
: آليات الخطاب يصعب في الحقيقة في تحليل خطاب ما الفصل بين آلياته
ومنطلقاته الفكرية فكل منهما يحتوى الآخر ويدل عليه دلالة لزوم ، وكثيراً
ما تتداخل الآليات والمنطلقات إلى درجة التوحد في الخطاب الديني خاصة ، حتى
ليستحيل التفرقة بينهما وسيؤدي هذا التداخل في تحليلنـا إلى الوقوع
أحيانـاً في تكرار نرجو ألا يكون أكثر من طاقة القارئ على الاحتمال ، وقد
بدأنـا بالآليات دون مرجع في الحقيقة سوى حدس خافت ان المنطلقات تتأسس من
الوجهة المنطقية الصورية على الأقل – على الآليات ، هذا بالإضافة إلى أنه
تم في الفقرة السابقة التعرض لبعض منطلقات الخطاب الديني التي نرجو أن تكون
قد مهدت تمهيداً كافيـاً لتحليل آليات هذا الخطاب ، وذلك قبل مناقشة أهم
وأخطر منطلقاته الفكرية بعد ذلك . وإذا كنـا في هذا التحليل سنتوقف عند خمس
آليات ، هي التي استطعنـا رصدها حتى الآن ، فمن الواجب ألا نزعم أنها
تستوعب كل آليات الخطاب الديني ، فلا شك أن مجال الرصد والإضافة – بمزيد من
العمق والدقة في التحليل – سيظل مفتوحاً سواء بالنسبة للآليات أو بالنسبة
للمنطلقات . إن هذه الآليات الخمس تمثل – في تقديرنـا – الآليات الأساسية
والجوهرية التي تحكم مجمل الخطاب الديني وتسيطر عليه ونفس الحكم ينسحب على
المنطلقين الفكريين اللذين سنتناولهما بالتحليل بعد ذلك .
التوحيد بين الفكر والدين :
منذ
اللحظات الأولى في التاريخ الإسلامي – وخلال فترة نزول الوحي وتشكل النصوص
– كان ثمة إدراك مستقر أن النصوص الدينية مجالات فعاليتها الخاصة ، وأن
ثمة مجالات أخرى تخضع لفاعلية العقل البشري والخبرة الإنسانية ، ولا تتعلق
بها فعالية النصوص ، وكان المسلمون الأوائل كثيراً ما يسألون إزاء موقف
بعينه ما إذا كان تصرف النبي محكوماً بالوحي أم محكوماً بالخبرة العقل ،
وكثيراً ما كانوا يختلفون معه ، ويقترحون تصرفاً آخر إذن كان المجال من
مجالات العقل والخبرة والامثلة على ذلك كثيرة وتمتلئ بها كل وسائل الخطاب
الديني وأدواته من كتب ومقالات وخطب ومواعظ وبرامج وأحاديث ، ورغم ذلك يمضي
الخطاب الديني في مد فعالية النصوص الدينية إلى كل المجالات متجاهلا تلك
الفروق التي صيغت في مبدأ "أنتم أعلم بشئون دينكم" . ولا يكتفي الخطاب
الديني بذلك ، بل يوجد بطريقة آلية بين هذه النصوص وبين قراءته وفهمه لها ،
وبهذا التوحيد لا يقوم الخطاب الديني بالغاء المسافة المعرفية بين "الذات"
و "الموضوع" فقط ، بل يتجاوز ذلك إلى ادعاء – ضمني – بقدرته على تجاوز كل
الشروط والعوائق الوجودية والمعرفية والوصول إلى القصد الإلهي الكامن في
هذه النصوص وفي هذا الأدعاء الخطير لا يدرك الخطاب الديني المعاصر أنه يدخل
منطقة شائكة هي منطقة "الحديث باسم الله" وهي المنطقة التي تحاشى الخطاب
الإسلامي – على طول تاريخه عدا استثناءات قليلة لا يعتد بها – مقارنه
تخومها ومن العجيب أن الخطاب المعاصر يعيب هذا المسك ويندد به في حديثه عن
موقف الكنيسة من العلم والعلماء في القرن الوسطى . ومن الضروري الإشارة هنا
إلى أن هذه الالية تتداخل مع آليات أخرى وتشتبك بها فآلية "اليقين الذهني
والحسم الفكري" – مثلاً – يمكن أن تعد إحدى نتائجها ، وإن كان هذا ينفى
استقلالها بوصفها إحدى آليات الخطاب . أما آلية "إهدار البعد التاريخي" فهي
تعد في جانب منها – جزءا من بنية آلية "التوحيد بين الفكر والدين" وذلك أن
التوحيد بين الفهم والنص حيث يقع الفهم في الحاضر ، وينتمي النص إلى
الماضي (لغة على الأقل) – لا بد أن يعتمد على "إهدار البعد التاريخي"
والخطاب الديني المعاصر يبدو في هذا كل وكأنه يصدر عن مسلمات لا تقبل
النقاش أو الجدل ، وقد مر بنـا في الفقرة السابقة بعض الاستشهادات التي
تمثل هذا التوحيد بين الفكر البشري والدين ، فالجميع يتحدثون عن الاسلام –
بألف ولام العهد – دون أن يخامر أحدهم أدنى تردد ويدرك أنه يطرح في الحقيقة
فهمه هو للإسلام أو لنصوصه ، وحتى الاستناد لأراء القدماء ولاجتهاداتهم
أصبح هو الآخر استناداً إلى الإسلام الذي كثيراً ما تضاف له صفة الصحيح
فصلا له عن الزائف الذي يمثل اجتهاداً آخر وإذا كنـا لسنـا هنا بصدد الحكم
على هذا الاجتهاد أو ذاك . فإن الذي يشغلنـا هنا ليس قيمة الاجتهاد في ذاته
، بل شاغلنـا الأساسي الكشف عن ذلك الاقتناع بامتلاك "الحقيقة" في الخطاب
الديني وهو الاقتناع الذي جعله يتخلى عن كثير من فضائل الخطاب السلفي .
يقول واحد من ممثلي تيار الاعتدال "ليس هناك إسلام تقدمي وآخر رجعي ، وليس
هناك إسلام ثوري وأخرى استسلامي وليس هناك إسلام سياسي وآخر إجتماعي أو
إسلام لسلاطين وأخر للجماهير ، هناك إسلام واحد ، أنزله الله على رسوله
وبلغه رسوله إلى الناس وهو قول ينقضه تاريخ الإسلام ذاته ، ذلك التاريخ
الذي شهد "تعدداً" في الاتجاهات والتيارات و "الفرق" التي قامت لأسباب
اجتماعية اقتصادية سياسية ، وصاغت مواقفها بالتأويل والاجتهاد في فهم
النصوص ، ولكن هذا الإصرار على وجود إسلام واحد ، ورفض التعدية الفعلية
يؤدي إلى نتيجتين بصرف النظر عن نوايا هذا الكاتب أو ذاك النتيجة الأولى :
أن للإسلام معنى واحداً ثابتاً لا تؤثر فيه حركة التاريخ ، ولا يؤثر
باختلاف المجتمعات ، فضلا عن تعدد الجماعات بسبب اختلاف المصالح داخل
المجتمع الواحد النتيجة الثانية : أن هذا المعنى الواحد الثابت يمتلكه
جماعة من البشر – هم علماء الدين قطعاً – وأن أعضاء هذه الجماعة مبرأون من
الأهواء والتحيزات الانسانية الطبيعية . لكن الخطاب الديني لا يسلم ابداً
بالنتائج المنطقية لكثير من أفكاره ، بل كثيراً ما يجمع هذا الخطاب بين
الفكرة ونقيضها ، يقول نفس الكاتب في سياق آخر : "أفتح أي صفحة من صفحات
التاريخ الإسلامي ستجدها ناصعة في كل مرحلة ، مكتوبة بفصيح اللسان وصريح
العبارة : كما تكونوا يكون دينكم" وها هو كاتب آخر يتحدث عن نوعين من
الإسلام الإسلام المستأنس وهو الذي تباركه السلطة السياسية وترعاه والإسلام
الحقيقي إسلام القرآن والسنة وإسلام الصحابة والتابعين . والإسلام الحقيقي
في نظر هذا الكاتب هو الإسلام الذي يفصح عنه العلماء في خطابهم ، لأنهم –
وحدهم – القادرون على فهم الإسلام الصحيح ومعنى ذلك أن سلطة التأويل
والتفسير لا ينبغي أن تتجاوز هذه الدائرة "فمن أدعى على الكتاب والسنة وطعن
في علماء الأمة فليس بمامون على تعاليم الدين ومن أخذ عن العلماء وكتب
المذاهب مهملاً دلائل القرآن والحديث ، فقد أهمل الدين ومصدر التشريع"
وهكذا ينتهي الخطاب الديني إلى إيجاد "كهنوت" يمثل السلطة ومرجعاً أخيراً
في شئون الدين والعقيدة ، بل يصل إلى حد الإصرار على ضرورة التلقي الشفاهي
المباشر في هذا المجال عن العلماء ذلك أن جراسه الشريعة بغير معلم لا تسلم
من مخاطرات ولا تخلو من ثغرات وآفات … وهذا ما جعل علماء السلف يحذرون من
تلقى العلم عن هذا النوع من المتعلمين ويقولون : لا تأخذ القرآن من مصحفي
ولا العلم من صحفي . أن هذا التناقض في الخطاب الديني بين إنكار وجود
"كهنوت" أو سلطة مقدسه في الإسلام – على المستوى النظري والاجرائي – وبين
الإصرار على ضرورة الاحتكام إلى هذه السلطة وأخذ معنى الدين والعقيدة عنها
وحدها – على المستوى التطبيقي والفعلي – إنما يمثل تناقضا خطيرا ينسف من
الأساس المنطلقات الجوهرية لهذا الخطاب ، كم يكشف في الوقت نفسه عن الطبيعة
الإيديولوجية التي لا يكف الخطاب عن إنكارها والتنصل منها زاعماً
"موضوعية" مطلقة وتجرداً تاماً عن التحيزات والأهواء الطبيعية في البشر


رد الظواهر إلى مبدأ واحد
أن
الحديث عن إسلام واحد ثابت المعنى ، لا يبلغه إلا العلماء يمثل جزءا من
بنية آلية أوسع في الخطاب الديني وليست هذه الآلية من البساطة والبداهة
التي تبدو بها في الوجدان الشعور الديني العادي والطبيعي ، بل نجدها في
الخطاب الديني ذات أبعاد خطيرة تهدد المجتمع ، وتكاد تشل فاعليته "العقل"
في شؤون الحياة والواقع ويعتمد الخطاب الديني في توظيفه لهذه الآلية على
ذلك الشعور الديني العادي ، فيوظفها على أساس أنها أحد مسلمات العقيدة التي
لا تناقش ، وإن كانت كل العقائد تؤمن بأن العالم مدين في وجوده إلى علة
أولى أو مبدأ أول – هو الله في الإسلام – فإن الخطاب الديني – لا العقيدة –
هو الذي يقوم بتفسير كل الظواهر الطبيعية والاجتماعية ، بردها جميعاً إلى
ذلك المبدأ الأول أنه يقوم بإحلال الله في الواقع العيني المباشر ، ويرد
إليه كل ما يقع فيه وفي هذا الإحلال يتم تلقائياً – نفى الإنسان كما يتم
إلغاء القوانين الطبيعية والاجتماعية ومصادره أية معرفة لا سند لها من
الخطاب الديني ، أو من سلطة العلماء .
وفي هذا الخطاب ، وبفضل هذه
الآلية ، تبدو أجزاء العالم مشتتة ، وتبدو الطبيعة مبعثرة ، إلا من الخبط
الذي يشد كل جزء من العالم أو من الطبيعة إلى الخالق والمبدع الأول ، ولا
يمكن لمثل هذا التصور أن ينتج أية معرفة "علمية" بالعالم أو بالطبيعة ،
ناهيك بالمجتمع أو بالإنسان . هذا التصور امتداد للموقف "الأشعرى" القديم ،
الذي ينكر قوانين السببية في الطبيعة والعالم لحساب "جبرية" شاملة ، تمثل
غطاء إيديولوجيا للجبرية الاجتماعية والسياسية في الواقع .
وإذا كنـا
لا نريد استباق مناقشة آلية الاستناد إلى التراث ألان فإنـنـا نكتفي هنا
برصد التشابه في توظيف الآلية إن معاداة "العلمانية" والهجوم المستمر عليها
في الخطاب الديني المعاصر يرتد – في جانب آخر – إلى أنها تجرده من السلطة
المقدسة التي يدعيها لنفسه حين يزعم امتلاكه للحقيقة المطلقة الكاملة ،
ورغم استنكار الخطاب الديني لموقف رجال الكنسية في بدايات عصر يستنكره
نظريا ، وهذه نقطة سنعود لها في سياق هذه الفقرة بعد قليل .
إن رد
الظواهر كلها "طبيعية واجتماعية" إلى علة أولى أو مبدأ أول ، من شأنه أن
يقود بالضرورة إلى "الحاكمية" الإلهية بوصفها مقابلا ونقيضا لحاكمية البشر ،
وهكذا ترتبط هذه الآلية بمفهوم "الحاكمية" وهو أحد المنطلقات الأساسية في
الخطاب الديني ليساهما معاً في الهجوم على العلمانية ، أن العلمانية تنسجم
مع التفكير الغربي الذي ينظر إلى الله على أنه خلق العالم ثم تركه ،
فعلاقته به علاقة صانع الساعة بالساعة صنعها أول مره ثم تركها تدور بغير
حاجة إليه وهذا الفكر موروث من فلسفة اليونان وخاصة فلسفة أرسطو الذي لا
يدبر الإله عنده شيئاً من أمر العالم .. بخلاف نظرتنـا نحن المسلمين إلى
الله فهو خالق الخلق ومالك الملك ومدبر الأمر الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى
كل شيء عددا ووسعت رحمته كل شيء ورزقه كل حي ، لهذا أنزل الشرائع أحل
الحلال وحرم الحرام وقرض على عباده أن يلتزموا بما شرع ويحكموا بما أنزل
وإلا كفروا وظلموا وفسقوا . وليس مهما هنا أن يكون مثال "الساعة وصانعها"
معبراً عما يسميه الكاتب "التفكير الغربي" كله فالدقة العلمية ليست مطلباً
في الخطاب الديني بل المهم هو ما يحمله الوصف "غربي" من دلالات وإيحاءات
"بغيضة" في واقع عانى – وما زال يعاني – من سيطرة الاستعمار الغربي
واستغلال حلفائه المحليين .. المهم – من منظور هذا الخطاب – مد سيطرته من
خلال تكريس مبدأ "الحاكمية" الذي يرد كل شيء إلى الله ويلغى فاعلية الإنسان
.
ولا يكتفي الخطاب الديني بتوظيف هذه الآلية لتكريس هذا المبدأ فحسب ،
بل يوظفها أيضاً في هجومه على كثير من اجتهادات العقل الإنساني في
محاولاته لتفسير الظواهر الطبيعية أو الاجتماعية وفهما ويتم ذلك باختزال كل
اجتهاد من هذه الاجتهادات ورده إلى فكرة واحدة تبدو ساذجة متهالكة في
تغيير الخطاب الديني عنها ، يتم اختزال "العلمانية" الأوربية في صفة واحدة
في مناهضة الدين ، أي أنها تتحول إلى حركة لا دينية مبدؤها الرئيسي وشغلها
الشاغل "فصل الدين عن الدولة" لكن الغريب في الخطاب الديني أن يتباكى على
ما حدث من تأصيل لهذا المبدأ في الوقع الأوربي رغم إدراكه الواضح لمسئولية
رجال الكنيسة بسبب مناهضتهم الدموية – باسم الدين والعقيدة – للعلم
والعلماء ، وبدلاً من أن يحاذر الخطاب الديني مقارفة نفس الخطيئة يضع نفسه
في خندق الكنيسة ذاته بمهاجمة العلمانية وتكفيرها بوصفها "ردة" رغم أن
العلمانية أبعد ما تكون عن التأصيل في واقع المجتمعات الإسلامية فإن الخطاب
الديني – في سعيه الدائم لمدة سيطرته ولتأييد الواقع الراهن – يتحدث عنها
بوصفها خطراً ماثلاً "المنكر يستعلن" والفساد يستشري ، والعلمانية تتحدث
بملء فيها ويحرص هذا الخطاب حرصا له دلالته ومغزاه على الربط بين العلمانية
المزعوم خطرها وبين الماركسية بعد أن يقوم باختزال هذه الأخيرة أيضا في
الإلحاد بل يتجاوز ذلك إلى الربط بين كليهما وبين الحركة الصهيونية فيضيف
"والماركسية تدعو إلى نفسها بلا خجل والصليبية تخطط وتعمل بلا وجل" وتصل
المبالغة إلى حد الزعم "أن عندنا الألف العلمانيين من أتباع ماركس وهيدجر
وسارتر قد تعلموا أن يسايروا كل ما يأتي من أوروبا .. إنهم يؤمنون بنظرية
المسايرة إيمانا قوياً" …
وليس هذا الخلط مما يعنينا مناقشته هنا بقدر
ما يعنينا الكشف عن توظيف آلية "رد الظواهر إلى مبدأ واحد" في الخطاب
الديني ، وقد ألمحنا إلى اختزال الماركسية في الإلحاد والمادية ، فليس
مهماً على الإطلاق في أي سياق ورد قول ماركس أن "الدين أفيون الشعوب" وليس
مهماً كذلك أن يكون هذا القول موجهاً إلى الفكر الديني والتأويل الرجعي
للدين ، لا إلى الدين ذاته ، بل المهم أن يؤدي هذا الاختزال غايته
الإيديولوجية ، وهكذا يؤكد الخطاب الديني – بمثل هذا التأويل والاختزال –
مقولة ماركس ، في حين أراد أن يدحضها ، وبالطريقة نفسها يتم اختزال
"الداروينية" في مقولة يصوغها الخطاب الديني بشكل منفر ، وهي "حيوانية
الإنسان" ويتم بالمثل اختزال "الفرويدية" في "وحل الجنس" يتحدث سيد قطب عن
تاريخ الفكر الأوربي ويرى أنه بدأ ثورته على الكنيسة وعلى التصورات الكنيسة
بـ"تأليه العقل" – لاحظ الصياغة – ثم انتهى عصر التنوير بانتهاء القرن
الثامن عشر ، وابتدأ القرن التاسع عشر بضربة قاصمة التي تنشئ هذا العقل ،
وهي التي تطبـع في حس الإنسان ما تراه ، بذلك تضاءل دور العقل وتضاءل معه
الإنسان ، لم يعد هذا الإنسان إله نفسه ولا إله شيء من الأشياء إنما أصبح
من مخاليق الطبيعة ومن عبيد هذا الأله ثم جاء دوارين بحيوانية الإنسان ثم
تمت الضربة القاضية على يد فرويد من جانب وكارل ماركس من الجانب الآخر
الأول يرد دوافع الإنسان كلها إلى الميول الجنسية وبصورة غارقاً في وجل
الجنس إلى الأذقان والثاني يرد تطورات التاريخ كلها إلى الاقتصاد ويصور
الإنسان مخلوقا ضيئلاً سلبياً ، لا حول ولا قوة أمام إله الاقتصاد بل اله
أداة الإنتاج .
ليس مهماً أيضاً في سياق الخطاب الديني إهدار مبدأ
الجدل الذي يعد من أسس الفكر الماركسي ومن أولياته ، وليس مهماً دعواه أنه
فكر يهدف إلى تغيير العالم – لا مجرد تفسيره – بتغيير الإنسان بوصفه أداة
التغيير والفاعل في التاريخ والواقع فالخطاب الديني لا يستهدف الوعي بقدر
ما يهدف إلى التشويش الإيديولوجي وقد حاول الخطاب الديني مؤخراً أن ينفي عن
هجومه على العلمانية معاداة العلم والمعرفة العقلية فلجأ إلى حيلة
"تكتيكية" كشفت – عكس المراد منها – عن تهافت هذا الخطاب وتناقض مقولاته
ومنطلقاته لجأ بعضهم إلى إعادة اختزال الحركة عن طريق ترجمة المصطلح الدال
عليها إلى الدنيوية بدلاً من العلمانية غافلاً عن أن مثل هذا التوجيه يضع
الحركة الإسلامية المعاصرة في الجانب النقيض للمفهوم من الدنيوية وهو
الأخروية ، الأمر الذي يتناقض مع المنطلق الرئيسي لهذه الحركة والذي يذهب
إلى أن الإسلام "دين ودنيا" وهكذا نرى أن آلية رد الظواهر إلى مبدأ واحد
تكاد تكون آلية فاعلة في معظم جوانب الخطاب الديني ، وأنها آلية لا علاقة
لها بالشعور الديني الطبيعي والعادي وإن كانت تحاول الاستناد إليه لأهداف
إيديولوجية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

تفكيك بنية الخطاب الدينى/ البورد (قريش) نموذجا :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

تفكيك بنية الخطاب الدينى/ البورد (قريش) نموذجا

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  السوبر طائفية : تفكيك الحداثة و الأصولية و الإرهاب بقلم حسن عجمي « في: 04:09 25/09/2011 » السوبر طائفية : تفكيك الحداثة و الأصولية و الإرهاب
» عرض كتاب "الآداب السلطانية: دراسة في بنية وثوابت الخطاب السياسي"
» علي الحسن أوعبيشة 0inPartager Share on Thumblr إن الهدف الأساسي من هذه الورقة ليس هو البحث في مشروعية الخطاب الوهابي أو العكس، وليس سعيا لإدراك معالم هذا الخطاب أو استكناه خصائصه ومميزاته، إنها لا تجيب عن سؤال ماهي داعش؟ أو ما هو الخطاب الوهابي؟ بقدر ما
» الإسلاميات التطبيقية وتحليل الخطاب الديني: حفريات تأويلية في آليات تحليل الخطاب الديني عند محمد أركون
»  تفكيك المنظومة الشمولية تفكيك المنظومة الشمولية زهير الخويلدي

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: