** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 حبة ليمون خضراء تسقط على سقف الثلج المتوكل طه (فلسطين)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الكرخ
فريق العمـــــل *****
الكرخ


عدد الرسائل : 964

الموقع : الكرخ
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

حبة ليمون خضراء تسقط على سقف الثلج  المتوكل طه (فلسطين) Empty
17102011
مُساهمةحبة ليمون خضراء تسقط على سقف الثلج المتوكل طه (فلسطين)






حبة ليمون خضراء تسقط على سقف الثلج  المتوكل طه (فلسطين) Almotawakel_tahaالدم
زاجرٌ زاجلٌ مخاتل، مَسَّ الغزالةَ فتوهّجت، وأغراه المتكوّر فتقاطر
شهداً، وانحنى على الصخرة، فحفظ التلاميذُ دروسَ النسيان. هو السيّد
المحفوظ في الحديد والسَّهَر، وقهوة العروس المُصابة بالإغماء. عقربُ الحرب
وأقدامُ العرْش، وزغبُ أنثى الوشق. نـَفـَسُ الساحرات، وجرأةُ الناي
وهدايا النحلة. دمعةُ البرتقالة وإشارةُ الجُلـّنار وعُرْفُ الصيّاح
المختال.
والدم قيدُ الحرية وبكارةُ العاصفة وصوتُ القـُرآن المكتوب.
أمشاطُ النخلة وعنادُ الغروب وخريفُ الحور الماطر. سيفُ العاهل البارد،
وسنانُ البدوي الأمير، وضحكة زوجته البرمكية. كهرمانُ العجوز، وصرّةُ
الغريب، ونبضُ الحرير المنساب، فتيلُ سراج القرية، وعطرُ الفجر المشهود،
وما تركته الأفعى على صخرة الثأر. أيقونةُ النار وتلويحةُ المُهر وثوبُ
الضبع الوحيد. والدم تلبيةُ المتبتّل، وهمس الغنوصيّ السّريّ، ووجهُ
النـُّحاس الفقير. هو قلبٌ وهلالٌ وما شئت من التراب. وهو بُراقي إلى نبيذي
الحامض وسنابلي المهروسة، وتاجي وأنا أصارع الهزيمة، وقد بلغ الصليبُ
الـُجلجلة! وهو حجري القرمطيّ وأذاني للقوافل.

والدم ذريعةُ الحاسد وموجاتهُ الطّامة. يتيمٌ، ثمينٌ، يصلح لأنْ يلمع
للآخرين ويظل جائعاً كفأس العبيد. زاهدٌ حاكمٌ يُغري جامعي الحياة ليصلوا
مُثقلين إلى شفرات اللحد المُقفرة. ولا شأن لي بهذا الرقراق الذي كانت روحه
مخبّأة في الوردة السوداء، وحين قبّلتها، انطبعت حَلَماتٍ وزبيباً. سأرميه
إلى مخلب مهمازي وللنار المُرابيةِ الغيورة، ولن يتم خلاصي من دون وأده في
النجمة الجاهلية، حتى تشفّ النداءات في البراري، وتعود المواقد في أجنحة
الفينيق. وسأركب هذا الدرج الساطع وأعتلي منصّة السبيكة، وأنظر من عينيْ
زرقاء اليمامة لأرى أدغال سبارتاكوس تدفّ من بعيد، أحضنه، فيبتلّ قميصي
بالكرز، وأرجع إلى البيت، إلى أن تقول الجارةُ لامرأتي: ما هذا الشجر
الماشي؟ ألا يكفيكم بلوّراً لتصدّوا الظلّ الداكن! يكفي، غطّتنا العتمة.

*

قطراتُ الجمرة تحت البحر تتضور منذ الأزل المُبْهم، هي نطفة السلطان
المخلوع، ليبقى على سرج الهتاف وسنابك النصر المثخن بالسباع الصرعى. رآها
النسر فهوى مثل السهم النيزك، وبمنقاره الفدائي فثأ اللؤلؤة المحظوظة،
فصعدت حتى بلغت السطح المجعّد، وكنتُ أطيش على زجاجي الرخو، فانسربت حتى
دخلت الإبرة إلى نخاعي. فما بالي أحمل هذي الذّرات المصبوبة، كأنها الدم
الملكيّ الذي يتوجني ابنَ رسولٍ لم يدرك رفعته النبوية؟

*

خذلتني التعويذةُ، كانت خضراء، كغطاء قبور الأولياء، وأرادتها العينُ
زرقاءَ كآفاق الفجر، ويا خُسران الرمّان! دم الأرض وقنديل الجنّة، فقد
فـَقـَدَ الصولجان ذهَبَهُ الخالص، وخرجت من عصاه روحُ المحارب، وانتصر
رجال المستنقعات.

*

والمرأةُ، مَنْ كانت تتغيّا الليل المُفـْرد، لِتَعُبَّ هواء الأضواء
وغبش الرنّام، وتنزلق على أرجوحة الحرّيف... جَفّ حلقها مرارةً، وانكمش
الأرنب الصغير على فراء الحسرة.

*

والولد اللاهث هرباً من خوذات الدببة دلف إلى بيتٍ يقيه الموت، فكانت
زليخة التي أجلسته مع وحدتها العطشى، وهدّأت من رعشته انتظاراً لرعشات
أعلى، وعادت إليه كما ولدتها السماء، لكنه خاف فهرب غير آبهٍ بالحوت
الحديدي الساحق.

*

وتذكّر أُخرى؛ كان يحمل إليها بعض عصارات الجبل العابق، ودخل إلى صحن
النوم، فكان شفيفاً مزنّراً، كأنه يعدّها للنزول إلى البحر، وأطبقت عليه،
كان صغيراً، لم يبلغ أنفه أعلى من نهر النهدين، واعتصرته، وما فتئت رائحة
السوسن هنا في الرأس.

*

كم كنتَ جاهلاً غريراً أيها الظمآن الأعمى! ويا ليت تلك النداوة ترجع، ويعود الطفل البريء بوعي الذئب إلى النعناع.

*

غزالة حامل بأجنّتها تقطع الدرّب إلى شجرها، فتضربها مركبةُ الجيش،
فتطير الغزالةُ وتسّاقط حبّاتُ رحْمها المدمّاة، وتتدحرج بعيداً مشقوقة
البطن، والفوران الأحمرُ يتدفّق، والزغب مهروس تحت العجلات!
جاء الفلاّحون من القرى المجاورة، ولمّوا أشلاء الغزالة، وجمعوا معها الأجنّة المسحوقة، وأقاموا عليها الصلاة!
يقولون: نبعٌ من عصافير مضيئة يتدفق عالياً كنافورة من شذرات لامعة ترسم شكل قلب مكان ارتطام الحديد مع أمّ الصغار.
ويقولون: ناي يعلو كالغبش أو الغلالة يتكوّر كبطن الحامل وينفجر رذاذاً بلّورياً، حيث انسحقت الشمسُ مع نجومها التي لم ترَ النور.
ويقولون: بكاء خفيف يصدر عن الحجارة والأغصان وجذوع الشجر وأنامل العشب وتبر التراب في فضاء استشهاد الحامل الصعب.
ويقولون: إن جمرات بيضاء تنبض في الليل، كلما وسوست العتمة وادلَهمَّ الليل، فتخرج الطيور من أعشاشها تؤنس وحدة البياض الشجاع.
ويقولون:
ما فتئت قطرات ندى بطنها المخمليّ ترهج كالذهب على جنبات الطريق، وإن
الشجن يعلو كلما عصفت الرياح، أو مرّت العجلات القاتلة.
وقالوا: إن الغزال المكحّل الذي فَقدَ غزالته المدهومة قد تحزَّمَ بالإثمد، وجنّحت شظاياه على بُعد وردة من الحاجز المنعوف.

*

جريء كالموسيقى هذا الطفل، ومجنونة كالزلازل تلك العانس، والمسرح يعجّ بأقنعة المُشاة المدججين بالهمس.

*

كيف يكون طعم دمها هذه التفاحة الجدارية، التي تتكسّر عذوبةً وبرودةً
مثل حزوز الحَبّ الساحليّ بين أسناني؟ أنا كائن المغارة الغامض، الذي صار
تمثالاً من ماء ممسوس.

*

أوقفه الحاجز، كانوا مستنفرين كالطوفان، وبعد أن أتمّوا حفلة الذّل
والتفتيش والتنبيش عن الهواء، قالوا لامرأته أن تخلع كل ملابسها، فثمة وطن
سينفجر في بطنها، وارتفع الصراخ الوحشي المجنون، وانغلق العقل ـ سيعرّونها
غـَصْباً ـ... وبعد دقائق كان دمه يشق جداول نحو الشجر اليابس على حافة
المجنزرات، وامرأة تستلقي دون ثياب!

*

مثلما تركتم أجسادَكم للرصاصِ أيها الفارهونَ الذين أخطأَتْهم صُدفةُ
الضرورةِ ـ وكان ذلك في حُلمٍ مصنوعٍ من جلودِ العبيد ـ اتركوا باقةَ
الوردِ البسيطةِ وغربالَ البكاءِ الناشفِ، وخلّوا الوعلَ ينزُو قبل أن
تصطادَهُ الأنفاسُ، فقد كان الطريدةَ والصّيادَ. وهو نحنُ المُسرنمون
الشهودُ على الصفقةِ. واتركوا الرأسين العاشقين ليأتيَ صوتُ البحرِ العارم!
ومثلما تركتُم المقصلةَ صَدِئَةً لِغَلبةِ الخَرسِ وهدوءِ التأويلِ
وألعابِ النساءِ المستريحاتِ.. اتركونا في وديانِ الجنونِ البريئة.
فالحقيقة ما تُريدون سَمَاعهُ عن النارِ أو الانكسارِ.. بعد أنْ خاتلتم
البرَّ والَفرَسَ، ووأدتم الأغنيةَ، وتركتمونا ننتظرُ مواقيتَ موتنا ونخيطُ
أكفاننَا بأقلامنا في أزمانِ اللّهو والحليب القليل، وجعلتمونا آباءً
لأطفالٍ يستثمِرون ويرقصون على موتِ ثوبِ الحكايةِ والحقل. والحقيقةُ أنكم
قبيلةُ الحداثةِ الميّتةِ التي لَبسِتْ قِناعَ قاتلها ولعبتْ أدوارَهُ
الُمفزعَةَ، في أرضِ كنعانِنا القَديمةِ، وأرضِ نبيّكم الجديدةِ، فنحنُ
الفائضون عن الحاجةِ.. الذين باعت أُمُّهمُ شَعرها وساقهم الطوفانُ إلى
عُنفٍ خائبٍ لم يحمل في أحشائه النبيَّ المنُتظَر. ولم تعرفوا أن الذي يقتل
فَرْدَاً عليه أن يحفر قبرين، فلماذا آثرتم الرايةَ النقيضةَ وذبحتُم
الصباحَ؟ وفي شرايين أبنائكم خريرُ النارِ ودفءُ الدم الذي جعلتموه مفارقةً
للذريعة الكابية! ولماذا.. وقد وضعتم إطارَ الطريقِ إلى الموتِ، لا
تتركونا نترنّحُ قليلاً، ونَصْرُخُ قليلاً، ونبكي كما لم تبكِ الآلهةُ
المذبوحُة من جِذْعِها فوقَ جُثَث أبنائِها؟ فاتركوناَ.. واتركونا نبكي على
الشجاعِ الذي لن تراه البيوت.

*

لم تتبدل عربات النحاس كثيراً، ولا الخيول أو الجنود، فلقد كانوا ينزلون
بسرعة خاطفة إلى الأسواق، يبعثرون الدكك الخشبية الصغيرة، والطاولات
الواطئة، فتقع عنها مِزَق الخضار والباقات وحبّات البيض والفاكهة، وكانت
النساء، بثياب الحقول، يرجعن باكيات دون قطع روميّة نقدية قليلة. ومنذ
أربعين، والجنود أنفسهم يهبطون بهراواتهم، فيركلون البسطات بالبساطير،
ويدعسون على إضمامات البصل الأخضر والجرجير، ويتدحرج التين والبرقوق، وتعود
النساء اللاطمات دون شواقل إلى البيوت المنذورة للهدم والتطـّرف..
والزوال.

*

عندما ابتنى ذلك النزل، أراد تأثيثه والانتقال إليه، فأضاء به وبأهله.
ونصَحوه أن يعلـّق لوحةً على فراغ الجدار، فتابع بائعي الأنتيكا والأثاث
المستعمل القديم الباذخ، وأعجبته لوحة الفهد القابض بأنيابه على عنق
الغزال، فعلّقها وسلـّط عليها الإضاءة المناسبة، وبعد ليالٍ كان الدرج
وأبواب الغرف تسمع خطوات فراء مَرِن وخفيف، وثمة مَنْ يمرق ويهفّ الهواء
كأطفال العاصفة.

*

الفتاة التي تلف ليل المخيم الماطر حافيةً رثّةً شعثاء تسير على زجاج
البكاء، والناس يغلقون أبوابهم المهترئة على الزنك الخايخ المتهالك، ولا
يعرفون لها أصلاً!
لكن مسيرها يشبه صوت البوم، فيتشاءم الرجال، وتضرب النساء كفاً بكفٍّ، ويتمنين لها الموت.
والفتى
الطازج الأشقر الذي يغطـّي النمش وجهه ما زال يأتي أيام الأعياد، وينفخ في
الساكسفون حتى يسكت الناس، وتخشع الطرقات الضيقة، ولا يعرفون له أصلاً!
لكن
الفتاة والفتى لقيطان في ملجأ المدينة القريبة، وكلاهما وُجد ملفـّعاً بدم
المخاض، وَمُعَلـَّقاً على صدره كوز صنوبر، وتحنو عليهما الراهبة الصهباء
التي شربت المناقيرُ من ماء وجهها، فامتلأ بما يشبه النـمَش الغامق!

*

إذا شككتَ في النبوءة، فاخرج إلى السّحر العميق، إلى فضاء الله المفتوح
على الذّرى والجبال والوديان، سترى الشجر على شكل طواويس وحيوانات أليفة
وأطفال لهم وجوه الجلّنار، وعيون النرجس، وشفاه النوّار، ورمش الزفير
الغامق، وأنف البلح، وشَعر أعشاش الملائكة الصغار، وسترى الأفاعي أسيفة وقد
تحوّلت إلى قنوات مياه صافية، والفراشات نجوم تنبض بوهجها كالأزرار
الثلجية، وستلاقي على الطاولات الحجرية الجراء والشنّار تُصَلّي مفتوحةَ
الأجفان دون توقفٍ أو ملل! وستجد الكلب على أبواب السفح يستعدّ لمعركته
الفاصلة ليمنع الضواري من الانقضاض ببراثنها العفنة على «العبورة» الغضّة،
عندها ستجد الفرس بكامل زينتها وسرجها الوضّاء، تحملك إلى هناك، حيث يُطلّ
النبيّ بكلمات النخل والماء.

*

يدهمُ الجنودُ حوش البيت الريفي، ويتدفقون، ويقتحمون الغُرف والمطبخ والحمامات والمخزن، ولا أحد!
كانت المرأة مع ابنتها الطفلة، وأكدت لهم أنه لم يأتِ إلى البيت منذ شهور، اذهبوا وابحثوا عنه.
لمعت
الفكرة في ذهن الضابط؛ أحضَرَ الفتاة، ووضع باطن يديها على زهرات الأسلاك
الشائكة، واحتضنها بكفيه، وراح يعصر على الأصابع الصغيرة، والأرضُ تصرخ..
تصرخ.. تصرخ، والعندمُ ينقط.. ينقط.. ينقط.
وما زال الحنّاءُ الناريُّ على الأسلاك.

*

لا تفتحي الشبّاك يا ابنتي، فقد وصل البحرُ إلى أعناق الغيم، وَدَعينا
ندخل غرفتنا الخشبية، لعلنا إن لم ندفع النوء نقيم سفينتنا النوحيّة،
ونضــع كل مجــسّمات المخلوقات لكي لا تفنى.
سنطيش أياماً وشهوراً، ونسيرُ إلى الجبل العالي، فهناك يقول الطيرُ: سآتي أحمـل غُصن الزيتون، وَأُخْبركم برحيل الماء.
وتذكَّري! ثمة مَنْ رفضَ الدعوةَ وأحبَّ الزُرقة حتى مات!
وأنا أُحب الفتاة التي تضع المحيط لوناً على أظافرها، وتبقى مثل زهرةٍ في الأرض المدمّرة.
حبّة ليمونة خضراء تسقط على سقف الثلج فتفخته، وتسقط الليمونة إلى قعر البحر، فيصبح الماء أخضر مثل نيسان.

*

أحلم أنْ ينشقّ المشهُد فأرى النمَر الغرنوق قد عاد مع جرائه إلى الجبل، وأهتف من قحف رأسي: انتصرنا!
وأحلم، وتكون الأشجار بألف خير.

*

تكاد غُنّة الحجل أن تنقرض، فالأسلاك تشوّش شبوب الميجنا وغرغرة النرجس
وانخطاف الحَبّة المأنوسة، بل صار الطير خائفاً في ملكوته، وسُلطانة قوس
قزح دون عش في سماء تتقادح بالأباتشي والجنود. والوارف الخرنوبي في صهد
القتاد يريدونه خائراً دون معازفه، لكن خوابيه المعتّقة فوحان أبيض،
والموسم على الأبواب، رغم السفوّد والكيّ والصيحات.

*

الشراب الممزوج بالتوابل اللاذعة له نكهة العانة المُثارة بحريف الأمنية المستحيلة.

*

الساحرُ الذي سكب عمله الخبيث في بئر ماء البلدة أنسى الناس حكايتهم الأثيرة، وصارت حروفُهم لغةً للعار واللعنة!

*

البرقُ الذي ضرب الناحية، ليلة البارحة، كان يافعاً وباهراً، وقد جعل التمثال ينكث بوعده، ويفشي أسرار ما رأى!

*

المزمارُ هواءٌ نبيذيّ يضمّخ روحَ الحصان وأعوادَ القصب، ويشرّع بوابات
الوجدان للسّحر والتفتّح والخَدَر، والمزمارُ ابن الآلهة الأثير، الذي أحبّ
أن يظلّ سابحاً في الأوردة، عابقاً في الرأس، حتى الوسن والشرود والغياب.
ومع المزمار يبدو كل شيء مطهماً، وذاهباً إلى الامتلاء والصعود والتمدّد
والإشراق.. إلاّ منْ كان قلبه فارغاً أو كان ميتاً!

*

يرى في ما يرى النائم أنها تنشب أصابعَها في ظهره، وتحكّ ساقيها بساقيه،
وتلعق بطنَه، وتقرص حلمتيه، وتشرب الرجلَ المشرئب.. حتى الانكماش!
وعندما يصحو يجد آثار كل ذلك على بدنه؛ الخدوشَ والاحمرارَ واللّعابَ الذي جفّ والتصق.

*

شجرة تحترق، تحتها امرأةٌ عارية، يتمطّى فوقها رجلٌ عارٍ يَرهَز!
والغرابُ على شجرة مقابلة!

*

تتدلى من السماء مربوطاً بأخمص قدميك، وتحتك صحنُ جمرٍ بحجم المدينة،
يتوهّج! تجفّ، تحترق، تتفحّم، تترمّد، تذروك الرياح.. دون أن تشكّل أثراً
فوق الجمر.

*

تُروّض النارَ والعناصر، وتفهم لغةَ الطير والحيوان، وتجعل من الفقير
مسنّاً للسكاكين، وتمشي على الماء حتى تبلغ الوحش اليابس، فيبتلعك كأنه
تنّين محيط.

*

الأخطاءُ صوابُ الدنيا.

*

وأنت تنفخ في المواقد، لينصهر الحديد، تتذكّر النحيب والتأوّه والانفلات.. والشفتين اللتين تخمشان الهواء.

*

تُذكّرني إبرة الوشم بأول مرّة أُساق فيها إلى المعتقل، كان السرير
الأبيض طائشاً في الغيم، والفتاة تركض تتلفـّت خلفها هرباً من ذي النابْين
والدم المتساقط على الذراع.
توقـّف الكابوس، ولمّا أخذوني ثانية ورابعة
وعاشرة... كنتُ لا أنام حتى يغلبني النعاس أو التعب، لكن كفّي اليمنى كانت
تمسك بذراعي اليسرى، وثمة خيالات وصدى يقلقني.

*

أنا محاربٌ وأنتَ قاتل،
وكلانا يعرفُ معنى الموتِ،
لكنّ واحداً منّا يعرفُ معنى الحياة

*

الريح اللعوبة تتوقف عندما يحلو لها

*

تدخل الزنزانة خائفاً مرتعداً مرتبكاً، تحاول أن تجمع ذاتك، وتندس في
العتمة زائغاً، تكاد تتكوم انهياراً، وشيئاً فشيئاً تتّضح الجدران، فترى
كلماتٍ حَفَرها المعتقلون بأظفارهم، أو كتبوها بدمائهم، تتملاها، وتقرأها
ألف مرّة، وتراها ملء العينين تطير وتدخل قلبك، وتنطبع هناك في سويداء
الوجدان، فتتماسك وتنهض مثل حصان أسطوري، وتدق برمانةِ كفِّك كلَّ الأبواب
الصلدة، وتنفر دماؤك، وتخطّ بإصبعك المغموسِ النهايةَ المُتَوقَّعة.

*

عندما ينادي الغريب يصدعُ الصمتُ بالنداء، ويكرزُ الحنين في الخشب، فتخضرُّ السلالم، وتبتلّ الخطوات بالندى، ويصير الوقت ودوداً.
وعندما ينادي القريب تجنح المذابح إلى شفراتها، لتشحذها من جديد، ويبدأ الهراء.
وعندما تنادي البكارة يكون العصفورُ قد شخب على المقصلة، وانطلق من جديد، لكن المقصلة تثلـّمت، ودخلت في بهاء العبودية المتوالد.
وعندما تنطفئ النار فإن دخانها يُعشي العيون.
وعندما ينادي الإحباط لتكون الكآبة، تفتح البيداء ساقيها لنورس البحر، فتحمل بالثلوج، ويبدأ الكرنفال.

*

للجنرال قرنا ثورٍ صلب، ينطح بهما ظهر الشيخ السبع المجروح، فتتناثر
المهج وقطع النجيع من ظهره، فتصبح البسيطة سجادة ورد قانٍ، ويواصل الثور
دكّاته المالعة، فيتوقف الشيخ، ويصعد بظهره، ويعبّ هواء الدنيا، ويرفع عصاه
بيمينه، ويدقـّها في الأرض غضباً وإعلاناً للخلاص، فتنغرز في التراب
وتخضرّ، وتتفصّد براعم، وتكبر، وتهيج، وتصبح شجرة كونية، وتتوالد...
حتى تغطي الغابةُ كل الأشياء.

*

عارية، كما ولدتها السماء، على حصان عارٍ يفيض بعرقه! وتتوازى خصلاتها
المشدودة بالريح إلى الوراء بأعراف الحصان المشدودة بالريح إلى بطنها،
والمشهد مشحون بطاقة الألوان الجامحة!
ألفريده يلنيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

حبة ليمون خضراء تسقط على سقف الثلج المتوكل طه (فلسطين) :: تعاليق

هشام مزيان
رد: حبة ليمون خضراء تسقط على سقف الثلج المتوكل طه (فلسطين)
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 02, 2011 12:25 pm من طرف هشام مزيان
ةُ الجُلـّنار وعُرْفُ الصيّاح
المختال.
والدم قيدُ الحرية وبكارةُ العاصفة وصوتُ القـُرآن المكتوب.
أمشاطُ النخلة وعنادُ الغروب وخريفُ الحور الماطر. سيفُ العاهل البارد،
وسنانُ البدوي الأمير، وضحكة زوجته البرمكية. كهرمانُ العجوز، وصرّةُ
الغريب، ونبضُ الحرير المنساب، فتيلُ سراج القرية، وعطرُ الفجر المشهود،
وما تركته الأفعى على صخرة الثأر. أيقونةُ النار وتلويحةُ المُهر وثوبُ
الضبع الوحيد. والدم تلبيةُ المتبتّل، وهمس الغنوصيّ السّريّ، ووجهُ
النـُّحاس الفقير. هو قلبٌ وهلالٌ وما شئت من التراب. وهو بُراقي إلى نبيذي
الحامض وسنابلي المهروسة، وتاجي وأنا أصارع الهزيمة، وقد بلغ الصليبُ
الـُجلجلة! وهو حجري القرمطيّ وأذاني للقوافل.

والدم ذريعةُ الحاسد وموجاتهُ ال
 

حبة ليمون خضراء تسقط على سقف الثلج المتوكل طه (فلسطين)

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
انتقل الى: