حتى الدعاء لم يكن كافيا لانقاذ «جنرال موتورز»
لماذا تخفق الشركات؟ في حواره مع الصحافيين
والمسؤولين في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2010، قال الرئيس الأميركي
باراك أوباما، إن صناعة السيارات الأميركية تشهد حاليا نهضة جديدة، وهي
الصناعة التي كانت تمثل رمزا لفخر الصناعة الأميركية لقرون عدة، كما أنها
الصناعة التي ساعدت على بناء الطبقة الوسطى.
الشركات لا تحتاج الا لربان واحد.. وإلا غرقت
حديث أوباما جاء في اليوم التالي لطرح شركة «جنرال موتورز» للاكتتاب العام، الذي حصلت فيه على أعلى اكتتاب في التاريخ الأميركي.
فقد باعت «جنرال موتروز» 478 مليون من الأسهم العادية بسعر 33 دولارا
للسهم، بالإضافة إلى قدر كبير من الأسهم المميزة بإجمالي 20.1 مليار دولار.
وفيما لم يغط الاكتتاب العام نفسه مجمل الاستثمار الحكومي في «جنرال
موتورز» في أعقاب الانهيار (نحو 50 مليار دولار)، أصبح السداد الكامل
للمبلغ يبدو ممكنا، إذا ما ارتفع سعر الأسهم بالقدر الكافي، وهو ما سيسمح
للحكومة ببيع حصتها المتبقية بسعر أفضل. والأهم من ذلك، وفقا لأحد المحللين
المعتدلين، فإن البنية الأساسية للتكلفة، وتقديم عقود أكثر مرونة لأعضاء
النقابات، والتغيير الإداري الذي سبق الاكتتاب العام الأولي سمح لشركة
«جنرال موتورز» بأن تتخلص أخيرا من إرثها الذي امتد لعقود من المعارك
المزعجة مع العمال والسيارات الأقل من المتوسطة المستهلكة للوقود.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، أي بعد عام تقريبا، راجعت وزارة الخزانة
تقديراتها لخسارة الحكومة المحتملة والتي من المرجح أن ترتفع من 14.3
مليار إلى 23.6 مليار دولار أميركي. وحتى لحظة كتابة ذلك المقال، كان سعر
سهم «جنرال موتورز» يتراوح حول 20 دولارا للسهم. فقد تأثرت الشركة
بالتقارير التي أفادت بأن بطاريات سيارتها الكهربائية الهجينة الجديدة
المثيرة للاهتمام كانت، لسوء الحظ، عرضة للاشتعال. وفي الوقت نفسه، فإن
مبيعات «شيفي كروز»، التي كان من المفترض أن تقضي على سيارة «الكورولا»،
تتراجع بعد ظهورها الأولي القوي.
كل ذلك على الرغم من أن أكبر المنافسين اليابانيين كانوا متأثرين بتسونامي
والكارثة النووية. وكان صحافيو المال والأعمال دائما ما يمزحون قائلين إن
شركة متعثرة لا يمكن أن ينقذها إلا الدعاء، ولكن في حالة سعر سهم «جنرال
موتورز» لم يكن حتى ذلك كافيا.
لحظة تحولبيد أن هذه الأمور تثير الأسئلة التالية: هل تم بالفعل إنقاذ الشركة؟ هل
وصلت الشركة بالفعل إلى مرحلة التحول؟ أم هل كان ذلك مجرد لحظة تحول مؤقتة
في مسيرة الشركة نحو نهايتها؟
تقدم السوابق التاريخية أسبابا قوية للقلق حيال استمرار «جنرال موتورز» في
التراجع. فعلى الرغم من أن المعلقين التقليديين عادة ما ينظرون إلى تاريخ
الشركة باعتباره تراجعا مستمرا عن النجاح المدوي في الستينيات، وصولا إلى
كارثة 2008، كانت هناك لحظات عدة بدا فيها وكأن «جنرال موتورز» ـ وديترويت
بشكل عام قد أصلحت مسارها. ففي عام 1994، وفي واحدة من تلك اللحظات، نشر
الصحافي بول إنغراسيا كتابا بعنوان «العودة: انهيار صناعة السيارات
الأميركية وصحوتها». وفي كتابه الذي نشر عام 2010 «الاتجاه صوب الانهيار»
كان الكاتب يبدو أكبر سنا وأكثر حكمة: خلال الثمانينات والتسعينات، في كل
مرة كانت الشركات الكبرى الثلاث (فورد، وجنرال موتورز، وكرايسلر)، و«اتحاد
العمال الأميركيين» يعودان فيها إلى التعافي، كانا يستسلمان للغرور،
وينزلقان إلى عاداتهما السيئة القديمة. فكان الأمر يبدو وكأنه دائرة مقدسة
من الندم، والإصلاح، ثم الانحراف عن ضالة الصواب وهكذا دواليك، حيث كانت
ديترويت دائما ما يغويها تراكم فوائض الشركات وتجاوز الاتحاد.
وبلغت تلك الدائرة ذروتها في بداية الألفية الجديدة، عندما تراجعت الشركات
الكبرى الثلاث بعد الأرباح القياسية إلى الخسائرالمخيفة في خمسة أعوام فقط.
ميغان ماكاردل
خلال العقود القليلة الماضية، اتضح أن قدرة «جنرال موتورز» على مقاومة
التغيير فائقة للغاية. فلماذا تنتظر الشركة وقتا طويلا ولا تفعل سوى القليل
ـ ليس مرة واحدة، ولكن مرارا وتكرارا- حتى تسقط في النهاية في فخ الإفلاس؟
وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبلها؟ تتجاوز تلك الأسئلة الحديث فقط حول
شركة «جنرال موتورز»، التي ليست وحدها في ذلك الإطار. فلماذا تقبع الشركات
الكبرى الثلاث وهي تشاهد «نتفليكس» تدمر أعمالها؟ لماذا تركت «كوداك»
الكاميرات الرقمية تدفع الشركة التي كانت من قبل عملاقا صناعيا إلى شركة
مفلسة؟
اسأل جيف ستيبل، وهو سيقدم لك الإجابة التالية: لأن ذلك ما تفعله الشركات
المتعثرة. ستيبل الذي كان من قبل من خبراء الإدراك العقلي ببرنامج الخريجين
ببراون، هو الآن من رجال الأعمال الكبار الذين أحدثوا تحولات كبرى في
«Web.com»، وشركة «دون أند برادستريت للمصداقية». فقد أخبرني: «عندما يعتاد
العقل البشري على فعل شيء ما، يصبح تغييره أمرا صعبا للغاية». وإذا ما
أضفت إلى ذلك العوامل الديناميكية للمجموعة، يصبح الأمر أكثر صعوبة. فيجب
ألا تكون عالما نفسيا لكي تدرك أن الناس تقاوم التغيير.. ومع ذلك فحتى إذا
علمت ذلك، سوف تندهش من عدد الشركات التي تندفع نحو الكوارث المحتملة بسرعة
فائقة. ويعد تاريخ «جنرال موتورز» هو القاعدة إلى حد كبير وليس الاستثناء.
قبل سنوات، استمعت إلى مؤتمر هاتفي لرئيس إحدى شركات التكنولوجيا الحيوية
الذي أجرى تصفية للتدفقات النقدية من كافة براءات الاختراع ولم يعد لديه
شيء متبقٍ وكان يستهلك النقد بسرعة فائقة.
ومع ذلك، استمر المدير التنفيذي للشركة في الحديث حول «مستقبلنا» وكأن
للشركة مستقبلا بخلاف التصفية. ومن الواضح أن محلل الأسهم الذي كان يهاتفني
لم يكن منزعجا على الإطلاق؛ فتلك هي الطريقة التي تتصرف بها عادة الشركات
في مثل تلك المواقف. فيبدو أن الإدارة والعاملين في الشركة لا يدركون
إخفاقهم. فهم ينتظرون طويلا قبل أن يتخذوا إجراءً، وحتى عندما يتخذون
إجراءً فإنه يكون في الغالب غير كافٍ.
ذلك العامل هو ما دفع العديد من الخبراء في «صناعة التحول» إلى القمة.
ويتفاوت هؤلاء الخبراء من تنفيذيين مثل ستيبل الذي يأتي ومعه فريق عمل
إداري كامل، إلى خبراء إدارة أكثر تقليدية. وهذه الصناعة كبيرة بما يكفي
لدعم مجالات واسعة ـ عبر حجم الشركة، عبر الصناعة، أو حتى عبر التقنية
(تخفيض النفقات، وبناء اسم الشركة). ويبدو أن الجميع يتفقون على شيء واحد:
معظم الشركات تستغرق وقتا طويلا حتى تقتنع أن لديها مشكلة.
حافة الكارثةيقول توماس كيم، خبير تحول الشركات بدنفر وموظف في رابطة إدارة تحول
الشركات: «عادة لا تقوم الشركة باستدعاء أحد، حتى تصبح على حافة الكارثة.
عندما يعجزون عن دفع الرواتب، أو تسديد القروض». ومن الواضح أنه إذا ما
انتظر الجميع حتى يصبح من الصعب السيطرة على الموقف، تتضاءل فرص تجنب
الكوارث الكبرى. من جهة أخرى، يقول مايكل بوينزو، المدير التنفيذي بالقطاع
المالي بالشركة ووحدة إعادة الهيكلة بشركة «في.تي.آي» للاستشارات إن الجانب
الآخر من المشكلة، هو أنه ما لم تكن الأزمة حادة؛ من الصعب أن تجعل أي شيء
يحدث. فيقول: «إذا ما استعانوا بنا قبل ظهور نذر الكارثة، لا يشعر
الموظفون في المنظمة بوجود إلحاح لذلك العمل».
ومع ذلك، لا يبدو أن فكرة اتجاه الناس نحو النهايات المحتومة فقط، لأنهم
يكرهون التغيير، كافية. فهؤلاء الناس يخسرون في النهاية وظائفهم وأموالهم.
وكما يحب الاقتصاديون أن يقولوا، فإن معظم الناس يكرهون المخاطرة ـ ولذلك
توافق النقابات على تخفيض الأجور من أجل الحفاظ على المعاشات ومزايا
الرعاية الصحية – وذلك هو السبب في أن الضمانات طويلة المدى تلقى رواجا
دائما. وتعج الشركات بهؤلاء الأشخاص الراغبين
في تجنب المخاطر. فلماذا إذن يرفضون دائما تغيير اتجاههم؟
أحد الاحتمالات هو أن هذه الشركات لا تتغير، لأن ذلك منغرس في حمضها النووي ـ وهو نفس الجين الذي أسفر من قبل عن نجاح العديد منهم.
في كتابهما الصادر في 1989، «علم البيئة التنظيمي» قال مايكل هنان وجون
فريمان إن البيئة تفرض فعليا على المنظمات ذلك النمط من الحركة «ونادرا ما
تغير خصائصها الهيكلية الأساسية». فالتغيير يحمل مخاطرة، نظرا لأنه وفقا
للتعريف يتضمن أن تفعل شيئا ليس قائما بالفعل ـ فحتى خطوط الإنتاج التي
أصبحت فاشلة، ما زالت تجذب بعض المستهلكين. كما أن الشركات التي تعمد إلى
التغيرات الكبرى تزيد فرص تعرضها للانهيار عبر الخيارات السيئة أكثر من
الشركات التي تنأى بنفسها عن التغيرات الكبرى.
والأهم من ذلك، فإن الحاجة إلى المساءلة والمصداقية في الاقتصاد الحديث
تتناقض مع التجارب الراديكالية المستمرة؛ حيث يحب الناس أن يتأكدوا من أن
بنوكهم لديها إجراءات راسخة وغير متغيرة لكي يتمكنوا من متابعة مدخراتهم
على سبيل المثال. فلنأخذ «ماكدونالدز» على سبيل المثال، الذي تجد منه فرعا
كبيرا في أي مكان تذهب إليه، فإن الطعام والديكورات سيكونان نفس الشيء في
كل مكان. أو فكر مثلا، إذا ما قررت شركة «كوكاكولا» تغيير مكونات مشروبها
التاريخي حتى إذا أظهرت اختبارات تذوق المشروب الجديد أن الناس يفضلون
المشروب الجديد، فكلما كانت الشركات أكبر وأقدم، كانت أكثر ميلا للاستقرار.
وهو نموذج مهم لتوضيح السبب في أن التجديد دائما ما يصاحب الشركات
الجديدة وليس الشركات الكبرى الرابحة التي لديها موازنات للبحث والتطوير.
كما أنه يساعد على تفسير السبب في أن العديد من الشركات في المواقف
التحولية تتأثر بخصائصها الجينية.
جنرال موتورز
فعلى سبيل المثال، وعدت «بلوكباستر» ـ وقدمت لمدة طويلة – المصداقية
والاستمرارية. فدائما ما كان المستهلكون يجدون أنفسهم على بعد دقائق من
المتجر البراق، النظيف، الفسيح مع وفرة من الاختيارات لأحدث الفيديوهات.
ولكن في النهاية، قضى ذلك التعهد بالثبات والاستمرارية على الشركة. فقد
بحثت «بلوكباستر» إمكانات السير مع التيار، وبحثت عن بعض الشراكات لكي
تستفيد منها، ولكنها كانت بطيئة في إجراء تغييرات على عملها الأساسي (في
أواخر أغسطس/ آب) 1999، كان هناك نحو 1000 متجر «بلوكباستر» فقط لديهم (دي
في دي). وفي الوقت نفسه، أسفر الالتزام بالاستمرارية عن أن تصبح الشركة
مدانة بدين هائل لكي تتمكن من استئجار كل تلك الأفرع الفاخرة. وعند مرحلة
ما، احتاجت الشركة إلى سبر أغوار المجهول. ولكن في الوقت الذي عزم فيه
مديروها أمرهم على المغامرة، كان الوقت قد نفد. فقد كانت خدمات استئجار
الـ(دي في دي) على شبكة الإنترنت التي قدمتها «بلوكباستر» في عام 2004
محدودة للغاية ومتأخرة للغاية.
وقد لخص توماس كيم مشكلة عدم مرونة الشركات بشكل أكثر وضوحا.. «هناك شركات
يكون أداؤها جيدا للغاية، ولكنها لديها خلل وظيفي. ثم يتغير السوق. في
الشركات التي نراها تصطدم بالحائط، مثلت ثقافة الشركات غير الفعالة تلك
مشكلة حقيقية».
علاقة سيئةكانت علاقات العمال بديترويت تمثل كارثة منذ بداية الاتحاد والذي كانت
سيئة في حالات واتسمت بالعنف في حالات أخرى (في «معركة المعبر الفوقي»
الشهيرة في 1937، حين هجم الحرس الأمني لشركة «فورد» على المتظاهرين أمام
أعين الصحافيين). وكانت النتيجة هي علاقة سيئة من العديد من النواحي، فقد
كان العاملون بشركة «جنرال موتورز» ينتمون لاتحاد العاملين بالسيارات أكثر
من انتمائهم لشركة «جنرال موتورز». وفي النهاية، أصبح الاتحاد على نحو ما
نوعا من الإدارة الخفية التي يجب أن توافق على كل قرار إنتاجي تتخذه الشركة
إذا ما كان له أي تأثير على حقوق العاملين.
وقد نجح ذلك النظام بالفعل خلال سنوات الازدهار. نظرا لأن منافسي شركة
«جنرال موتورز» كانوا ينتمون للاتحادات العمالية أيضا، وقد حافظت قوة
«العاملون بالسيارات الأميركية» على الأجور أكثر أو أقل قليلا من الشركات
الكبرى الثلاث، وساعدت على احتواء منافسات التكلفة التي ربما تكون قد أدت
إلى حروب الأسعار، وتخفيض الهوامش الربحية. وفي الوقت نفسه، لم يكن على
اتحاد العاملين بالسيارات الأميركية أبدا القلق بشأن أن تعرض باقات
المعاشات السخية الشركات الكبرى الثلاث لمشكلات جدية.
وعلى الرغم من أن الظروف قد تغيرت، لم يتغير التفكير، حيث كان الاتحاد
دائما ما يتصرف وكأنه طفيليات لا تنشغل بمقتل عائلها؛ حيث كانت تدعو
للإضرابات فيما كانت الشركة تحاول إنتاج سيارات صغيرة، وتطالب «جنرال
موتورز» بالاستمرار في تقديم رواتب كاملة للعمال الزائدين عن حاجتها على
الرغم من انخفاض حصتها في السوق. وبدلا من أن تحاول تغيير عواملها
الديناميكية، توخت الإدارة الحذر، مرارا وتكرارا، فوفقا لما يقوله إنغراسيا
فإن ذلك ربما يرجع إلى أن أي زيادة في الأجور سوف «تفتح الباب» أمام
الزيادات الأخرى، في الوقت الذي تتوق فيه «جنرال موتورز» للحفاظ على فوارق
في الرواتب بين الإدارة والعاملين بالساعة.
وقد أصبحت أيضا استراتيجية «جنرال موتورز»، التي ارتكزت أولا وأساسا حول
التوازن المطلق غير فاعلة مع الوقت، ومع ذلك لم تتحرك الشركة أبدا جديا
بعيدا عنها. فقد أنشأ المنافسون ماركات واضحة تعتمد على المصداقية الكاملة
أو النمط والأداء وأصبحوا يجتذبون المزيد من العملاء على مدار الوقت. ولكن
«جنرال موتورز» لم تستقر أبدا على الحال الذي ترغب في أن تصبح عليه بخلاف
أن تصبح عملاقة.
وحتى الثقافة غير الفعالة، التي كانت راسخة في وقت ما، تتسم بالبراعة
الكاملة في إعادة إنتاج نفسها. يقول غابرييل روزمان، خبير علم الاجتماع
بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس: «إذا ما أذعن القادمون الجدد إلى الأغلبية
أيا ما كان نوعها في وقت ظهورهم، وإذا ما دخل الجدد ببطء، تستطيع الثقافة
السائدة الهيمنة مع الوقت، حتى وإن أصبحت على المدى البعيد تمثل أقلية
محدودة.. ذلك هو السبب في أن الأميركيين يتحدثون الإنجليزية على الرغم من
أن معظمنا يتحدر من ألمانيا أو أوروبا. ويعرف ذلك في علم اللغة وعلم
الاجتماع باسم (تأثير المؤسس). وفي الشركات يعرف باسم (كيف كنا نقوم طوال
الوقت بالأمور)».
مما لا شك فيه أن ثقافة الشركات، على غرار غيرها من الثقافات الأخرى،
يمكن أن تتغير. ويعتقد إدوارد ندرماير من «TheTruthAboutCars.com» الذي كان
أحد المنتقدين بشراسة لـ«جنرال موتورز» أن هذه المرة ربما تكون مختلفة
حقا. فيقول: «أخيرا، يبدو أن الناس هناك واعون (بالعادات القديمة السيئة)
ويحاولون بشراسة أن يتجنبوها». (رغم أنه سرعان ما يشير إلى أن العادات
السيئة القديمة سرعان ما تعود).
الحفاظ على الاستمراريةويتفق ديفيد كول، من مركز أبحاث السيارات مع ذلك. لسبب واحد، وهو أنه من
الواضح أن اتحاد العاملين الأميركيين بالسيارات أصبح يعي أن الأمر يحتاج
إلى العمل النشط للحفاظ على استمرارية صناعة السيارات. وفي ظل انخفاض
عضويته إلى ربع ما كان عليه، أصبح الاتحاد الآن أسوأ من الشركات الكبرى
الثلاث. ومن ثم فإنه يركز على تقديم قوة عمل أكثر مرونة وبراعة. كما أنه
سمح بأن يتم الربط بين دفع أجور العاملين ومصير «جنرال موتورز».
فيقول كول: «أحد الأشياء التي لم يرغب فيها أبدا الاتحاد هي أن يصبح له
موقع مساهم في الشركة لأنهم لم يرغبوا أبدا في التفكير مثل المستثمرين.
ولكن مع برنامج العلاوات، أصبحوا في مركز المساهمين».
ولكن مع ذلك تبقى بعض الأسئلة.. الشكاوى المتناثرة حول أن الشركة «ترفع من
مبيعاتها المعلنة عبر الاتفاق مع بائعي التجزئة على شراء سيارات لا يرغبون
فيها»، بالإضافة إلى استمرار الاعتماد على حوافز مثل القروض منعدمة
الفوائد، وبالطبع تلك البطاريات المتفجرة. وللأسف، فإن ثقافة الشركات هي
مثل الصندوق الأسود؛ الذي لا يمكنك التكهن بما داخله، فيجب أن تنتظر حتى
ترى ما يحدث.
وما نستطيع قوله هو أن هذه المرة، سوف نكتشف بالفعل. فقد أصلحت «جنرال
موتورز» كل مشكلة يمكن الإشارة إليها: فبدلا من تكلفة السيارة التي تصل إلى
2000 دولار نظرا، إلى حد كبير إلى التكلفة الأساسية مثل الأجور ومزايا
التقاعد، أصبحت الشركة تتحكم في التكلفة.
كما أن المنتجات الثمانية التي فاقمت الميزانية وأساءت إلى العروض
القيمة لماركتها، تم تقليصها إلى أربعة. وتم إغلاق مراكز توزيع الباقية.
ما تبقى هو الثقافة. فمع كل شيء، إذا ما بدأت «جنرال موتورز» في فقدان
حصتها في السوق مرة أخرى، سوف نعرف أن الأمر يتجاوز الادخار. فلكي نعيد
صياغة النكتة القديمة: «ما عدد الخبراء الضروري لانجاح شركة كبرى؟ واحد فقط
ـ ولكن يجب أن تكون الشركة راغبة بالفعل في التغيير».
* خاص بـ”المجلة”
*ميغان ماكاردل من كبار المحررين في «أتلانتيك»
المحرّر الاقتصادييتابع
الشأن الاقتصادي ويرصد عالم المال والأعمال في الوطن العربي والعالم.
الاقتصاد عند المحرّر الاقتصادي ليس أرقاما وبيانات واحصاءات فقط بل
يتعداها الى ما راء تلك الأرقام وتبعاتها على الشعوب والدول.. وكل رقم يؤثر
في حياة انسان يصلح أن يكون مادة جديرة بالتحليل أو المتابعة.
More Posts مواضيع مشابهة
اقتصاد,
الأزمة المالية,
التجارة,
الشركات,
وول ستريت