منار اسليمي: الجزائر استعصت على الربيع الانتخابي الإسلامي
هسبريس – نورالدين لشهب
السبت 12 ماي 2012 - 08:15
اعتبر عبد الرحيم منار اسليمي، المحلل السياسي المغربي أن العنوان
السياسي الكبير الذي تقدمه نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية هو
"انتكاسة الأحزاب الإسلامية".
وأضاف اسليمي في اتصال هاتفي مع
"هسبريس" بالقول : "يبدو أن ربيع الإسلامي توقف عند حدود الجزائر
،فالجزائر استعصت على" الربيع الانتخابي الإسلامي " مقارنة مع تونس ومصر
والمغرب، وهي الدول التي عرفت وصول الإسلاميين إلى الحكم".
وقدم أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، مجموعة
من التفسيرات لنتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية سواء من مدخل انتكاسة
الإسلاميين أو من المدخل المعاكس المتمثل في فوز حزب جبهة التحرير الوطني كحزب تاريخي قريب من المؤسسة العسكرية.
من زاوية انتكاسة الإسلاميين في شخص تجمع الأحزاب الإسلامية المتمثلة في "تكتل الجزائر الخضراء" يرى اسليمي أن الأحزاب الإسلامية في الجزائر، خلال مرحلة الربيع العربي أو قبله، لم تكن حركة احتجاجية شبيهة بالنهضة في تونس أو العدالة والتنمية في المغرب (الاحتجاج في الفترة الفاصلة بين الانتخابات الجماعية لسنة 2009 والانتخابات التشريعية ل 25 يونيو 2011) أو حزب الحرية والعدالة في مصر النابع من جماعة الإخوان المسلمين، فالجزائريون ،وخاصة الشباب منهم ، تعرفوا على الإسلاميين الممثلين في جزء منهم لـ"تكتل الجزائر الخضراء" داخل مواقع الحكومة، وهم يقدمون خطابا وعملا سياسيا لا يختلف عن باقي المكونات الحزبية الأخرى.
وثاني التفسيرات، حسب رأي الباحث في الحياة السياسية بالمنطقة المغاربية، يتمثل في اعتقاد العديد من الجزائريين انه لا يوجد أي حزب إسلامي في الجزائر بعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي وقع حلها في مارس 1992، وهي قناعة تتقاسمها النخبة ورجل الشارع العادي في الجزائر، فـ "الجزائر لم تعرف أحزابا إسلامية منذ حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهي فكرة قوية تروج بين العديد من الجزائريين".
كما أن الجزائريين، وهنا التفسير الثالث، أن الجزائريين لا يزالون يفكرون في الانتخابات
التشريعية من داخل درس العشر سنوات الدموية من الحرب الأهلية التي عاشوها
نتيجة الوقائع المرتبطة بالانقلاب على نتائج الانتخابات في بداية التسعينيات. فسيكولوجية الفئات العمرية الوسطية، يضيف اسليمي في تصريح خاص لـ"هسبريس" "لازالت تحمل في ذاكرتها
هذه الأحداث،التي تم نقلها إلى الجيل الجديد، خاصة وأن المجتمع الجزائري
يجيد ظاهرة الحفاظ على الذاكرة ونقلها من جيل إلى جيل. لهذا فسيكولوجية
الناخب الجزائري ترفض التصويت العقابي أو التغيير الجدري للقوى السياسية
الحاكمة".
كما اعتبر اسليمي التصويت لحزب جبهة التحرير الوطني هو "نجاح للقادة التاريخيين في الجزائر
ولعبد العزيز بوتفليقة، فهذا الحزب طور ذاته بسرعة، وقد تابعنا كيف أن
عبد العزيز بلخادم من الجيل القديم يستعمل شبكة الفايسبوك للرد على ملاحظات
وأسئلة الشباب، فحزب جبهة التحرير الوطني استطاع الانفتاح على نخبة من
المرشحين الجدد".
ويُشار إلى أن معدلات المشاركة في الانتخابات
الجزائرية الأخيرة ارتفعت بالرغم من التخوفات التي سبقت الانتخابات، ناهيك
عن حصول تطور مقارنة مع انتخابات 2007 التي لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة 35 في المائة مقابل 42 في الانتخابات الحالية ،وان كان المثير للانتباه في هذه الانتخابات هو ارتفاع نسبة التمثيلية النسائية في البرلمان إلى 31 في المائة .
وعن سؤالنا حول تصريحات رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران
الذي سبق وأن صرح بضرورة وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم بالجزائر، وهو
التصريح الذي أغضب النخبة الجزائرية وأربك الدبلوماسية المغربية التي كان
يقودها وزير الخارجية سعد الدين العثماني، أجاب منار اسليمي: "نتائج
الانتخابات الجزائرية لم تكن متوقعة من طرف إسلاميي حزب العدالة والتنمية في المغرب الذين كانوا يترقبون وصول الإسلاميين في الجزائر لتصبح المنطقة أمام حكومات إسلامية صرفة، فقياديي العدالة والتنمية ومنهم رئيس الحكومة نفسه صرحوا أن الإسلاميين قادمون في الجزائر، وهي تصريحات فيها نوع من الحماسة وتخفي ضعفا في تشخيص الوضع في الجزائر وإعداد سيناريوهات استباقية للتعامل مع كل الحكومات القادمة الممكنة في الجزائر".
وأضاف اسلمي في رده عن نفس السؤال : "يبدو أن دبلوماسية وزارة الخارجية تحتاج إلى إعادة بناء تصور جديد حول ما يجري في الجزائر".
أما عن الاعتقاد الذي يروج لدى الإسلاميين المغاربة المبني على أن وصول الإسلاميين في الجزائر
إلى سدة الحكم سيغير موقف الدولة الجزائرية من ملف الصحراء، وهو الاعتقاد
المبني على تصريحات سابقة لقياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ من أمثال عباسي
مدني وعلي بلحاج وعبد القادر حشاني وغيرهم، اعتبر اسليمي كون هذا
الاعتقاد خاطئا، فالموقف، يرى اسلمي، "لن يتغير في الجزائر
سواء حكم حزب إسلامي أو تاريخي قريب من الجيش أو ليبرالي تقنوقراطي أو
يساري، من هنا فان الدبلوماسية المغربية مطالبة بالبحث عن مداخل أخرى في قضية الصحراء،كما أنها مطالبة بالتريث وتجنب الحماسة في التصريحات و تغيير أدوات عملها وإعادة قراءة ما يجري في الجزائر،
فتصريحات العدالة والتنمية بخصوص فوز إسلاميي الجزائر وبشائر التقارب لم
تكن محسوبة بطريقة جيدة، ولا أحد يعرف كيف سيكون تعامل حكومة يقودها حزب
جبهة التحرير الوطني مع حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، خاصة وان
الجزائر "مستمع جيد" لما يقال عنها من تشخيص لأوضاعها في المغرب".