يبدو أن رئيس النظام السوري يجرُّ البلاد
ـ بتهوّر شديد ـ إلى ما يشبه ما حدث في ليبيا، دون أن يتعلم من درس العقيد
الراحل، الذي تسبّب بعدم قراءته لما يجري على الأرض في أبشع مأساة تشهدها
دولة من دول الربيع العربي.
وإذا
صحّ ما أعلنه قائد الجيش السوري الحُر، من تمكّن القوات التابعة له، من
السيطرة على نصف سوريا، وإعلان منطقة الزبداني منطقة شبه محرّرة، فإن
الأيام المقبلة ربما تحمل لنا تطوُّرات أفظع، في ظل التعامل الهمجي لقوات
النظام وشبّيحته، مع المظاهرات السلمية، وطريقة القصف والتدمير والتنكيل
التي يمارسها أزلام النظام على الشعب المسالم.
كما أن رهان المعارضة
السورية على تآكل النظام من الداخل، وانفراط عقد قوته الأمنية، ربما يضع
الأمور في عنق زجاجة تكرّر النموذج الليبي، رغم ادعاءات اركان النظام
الكاذبة، بقدرتهم على قمع المتظاهرين، خاصة في وجود تذبذب في بعض السياسات
الدولية التي يراهن عليها الأسد وزمرته الحاكمة.. والمخاوف التي تتصاعد
الآن، من لجوء النظام وعائلته، إلى اللعب على الوتر الطائفي، واللجوء إلى
التقوقع في مناطق العلويين وإعلانها دويلة لهم، مما يُنذر بسيناريو تقسيم
يشحن النظام من خلاله آخر أوراق التوت لديه.
واضح جدًا، أن الأسد
الابن، بسياسته تلك، يلعب اللعبة الأخيرة في استراتيجيته الوهمية، والتي
يعتمد فيها على دول «كبرى» بعينها، دون أن يدرك أن مواقف هذه الدول ذاتها
تتبع المصالح الآنية، وليس على القلاع التقليدية، فروسيا اليوم ـ التي
يحتمي بها ـ تعاني من آثار ذات الربيع الذي تخشى على نفسها منه، خاصة بعد
الانتخابات الأخيرة، كما أن خطأ السياسة الروسية نفسها، لا تزال للأسف
تمارس دورها بالوراثة التقليدية عبر نفس سياسات الاتحاد السوفييتي
المنهار، كما أن الانكفاء على العباءة الإيرانية أصبح عبئًا إضافيًّا على
إيران التي تحاول الخروج من مخاطر العُزلة الدولية والضغوط التي تمارس
عليها بخصوص سياساتها في المنطقة خاصة ما يتعلق بالملف النووي، إضافة
لخروجها عن دور الجار التاريخي، إلى لعب دور التهديد الدائم لدول الجوار.
للأسف،
الرئيس السوري، لا يريد أن يلعب دورًا توافقيًّا يفهم من خلاله أن من دوره
أن يحافظ على بلده ويحمي شعبه، ولو كان عن طريق التضحية بالنفس، وللأسف،
يأخذ البلاد إلى مجهول أسوأ، وكان بإمكانه أن يدخل التاريخ بشكل لائق،
ويفرض على الجميع احترامه وحمايته لو لعب دور المنقذ، لا دور المورّط،
ويبدو أنه كما يتفق الجميع، يطلق الرصاصة الأخيرة بلا رحمة عليه، وعلى
نظامه.