عماد جنيدي
يبدو إن أوضاع الشعر عند كبار الشعراء ورموز الحداثة ليست على ما
يرام.فقصائد هؤلاء ومن آخرهم الشاعر سعدي يوسف تأخذ منحى لا يشكل علامة
متقدمة على صعيد الكتابة الشعرية،لأن سعدي يفقد التوازن تماماً،فيترك
مَـنـابذِ مكناسَ هي تمارس الكتابة بدلاً عنه،وهو وضع يشير إلى إن شعرية
شاعر كبير مثل سعدي يوسف بدأت بانفوق أو الذوبان حتى التلاشي.فالنصوص التي
نشرها مؤخراً في جريدة القدس العربي،تؤكد حال الوهن الذي تتوضح معالمه على
النصوص المنشورة،بحث لا يصدق القارئ إنها من كتابات الشاعر المذكور.فالنصوص
ذابلة واهنة لم تمنح الذهن أية علامة للتميز،وكأن المخيلة سقطت أو تآكلت
ولم يظهر من الشاعر سعدي غير عظام نصوصه الجافة التي بلا معنى.
إنه لأمر مؤسف أن نرى سعدي بمثل هذا الوضع البائس.قبله فعلها الشاعر
بلند الحيدري وأغلق الباب عليه معتكفاً ،بدلاً من أن ينسف تاريخه الشعري
ويؤلب الأقلام ضد شعر لا مكان له من الإعراب صورة وحداثة ومعنى،عدا
الدوران في المدن والاستخمار في الحانات التي لم تعد تقدم شعراً. ومن يقرأ
هذه النصوص سيتأكد من هول الخواء الذي كتبت بحبره،لأن ما كان منشوراً لا
ينتمي إلى الشعر،بقدر ما ينتمي إلى طقوس العلاقات الخاصة ما بين الشاعر
والناشر أمجد ناصر الذي ما كان عليه أن يشجع سعدي على هذا الموت البطئ الذي
كان يراه منذ سنوات وهو يسري في أجساد كلماته المنهارة سواء على أرصفة
طنجة أو تلك الميتة المحمولة في أكياس الخيش.
هل سيعتذر الشاعر سعدي يوسف من القارئ؟
أم سيستمر الشاعر الذي أحببناه بالكتابة الفارغة مستثمراً شهرته ومعتمداً عليها دون أية مراجعات لنصوصه؟
النصوص التي نشرت في جريدة القدس العربي
أربــعُ قصائد عن طنجــة
سعدي يوسف
2011-06-22
طـنجــة أجلسُ في المقهى مقهى القدّيسةِ باولا Cafe' Santa Paola منذ الصّبحِ الباكرِ أجلسُ في المقهى : طنجةُ تستيقظُ .
لستُ أنا مَن يُوقِظُ طنجــةَ ...
مَن قالَ : الـحُـلـمُ ينام ؟
.............
.............
.............
طنجةُ سيّدةُ الأنوارِ السبعةِ
أغنيةُ البَـحّــار !
طنجة 16.06.2011
كيسُ الخَيشِ
لستُ أدري إلى أين تذهبُ بي كلُّ هذي الأغاني ؟
أحملُ الوردَ في كيسِ خَيشٍ
وأمضي به نحوَ مَن لايريدون أن يسمعوا أنّةَ الوردِ
أمضي به نحوَ نفسي التي سئِمَتْ دورةَ الحُلُمِ المستحيلِ
بفردوسِنا :
الإشتراكيّةِ
الجسدِ الـحُــرِّ
كأسِ النبيذِ مع الخُبزِ والجُبْنِ ...
.............
.............
.............
هاأنذا أحملُ الوردَ في كيسِ خَيشٍ
وأُلقِيهِ ...
موجةُ بحرٍ ستحملُهُ نحوَ ساحرةٍ من زمانٍ جديـــد .
طنجة 18.06.2011
حــانــــةُ الـــبِـِرْغُــــولا
ليس في 'البرغولا 'ما تنَفّسَ فيه اسمُــها :
مثلاً
ليس في 'البرغولا' قشّــةٌ
أو مظلّــةُ قشٍّ ...
هي ، فعلاً ، على البحرِ
لكنها رضِيَتْ بالحياةِ بعيداً عن البحرِ .
هذا النبيذُ
وأطباقُهُ من خُضارٍ ومن سَمَـكٍ
ورِئاتٍ
سَــيُغْمِضُ عينيكَ :
لن تُبصِرَ البحرَ ...
فاهدأْ
ولن تبصرَ البَــرَّ
فاهدأْ
...............
...............
...............
ومِن بَعدِ قنّينــةٍ من مَـنـابذِ مكناسَ
لن تبصرَ 'البِـرغولا' !
طنجة 19.06.2011
وَشْـــــمُ القرنـــفُــــلِ
بالأمسِ
حينَ دخلتُ طنجةَ ، طائراً ، للمرّةِ الأولى
حسِبْتُ الأمرَ حُـلْـماً :
هل دخلتُ حديقةً ؟
بيتاً من الزُّلَّــيجِ والنارَنْجِ ؟
غيمةَ سُـنْـدُسٍ ؟
وسألتُ عائشةَ الجميلةَ :
هل سأبني هَهُنا بيتي ، صغيراً ، بين رملِ البحرِ والأعنابِ ؟
هل سيكونُ لي أن أجمعَ الأصدافَ والأعشابَ ...
هل سأُحِبُّ ؟
هل أمضي ، فأُمْضِي الليلَ من حانٍ إلى حانٍ ؟
وهل سأكونُ مجنوناً بِحُـبٍّ ، مثل حُبِّكِ ...
أنتِ عائشةُ الجميلةُ
لا تقولي ، الآنَ ، شيئاً !
واترُكي لي قُدْسَ هذي اللحظةِ ...
اتَّـرِكي على شفتَيَّ وشماً من قرنفلةٍ ووردٍ
ثـمّ نامي