لقد توفيت زوجة الشاعر توماس هاردي بسسب
السفلس، ذلك ماكشف عنه تقرير وضح لغز مواظبة الشاعر للتعبير عن الاحساس
بالذنب في المراثي التي كتبها بعد موتها.
ويعرف علماء الأدب ان مؤلف
الكتب في الآداب اللاتينية واليونانية مثل ( تيس دور بير فيلس ). و( بعيدا
عن الحشد المجنون ) كان قد أعجب بامرأة جميلة، وبذلك نقل العدوى لزوجه ايما
لافينيا هاردي .لكن هؤلاء العلماء ظلوا فترة طويلة يصرون على عدم ايضاح
الإحساس بالذنب وتأنيب الضمير في قصائد الشاعر المكتوبة في 1912 ــــ 1913 .
وبعد
مايقارب من قرن على الوفاة، قام الطبيب الممارس( طبيب يعالج كل الأمراض
)المتقاعد الآن فريزل بتقديم طروحاته عن تشخيص ذي أثر رجعي يقدم اجابة عن
السر القاتم الرهيب الذي سمم حياة الزوجين. ويخلص الدكتور فريزل في بحثه
الذي صدر في مجلة "تايمس ليترري" الأخير الى أن السلوك غير العقلاني
للزوجة والملابس غير الملائمة والأوهام الكبيرة كانت من أعراض الوهن الذي
يسببه السفلس الذي انتقل اليها من زوجها.
ويقول الطبيب فريزل " ان ذلك
كان هو سبب الخصومة بينهما في العشرين سنة الأخيرة من حياتهما، فلقد كانا
يعرفان ماتعاني. كان السفلس وصمة عار في تلك الأيام كما هو الايدز في هذه
الأيام، فما أن يصيبك حتى توصم بالعار، فليس ثمة من محيص بانك كنت زانياً".
ويضيف
الدكتور فريزل بانه لم يكن هناك من شك بان الشاعر هاردي وطبيبه وزوجته
كانوا يعرفون انها سقطت ضحية للسفلس، اذ كتب هاردي أبياتا منها " هناك
يتوجب أن يأتي التغيير، انه الهلاك يتحدث بلسان شخص ما".
ولقد بدأ
الطبيب بحثه بعد قراءته للسيرة الشخصية لهاردي التي ذكر فيها ان زوجته ايما
توفيت بسبب الحصاة الصفراوية ( في المرارة أو في سواها ) . وعند وفاتها في
عام 1912 أفاد طبيب زوجها " ان سبب وفاتها هو الفشل القلبي والحصاة
الصفراوية "، وعلق في ملاحظة أرسلها الى هاردي انه يعتقد انها عانت من ثقب
داخلي . اما الدكتور فريزل فيرى: " ان المرض لم يكن بالتأكيد الحصاة
الصفراوية، بل انه وعلى أساس طبي مجرد يعتقد ان المرض الأخير يطابق السفلس"
. ذلك ان كثرة النسيان وسرعة الانفعال وضعف التركيز والأوهام الكبيرة هي
من جملة أعراض السفلس المكتسب، ويترافق ذلك مع الشذوذ في الملبس والسلوك
والشخصية. ولقد عانت ايما من الأوهام وعن ذلك يقول الدكتور فريزل:" لقد وصل
الأمر بها ان تتصور انها كاتبة عظيمة وأكثر عظمة من زوجها، وانها كتبت
واحدة أو أكثر من رواياته في حين انها لم تكن سوى ناسخ وذلك انزال لأحدهما
من موقع الأمر المسيطر في فترة زواجهما الذي لم يثمر اولاداً .وكانت ايما
قد سيطرت عليها فكرة الحصول على كل حنان ومودة زوجها منذ عام 1891 .وقد عاش
هاردي لعام 1928 وتزوج ثانية في عام 1914 .
ويرى الدكتور فريزل ان "
هاردي كان محظوظاً أكثر من زوجته بنسبة 6 من 10 تقريباً مقارنة بأولئك
الذين يصابون بالسفلس في تلك الأيام التي سبقت ظهور المضادات الحيوية .
ونفترض ان البكتيريا المسببة للسفلس التي أصابته كانت مختلفة النظام عن تلك
التي أصابت زوجته".
ويضيف الدكتور فريزل:" نحن نعرف ان الشاعر هاردي
اعتراه الضعف أمام امرأة جميلة، وفي القرن التاسع عشر لم يكن من الضرورة أن
تقتصر علاقتك بامرأة واحدة كي تحمي نفسك من السفلس .انه سوء الحظ فقط .
وعليه كم كان حظه سيئاً بحيث أصيب بالسفلس، وكان الشاعر يعرف جيداً ان ايما
التي نقل هو المرض اليها كانت الأكثر بعداً عن الحظ".
وقد وصفت ليليان
سويندل القيّمة على مجموعة هاردي في متحف دورست كاونتي البحث الذي قام به
الدكتور فريزل بانه ممتع جداً وقوي الحجة ولكنها تعجب من أن ايما التي كانت
أقل العذراوات تحفظاً لم تدرك ذلك .
اما كلاير توما لين مؤلف كتاب "
توماس هاردي : رجل الزمن الممزق "، فيقول انه لأمر ظريف بالتأكيد ولكني أشك
بأطروحاته، فمن المستحيل على كل شخص أن يعرف أكان التشخيص بعد الوفاة
صحيحاً أم لا "